مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقديةشذور

تقييد في الضروري من علوم الدين لأبي العباس أحمد الرهوني 1288-1373هـ

 

قال أبو العباس أحمد الرهوني رحمه الله: “ثم إن هذا ا لمجموع المبارك، لا يخفى أنه معرض لأن يطالعه كل من يقرأ الكتابة، سواء كان عالما أو عاميا.
فأما العالم، فمعه من علمه ما يكفيه، ويكفي من يلزمه تعليمه، وأما العامي فلما عسى أن يكون جاهلا بعقائد التوحيد ولوازم العبادة، أحببت أن أثبت هنا تقييدا إذا راجعه العامي، يخرج به، إن شاء الله، من عهدة الإخلال بما أوجب عليه تعلمه من فريضة على كل مسلم، أي ومسلمة.
وذلك رجاء أن يدخلني الله في حزب من يعلم الناس الخير، فيغفر ذنبي، ويستر عيبي، ويرضى عني، ويبعدني وأهلي وأولادي من مساخطه، ويقينا مصارع السوء، ويشفع فينا، مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى آله واصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
فأقول:
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وأصحابه.
روي في الصحاح عن سيدنا عمر رضي الله عنه، قال: (بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، فجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه، وقال يا محمد أخبرني عن الإسلام، قال عليه السلام: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، وتقيم الصلاة وتوتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت الحرام إن استطعت إليه سبيلا، قال: صدقت، فعجبنا إليه يسأله ويصدقه، ثم قال: فأخبرني عن الإيمان، قال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالبعث بعد الموت، قال صدقت، فأخبرني عن الإحسان، قال أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، قال أخبرني عن الساعة، قال ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، قال فأخبرني عن أمارتها، قال أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان، فلبث مليا ثم انطلق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك جبريل جاء يعلمكم دينكم).
فالدين الإسلامي مجموع الإسلام والإيمان والإحسان، فالإسلام يحصل بالجوارح الظاهرة والإيمان بالقلب، وكذا الإحسان وهو المشاهدة أوالمراقبة.
وفي الصحيح أيضا: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا).
وقال تعالى:{فاعلم أنه لا إله إلا الله}، [محمد:19]، وقال:{محمد رسول الله}، [الفتح:29]، وقال:{وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضا حسنا} [المزمل:20]، وقال: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن…إلى …فليصمه}[البقرة:185]، وقال:{ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا}[آل عمران:97].
فخرج من مجموع ما سبق أن الأقسام ثلاثة وهي المنظومة في قول ابن عاشر:
في عقد الأشعري وفقه مالك* وفي طريقة الجنيد السالك
أي فن العقائد، وفن الفقه، وفن التصوف.
فيجب شرعا على كل مكلف أن يعتقد بعد أن يقول مخلصا من قلبه: لا إله إلا الله محمد رسول الله، أنه يجب لله: الوجود والقدم والبقاء والمخالفة للحوادث والغنى المطلق والوحدانية والقدرة والإرادة والعلم والحياة والسمع والبصر والكلام وكونه تعالى قادرا ومريدا وعالما وحيا وسميعا وبصيرا ومتكلما.
ويستحيل في حق أضدادها.
ويجوز في حقه سبحانه فعل كل ممكن وتركه في العدم، ولا يجب عليه فعل ممكن، ولا يستحيل في حقه فعله ولا تركه، ويجب اعتقاد حدوث العالم أي ما سوى الله، واعتقاد أنه يستحيل قدمه، ويجب اعتقاد أنه يجب في حقه تعالى أن لا يكون له غرض في فعل ولا في ترك، واعتقاد أنه لا تأثير لشيء من الأشياء في أثر ما بطبعه أو بقوة جعلت فيه، واعتقاد أنه يستحيل أن يؤثر شيء من الأشياء في أثر ما بطبعه أو بقوة مودعة فيه.
فمجموع العقائد في حق الله عز وجل خمسون عقيدة، وأدلتها من الكتاب تقدمت في ترجمتي شيخنا مولاي محمد بن جعفر الكتاني، وسيدي امحمد بن قاسم القادري رضي الله عنهم وأرضاهم فلتراجع ثمة.[عمدة الراوين: (9/35-41)]
ويجب في حق الرسل عليهم الصلاة والسلام الصدق والأمانة أي الحفظ من المخالفات والتبليغ، ويستحيل في حقهم خلاف ذلك.
ويجوز في حقهم كل عرض لا يؤدي إلى نقص في منصب النبوة، من الأمراض وغيرها.
ولا يجوز في حقهم ما يؤدي إلى ذلك.
ويجب اعتقاد وجوب وجود الأنبياء والرسل، عليهم السلام، وأن الله أنزل على الرسل منهم كتبا، واعتقاد وجود الملائكة عليهم السلام، واعتقاد أنه لا بد من يوم آخر بما يقع فيه من البعث والحساب والميزان والصراط والحوض والجنة والنار.
وقد جمع بعضهم هذه العقائد مع بيان اندراجها في قولنا لا إله إلا الله محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم بسبب تفسيره الإله بأنه الغني المطلق عن كل ما عداه، المفتقر إليه كل ما سواه” .
أعده الباحث: د.يوسف الحزيمري
الهوامش:
(*) هو: أبو العباس أحمد بن محمد الرهوني التطواني.ولد في مدينة تطوان، وتوفي فيها.قضى حياته في المغرب.حفظ القرآن الكريم ودرس بعض المتون العلمية في مدينة تطوان، ثم رحل إلى مدينة فاس، فأخذ العلم على أجلّة من علمائها، حتى تمّت إجازته بعد 6 سنوات.عاد من فاس عام 1897، فعمل بالتدريس في مساجد تطوان، ثم غادرها إلى مدينة طنجة، فعمل كاتبًا بدار النيابة، ثم أصبح وزيرًا للعدلية بالحكومة الخليفية بعد فرض الحماية الإسبانية عام 1912، بعد ذلك عين قاضيًا عام 1923 بالمنطقة الخليفية ثم قاضيًا بتطوان.كان عضوًا في الطريقة الصوفية التجانية، فجمع بين التدريس والقضاء والطرق الصوفية.
له عدة قصائد وردت ضمن كتابه: «عمدة الراوين في تاريخ تطاوين»، وله ديوان شعر مخطوط بخزانة الشيخ محمد بوخبزة في مدينة تطوان.
كما له عدة كتب مطبوعة: «تسهيل الفهوم لمقدمة ابن أجروم» – المطبعة المهدية – تطوان 191م، و«حلل الديباج بقصة الإسراء والمعراج» – تطوان 1933م، و«جريان القلم بشرح السلم» – تطوان 1935م، و«حواشي على بهجة التسولي» – تطوان 1952م، و«تحفة الإخوان بسيرة سيد الأكوان» – المطبعة المهدية – تطوان، و«عمدة الراوين» – صدر في 9 أجزاء – منشورات جمعية تطاوين أسمير.
– الترجمة نقلا عن معجم البابطين، وتوجد ترجمته في الجزء الأول من كتابه عمدة الراوين بقلم المحقق أ.د. جعفر ابن الحاج السلمي، كما ترجم لنفسه في النصف من الجزء الثامن ابتداء من ص:129، وباقي الأجزاء التاسع والعاشر من الكتاب نفسه. حيث ذكر فيها نسبه، وتاريخ حياته، وشيوخه، ومروياته، ومذهبه، وطريقته، وإجازاته، وما قاله من الشعر، وما قيل منه في شخصه وذاته، وأذكاره وصلواته.
– مصدر التقييد: “عمدة الراويين في تاريخ تطاوين” لأبي العباس أحمد الرهوني، تحقيق:أ.د.جعفر ابن الحاج السلمي، منشورات جمعية تطاوين أسمير 1433ه/2012م، (10/115-119).

قال أبو العباس أحمد الرهوني رحمه الله: “ثم إن هذا ا لمجموع المبارك، لا يخفى أنه معرض لأن يطالعه كل من يقرأ الكتابة، سواء كان عالما أو عاميا.

فأما العالم، فمعه من علمه ما يكفيه، ويكفي من يلزمه تعليمه، وأما العامي فلما عسى أن يكون جاهلا بعقائد التوحيد ولوازم العبادة، أحببت أن أثبت هنا تقييدا إذا راجعه العامي، يخرج به، إن شاء الله، من عهدة الإخلال بما أوجب عليه تعلمه من فريضة على كل مسلم، أي ومسلمة.

وذلك رجاء أن يدخلني الله في حزب من يعلم الناس الخير، فيغفر ذنبي، ويستر عيبي، ويرضى عني، ويبعدني وأهلي وأولادي من مساخطه، ويقينا مصارع السوء، ويشفع فينا، مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى آله واصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

فأقول:

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وأصحابه.

روي في الصحاح عن سيدنا عمر رضي الله عنه، قال: (بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، فجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه، وقال يا محمد أخبرني عن الإسلام، قال عليه السلام: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، وتقيم الصلاة وتوتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت الحرام إن استطعت إليه سبيلا، قال: صدقت، فعجبنا إليه يسأله ويصدقه، ثم قال: فأخبرني عن الإيمان، قال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالبعث بعد الموت، قال صدقت، فأخبرني عن الإحسان، قال أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، قال أخبرني عن الساعة، قال ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، قال فأخبرني عن أمارتها، قال أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان، فلبث مليا ثم انطلق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك جبريل جاء يعلمكم دينكم).

فالدين الإسلامي مجموع الإسلام والإيمان والإحسان، فالإسلام يحصل بالجوارح الظاهرة والإيمان بالقلب، وكذا الإحسان وهو المشاهدة أوالمراقبة.

وفي الصحيح أيضا: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا).

وقال تعالى:{فاعلم أنه لا إله إلا الله}، [محمد:19]، وقال:{محمد رسول الله}، [الفتح:29]، وقال:{وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضا حسنا} [المزمل:20]، وقال: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن…إلى …فليصمه}[البقرة:185]، وقال:{ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا}[آل عمران:97].

فخرج من مجموع ما سبق أن الأقسام ثلاثة وهي المنظومة في قول ابن عاشر:

في عقد الأشعري وفقه مالك* وفي طريقة الجنيد السالك

أي فن العقائد، وفن الفقه، وفن التصوف.

فيجب شرعا على كل مكلف أن يعتقد بعد أن يقول مخلصا من قلبه: لا إله إلا الله محمد رسول الله، أنه يجب لله: الوجود والقدم والبقاء والمخالفة للحوادث والغنى المطلق والوحدانية والقدرة والإرادة والعلم والحياة والسمع والبصر والكلام وكونه تعالى قادرا ومريدا وعالما وحيا وسميعا وبصيرا ومتكلما.

ويستحيل في حق أضدادها.

ويجوز في حقه سبحانه فعل كل ممكن وتركه في العدم، ولا يجب عليه فعل ممكن، ولا يستحيل في حقه فعله ولا تركه، ويجب اعتقاد حدوث العالم أي ما سوى الله، واعتقاد أنه يستحيل قدمه، ويجب اعتقاد أنه يجب في حقه تعالى أن لا يكون له غرض في فعل ولا في ترك، واعتقاد أنه لا تأثير لشيء من الأشياء في أثر ما بطبعه أو بقوة جعلت فيه، واعتقاد أنه يستحيل أن يؤثر شيء من الأشياء في أثر ما بطبعه أو بقوة مودعة فيه.

فمجموع العقائد في حق الله عز وجل خمسون عقيدة، وأدلتها من الكتاب تقدمت في ترجمتي شيخنا مولاي محمد بن جعفر الكتاني، وسيدي امحمد بن قاسم القادري رضي الله عنهم وأرضاهم فلتراجع ثمة.[عمدة الراوين: (9/35-41)]

ويجب في حق الرسل عليهم الصلاة والسلام الصدق والأمانة أي الحفظ من المخالفات والتبليغ، ويستحيل في حقهم خلاف ذلك.

ويجوز في حقهم كل عرض لا يؤدي إلى نقص في منصب النبوة، من الأمراض وغيرها.

ولا يجوز في حقهم ما يؤدي إلى ذلك.

ويجب اعتقاد وجوب وجود الأنبياء والرسل، عليهم السلام، وأن الله أنزل على الرسل منهم كتبا، واعتقاد وجود الملائكة عليهم السلام، واعتقاد أنه لا بد من يوم آخر بما يقع فيه من البعث والحساب والميزان والصراط والحوض والجنة والنار.

وقد جمع بعضهم هذه العقائد مع بيان اندراجها في قولنا لا إله إلا الله محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم بسبب تفسيره الإله بأنه الغني المطلق عن كل ما عداه، المفتقر إليه كل ما سواه” .

 

                                                        أعده الباحث: د.يوسف الحزيمري

 

الهوامش:


(*) هو: أبو العباس أحمد بن محمد الرهوني التطواني.ولد في مدينة تطوان، وتوفي فيها.قضى حياته في المغرب.حفظ القرآن الكريم ودرس بعض المتون العلمية في مدينة تطوان، ثم رحل إلى مدينة فاس، فأخذ العلم على أجلّة من علمائها، حتى تمّت إجازته بعد 6 سنوات.عاد من فاس عام 1897، فعمل بالتدريس في مساجد تطوان، ثم غادرها إلى مدينة طنجة، فعمل كاتبًا بدار النيابة، ثم أصبح وزيرًا للعدلية بالحكومة الخليفية بعد فرض الحماية الإسبانية عام 1912، بعد ذلك عين قاضيًا عام 1923 بالمنطقة الخليفية ثم قاضيًا بتطوان.كان عضوًا في الطريقة الصوفية التجانية، فجمع بين التدريس والقضاء والطرق الصوفية.

له عدة قصائد وردت ضمن كتابه: «عمدة الراوين في تاريخ تطاوين»، وله ديوان شعر مخطوط بخزانة الشيخ محمد بوخبزة في مدينة تطوان.

كما له عدة كتب مطبوعة: «تسهيل الفهوم لمقدمة ابن أجروم» – المطبعة المهدية – تطوان 191م، و«حلل الديباج بقصة الإسراء والمعراج» – تطوان 1933م، و«جريان القلم بشرح السلم» – تطوان 1935م، و«حواشي على بهجة التسولي» – تطوان 1952م، و«تحفة الإخوان بسيرة سيد الأكوان» – المطبعة المهدية – تطوان، و«عمدة الراوين» – صدر في 9 أجزاء – منشورات جمعية تطاوين أسمير.

 

– الترجمة نقلا عن معجم البابطين، وتوجد ترجمته في الجزء الأول من كتابه عمدة الراوين بقلم المحقق أ.د. جعفر ابن الحاج السلمي، كما ترجم لنفسه في النصف من الجزء الثامن ابتداء من ص:129، وباقي الأجزاء التاسع والعاشر من الكتاب نفسه. حيث ذكر فيها نسبه، وتاريخ حياته، وشيوخه، ومروياته، ومذهبه، وطريقته، وإجازاته، وما قاله من الشعر، وما قيل منه في شخصه وذاته، وأذكاره وصلواته.

– مصدر التقييد: “عمدة الراويين في تاريخ تطاوين” لأبي العباس أحمد الرهوني، تحقيق:أ.د.جعفر ابن الحاج السلمي، منشورات جمعية تطاوين أسمير 1433ه/2012م، (10/115-119).

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق