مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكدراسات عامة

تعلق القصد والنية بأعمال المكلف وضرورة موافقتها لقصد الشارع6

 

 

       دة. أمينة مزيغة باحثة بمركز دراس بن إسماعيل

 

العلاقة بين قصد المكلف وفعله وما يترتب عليه من أحكام

 وربطه بمآلات الأفعال

 

          بين الامام الشاطبي العلاقة بين قصد المكلف و فعله، وبين ما يترتب عنه من أحكام شرعية وربطه بموضوع المآلات حيث خصص المسألة العاشرة من كتاب الاجتهاد للحديث عنها في خمس قواعد إلا انه اكتفى في كتاب المقاصد بقاعدة الحيل كنموذج لبيان طبيعة هذه العلاقة، فبدأ بتعريف الحيل إذ هي ما يلتجأ إليه المكلف بقصد إسقاط واجب عن نفسه، أو إباحة محرم عليه، أو تحليل محرم، والتحايل هو قلب الأحكام الثابتة شرعا إلى أحكام أخر، ثم قرر في المسألة الحادية عشرة أن هذه الحيل غير مشروعة بموجب كثير من الأدلة من الكتاب والسنة التي تؤكد بطلان الحيل والنهي عنها.

       أما المسألة الثانية عشر فقد تضمنت ربط الحيل بحكمها بمقاصد الشارع، فقد ثبت أن الأحكام شرعت لمصالح العباد فإذا كان الأمر في ظاهره موافقا والمصلحة مخالفة فالفعل غير صحيح وغير مشروع لأن الأعمال الشرعية ليست مقصودة لنفسها، وإنما للمصالح العائدة على المكلف فالذي عمل من ذلك على غير هذا الوضع فليس على وضع المشروعات. فالزكاة مثلا إنما شرعت لأجل رفع الشح والرفق بالمساكين، فمن تهرب من أدائها بالتحايل حيث كلما قرب وقت تمام الحول لإخراج الزكاة، وهب أمواله فإذا فات وقت الزكاة استرد ما وهبه، فهذه الهبة ليست هي الهبة التي ندب إليها الشرع، إذ القصد الشرعي من الهبة لا ينافي قصد الشارع من الزكاة، أما الصورة التي فرضها ذلك المتحايل يتنافى وقصد الشارع في رفع الشح والإحسان إلى العباد. فالقصد المشروع في العمل لا يهدم قصدا شرعيا، والقصد غير الشرعي هادم للتكليف الشرعي.

         وقد بين الشاطبي أحوال تعلق الثواب وعدمه بمقاصد المكلف من خلال أربع حالات:

    أحدها: أن يعرى الفعل أو الترك عن القصد كلية، فحيث لا نية لا ثواب ولا عقاب كما هو في الغفلة والنوم.

         الثانية: أن يتعلق القصد بجهة الموافقة على سبيل الحاجة والاضطرار كالعاقد على من لم يتحقق قصد الزنا بها فهذا باطل بالإطلاق الثاني لأنه لم يرجع إلى حكم الموافقة إلا مضطرا.

        والثالثة: أن يتعلق القصد بجهة الموافقة اختيارا كالقائم بالتكاليف على جهة الانقياد أو “كالفاعل للمباح بعد علمه أنه مباح”.

        الرابعة: أن يتعلق القصد بجهة تحصيل الحظوظ  الشخصية مجردة وهذا لا ثواب له في ذلك كالأول.

         وبإمعان النظر في ما ورد عند الشاطبي بشأن المقاصد يمكن ملاحظة الآتي: 

        – بحثه لها من الجانب الشرعي والجانب البشري.

        – جعله المقاصد الشرعية حاكمة على المقاصد البشرية إذ لا اعتبار لما هو بشري إلا إذا كان موافقا لما هو شرعي.

        – تيسيره سبل التعرف على المقاصد الشرعية، أما البشرية  فتحف بها صعوبات أخرى منها:

       أ- اتحاد القصد وتعدده:

      * فمن المتحد: ماهو مواقف كالدخول في العبادة قصد الامتثال، ومنه ما هو مخالف كشراء الخمر لشربها.

      * ومن المتعدد:

      – اجتماع قصدين موافقين كالدخول في العبادة بقصد الامتثال وقصد إعطاء القدرة للأهل والولد.

      – اجتماع قصدين مخالفين كشراء الخمر للشرب والاتجار.

      – اجتماع قصدين أحدهما موافق في الحال والآخر مخالف في المآل كبعض بيوع الآجال.

      – ومنها تغير القصد كالدخول في العمل بقصد مخالف ثم العدول عنه لندم أو غيره واستبداله بقصد آخر وههنا صورتان:

       أولاهما: أن يكون قصده الظاهر من الفعل أو الترك موافقا لقصده إليه بالاختيار كالفاعل أو المحجم بقصد الامتثال.

          ثانيهما: أن يكون قصده الظاهر من الفعل أو الترك موافقا إليه بالاضطرار كما في  مثال اللجوء إلى النكاح بقصد اضطراري كما تقدم.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق