الرابطة المحمدية للعلماء

رسالة ملكية سامية إلى القمة الـ14 لرؤساء دول وحكومات الفرنكفونية

دعا صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى تعزيز بعد “التنمية المستدامة”، الذي ينطوي عليه عمل المنظمة الدولية للفرنكفونية٬ من خلال تزويدها بالآليات الضرورية في هذا الشأن ليتأتى لها أن تسهم أكثر وبشكل أفضل في بلورة المسلسل الرامي إلى إعادة بناء العلاقات الدولية.

وأكد جلالة الملك٬ في رسالة وجهها٬ أول أمس السبت٬ إلى المشاركين في القمة الرابعة عشرة لرؤساء دول وحكومات الفرنكفونية٬ تلاها وزير الشؤون الخارجية والتعاون، سعد الدين العثماني٬ أنه يتعين على أعضاء المنظمة الدولية للفرنكفونية التحلي بـ”روح الإبداع والابتكار للانكباب داخل منظمتنا على تطوير هياكل للتفكير والعمل لتتمكن من الاضطلاع بالدور الذي أناطه بها مؤسسوها والمتمثل في الإسهام في إقرار السلم وتعزيز التنوع وتحقيق التنمية عبر العالم”.

وفي ما يلي نص الرسالة الملكية السامية٬ التي تلاها وزير الشؤون الخارجية والتعاون، سعد الدين العثماني٬ الذي يمثل المغرب في هذه القمة:

“الحمد لله وحده والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه
السيد رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية
حضرات السيدات والسادة رؤساء الدول والحكومات
السيد الأمين العام للمنظمة الدولية للفرنكفونية
حضرات أعضاء الوفود المحترمين
حضرات السيدات والسادة

إنه لمن دواعي الغبطة والسرور أن تنعقد القمة الرابعة عشرة للفرنكفونية لأول مرة على الأراضي العزيزة لإفريقيا الوسطى٬ وبالتحديد بجمهورية الكونغو الديمقراطية الشقيقة.

وأود أن أعبر عن عميق امتناني لأخي فخامة الرئيس جوزيف كابيلا٬ ولشعبه الكبير على كرم الضيافة وحسن تنظيم هذه القمة.

ومما لاشك فيه أن الرئيس كابيلا سيقدم خلال ولايته مساهمة متميزة ويعطي دفعة قوية للعمل الفرنكفوني٬ ليضفي عليه مزيدا من النجاعة ووضوح الرؤية.

كما أود أن أنوه بما أبداه أخي العزيز فخامة السيد عبدو ضيوف٬ الأمين العام للمنظمة الدولية للفرنكفونية٬ من حزم وعزم وما بذله من جهد دؤوب لتفعيل القرارات الصادرة عن القمة السابقة وتوفير الظروف المواتية لإنجاح اجتماعنا هذا.

السيد الرئيس

أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة
حضرات السيدات والسادة
تنعقد قمة كنشاسا في الوقت الذي تهتز فيه بعض المناطق في قارتنا الإفريقية بفعل ما تعرفه من تطورات خطيرة وأزمات عميقة.

إن ما يشغل بالي بصفة خاصة هو الوضع الحرج لدولة مالي الشقيقة٬ العضو الفاعل في منظمتنا٬ الذي يجمعه بالمغرب تراث تاريخي قوي وعلاقات ثقافية ودينية عميقة ومتينة.

إن المملكة المغربية٬ العضو غير الدائم بمجلس الأمن تتحرك من أجل بلورة عمل جماعي٬ تشاوري وملائم كفيل بتمكين هذا البلد الشقيق من الاهتداء مجددا إلى سبيل الوحدة والاستقرار داخل حدوده المشروعة٬ وإرساء القواعد اللازمة لرجوع النظام المؤسساتي بشكل دائم لما فيه خير الشعب المالي الشقيق.

إن بلادي٬ إذ تسجل النداءات المعبر عنها مؤخرا في هذا الاتجاه من طرف السلطات الانتقالية المالية وكذا المجموعة الاقتصادية لدول إفريقيا الغربية٬ فإنها تشجع كل الفرص لإقامة حوار جدي يندرج في هذا الإطار٬ وتؤيد في الوقت ذاته القرارات الدولية والإقليمية ذات الصلة٬ التي من شأنها أن تفضي بشكل فعال وعملي إلى تمكين الدولة المالية من ممارسة سلطتها كاملة على مجموع ترابها الوطني.

إن ما تطرحه الأزمة من رهانات يتجاوز بطبيعة الحال حدود هذا البلد الشقيق ويهم مباشرة دول منطقة الساحل والصحراء٬ ودول الجهة المغاربية والإفريقية الغربية.

وفي هذا الصدد، فإن المغرب يعبر عن ارتياحه لإقدام الأمين العام للأمم المتحدة مؤخرا على تعيين السيد رومانو برودي٬ مبعوثا خاصا له في الساحل. ويتعين علينا جميعا أن نساعده على النجاح في مهمته الدقيقة٬ حتى يتسنى له تعبئة وتنسيق الجهود الدولية بهدف التنفيذ الفعلي “لاستراتيجية الأمم المتحدة من أجل الساحل” في قلب هذه المنطقة الإفريقية.

السيد الرئيس٬

أصحاب المعالي والسعادة٬
حضرات السيدات والسادة٬
إن الحالة المؤلمة لمالي تعد تجسيدا حيا لمدى خطورة الوضع الذي تتداخل فيه مختلف الأبعاد السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية والثقافية.

إن الحروب والأخطار النووية والأنشطة الإرهابية لم تعد مصدر التهديد الوحيد الذي يحدق بالسلم والأمن الدوليين.
ذلك أن استمرار الأزمة الاقتصادية والمالية وحالة الترقب التي يعرفها الاقتصاد العالمي وما يكتنفه من آفاق مظلمة وتفاقم المخاطر والمستويات غير المقبولة للبطالة وتعاظم معدلات الهجرة والآثار المدمرة للتغيرات المناخية٬ كلها عوامل قد أضحت تشكل تهديدا حقيقيا للاستقرار عبر العالم.

لذا٬ فإنني أنوه بالاختيار السديد للمواضيع التي سيتطرق لها هذا الاجتماع والتي تبرز العلاقة السببية القائمة بين الرهانات الاقتصادية والبيئية المطروحة والحكامة الدولية.

فعلى صعيد قارتنا التي تشهد انخراط المنظمة في العديد من الأوراش المفتوحة بها٬ والرامية إلى توطيد دعائم السلم والنهوض بقيم التضامن٬ يحدو السكان انتظارات كبرى من الناحية الاجتماعية والاقتصادية ومن حيث التطلع إلى تحقيق التنمية المستدامة.

إن الانخراط التام في المجهودات المبذولة على الصعيد العالمي بهدف رفع التحديات الكونية٬ الاقتصادية منها والبيئية٬ يعد مناسبة سانحة بالنسبة لمنظمتنا للتقرب أكثر من الشعوب التي تتولى تمثيلها.

إن هذا التحول وهذه الدينامية اللذين نتطلع إليهما كفيلان بإحداث دوائر أخرى للمصالح المشتركة، بغض النظر عن تقاسم اللغة والثقافة، سنتمكن في إطارها من تطوير أشكال جديدة للتضامن ومشاريع للتعاون والعمل المشترك والاندماج.

لذا٬ فنحن مدعوون بحكم ذلك كله إلى تعزيز بعد ” التنمية المستدامة ” الذي ينطوي عليه عمل منظمتنا٬ وذلك من خلال تزويدها بالآليات الضرورية في هذا الشأن.

ومن هذا المنطلق٬ سيتأتى لمنظمتنا أن تسهم أكثر وبشكل أفضل في بلورة المسلسل الرامي إلى إعادة بناء العلاقات الدولية على أسس جديدة وإرساء دعائم منظومة للحكامة من شأنها أن تمكن الدول النامية٬ لاسيما تلك الموجودة بالقارة الإفريقية٬ من الإسهام الفاعل في حل المعضلات العالمية.

السيد الرئيس٬

أصحاب المعالي والسعادة٬
حضرات السيدات والسادة٬
إن المغرب الذي انخرط بشكل ملفت للنظر في مختلف مراحل التطور التدريجي الذي عرفته المنظمة الدولية للفرنكفونية٬ واثق تمام الثقة بقدرة هذه المؤسسة على التكييف مع التحولات القوية والتقلبات العميقة التي يشهدها العالم.

لذا٬ يتعين علينا أن نتحلى بروح الإبداع والابتكار للانكباب داخل منظمتنا على تطوير هياكل للتفكير والعمل لتتمكن من الاضطلاع بالدور الذي أناطه بها مؤسسوها والمتمثل في الإسهام في إقرار السلم وتعزيز التنوع وتحقيق التنمية عبر العالم.

ولن يدخر المغرب جهدا للعمل الفردي والجماعي جنبا إلى جنب مع الدول الأعضاء لتحقيق هذه الغاية النبيلة.
شكرا لكم .

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق