مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقديةأعلام

حافظ الأندلس الإمام أبو بكر بن العربي

 

يعتبر الإمام أبوبكر ابن العربي[1] من أعلام الأندلس الذين تعددت مواهبهم العلمية وتوسعت مداركهم المعرفية.
فهو  الفقيه البصير، والمحديث المستنير، والمفسير المقتدر، و الأديب الأريب، والمتكلم المتضلع في علم الكلام.
ولد في بيت علم وجاه ورياسة سنة 468هـ  بإشبلية ، وتلقى فيها علومه الأولى، حكى المقري عن ابن سعيد : «هو الإمام العالم القاضي الشهير فخر المغرب، أبو بكر محمد بن عبد الله بن العربي المعافري، قاضي قضاة كورة إشبيلية، ذكره الحجاري في المسهب ، طبق الآفاق بفوائده، وملأ الشام والعراق بأوابده، وهو إمام في الأصول والفروع وغير ذلك.
سمع بالأندلس أباه وخاله أبا القاسم الحسن الهوزني وأبا عبد الله السرقسطي، وببجاية أبا عبد الله الكلاعي، وبالمهدية أبا الحسن بن الحداد الخولاني، وسمع بالإسكندرية من الأنماطي، وبمصر من أبي الحسن الخلعي وغيره، وبدمشق غير واحد كأبي الفتح نصر المقدسي، وبمكة أبا عبد الله الحسين الطبري وابن طلحة وابن بندار، وقرأ الأدب على التبريزي.
 وعمل رحمه الله تعالى على مدينة إشبيلية سوراً بالحجارة والآجر بالنورة من ماله، وكان -كما في الصلة- حريصاً على آدابها وسيرها، ثاقب الذهن في تمييز الصواب فيها، ويجمع إلى ذلك كله آداب الأخلاق، مع حسن المعاشرة، ولين الكنف، وكثرة الاحتمال، وكرم النفس، وحسن العهد، وثبات الود [2].
الرحلة العلمية[3]:
رحل ابن العربي في سن السابعة عشرة من عمره عن إشبلية في رحلة طويلة استمرت أكثر من ثماني سنوات قضاها في تلقي العلم والتعرف على العلماء.
حضر في الجزائر على علمائها، ثم التقي في ثغر المهدية من  المغرب بعدد من المفكرين وأخذ عنهم، وكان منهم خاصة الإمام المعروف أبو عبد الله محمد بن علي المازري.
ثم شاء الله أن تقع له في رحلته أحداث وأهوال، وأن يطلع على أحوال كثيرة من بلاد العالم الإسلامي في شمال إفريقيا، وقد سجل هذا كله في كتاب سماه:«ترتيب الرحلة للترغيب في الملة»  إلا أنه يعتبر مفقودا حتى الآن.
وحين كتب له النجاة وصل إلى مصر وكانت تحت الحكم الفاطمي، ولم يكن من السهل عليه أن يلقى علماء أهل السنة، إلا أنه كان حريصا على الاجتماع بهم والأخذ عنهم، فكان يفتش عنهم، حتى كان يذهب إلى المقبرة الصغرى قريبا من قبر الإمام الشافعي ليلقي أحد مشايخه.
وفي القدس التقى بعالم مغربي آخر كان يدرس في القدس هو أبو بكر الطرطوشي من كبار فقهاء المالكية في الأندلس والمغرب، فأخذ عنه واستفاد منه كثيرا كما أشار إلى صاحب نفح الطيب وهو مغربي أيضا.
 وحين كان في دمشق أخذ عن عدد من علمائها وفقهائها وعلى رأسهم شيخ الشافعية الحافظ أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي.
ثم حط الرحال في بغداد التي ظلت…رغم المصائب التي توالت عليها محجة العلماء ومقصد المتعلمين وقد تهيأ له فيها أن يتلقى العلوم عن أهلها حتى برع في علوم السنة وتراجم الرواة وأصول الفقه وعلوم العربية والآداب. 
وقد كانت عودته إلى إشبلية  رحلة علمية أخرى، حتى وصل إلى الإسكندرية، فبدأ فيها بكتابة أول مؤلفاته.
وعندما وصل إلى بلده استقبله أهلها استقبالا لا نظير له، وقصده طلاب العلم من كل حدب وصوب وتحول منزله إلى جامعة كبيرة، وظل يفتي ويدرس أربعين سنة كان فيها مثال العدل والاستقامة وحسن القيام بأمر القضاء.
مؤلفات ابن العربي:
للإمام القاضي أبي بكر بن العربي مصنفات كثيرة في مختلف الفنون أذكر بعضها على سبيل المثال لا الحصر.
عارضة الأحوذي شرح جامع الترمذي: وهو من أول مؤلفاته، 
أنوار الفجر في تفسير القرآن، 
أحكام القرآن، الناسخ والمنسوخ في القرآن،
كتاب المشكلين: مشكل الكتاب ومشكل السنة،
كتاب النيرين في الصحيحين،
القبس في شرح موطأ مالك بن أنس. وهو من أواخر مؤلفاته،
ترتيب المسالك في شرح موطأ مالك،
العواصم من القواصم في تحقيق مواقف الصحابة بعد وفاة النبي.
شرح حديث أم زرع،
المحصول في علم الأصول،
الإنصاف، في مسائل الخلاف: عشرون مجلدا،
شرح غريب الرسالة لابن أبي زيد القيرواني
سراج المريدين في سبيل المهتدين, كاستنارة الأسماء والصفات في المقامات والحالات الدينية والدنيوية، بالأدلة العقلية والشرعية القرآنية والسنية.
ترتيب الرحلة للترغيب في الملة.
قانون التأويل.
المتوسط في معرفة صحة الاعتقاد والردُّ على من خالف السنة، وذوي البدع والإلحاد.
أقوال العلماء فيه:
يقول فيه تلميذه ابن بشكوال:” الإمام الصالح الحافظ المستبحر، ختام علماء الأندلس، وآخر أئمتها وحفاظها،… كان من أهل التفنن في العلوم والإستبحار فيها والجمع لها، مقدما في المعارف كلها، متكلما في أنواعها، نافذا في جميعها، حريصا على أدائها، ونشرها، ثاقب الذهن في تميز الصواب منها… ” [4] 
أما الإمام الذهبي فقد وصفه بقوله:
« الإمام العلامة الحافظ… أدخل إلى الأندلس علما شريفا وإسنادا منيفا، وكان منبحر في العلم، ثاقب الذهن، عذب العبارة، موطأ الأكناف، كريم الشمائل، كثير الأموال»[5]. 
وفاته
توفي القاضي أبو بكر بن العربي بمغيلة قرب مدينة فاس في ربيع الأول سنة 543 هـ، ودفن في فاس خارج باب المحروق، على مسيرة يوم من فاس غربًا منها. وصلى عليه صاحبه أبو الحكم بن حجاج، ودفن يوم الأحد 7 ربيع الأول سنة 453 هـ [6].
أقسام العقائد الشرعية عند ابن العربي:[7]
يقسم ابن العربي العقائد الشرعية إلى ثلاثة أقسام:
ــ قسم يدرك عقلا لامدخل للسمع إليه ولا يجوز أن يكون دليلا عليه وهو كل قاعدة في الدين تتقدم على العلم بكلام الله تعالى ، ووجوب اتصافه بكونه صدقا إذ السمعيات تستند إلى كلام الله تعالى ، وما يسبق ثبوته في الترتيب ثبوت الكلام وجوبا فيستحيل أن يكون مدركه السمع .
2ــ قسم ثان يدرك تارة بدليل العقل لقيامه عليه ويدرك تارة بدليل السمع لوروده فيه وهذا الذي يجوز إدراكه عقلا وسمعا فهو الذي تدل عليه شواهد العقول ونظيره إثبات جواز الرؤية وإثبات استبداد الباري تعالى بالخلق والإختراع. ــ القضايا المهمات كإثبات فتنة القبر والشفاعة والملكين .
3 ــ وقسم يدرك سمعا لا مدخل للعقل فيه وهو ما يتعلق بتسمية الله بأسماء لم يسم بها نفسه فإن ابن العربي يظل وفيا لتعاليم الأشعرية ، يرفض ذلك رفضا تاما فيقول ” والذي عندي أنه لا يوصف إلا بما وصف به نفسه في كتابه أو على لسان نبيه أو أجمعت الأمة عليه ويكفي في ذلك مايرد به خبر الواحد ويعطي ابن العربي في هذه المسألة الأسبقية للخبر على العقل بل أنه يغيب العقل تغييبا تاما فيها فيرفض أن يستعمل قياس الغائب على الشاهد في هذه المسالة ويتصل بهذا القسم جملة أحكام التكليف والإيجاب والحظر والتوب والإباحة
بعض آرائه العقدية:.
يعتبر ابن العربي من أنجب تلاميذ المدرسة السنية بالمشرق من أبناء الغرب الإسلامي ، ويستشف تأثر ابن العربي بفحول الأشاعرة واعتماد أقوالهم في العقيدة الأشعرية من خلال ملمحين اثنين:
 ــ مروياته من كتبهم وهي على التوالي كتب الأشعري ــ الباقلاني ــ الجويني ــ الغزالي ــ أبو الوليد الباجي .
1 ــ احتجاجه بآراء هؤلاء الأعلام وعلى رأسهم أبي الحسن الأشعري والإمام الجويني وحجة الإسلام الإمام الغزالي. 
معرفة الله:
 يرى أبوبكر ابن العربي أن: «معرفة الله  واجبة على كل مكلف»[8]، وقد اوضح الإمام أن هذه المسألة وقع الخلاف حولها عند العلماء فهناك من قال أنه تصح معرفته، وهناك من قال لا تصح معرفته لبشر[9].
موقفه من النظر:
اختلف المتكلمون بمن فيهم الأشاعرة في أول الواجبات، ومن قائل إنه « اعتقاد وجوب القصد»، ومن قائل إنه «معرفة الله»،  ومن قائل أن أول الوجبات «النطق بالشهادتين»، فما هو مذهب الإمام أبوبكر ابن العربي؟
 يعتبر  ابن العربي أول ما يجب على العاقل البالغ، القصد إلى النظر الصحيح، المفضي إلى العلم بحدوث العالم،ومقصود هذا العلم، إقامة البرهان على وجود الباري »[10]، وهي من المسائل التي يوافق فيها ابن العربي الإمام الجويني في كتابه الإرشاد [11].
الهواميش:
1- انظر ترجمته في: وفيات الاعيان، 1/ 489 ونفح الطيب 1/ 340 والمغرب في حلى المغرب 1/ 249 وقضاة الاندلس، ص: 105، وجذوة الاقتباس، ص: 160، والديباج المذهب، ص:281، والصلة لابن بشكوال، ص: 531 – 632 ، والوافي بالوفيات، 3- 330، وسلوة الانفاس، 3/198.
2- نفح الطيب، 2/25-26.
3- معالم الثقافة الإسلامية، عبد الكريم عثمان، مؤسسة الرسالة،ط 1: 2003م،  ص:382.
4- ابن بشكوال الصلة،ص:558.
5- تذكرة الحفاظ للذهبي، ص: 1295.
6- أبو بكر بن العربي: العواصم من القواصم في تحقيق مواقف الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، تحقيق: محب الدين الخطيب – ومحمود مهدي الإستانبولي ص:29.
7-  تطور المذهب الأشعري في الغرب الإسلامي ص 109-110.
8- الأمد الأقصى في شرح أسماء الله الحسنى وصفاته العلى للإمام أبي بكر بن بن العربي المعافري الإشبلي،ضبط نصه عبد الله التوراتي خرج أحاديثه ووثق نقوله  أحمد عروبي، دار الحديث الكتانية،ص:225].
9- انظر المصدر السابق، ص:225 ومابعدها.
10- الوصول إلى معرفة الأصول، مخطوط، نقلا عن كتاب مع القاضي ابي بكر بن العربي،للأستاذ سعيد أعراب، دار الغرب الإسلامي، ص: 148
11- الإرشاد للجويني، تحقيق أسعد تميم ـ بيروت، مؤسسة الكتب الثقافية، ط.الأولى 1405ه، ص:25.
                                                                               إعداد الباحثة: حفصة البقالي

يعتبر الإمام أبو بكر ابن العربي[1] من أعلام الأندلس الذين تعددت مواهبهم العلمية وتوسعت مداركهم المعرفية.

فهو الفقيه البصير، والمحدث المستنير، والمفسر المقتدر، والأديب الأريب، والمتكلم المتضلع في علم الكلام.

ولد في بيت علم وجاه ورياسة سنة 468هـ  بإشبلية، وتلقى فيها علومه الأولى، حكى المقري عن ابن سعيد: «هو الإمام العالم القاضي الشهير فخر المغرب، أبو بكر محمد بن عبد الله بن العربي المعافري، قاضي قضاة كورة إشبيلية، ذكره الحجاري في المسهب، طبق الآفاق بفوائده، وملأ الشام والعراق بأوابده، وهو إمام في الأصول والفروع وغير ذلك.

سمع بالأندلس أباه وخاله أبا القاسم الحسن الهوزني وأبا عبد الله السرقسطي، وببجاية أبا عبد الله الكلاعي، وبالمهدية أبا الحسن بن الحداد الخولاني، وسمع بالإسكندرية من الأنماطي، وبمصر من أبي الحسن الخلعي وغيره، وبدمشق غير واحد كأبي الفتح نصر المقدسي، وبمكة أبا عبد الله الحسين الطبري وابن طلحة وابن بندار، وقرأ الأدب على التبريزي.

 وعمل رحمه الله تعالى على مدينة إشبيلية سوراً بالحجارة والآجر بالنورة من ماله، وكان -كما في الصلة- حريصاً على آدابها وسيرها، ثاقب الذهن في تمييز الصواب فيها، ويجمع إلى ذلك كله آداب الأخلاق، مع حسن المعاشرة، ولين الكنف، وكثرة الاحتمال، وكرم النفس، وحسن العهد، وثبات الود [2].

الرحلة العلمية[3]:

رحل ابن العربي في سن السابعة عشرة من عمره عن إشبيلية في رحلة طويلة استمرت أكثر من ثمان سنوات قضاها في تلقي العلم والتعرف على العلماء.

حضر في الجزائر على علمائها، ثم التقيى في ثغر المهدية من  المغرب بعدد من المفكرين وأخذ عنهم، وكان منهم خاصة الإمام المعروف أبو عبد الله محمد بن علي المازري.

ثم شاء الله أن تقع له في رحلته أحداث وأهوال، وأن يطلع على أحوال كثيرة من بلاد العالم الإسلامي في شمال إفريقيا، وقد سجل هذا كله في كتاب سماه: «ترتيب الرحلة للترغيب في الملة» إلا أنه يعتبر مفقودا حتى الآن.

وحين كتب له النجاة وصل إلى مصر وكانت تحت الحكم الفاطمي، ولم يكن من السهل عليه أن يلقى علماء أهل السنة، إلا أنه كان حريصا على الاجتماع بهم والأخذ عنهم، فكان يفتش عنهم، حتى كان يذهب إلى المقبرة الصغرى قريبا من قبر الإمام الشافعي ليلقى أحد مشايخه.

وفي القدس التقى بعالم مغربي آخر كان يدرس في القدس هو أبو بكر الطرطوشي من كبار فقهاء المالكية في الأندلس والمغرب، فأخذ عنه واستفاد منه كثيرا كما أشار إلى صاحب نفح الطيب وهو مغربي أيضا.

 وحين كان في دمشق أخذ عن عدد من علمائها وفقهائها وعلى رأسهم شيخ الشافعية الحافظ أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي.

ثم حط الرحال في بغداد التي ظلت… رغم المصائب التي توالت عليها محجة العلماء ومقصد المتعلمين وقد تهيأ له فيها أن يتلقى العلوم عن أهلها حتى برع في علوم السنة وتراجم الرواة وأصول الفقه وعلوم العربية والآداب. 

وقد كانت عودته إلى إشبيلية  رحلة علمية أخرى، حتى وصل إلى الإسكندرية، فبدأ فيها بكتابة أول مؤلفاته.

وعندما وصل إلى بلده استقبله أهلها استقبالا لا نظير له، وقصده طلاب العلم من كل حدب وصوب وتحول منزله إلى جامعة كبيرة، وظل يفتي ويدرس أربعين سنة كان فيها مثال العدل والاستقامة وحسن القيام بأمر القضاء.

مؤلفات ابن العربي:

للإمام القاضي أبي بكر بن العربي مصنفات كثيرة في مختلف الفنون أذكر بعضها على سبيل المثال لا الحصر.

عارضة الأحوذي شرح جامع الترمذي: وهو من أول مؤلفاته، 

أنوار الفجر في تفسير القرآن، 

أحكام القرآن، الناسخ والمنسوخ في القرآن،

كتاب المشكلين: مشكل الكتاب ومشكل السنة،

كتاب النيرين في الصحيحين،

القبس في شرح موطأ مالك بن أنس. وهو من أواخر مؤلفاته،

ترتيب المسالك في شرح موطأ مالك،

العواصم من القواصم في تحقيق مواقف الصحابة بعد وفاة النبي.

شرح حديث أم زرع،

المحصول في علم الأصول،

الإنصاف، في مسائل الخلاف: عشرون مجلدا،

شرح غريب الرسالة لابن أبي زيد القيرواني

سراج المريدين في سبيل المهتدين, كاستنارة الأسماء والصفات في المقامات والحالات الدينية والدنيوية، بالأدلة العقلية والشرعية القرآنية والسنية.

ترتيب الرحلة للترغيب في الملة.

قانون التأويل.

المتوسط في معرفة صحة الاعتقاد والردُّ على من خالف السنة، وذوي البدع والإلحاد.

أقوال العلماء فيه:

يقول فيه تلميذه ابن بشكوال:” الإمام الصالح الحافظ المستبحر، ختام علماء الأندلس، وآخر أئمتها وحفاظها،… كان من أهل التفنن في العلوم والاستبحار فيها والجمع لها، مقدما في المعارف كلها، متكلما في أنواعها، نافذا في جميعها، حريصا على أدائها، ونشرها، ثاقب الذهن في تميز الصواب منها…” [4] 

أما الإمام الذهبي فقد وصفه بقوله:

« الإمام العلامة الحافظ… أدخل إلى الأندلس علما شريفا وإسنادا منيفا، وكان منبحر في العلم، ثاقب الذهن، عذب العبارة، موطأ الأكناف، كريم الشمائل، كثير الأموال»[5]. 

وفاته

توفي القاضي أبو بكر بن العربي بمغيلة قرب مدينة فاس في ربيع الأول سنة 543 هـ، ودفن في فاس خارج باب المحروق، على مسيرة يوم من فاس غربًا منها. وصلى عليه صاحبه أبو الحكم بن حجاج، ودفن يوم الأحد 7 ربيع الأول سنة 453 هـ [6].

أقسام العقائد الشرعية عند ابن العربي:[7]

يقسم ابن العربي العقائد الشرعية إلى ثلاثة أقسام:

– قسم يدرك عقلا لامدخل للسمع إليه ولا يجوز أن يكون دليلا عليه وهو كل قاعدة في الدين تتقدم على العلم بكلام الله تعالى ، ووجوب اتصافه بكونه صدقا إذ السمعيات تستند إلى كلام الله تعالى ، وما يسبق ثبوته في الترتيب ثبوت الكلام وجوبا فيستحيل أن يكون مدركه السمع .

2- قسم ثان يدرك تارة بدليل العقل لقيامه عليه ويدرك تارة بدليل السمع لوروده فيه وهذا الذي يجوز إدراكه عقلا وسمعا فهو الذي تدل عليه شواهد العقول ونظيره إثبات جواز الرؤية وإثبات استبداد الباري تعالى بالخلق والإختراع. – القضايا المهمات كإثبات فتنة القبر والشفاعة والملكين .

3- وقسم يدرك سمعا لا مدخل للعقل فيه وهو ما يتعلق بتسمية الله بأسماء لم يسم بها نفسه فإن ابن العربي يظل وفيا لتعاليم الأشعرية ، يرفض ذلك رفضا تاما فيقول ” والذي عندي أنه لا يوصف إلا بما وصف به نفسه في كتابه أو على لسان نبيه أو أجمعت الأمة عليه ويكفي في ذلك ما يرد به خبر الواحد ويعطي ابن العربي في هذه المسألة الأسبقية للخبر على العقل بل إنه يغيب العقل تغييبا تاما فيها فيرفض أن يستعمل قياس الغائب على الشاهد في هذه المسألة ويتصل بهذا القسم جملة أحكام التكليف والإيجاب والحظر والتوبة والإباحة.

بعض آرائه العقدية:

يعتبر ابن العربي من أنجب تلاميذ المدرسة السنية بالمشرق من أبناء الغرب الإسلامي ، ويستشف تأثر ابن العربي بفحول الأشاعرة واعتماد أقوالهم في العقيدة الأشعرية من خلال ملمحين اثنين:

 – مروياته من كتبهم وهي على التوالي كتب الأشعري – الباقلاني – الجويني – الغزالي – أبي الوليد الباجي.

1- احتجاجه بآراء هؤلاء الأعلام وعلى رأسهم أبو الحسن الأشعري والإمام الجويني وحجة الإسلام الإمام الغزالي. 

معرفة الله:

 يرى أبوبكر ابن العربي أن: «معرفة الله  واجبة على كل مكلف»[8]، وقد أوضح الإمام أن هذه المسألة وقع الخلاف حولها عند العلماء فهناك من قال أنه تصح معرفته، وهناك من قال لا تصح معرفته لبشر[9].

موقفه من النظر:

اختلف المتكلمون بمن فيهم الأشاعرة في أول الواجبات، ومن قائل إنه « اعتقاد وجوب القصد»، فمن قائل إنه «معرفة الله»،  ومن قائل أن أول الوجبات «النطق بالشهادتين»، فما هو مذهب الإمام أبي بكر ابن العربي؟

 يعتبر  ابن العربي أن أول ما يجب على العاقل البالغ، القصد إلى النظر الصحيح، المفضي إلى العلم بحدوث العالم،ومقصود هذا العلم، إقامة البرهان على وجود الباري »[10]، وهي من المسائل التي يوافق فيها ابن العربي الإمام الجويني في كتابه الإرشاد [11].

 

 

الهوامش:

 

1- انظر ترجمته في: وفيات الاعيان، 1/ 489 ونفح الطيب 1/ 340 والمغرب في حلى المغرب 1/ 249 وقضاة الاندلس، ص: 105، وجذوة الاقتباس، ص: 160، والديباج المذهب، ص:281، والصلة لابن بشكوال، ص: 531 – 632 ، والوافي بالوفيات، 3- 330، وسلوة الانفاس، 3/198.

2- نفح الطيب، 2/25-26.

3- معالم الثقافة الإسلامية، عبد الكريم عثمان، مؤسسة الرسالة،ط 1: 2003م،  ص:382.

4- ابن بشكوال الصلة،ص:558.

5- تذكرة الحفاظ للذهبي، ص: 1295.

6- أبو بكر بن العربي: العواصم من القواصم في تحقيق مواقف الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، تحقيق: محب الدين الخطيب – ومحمود مهدي الإستانبولي ص:29.

7-  تطور المذهب الأشعري في الغرب الإسلامي ص 109-110.

8- الأمد الأقصى في شرح أسماء الله الحسنى وصفاته العلى للإمام أبي بكر بن بن العربي المعافري الإشبلي،ضبط نصه عبد الله التوراتي خرج أحاديثه ووثق نقوله  أحمد عروبي، دار الحديث الكتانية،ص:225].

9- انظر المصدر السابق، ص:225 ومابعدها.

10- الوصول إلى معرفة الأصول، مخطوط، نقلا عن كتاب مع القاضي ابي بكر بن العربي،للأستاذ سعيد أعراب، دار الغرب الإسلامي، ص: 148

11- الإرشاد للجويني، تحقيق أسعد تميم ـ بيروت، مؤسسة الكتب الثقافية، ط.الأولى 1405ه، ص:25.

 

                                                إعداد الباحثة: حفصة البقالي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق