الرابطة المحمدية للعلماء

تقديم كتاب “المذكرات في الأدب المغربي لعبد الله الجراري”

نظمت جمعية رباط الفتح للتنمية المستديمة، أمس الثلاثاء في الرباط، لقاء ثقافيا لتقديم كتاب “المذكرات في الأدب المغربي .. هذه مذكراتي لعبد الله الجراري.. تحقيق ودراسة” للباحث مصطفى الجوهري، نائب رئيس الجمعية وعضو نادي الجراري.

والكتاب، الذي صدر عن منشورات الجراري (رقم 60) وجاء في ثلاثة أجزاء من حوالي ألف صفحة، هو في الأصل أطروحة قدمها الباحث من أجل نيل شهادة الدكتوراه من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية تحت إشراف الأستاذ عباس الجراري.

وفي كلمة تقديمية، شدد السيد عبد الكريم بناني رئيس جمعية رباط الفتح على أهمية المرحلة التاريخية التي تتناولها مذكرات العلامة الراحل عبد الله الجراري، وهي المرحلة الكولونيالية التي عرفها المغرب والتي لم يكتب عنها الشيء الكثير.

واعتبر عبد السلام الطاهري، الأستاذ بجامعة محمد الخامس -أكدال بالرباط، أن مقاربة المؤلف اعتمدت المنهج التاريخي الذي مكنه من تقديم طرح علمي وقراءة عالمة للنصوص المذكراتية، مركزا بالخصوص على محور تقريب أدب المذكرات للقارئ، ومحور القضايا والإشكالات في الجزء الخاص بالدراسة، وعن سيطرة السيرة الذاتية بالرغم من توسعها عبر مكونات متعددة (أزمنة وأمكنة وأشخاص وذكريات وتفاعلات وانفعالات ..).

وأشار إلى أن الجوهري أوضح في مقدمة بحثه أسباب اهتمام العلامة عبد الله الجراري بالمذكرات، ودوافع اختياره هو كباحث جامعي لهذا الموضوع، والصعوبات التي لاقاها خلال فترة إنجازه التي امتدت لخمس سنوات، كما تطرق للإشكال الأجناسي للمذكرات ومدى تداخلها مع أجناس أخرى، وللدلالة الاصطلاحية للمذكرات وخصائصها.

ومن جهة أخرى أشار الطاهري إلى أن العلامة عبد الله الجراري اهتم بإيراد التوجهات العامة للمذكرات المتمثلة في زمن الكتاب ودوافع الكاتب، وكشف أيضا مكونات الذات والأبعاد الفكرية والتجارب الذاتية في التربية، وكذا القضايا الوطنية والسياسية والأبعاد المنهجية والفنية والأدبية ( من مسرح وشعر وموسيقى وممارسة نقدية إجرائية.. )، فضلا عن القضايا المعرفية والفقهية.

ومن جانبه، قدم الأستاذ محمد اليملاحي (من المدرسة العليا للأساتذة بالرباط) قراءة مقتضبة لمتن المذكرات، مشيرا إلى أن الباحث مصطفى الجوهري راكم خبرة كبيرة في موضوع بحثه، وحرص على توثيق النسب الجراري من خلال العودة لهجرة شرفاء بني جرار في القرن السابع الهجري إلى المغرب بهدف إنماء الحضارة والمعرفة، ومواصلة الأحفاد الدور الحضاري الذي كرسه أجدادهم.

وبخصوص موضوع المذكرات والقيم التي تسعى لخدمتها، تطرق لثلاثة منها، وهي المواطنة؛ من قبيل تنبه العلامة الجراري لخطر الظهير البربري وتحذيره منه، وشغفه بالمعرفة وهو الخيط الناظم لمتن المذكرات، والانفتاح على الداخل وعلى المحيط العربي؛ ومن تجلياته الانفتاح على الأماكن من خلال الرحلات، وعلى الأشخاص من خلال الصداقات، وعلى المعارف من خلال القراءات والمتابعات.

ومن جهته، رأى الباحث مصطفى الجوهري أن آثار العلامة عبد الله الجراري الأدبية فاقت آثاره التاريخية والدينية، وأن مذكراته التي حققها ودرسها “نص موسوعي خصب وسيرة حياة شخصية، ولكنها أيضا عامة تحكي تاريخ المغرب خلال نصف قرن من الزمان، وتحتاج إلى عدة قراءات”. ودعا، في هذا السياق، إلى تحقيق كتابات أخرى كثيرة للمؤلف ما تزال مخطوطة من بينها “اليوميات” و”كتابات في السيرة”. أما الأستاذ عباس الجراري، فأكد، في ختام حفل تقديم هذا البحث المنجز عن والده، أن مثل هذه اللقاءات، التي يتعين تعميمها في مختلف المناطق والجهات، تساهم في الدفع بعجلة النهضة الثقافية بالبلاد.

وسجل أن المذكرات تعتمد التاريخ وتركز عليه، ولكنها تعكس ذات المؤلف أيضا، ومن هذه الزاوية فهي تمثل معادلة ليست باليسيرة لأن من يكتب المذكرات يركز على الجوانب الشخصية وعلى التاريخ من خلال هذه المذكرات، وهو ما يجعلها تجمع بين الذاتي والتاريخي؛ إذ أن الشغوف بالتاريخ والتدوين والتدقيق لا ينسى ذاته.
وفي ختام هذا الحفل العلمي تم تسليم دروع تكريمية للمساهمين في هذا اللقاء الثقافي، كما تم الاستماع بالمناسبة إلى قصيدة تشيد بمناقب العلامة الراحل عبد الله الجراري..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق