مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراثقراءة في كتاب

تُحْفَة النَّبيل بالصَّلاة إيماءً في طَامُوبيل

   هذه فتوى اجتهادية في نازلةٍ من نوازل العصر؛ وهي حكم الصلاة في وسائل ‏النقل الحديثة مثل السيارة، ألفها عالمٌ سوسيٌّ أمازيغيٌّ؛ وهو أبو العباس أحمد بن ‏علي بن إبراهيم بن مَحمد فتحاً بن علي التَّناني الفَسْفَاسِي الكَشْطِي، نسبةً إلى كشط ‏إحدى قرى إِدَاوْتَنَان شمال أكادير، وكانت ولادته نحو عام 1310هــ، وأخذ أولاً ‏عن أخيه إبراهيم بن علي الكَشْطِي، ورحل إلى الريف بعد أن تعذر عليه طريق ‏الحج، ودخل مدينة فاس، وأخذ عن كبار علمائها أمثال أبي شعيب الدكالي، ‏وتصدى للتدريس بمدرسة «أَلْمَا» بجماعة أَوْرِير إلى أن وافته المنية عام 1374هــ.‏

‏    وقد أفتى، رحمه الله، في هذه النازلة ردّاً على من أنكر الصلاة في طَامُوبِيل، ‏يعني السيارة، مخافة خروج وقت أدائها؛ ومهّد إليها بتمهيدٍ في أوقات الصلاة ‏ووجوب المحافظة عليها، وساق فيه أدلةً من الكتاب والسنة والإجماع استدل بها ‏في فتواه القاضية بوجوب الصلاة إيماءً في المراكب الحديثة إذا اضطر المصلي إلى ‏ذلك، واستدلّ أيضاً ببعض القواعد الفقهية والأصولية مثل قاعدة عدم سقوط ‏الميسور بالمعسور؛ أي أن من لا يقدر على أداء الصلاة على الهيئة المعلومة فإنه يفعل ‏ما قدر عليه ولا يخرجها عن وقتها، وبالقياس أيضاً على ما قرره الفقهاء من وجوب ‏أداء الصلاة في وقتها المختار على راكب السفينة، وبمراعاة مقاصد الشريعة في رفع ‏الحرج عن المكلفين خلافاً لما ذهب إليه أحد معارضي الفتوى؛ وهو أحمد بن الفقيه ‏الرَّفَّاكي (نسبة إلى أَرْفَّاك، يقال: إنه سائق الحمير، وبعضهم يقول: إنه التاجر الذي ‏يتاجر بالبضائع من بلد إلى أخرى)؛ أنه يحرم على الإنسان أن يركب هذه السيارات ‏ما دامت تؤديه إلى الصلاة إيماءً، وأنه قال أيضاً: يؤدي الأجرة للسائق حتى يوقف ‏السيارة للصلاة. ‏

‏    و كان أسلوب الكَشْطِي في تحرير هذه الفتوى أسلوباً تقريرياً خالياً من ‏التكلف، معتمداً في جمع مادتها الكتب المشهورة في شرح الحديث مثل فتح الباري ‏لابن حجر(ت852هـ)، وحاشية سليمان الجمل(ت1204هـ) على الجلالين في ‏التفسير ، ومختصر خليل(ت776هـ) في الفقه، وشروحه مثل شرح محمد بن عبد ‏الله الخرشي(ت1101هـ)، و شرح أحمد بن محمد الدردير(ت1201هـ).‏

‏    وإذا كانت هذه الفتوى الاجتهادية للعلاّمة الكَشْطِي لقيت معارضةً من بعض ‏معاصريه مثل الرَّفَّاكي المذكور، وعلي بن الطاهر المحجوبي الرَّسْمُوكي، فإنّ مؤيديها ‏بلغوا شأواً كبيراً في العلم الشرعي؛ وفي مقدمتهم محمد المختار ‏السوسي(ت1383هـ)، وسار على نهج صاحبها، من دون التصريح باعتمادها، كل ‏من محمد بن أبي بكر الأَزَارِيفي في رحلته المسماة: «أزهار البساتين في الرحلة إلى ‏السوادين»:(ص22 ـ 24)، ومحمد عبد الكبير البكري في جواب عن سؤال شأن ‏الصّلاة في الطائرة نشره في مجلة الإرشاد المغربية؛ ع3 (1967)، (ص62 ـ 64). ‏

   طبع الكتاب أولاً سنة 1415 هـ/ 1994م بمطبعة النجاح الجديدة بالدارا ‏لبيضاء، تقديم مولاي البشير أَعْمُون، ثم طبع بتحقيق عبد الله بنطاهر ونشره في ‏مجلة المذهب المالكي، ع 13 (خريف 1432هـ/ 2011م)، (ص135 ـ 149). ‏

  بيانات النشر:‏

 الكتاب: تحفة النبيل بالصّلاة إيماء في طَامُوبِيل.‏

 المؤلف: أبو العباس أحمد بن علي بن إبراهيم الكَشْطِي التَّنَاني (ت. 1374هـ).‏

 مصادر عن المؤلف وموضوع الكتاب: سوس العالمة: (167، 220)، المعسول: ‏‏(15/ 89 ـ 90)، خلال جزولة: (1/94 ـ 97)، 24)، القصد والأماني بترجمة أبي ‏العباس الكَشْطِي التَّنَاني، فقه النوازل في سوس قضايا وأعلام: (366 ـ 375).‏

 كلمة ثناء في المؤلف: قال محمد بن أحمد التَّكْشْرَاني في رسالة المسلك الحنفي في ‏نصرة الشيخ الكشطي التناني وردع الشيخ المحجوبي الرسموكي وهو السيد علي بن ‏الطاهر المحجوبي الرسموكي: «الفقيه النبيه السيد الحاج أحمد بن الحاج علي التناني ‏الكشطي؛ فقد أزال الغطاء عن أمر الصلاة بالإيماء في طاموبيل وغيرها، بشرط ‏القدرة بإتمام أركانها في تحفة النبيل بالأدلة الواضحة الباهرة للعقول، والبينة ‏الظاهرة من الكتاب والسنة». تحفة النبيل: (50 ـ 51) طبعة النجاح الجديدة.‏

‏  بيانات النشر: تقديم أَعْمُون مولاي البشير. ـ ط 1. الدار البيضاء: مطبعة ‏النجاح الجديدة، 1415 هـ/ 1994م. وطبع طبعةً محققةً بتحقيق عبد الله بنطاهر ‏بعنوان: تحفة النبيل بالصلاة إيماء في طوموبيل؛ ونشره في مجلة المذهب المالكي، ع ‏‏13 (خريف 1432هـ/ 2011م)، (ص135 ـ 149). ‏

إنجاز: د. بوشعيب شبون.‏

Science

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق