خبير سوداني: صاحب الجلالة أظهر حكمة كبيرة في تعاطي جلالته مع القضايا الكبرى للمغرب
قال الخبير الاستراتيجي السوداني السيد حسن مكي ، إن صاحب الجلالة الملك محمد السادس أظهر ، منذ السنوات الأولى لتربع جلالته على عرش أسلافه المنعمين ، حكمة كبيرة في تعاطي جلالته مع القضايا الكبرى للمغرب
وذلك في إطار الحراك السياسي والاجتماعي والثقافي للبلاد، حيث استطاع على أساسها الدفع بالبلاد إلى مزيد من التقدم والاستقرار .
وأوضح السيد حسن مكي، أستاذ الدراسات الإفريقية في جامعة إفريقيا الدولية بالخرطوم، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة حلول الذكرى الÜ 15 لاعتلاء جلالة الملك عرش أسلافه الميامين ، أن "جلالة الملك استطاع ، بفضل رؤيته الثاقبة وبعد نظره وما يتمتع به من حس اجتماعي وسياسي وإنساني ، أن يحدث تحولا جذريا داخل المجتمع وصحوة اجتماعية ملفتة مما جعل المغاربة وخاصة الشباب ينظرون بتفاؤل كبير نحو المستقبل" .
وأضاف أن جلالة الملك بدا منذ الوهلة الأولى وهو يحرص أشد الحرص على تكريس ثقافة حقوق الإنسان والشفافية والانفتاح السياسي وتعزيز المسلسل الديمقراطي، كانت من بين مظاهره الأساسية تنظيم انتخابات محلية وتشريعية حرة ونزيهة، بعيدا عن أي تدخل من جانب الإدارة، أسفرت عن فوز حزب العدالة والتنمية ذي التوجه الإسلامي وتشكيله للحكومة التي تقود البلاد حاليا ، وهي أمور مكنت من توحيد الجبهة الداخلية للمغرب وعصمت البلاد من الصراعات والحروب الأهلية ومظاهر التمزق والفوضى التي نراها الآن في عدد من الدول العربية.
وأبرز السيد مكي ، وهو صاحب مؤلفات عديدة وبحوث نشرت داخل وخارج السودان وحائز على جوائز من معاهد دولية خاصة في لندن وواشنطن، أن جلالة الملك أولى ، منذ السنوات الأولى من حكمه ، اهتماما بالغا بالجانب الاجتماعي وخاصة مسألة القضاء على مظاهر الفقر والهشاشة الاجتماعية ، وعمل في هذا الإطار على القضاء على مدن الصفيح التي انتشرت على مدى سنوات بضواحي المدن الكبرى وفي مقدمتها الدار البيضاء والرباط وبناء مدن جديدة بمواصفات حديثة في تناغم تام مع الطابع الأصيل للمعمار المغربي ، يضاف إلى ذلك مشاريع تنموية متعددة عبر كافة تراب المملكة تحققت في ظل قيادته الشئ الذي كان له وقع واضح على نفوس جميع المغاربة الذين انخرطوا جميعهم في وتيرة التنمية التي يشهدها المغرب الآن ، بالرغم من محدودية موارده ، وهو أمر يحسب لجلالته كواحد من كبار القادة في العالم .
وأشار إلى أنه لاحظ باعتباره واحدا من المهتمين بالشأن المغربي أن جلالة الملك عمل في إطار معالجته لقضية الصحراء على أن يجعل من هذا الملف شأنا داخليا ينبغي تسويته بعيدا عن التأثيرات والضغوط والتدخلات الخارجية ، معتبرا أن الحفاظ على الوحدة الترابية للمملكة وهويتها الثقافية وكيانها الموحد يعد صمام الأمان بالنسبة لبلدان إفريقيا، خاصة تلك الواقعة جنوب الصحراء وكذا باقي بدان المغرب العربي.
وقال في هذا الصدد " إذا كانت مصر والسعودية هما صمام الأمان في المشرق العربي فان المغرب يعد صمام الأمان على مستوى منطقة المغرب العربي ومنطقة السودان الغربي لأن المغرب يبقى هو مركز الإشعاع الثقافي بالنسبة للمنطقتين على اعتبار أن المذهب المالكي المنتشر في العديد من بلدان إفريقيا والاجتهادات الفقهية والتفاسير القرآنية دخلت إلى هذه البلدان عبر المغرب ومن خلال علمائه " .
وأشار إلى أن عبقرية جلالة الملك محمد السادس تجسدت أيضا في تجديده للخطاب الديني وحرصه على نشر تعاليم الدين الإسلامي الحقيقي المتسم بالوسطية والاعتدال الذي دأب عليه المغاربة منذ قرون، وإحداث معاهد للتكوين بهذا الخصوص تعمل على تكوين أئمة ومرشدات دينيات يعرفن النساء بأمور دينهم ، ملاحظا أن جهود جلالته في هذا الاتجاه تجاوزت حدود المغرب لتنتقل إلى بلدان إفريقية وعربية مجاورة وهو الشيء الذي من شأنه تحصين المسلمين في هذه البلدان ضد تيارات أخرى وجعلهم أكثر ارتباطا بالدين الإسلامي الحنيف وبالمذهب المالكي .
وثمن عاليا زيارات جلالة الملك الأخيرة لبلدان إفريقية لما لها من أهمية في تعزيز الروابط العريقة القائمة بين المغرب وأبناء القارة السمراء بالنظر إلى كون الكثير من أتباع الطرق الصوفية وخاصة مريدي الطريقة التيجانية المنتشرة في إفريقيا تنظر إلى جلالته وإلى المغرب حيث يوجد قبر سيدي أحمد التيجاني ، كرمز لاستمرار الطريقة الصوفية وتوسعها وانتشارها خاصة في أوساط الشباب .
وتحدث السيد حسن مكي عن الجهود التي يبذلها صاحب الجلالة باعتباره رئيسا للجنة القدس من خلال ما تقدمه هذه اللجنة من خدمات لفائدة أبناء المدينة المقدسة والحفاظ على معالمها ، معربا عن اعتقاده بأن جلالته الذي يتحمل مسؤولية هذا الملف الصعب قادر على لم شمل البلدان الإسلامية للدفاع عن القدس المحتلة في هذا الظرف العصيب.