مركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصةأخبار

تقرير حول مناقشة أطروحة دكتوراه: المفضل أزيات الخرشفي (تـ1360 هـ)

دراسة في السيرة والأثر مع تحقيق المتن الشعري

إعداد: د. محمد الهاطي

 باحث بمركز الإمام الجنيد

    نوقشت برحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة عبد الملك السعدي بتطوان، أطروحة جامعية لنيل شهادة الدكتوراه بعنوان:” المفضل أزيات الخرشفي (تـ1360 هـ): دراسة في السيرة والأثر مع تحقيق المتن الشعري””، من إعداد الطالب هشام لعجاج، وبإشراف الأستاذين: عبد اللطيف شهبون وأحمد هاشم الريسوني، وذلك بتاريخ: الاثنين 17 دجنبر  2018م، وقد تكونت لجنة المناقشة من السادة الأساتذة:

• د. محمد الحافظ الروسي: رئيسا

• د. أحمـد هاشم الريسوني: مشرفا ومقررا

• د. عبد اللطيف شهبون: مشرفا ومقررا

• د. أحمد بوعود: عضوا

• د. عز الدين الشنتوف: عضوا

• د. إمونن إبراهيم: عضوا

    وبعد اجتماع أعضاء اللجنة، تمت تلاوة محضر الاجتماع، الذي تقرر خلاله منح الطالب هشام لعجاج، شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جدا.

    يأتي هذا العمل لإتمام تحقيق تراث العلامة سيدي المفضل أزيات الخرشفي، فقد تمكن من خلاله الطالب الباحث من تحقيق ثلاثة وستين قصيدة، بمجموع أبيات تعدى الألف والستمائة بيت.كما وفق الباحث في جرد وإحصاء التراث المنثور والمنظوم للمؤلف، استنادا إلى مقومات الدراسات الإحصائية، ودراسة المتن الشعري دراسة فنية، دون إهمال بعض الحقائق التاريخية التي تمت إضافتها إلى الترجمة المتداولة. 

    وإجمالا، إذا كان جديد هذا العمل هو تقديم نصوص مغمورة من التراث العربي بالمغرب، إما تحقيقا أو جردا وإحصاء، وإما بدراسة قضاياه الفنية، ومن ثمة المساهمة في حمايته من خلال إخراجه من عتمة المخطوطات إلى نور البحث، فإن مكانة هذا التراث من حيث كمه ونوعه وقضاياه ومشاربه كفيلة بأن تكون مشروعا علميا لكل مشتغل به.

وبالانتقال إلى أهداف البحث  فقد جاءت كالآتي:

1. تحلية الترجمة ببعض ما وقف عليه الباحث من الفوائد وتخليتها مما علق بها من الزوائد.

2. إنشاء مسرد إحصائي لمجموع ما وقف عليه الباحث من تراثه الشعري والنثري توثيقا له وحفظا.

3. تحقيق مجموع تراثه الشعري.

4. دراسة بعض القضايا الفنية في الشعر المفضلي.

وقد استوى معمار هذا العمل، بعد التوطئة، على بابين هما كالتالي:

    الباب الأول: ضم فصلين؛ خصص الأول للتعريف بسيدي المفضل أزيات الخرشفي/ في محطتين: المبحث الأول خصص لتسطير الملامح الكبرى لترجمته؛ من نسبة، وشيوخ، ومكانة، وتلاميذ، ثم الوفاة، مسبوقة بفرش تاريخي عن الأحوال السياسية والثقافية والاجتماعية التي نشأ فيها أواخر القرن الثالث عشر وبداية الرابع عشر الهجري. أما المبحث الثاني فتم تخصيصه لجرد وإحصاء ما جمع من تراثه النثري والشعري، من خلال تقريب كل نص على حدة، من حيث جنسه وموضوعه وبعض خصائصه، ومن ثم تقديم نتائج الإحصاء، واستخراج خصائص الكتابة عنده حسب الأجناس والأغراض والموضوعات…

    أما الفصل الثاني فتم تخصيصه لتتبع الخصائص الفنية لنظم سيدي المفضل أزيات/، وذلك بتفكيك أهم المكونات القادرة على توصيف وتقويم نص شعري.

كما جاء هذا الفصل مقسما لأربعة مباحث:

    خصص المبحث الأول للمعجم حيث تم تقريب أهم الحقول المعجمية التي هيمنت على نصه الشعري، حيث برز المعجم الوطني، والمعجم الديني العام، والمعجم الديني الخاص، المرتبط بالمصطلح الصوفي، وكذا المعجم الماتح من الطبيعة.

    وخصص المبحث الثاني لتركيب الجملة في المتن، وتم من خلاله تتبع الأساليب الإنشائية وبيان دلالاتها، وكذا استخراج الروافد التي غذت النص من قرآن وحديث وأمثال وشعر، كما تم تحديد طرق الاستدعاء والتنادي وتحديد دلالات الورود.

    أما المبحث الثالث فقد تم فيه الاهتمام بأنواع الصور من وجهة نظر بلاغية: تشبيهية أو استعارية أو كنائية، كما تم استدعاء نماذج من شعر سيدي المفضل أزيات لإبراز قدراته التصويرية.

    وفي المبحث الرابع تم تحديد الإيقاع الخارجي من أوزان وقوافي، والإيقاع الداخلي الذي ميز نظم الشاعر. وختم الفصل بتركيب عام لأهم النتائج.

    وفي الباب الثاني تم تحقيق المتن الشعري، وقد استهل هذا الباب ببيان خطة العمل التي اتبعت لتحقيق المتن من نسخ ورموز وطرق الشـرح…، ثم تلاها المتن الشعري محققا ومبوبا إلى صوفيات، واجتماعيات، ومنظومات، وملحونات.

    وختمت رحلة البحث بتركيب تم فيه إثبات أهم نتائج البحث وامتداداته، مع تسطير ملحق خصص لأهم المخطوطات التي وقف عليها الباحث، والتي أسهمت في إغناء الترجمة وفي مقابلة النصوص، دون إهمال قيمتها التاريخية، ومذيلا بأهم الفهارس: الآيات، والأحاديث، والأشعار، والأمثال، والحكم، والكتب، والأعلام البشرية والجغرافية، ففهرس محتويات العمل.

 ومن أهم النتائج التي توجت هذا العمل:

فيما يخص السيرة التأليفية، يمكن إيراد مجموعة من الخلاصات وفق موضوعاتها:

    فقد جاءت التقييدات والرسائل الصوفية وفق نمطين: التقييدات ذات الطابع التأليفي، والتقييدات ذات الطابع الترسلي التعليمي. ولم تخرج عن ثلاثة مقاصد كبرى هي: التأصيل والتنظير، التوجيه والتشوير، الذكر والتطهير.

    أما الجانب الفقهي والعقدي من تقييداته، فقد دل على سعة علمه وحسن اطلاعه، وشيوع قيمته العلمية بين الناس بشفشاون ومحيطها، وصولا إلى بني سعيد وبني حسان.

    ولم يغب النفس الصوفي عن هذه التقييدات، كما طغت الأساليب البسيطة والواضحة لتوافق مقتضـى الحال، ولوحظ التجويد في اختيار الألفاظ والأساليب في استهلالات رسائله على الخصوص. كما لم يخرج سيدي المفضل أزيات في بناء فتاويه عن الأصول المميزة للتدين المغربي، وهي الفقه المالكي والعقيدة الأشعرية.

وبخصوص نصوصه الاجتماعية نورد النتائج التالية:

    فقد ظهر دور سيدي المفضل أزيات الاجتماعي الإصلاحي جليا من خلال تدخلاته العديدة لمؤازرة المظلومين، والشفاعة في الغارمين، والتوسط لدى ذوي السلطان لإبلاغ دعاوى المشتكين، وكان لمكانته العلمية وسيرته السنية الأثر البالغ في تيسير مساعيه.

    كما أرّخت بعض تقييداته لمِحَنه، ولعل أبرزها محنته مع تولي القضاء، والتي ورد فيها نص دال على زهده وتورعه وتواضعه. كما أن ردوده المتعددة على ادعاءات الخصوم والشكاوى التي خطها لردع بعض الجائرين تصور بجلاء ابتلاءاته العديدة.

    هذه الرسائل والتقييدات على اختلاف مقاصدها وموضوعاتها دلت بجلاء على أن سيدي المفضل أزيات  كان عالما ومربيا ومجاهدا يدعو إلى الصلاح ويسعى له، وأن لهذه التقييدات قيمة تاريخية بالإضافة إلى قيمتها الأدبية والفكرية .

    وبالانتقال إلى خلاصات الاشتغال على شعر سيدي المفضل أزيات من جهة موضوعاته، نجد فيما يخص الشعر الاجتماعي يُقصد به ما دبجه الشاعر استجابة وتفاعلا مع أمته ووطنه، فيما جلّ من القضايا أو برز من الظواهر، رغبة منه في التقويم أو مجرد الوصف والتقييد. وقد جاوز حضوره في الشعر النصف، وتوزع حسب القضايا والظواهر التالية:

    أولها: وصف حال المغرب والدعوة للجهاد: حيث أن سيدي المفضل أزيات كان مهتما بما تمر به الأمة من انتكاسة؛ فتارة يصف الوضع مستنكرا الحال ومحذرا من سوء المآل، وتارة أخرى مبرزا الداء وملخصا العلاج والدواء.

    ثانيها: اعتذارات وردود، وفيها جند الشاعر قريحته من أجل الرد على من حاول النيل منه، إما بالدس له عند أبناء شيخه أو مع من لهم سلطة، أو على من غمطه في حق أو رماه بباطل…

    والحاصل أن شاعرنا صور المحن التي عاشها في قالب شعري، يميزه صدق البلاغات، وجمال العبارات، وعذوبة الإيقاعات.

    ثالثها: مجاملات اجتماعية، حيث نزل عند طلب بعض من يطمعون في كرمه ويقدرون أدبه، فكتب تعزية لبعضهم ووثق للبعض الآخر عقود نكاحهم.

    رابعها: نصائح وإرشادات حيث خص بعض قصائده للوعظ والإرشاد، من توجيه إلى فاضل الأعمال والتحذير من طالح الأفعال.

أما الشعر الصوفي، فقد أمكن التحليل من تقسيم المتن الشعري إلى ثلاث تجارب رئيسة:

    أولها: تجربة التشوف والتعلق، ومن خلال هذه التجربة توسل الشاعر بأنجع الوسائل وأقربها استجابة، فتوسل بأسماء الله الحسنى، كما توسل بمن هو الشفيع المشفع صلى الله عليه وسلم. وما يميز هذا الصنف من النصوص هو غلبة الاعتراف بالذنب وطلب المغفرة.

    ثانيها: تجربة التخليق والتخلق، وهي التجربة التي تبرز الدور الإصلاحي الذي يباشره شيخ التربية من تخلية القلوب من الرذائل وتحليتها بالفضائل.

    ثالثها تجربة العروج والتحقق: وهي التجربة التي يحاول فيها الشاعر تصوير مواجيده، ومن هذا حديث سيدي المفضل أزيات عن الرموز الصوفية المتعلقة بالحضرة والخمرة غيرها، ومن خلال هذه التجربة أيضا عبر الشاعر عن رؤيته للسلوك، فقد خَطَّ ما ارتضاه مسارا للوصول والترقي.

    أما نظمه الفقهي والعقدي فقد ورد تَعَلُّمِياً تَعليميا، حيث نجد الشاعر يستفهم عما استشكله من أمور العقيدة، ونجده ييسر تتبع فصول مختصر الشيخ خليل. وغير بعيد عن سياق التدريس نجده خط منظومتين خصهما لتيسير بعض القواعد النحوية. وقد وقف الطالب الباحث بالإضافة إلى شعره الفصيح على أزجال منها ما صار من الصنائع المغناة بشفشاون.

    وبالانتقال إلى نتائج دراسة بعض القضايا والظواهر في متنه الشعري، وتركيبا للنتائج التي تم استخلاصها مجموعة من الخلاصات تهم المعجم في المتن الشعري لسيدي المفضل أزيات، والأساليب الإنشائية الواردة في متنه الشعري، وكذا ما يخص الاقتباس والتضمين في شعره، إضافة إلى التعريج على القضايا المرتبطة بالصورة والإيقاع…  

    وبعد الخلاصات والنتائج المستخلصة من رحلة البحث، أصبح لزاما المرور بالامتدادات الممهدة لمشاريع بحثية مستقبلية، منها ما يخص الترجمة والسيرة الشخصية والتأليفية، فقد أثار البحث مسألة غياب المعطيات الوافية الكافية لتقديم سيدي المفضل أزيات تقديما يغطي الجانب الشخصي والتأليفي، بما يليق به ويحقق شروط الترجمة النموذجية.

    ومنها ما يتعلق بالرسائل والتقييدات التي تركها لنا سيدي المفضل أزيات التي تعتبر فرصا ثمينة للدراسة، فأغلبها لم يحقق بعد.

    أما تراثه الشعري فيمكن تتميم ما أنجز، عبر تعميق البحث في شعر سيدي المفضل أزيات/الملحون، بالبحث عن نصوص أخرى ودراستها وفق القواعد المرعية في هذا الفن، ومن خلال مناهج تحترم خصوصياته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق