مركز الدراسات والبحوث في القضايا النسائية في الإسلامنصوص مترجمة

تفاعلات مفكرين مع كورونا (1): بيل غيتس متحدثا عن جائحة كورونا

استأثر انتشار فيروس كورونا المُستجِد باهتمام العديد من المفكرين وكبار الشخصيات في العالم، ومن بينهم بيل غيتس، الرئيس التنفيذي السابق لشركة “مايكروسوفت” وأحد أكبر المتبرعيين للأعمال الخيرية في العالم.

وقد سبق لبيل غيتس أن تنبأ، سنة 2015، بظهور فيروس قاتل ينتشر عبر العالم، حيث قال “عندما كنت صغيرا، كانت الكارثة الكبرى التي نخشاها هي الحرب النووية.. إذا كان هناك شيء قادر على قتل أكثر من عشرة ملايين شخص في العقود القليلة المقبلة، فمن المرجح أن يكون فيروسا شديد العدوى وليس الحرب.. استثمرنا الكثير في الردع النووي، والقليل جدا في نظام احتواء الأوبئة، نحن لسنا مستعدين”.[1]

ويصرح بيل غيتس بأنه “في خضم الوضع الحالي، القول بأنني حذرت العالم مسبقا لا يحقق إشباعا نفسيا لي، فقد كان الهدف هو تشجيع الحكومات على اتخاذ خطوات للاستعداد لمثل هذا الوباء”[2]، وقد كان لمؤسسة غيتس وميليندا الفضل في التبرع ب100 مليون دولار للتصدي لهذا الوباء وتمويل البحوث الموجهة لعلاجه، مع الاعتراف بأن الميزانيات المرصودة لهذا الهدف تحتاج للتضاعف عدة مرات[3]

ويراهن بيل غيتس على الإجراءات الوقائية التي من شأنها الحد من تفشي هذا الوباء أكثر، وقد لخصها في مقالة افتتاحية لصحيفة واشنطن بوست قدم فيها خطة من ثلاث نقاط تشرح كيفية هزيمة فيروس كورونا في الولايات المتحدة. وتتمثل النقطة الأولى في إحداث “نهج متسق على الصعيد الوطني” لعمليات الإغلاق، واعتبر عدم إغلاق بعض الولايات بالكامل بأنه وصفة حقيقية لكارثة. وتتمثل النقطة الثانية في تكثيف الاختبار وإنشاء نظام واضح حول من سيتم اختباره أولاً، مع إعطاء الأولوية للعاملين بمجال الرعاية الصحية والمستجيبين الأوائل. والخطوة الثالثة والأخيرة هي إتباع “نهج قائم على البيانات لتطوير العلاجات واللقاحات” وحث القادة على المساعدة من خلال “عدم إثارة الشائعات أو نشر الذعر.”[4]

ويعتقد بيل غيتس أن “الخيارات التي نتخذها نحن وقادتنا الآن سيكون لها تأثير هائل على متى ستبدأ أرقام الإصابات في الانخفاض، وكم من الوقت سيبقى الاقتصاد مغلقا”. كما شدد على أنه “لا خيار آخر لدينا سوى فرض هذا العزل، وإن هذا العزل سيستمر لمدة من الزمن… في حالة الصين استمر العزل لنحو ستة أسابيع، لذا يجب علينا أن نجهز أنفسنا لهذا الأمر ونقوم به على أكمل وجه”.

ولم ينكر بيل غيتس الضرر الكبير على الاقتصاد العالمي، لكنه بالمقابل أكد على أهمية إعطاء الأولوية للإنسان والصحة على المال في الأزمة الحالية، قائلا “إن المال من الممكن أن يعود مرة أخرى ومن الممكن أن يعود الاقتصاد للنمو ولكنك لا تستطيع أن تعيد الأموات للحياة مرة أخرى.. لذا يتحتم علينا أن نشعر بالصعوبات الاقتصادية من أجل أن نحافظ على الحياة”.[5]

وعند سؤاله عن أكبر مخاوفه في ظل الأزمة الحالية، أجاب بأنه يشعر بالقلق من كل الأضرار الاقتصادية، ولكن المقلق جدا هو كيف سيؤثر ذلك على البلدان النامية التي لا تستطيع تفعيل مسافة الأمان الاجتماعية بنفس طريقة البلدان الغنية والتي تكون قدرتها على الاستشفاء أقل بكثير. وفي ظل التفاوتات بين الدول وبين أفراد المجتمع، يرى بيل غيتس أن ما يتوجب فعله هو دمقرطة نظام الاختبار وتوسيع نطاقه من خلال وجود موقع لCDC (مراكز مكافحة الأمراض واتقائها) على الويب حيث يلج إليه الناس ليعبئوا معلومات عن حالتهم الصحية وهو ما سيحدد الحالات ذات الأولوية في غضون 24 ساعة. كما أضاف أن مؤسسته تعمل على معرفة ما إذا كان بإمكانهم إرسال أجهزة اختبار للأشخاص في المنزل. كما أشار إلى وجود مجموعة تسمى GAVI تساعد في شراء اللقاحات للبلدان النامية، وسوف تلعب دورًا رئيسيًا بمجرد أن يتم إنتاج لقاح. ويتوقع بيل غيتس أنه إذا قامت الدول بعمل جيد في إجراء الاختبارات و”الإغلاق”، فيجب أن نرى في غضون 6-10 أسابيع عددًا قليلاً جدًا من الحالات.”[6]

على صعيد آخر، ربط غيتس بين جائحة كورونا والتغيرات المناخية، حيث رأى أن كليهما يمثلان تحديا عالميا معاصرا والعامل المشترك بينهما هو أنهما يتطلبان عملًا جماعيًا وفهمًا عامًا ومشاركة، وأنه على المدى البعيد من الممكن أن تساهم الجهود الجماعية المبذولة للسيطرة على فيروس كورونا في خلق روح العمل المشترك وبالتالي تسهيل عملية مكافحة التغيرات المناخية.[7]  وفي سياق متصل، أجاب بيل غيتس عن سؤال “كيف ستتغير البشرية نتيجة لهذا الوباء؟” بأن هذه الأزمة العالمية تعتبر أكبر من سابقاتها بكثير وأن قلقه الأكبر ليس ما إذا كانت الحياة ستعود إلى سابق عهدها أم لا، وإنما مدى قدرة هذا التحدي على توحيدنا جميعا داخل المجتمعات وعبر البلدان (كما هو حاصل اليوم بين علماء الأوبئة) لمواجهة أخطار عالمية أخرى بدل الارتكان إلى التجمعات القبيلة والوطنية.[8]

[1] https://www.youtube.com/watch?v=6Af6b_wyiwI&t=5s

[2] https://www.youtube.com/watch?v=NDnjXdDxEhk

[3] https://www.gatesnotes.com/Health/How-to-respond-to-COVID-19

[4] https://www.aljazeera.net/news/scienceandtechnology/2020/4/2/%D8%A5%D8%B0%D8%A7-%D8%A3%D8%B1%D8%A7%D8%AF%D8%AA-%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%BA%D9%84%D8%A8-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%83%D9%88%D8%B1%D9%88%D9%86%D8%A7-%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AF-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D8%AA%D8%A8%D8%A7%D8%B9-%D8%AE%D8%B7%D8%AA%D9%8A

[5] https://www.alarabiya.net/ar/aswaq/economy/2020/03/26/%D8%A8%D9%8A%D9%84-%D8%BA%D9%8A%D8%AA%D8%B3-%D9%87%D8%B0%D8%A7-%D9%85%D8%A7-%D8%B3%D8%A3%D9%81%D8%B9%D9%84%D9%87-%D9%85%D8%B9-%D9%83%D9%88%D8%B1%D9%88%D9%86%D8%A7-%D9%84%D9%88-%D9%83%D9%86%D8%AA-%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3%D8%A7-%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D8%A7

[6] https://www.gatesnotes.com/Health/A-coronavirus-AMA

[7] https://www.cnbc.com/2020/03/31/bill-gates-how-covid-19-pandemic-can-help-world-solve-climate-change.html

[8] https://www.youtube.com/watch?v=NDnjXdDxEhk&t=305s

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق