الرابطة المحمدية للعلماء

دراسة جديدة حول “مراجعات وتأملات في حركة التقريب بين المذاهب الإسلامية”

صدرت ضمن منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) دراسة جديدة للمدير العام الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، بعنوان “حركة التقريب بين المذاهب الإسلامية : مراجعات وتأملات”.

وجاء في المقدمة التي كتبها الدكتور عبد العزيز التويجري لهذه الدراسة التي صدرت في كتاب واحد باللغات الثلاث، العربية والإنجليزية والفرنسية “كلما ادلهمت الخطوب، وتفاقمت خطورة الأوضاع في العالم الإسلامي، من جراء تفشي ظاهرة التكفير وتأجيج النزعات المذهبية، وإذكاء نار الفتنة الطائفية، تشتدّ الحاجة إلى تعميق التقارب بين المسلمين، وترسيخ التقريب بين المذاهب الإسلامية، وتقوية وشائج الترابط والتضامن بين عناصر الأمة الإسلامية الواحدة، وإرساء القواعد المتينة للوحدة الإسلامية في تجلياتها العقدية والشعورية والثقافية، حتى تكون أمة قادرة على مواجهة التحديات الكثيرة التي تحيط بها، وعلى مغالبة الصعاب المتعددة التي تعترض طريقها إلى اكتساب القوة والقدرة والمناعة التي تفتح أمامها الأبواب نحو الاستقرار والتقدم والرقيّ في المجالات كافة”.

وقال “لقد تَزَايَدَ الخطر من النفخ في نار الفتنة الطائفية، وتصاعدت حدّة الصراع الطائفي الذي ينشب في عدة مناطق من العالم الإسلامي، وتفاقم داء (الاحتقان الطائفي) الذي يهدد سلامة جسد الأمة، نتيجة للجهل أولاً، ثم للتعصّب المذهبي، والتشنّـج الطائفي، والتنطع الذي ينتج عن الجهل الذي يعمي ويُورِدُ صاحبَه موارد الهلاك، وبقدرما يضطرب حبل الأمن والسلم والاستقرار في عديد من البلدان الإسلامية، يزداد التوتـّر الطائفيّ الذي يعكر الأجواء، ويفسد العلاقات بين الأفراد والجماعات من الشعب الواحد، ويعرّض المصالح المشتركة للخطر، وبالتالي يضعف الكيانَ الوطنيَّ، ويُفقده المناعة ضد العوامل السلبية الداخلية والخارجية، التي تشلّ حركة المجتمع، وتحدّ من تطلعاته نحو الأرقى والأفضل في أمور الحياة كلها، فينتج عن ذلك ضررٌ كبيرٌ للفرد وللمجتمع والدولة، بل للأمة بأسرها”.

وأوضح أن التقريب بين المذاهب الإسلامية، يقصد به في المقام الأول، التقريب بين أتباع هذه المذاهب، وليس بين المذاهب ذاتها، وقال بهذا الخصوص “إن الغرض من دعوة التقريب، هو أن تتقارب المذاهب حتى تَتَشَابَه أو تَتَطَابَق في المعتقدات والأحكام والمفاهيم والتصورات والسلوكيات، ولكن أن يتقارب الأتباع الذين هم الجمهور من المسلمين، بحيث لا يتصارعون، ولا يتخاصمون، ولا يتصادمون، ولا يتقاتلون، ولا يكفر بعضهم بعضـًا تحت تأثير من التعصب والتشدّد وعدم الاعتراف بالحق في الاختلاف الذي يترتب عليه تبادل الاحترام بين المسلمين كافة، مهما تكن مذاهبهم العقدية والفقهية، ومهما تعددت أعراقهم وألسنتهم، لأن الله تبارك وتعالى يقول في محكم تنزيله )إنما المؤمنون إخوة(، وأخوة الإيمان تعلو فوق كل اعتبار، وهي مصدر القوة للأمة الإسلامية جمعاء”.

وأضافت المقدمة : “إن هذا الضرب من التقريب الواقعي والعملي والقابل للتطبيق، هو الذي نقصد إليه حينما نقول بفكرة التقريب بين المذاهب الإسلامية التي تبلورت في صيغتها المعاصرة، في أربعينيات القرن الميلادي الماضي، ثم تطورت واتسع الاهتمام بها، حتى أصبحت أحد المبادئ الثابتة للعمل الإسلامي المشترك، حينما اعتمد مؤتمر القمة الإسلامي العاشر المنعقد في ماليزيا سنة 2003، الوثيقة الاستراتيجية التأسيسية التي أعدتها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) والتي تحمل عنوان “استراتيجية التقريب بين المذاهب الإسلامية”، وتأسس في إطارها المجلس الاستشاري الأعلى الموكل إليه مهمة متابعة إجراءات تنفيذها، والذي يعمل في إطار الإيسيسكو”.

ودعا الدكتور عبد العزيز التويجري في دراسته إلى تحقيق نقلة نوعية في ميدان التقريب بين المذاهب الإسلامية، برفض أي موقف متعصب يكفر أهل القبلة ويصنف المسلمين وفق رؤيته المذهبية الضيقة، وتنقية المناهج الدراسية والخطاب الديني والمواقع التلفزيونية والإلكترونية المتعددة، خاصة المنسوبة إلى المراجع والعلماء الكبار، من عبارات القدح والتبخيس والتطاول على رموز الأمة وسلفها الصالح، مؤكدًا على أن يكون العمل في هذا المجال متناسقـًا صادقـًا لوجه الله لا تقية فيه ولا ادعاء، وترك خلافات الماضي البعيد لله تعالى يحاسب عليها بعدله ورحمته، فلا ننبشها ولا نوغر بها الصدور ونطيل أمد الخلاف والاختلاف.

وقال إن هذا هو المنهج القويم الذي به نحقق مرضاة الله تعالى ووحدة أمتنا وتجانس مكوناتها المذهبية في إطار الأمة الواحدة التي قال الله تعالى عنها )كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله(، وقوله تعالى )فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض(.

وقد كتب الدكتور عبد العزيز التويجري هذه الدراسة التحليلية الموثقة، للمشاركة بها في المؤتمر الدولي الخامس والعشرين للوحدة الإسلامية الذي نظمه المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية في طهران في شهر فبراير الماضي.

عن الإيسيسكو بتصرف
 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق