الرابطة المحمدية للعلماء

جلالة الملك محمد السادس يعلن 10 أكتوبر يوما وطنيا للمرأة المغربية.

يستمد اختيار هذا التاريخ مغزاه من مناسبة إقرار جلالته لنص مدونة
الأسرة الجديد.

شكل
إعلان جلالة الملك محمد السادس يوم 10 أكتوبر من كل سنة ” يوما وطنيا للمرأة
المغربية” حدثا تاريخيا بالغ الدلالة في مسار التطورات المتلاحقة التي تعرفها
المملكة في مختلف المجالات على الرغم من كل الإكراهات..ويستمد اختيار هذا التاريخ
مغزاه من مناسبة إعلان جلالته عن مضامين مدونة الأسرة الجديدة في الخطاب الذي
ألقاه بتاريخ 10 أكتوبر 2003 أمام البرلمان بغرفتيه ولقي، حينها، إجماعا منقطع
النظير.

لقد شكلت مدوّنة الأسرة المغربية محاولة جريئة وأصيلة
للتوفيق بين معطيات الواقع الاجتماعي للأسرة المغربية، ومقاصد الشريعة الإسلامية،
ومبادئ حقوق الإنسان الأساسية في بعدها الكوني، ولذلك فقد استحقت أن يطلق عليها
،حسب معظم المراقبين الأجانب قبل المغاربة، وصف ” الثورة الهادئة”، نظرا
لما عكسته طريقة صياغتها من حيوية وتفاعل ديمقراطي شوري بين مختلق قوى ومؤسسات
الشعب المغربي، توجه تحكيم ملكي رشيد عزز لحمة الشعب، وأعلى مرجعية الشريعة، وراعى
مقتضيات التطور..       
وبذلك، فقد جاءت مدونة الأسرة مستلهمة لفلسفة تقوم على
مبدإ التوازن في المسؤوليات والحقوق، فحدت من استئثار الرجل بالرعاية المعنوية
والمادية للأسرة وجعلتها مسؤولية مشتركة بين الزوجين؛ فأعطت للمرأة المطلقة حق اقتسام الممتلكات “المكتسبة
خلال مدة العلاقة الزوجية” بالتساوي مع الرجل، حتى لو لم تكن تمارس عملاً يدر عليها
دخلاً مادياً، تقديرا لوظيفتها كربة بيت مسؤولة عن تربية أبنائها و تدبير شؤون أسرتها.
واستلهاما لروح النص القرآني في مسألة تعدد الزوجات، وضعت المدوّنة قيوداً
صارمة على التعدد، أبرزها شرط إبلاغ الزوجة وضرورة الحصول على موافقتها، كما جردت المدونة حق
الرجل شبه المطلق في التطليق، وجعلته في يد القاضي الشرعي، وبذلك، تم إلغاء “الطلاق
الغيابي” الذي غالبا ما كان يجري التعسف في توقيعه، علماً أن نتائجه على
المرأة والأطفال كانت جد وخيمة، وعملية حل المشكلات المترتبة عليه بالغة التعقيد.
وترسيخاً لمبدأ المساواة بين الزوجين، وإنصافا للمرأة،
منعت المدونة تزويج القاصرات، ورفعت السن القانونية لزواج الفتيات من الخامسة عشرة إلى
الثامنة عشرة وللجنسين. وهي السن التي تسمح، بموجب المقتضيات القانونية الجديدة،
برفع الوصاية عن المرأة عند عقد الزواج، وتمكّنها من أن تزوج نفسها بمحض
إرادتها.
وقد حاولت المدونة ،من جهة أخرى، حماية حقوق الأطفال
المادية والمعنوية، في حالة افتراق الأبوين، من خلال عدد من الإجراءات؛ كمنح الجنسية
للأبناء من آباء أجانب، وإلزام توفير السكن، ورفع قيمة النفقة حفاظاً على مستوى
العيش قبل الطلاق. وكذا إقرار الاعتراف بنَسَب الطفل المولود قبل إبرام عقد الزواج،
ويسعى هذا التعديل إلى احتواء التحولات الاجتماعية العميقة المترتبة على سيادة قيم
الاختلاط والانفتاح في العلاقة بين الجنسين، وتقليص تداعيات ظاهرة الأبناء
اللقطاء، المولودين من علاقات جنسية أثناء فترة التعارف والخطوبة، وتعرضهم للضياع
والانحراف والفقر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق