مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةشذور

تَخْمِيسُ القصيدة الجِيمِيَّةِ لسُلطانِ العاشِقِين: ابن الفارِض -المقطع الثاني-

قَدِ اقْتَضَى أَمْرُنَا عِنْدَ الْوَرَى عَجَبًا

أُبْدِي هَوَاكَ وَتُبْدِي لِلنَّوَى سَبَبًا

وَإِنَّنِي كُلَّمَا لَاقَيْتُ مِنْكَ إِبًا

أَصْبَحْتُ فِيكَ كَمَا أَمْسَيْتُ مُكْتَئِبًا * وَلَمْ أَقُلْ جَزَعًا: يَا أَزْمَةُ انْفَرِجِي

للهِ قَلْبٌ عَصَى فِيكُمْ عَوَاذِلَهُ

أَصَبْتَ مِنْهُ عَلَى ضُعْفٍ مَقَاتِلَهُ

كَأَنَّنِي إِذْ رَأَى فِي الْحَقِّ بَاطِلَهُ

أَهْفُو إِلَى كُلِّ قَلْبٍ بِالْغَرَامِ لَهُ * شُغْلٌ وَكُلِّ لِسَانٍ بِالْهَوَى لَهِجِ

وَأَقْتَدِي بِالَّذِي قَدْ شَفَّهُ سَقَمٌ

حَتَّى رَأَى دَمْعَهُ أُهْرِيقَ وَهْوَ دَمٌ

شَوْقًا إِلَى كُلِّ نَفْسٍ حَتْفُهَا أَمَمٌ

وَكُلِّ سَمْعٍ عَنِ اللَّاحِي بِهِ صَمَمٌ * وَكُلِّ جَفْنٍ إِلَى الْإِغْفَاءِ لَمْ يَعُجِ

عَيْنَاكَ قَدْ أَرَّقَتْنِي وَهْيَ جَاحِدَةٌ

دَمْعًا بِخَدِّي عَلَيْهِ النَّاسُ شَاهِدَةٌ

فَيَا حَبِيبًا لَهُ نَفْسٌ مُعَانِدَةٌ

لَا كَانَ وَجْدٌ بِهِ الْآمَاقُ جَامِدَةٌ * وَلَا غَرَامٌ بِهِ الْأَشْوَاقُ لَمْ تَهِجِ

دَعْ عَنْكَ قَوْلَ وُشَاتِي فِي هَوَاكَ وَرِدْ

لِلْوَصْلِ بَحْرًا طَمَا إِنْ لَمْ تُرِدْهُ أُرِدْ

وَخُذْ بِقَوْلِي -وَإِنْ لَمْ يَكْفِ ذَاكَ أَزِدْ-:

عَذِّبْ بِمَا شِئْتَ غَيْرَ الْبُعْدِ عَنْكَ تَجِدْ * أَوْفَى مُحِبٍّ بِمَا يُرْضِيكَ مُبْتَهِجِ

وَارْبَأْ بِثَوْبِيَ عَنْ فَتْقٍ بِلَا رَتَقٍ

يَعْيَا بِهِ وَصْلُ حَبْلٍ وَاهِنٍ خَلَقٍ

وَصُنْ وِصَالِيَ عَمَّا سَاءَ مِنْ خُلُقٍ

وَخُذْ بَقِيَّةَ مَا أَبْقَيْتَ مِنْ رَمَقٍ * لَا خَيْرَ فِي الْحُبِّ إِنْ أَبْقَى عَلَى الْمُهَجِ

Science

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق