مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراثشذور

رواية ابن سعادة الأندلسي لصحيح البخاري

قال العلامة محمد بن الحسن الحجوي(ت1376هـ) في فهرسته المسماة «مختصر العروة الوثقى في مشيخة أهل العلم والتقى»، متحدثا عن نسخة أبي عمران موسى بن سعادة الأندلسي(ت522هـ) لصحيح البخاري:

«هذه الرواية هي عمدة النسخ المنتسخة بفاس بل وأقطار المغرب، بل إفريقية، وهي التي ينبغي أن يعتني بها المغاربة وبروايتها لأجل نسخهم، وعليها كتب شراحهم ومُحَشُّوهم.

وهل حاشية العارف الفاسي إلا تدقيقات على هذه النسخة وبعض طرر لابن سعادة نفسه مع رواياته، وقد نص على جودتها واتصال سندها وصحتها إلى البخاري غير واحد من أئمة هذا الشأن، سيدي عبد القادر الفاسي في فهرسته وغيره.

وكل روايتها تتصل بمحمد بن يوسف بن سعادة عن عمه أبي عمران موسى  بن سعادة الذي كتب هذه النسخة بخطه على نسخة أبي علي الحسين الصدفي وكلهم أندلسيون.

وقد طاف الصدفي المشرق والمغرب، وصحح نسخته على النسخ المصححة على نسخ البخاري، وكان الرجل جبلا من جبال العلم الراسخة الثابتة مع التثبت والإتقان، ونسخة ابن سعادة هي المسماة عندنا بالشَّيخة.

قال المقري في نفح الطيب: نسختا البخاري ومسلم بخط أبي عمران سمعها على صهره الصدفي وكانا أصلين لا يكاد يوجد مثلهما في الصحة، وقد فضلها صاحب المنح البادية على نسخة الحافظ ابن حجر التي كتب عليها فتح الباري؛ على أن الحافظ يمكن أن يكون عثر على أصلها الذي هو نسخة الصدفي الأصلية.

 وهذه الشيخة كانت من أحباس خزانة القرويين مجزأة على خمسة أجزاء، وقد فقد الجزء الأول منها، والأربعة موجودة الآن في المكتبة العليا بالرباط(يعني المكتبة الوطنية) عليها خط الإمام الصدفي يشهد بأن أبا عمران قرأ بها عليه في الجزء الثاني، ويوجد في الجزء الخامس التصريح بأن محمد بن يوسف أيضا قرأها عليه، فكان محمد هذا تارة يرويها عن الصدفي مباشرة، وتارة بواسطة عمه أبي عمران، والكل صحيح ثابت، وقد أُخذ منها الجزء الثاني بالتصوير الشمسي، وآخر ما عليه خط محمد بن عبد السلام بناني شارح الاكتفاء يشهد أنه قابل عليها نسخته وهو في خزانتي.

وعلى كل حال ليست رواية ابن سعادة من قبيل الوجادة كما قال عبد الملك التجموعتي بل هي رواية متصلة صحيحة سماعا وإجازة واصلة إلينا بطرق عديدة مبسوطة في فهرست سيدي عبد القادر الفاسي الموجودة بيدنا، ومن قبله ومن بعده، فلم يبق أدنى شك في صحتها واتصالها».

مختصر العروة الوثقى في مشيخة أهل العلم والتقى:(54-57)، للعلامة محمد بن الحسن الحجوي الثعالبي(ت1376هـ)، تحقيق الدكتور محمد بن عزوز، نشر مركز التراث الثقافي المغربي بالدار البيضاء، ودار ابن حزم، ببيروت، الطبعة الأولى 1424هـ/2003م.

Science

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق