مركز الدراسات القرآنيةقراءة في كتاب

تعريف الدارسين بمناهج المفسرين

دراسة تفسيرية منهجية مجملة

معلوم أن أضخم مكتبة في التاريخ الإسلامي وبين مصنفات المسلمين هي المكتبة القرآنية، فقد اعنتى المسلمون بالقرآن الكريم عناية خاصة، حيث أقبلوا عليه قارئين حافظين ومتدبرين، وأقبل عليه العلماء مفسرين لآياته، مستنبطين لأحكامه، مستخرجين لحقائقه، ونجزم أنه لم يتحقق لأي كتاب على الإطلاق ما تحقق للقرآن الكريم من دراسات ونظرات وتفسيرات وتأويلات.  

ومنه فقد تعددت مناهج التفسير ومدارسه واتجاهاته، على مدار التاريخ الإسلامي، ومن أهم مناهج التفسير: التفسير بالمأثور المجرد، والتفسير الأثري النظري، والتفسير بالرأي المحمود، والتفسير بالرأي المذموم.

ويعد كتاب “تعريف الدارسين بمناهج المفسرين” لمؤلفه الدكتور صلاح عبد الفتاح الخالدي من أهم المؤلفات التي خاضت في غمار هذا الحقل المعرفي، وقد فضّل صاحب هذا التصنيف الدكتور صلاح عبد الفتاح الخالدي من بين هذه المناهج؛ منهج التفسير الأثري النظري، «الذي يجمع بين اعتماد الأقوال المأثورة من آيات وأحاديث، وأقوال صحابة وتابعين، ولغة وشواهد شعرية وبين النظر في الآيات، واستخراج بعض ما فيها من دلالات ولطائف وأحكام، وكثير من المفسرين فسروا القرآن بقواعد هذا المنهج الأثري النظري» (ص: 6)..

وعن الغاية التي تغيّاها من تصنيفه هذا يقول الدكتور الخالدي: «ورأيت الحاجة ماسة إلى تعريف الدارسين من طلاب جامعيين أكادميين، ومثقفين إسلاميين، وطلبة علم حريصين عليه بأهم مناهج المفسرين، وعرض لأهم قواعد كل منهج، وتعريف بأشهر التفاسير التي تحقق فيها هذا المنهج، ولهذا أعددت هذه الدراسة (تعريف الدارسين بمناهج المفسرين) مستعينا بالله رب العالمين» انتهى. (ص: 6).

وقد انتظمت هذه الدراسة في ثمانية فصول، وكل فصل منها يحتوي على عدد من المباحث، وهي كالآتي:

 الفصل الأول: وعرض فيه بعض المقدمات التمهيدية الضرورية لمعرفة مناهج المفسرين، وجاء في ثلاثة مباحث:

•  المبحث الأول: عرّف فيه بمصطلح «مناهج المفسرين»، وبين فيه أهمية معرفة مناهج المفسرين.

•  المبحث الثاني: تحدث فيه عن مصطلحي التفسير والتأويل، وعرض بعض الأقوال في التفريق بينهما، وذكر الراحج واستدل له.

• المبحث الثالث: استعرض فيه استعراضا سريعا حركة التفسير في مسيرتها التاريخية، منذ الصحابة وحتى العصر الحديث، وقسّم هذه المسيرة إلى أربع مراحل أساسية، ومثّل لكل مرحلة بأهم التفاسير التي تمثلها.

الفصل الثاني: تحدث فيه عن أهم الشروط والضوابط والعلوم والآداب والتوجيهات التي لابد أن تتحق في المفسرين، وتثمثل في تفاسيرهم، لتكون صحيحا صائبة، وجاء هذا الفصل في ستة مباحث:

•    المبحث الأول: ذكر فيه أهم العلوم الضرورية للمفسر.

•    المبحث الثاني: عرّف فيه بأهم الصفات والآداب التي لابد أن تتوفر في المفسر.

•    المبحث الثالث: عرض فيه أحسن طرق التفسير بمراحلها المتدرجة.

•    المبحث الرابع: ذكر فيه أهم أسباب اختلاف المفسيرن، بعد أن قسم هذه الأسباب إلى أقسام أساسية، ومثّل لكل سبب بأمثلة.

•    المبحث الخامس: تحدث فيه عن أهم الأخطاء التي قد يقع بها بعض المفسرين، وصنف هذه الأخطاء تصنيفا موضوعيا مطردا.

•    المبحث السادس: تحدث فيه عن أهم الضوابط التي لابد من وجودها عند دراسة التفاسير وتقويمها، والحكم لها أو عليها، ليكون التقويم صحيحا، والحكم عادلا.

الفصل الثالث: تحدث فيه عن تفسير القرآن بالقرآن والسنة، لأن هذا هو الأساس إذ لابد لكل مفسر منهجي أن يتعرّف عليه وينطلق منه في تفسيره، وجاء الفصل في ثلاثة مباحث.

•    المبحث الأول: تفسير القرآن بالقرآن، عرض فيه صور وأنواع بيان القرآن للقرآن، كما استخلصها العلماء من تدبرهم للقرآن.

•    المبحث الثاني: تفسير القرآن بالسنة: بيّن فيه العلاقة الوثيقة بين القرآن والسنة، وأهمية اعتماد السنة الصحيحة في تفسير القرآن، وقدّم صور وأنواع بيان السنة للقرآن.

•    المبحث الثالث: تحدث فيه عن تفسير الرسول صلى الله عليه وسلم للقرآن، باعتباره أول مفسر للقرآن، وأكثر الناس فهما وإدراكا لمعاني القرآن وأحكامه. وبيّن فيه المقدار الذي فسره النبي صلى الله عليه وسلم وصور تفسيره، ومكان وجوده في كتب السنة والتفسير.

الفصل الرابع: خصصه للحديث عن التفسير بالمأثور، باعتباره أول منهج من مناهج التفسير ظهر في حياة الصحابة والتابعين وتابعيهم، وجاء هذا الفصل في سبعة مباحث:

•    المبحث الأول: تحدث فيه عن مفهوم التفسير بالمأثور، ومصادره التي نأخذ منها.

•    المبحث الثاني: عرض فيه أهم قواعد وضوابط التفسير بالمأثور.

•    المبحث الثالث: تابع فيه خطوات واتجاهات التفسير بالمأثور، من الصحابة إلى التابعين إلى تابعيهم، وكيف كان التفسير بالمأثور ضمن الحديث، ثم انفصل ليكون علما مستقلا قائما بذاته.

•    المبحث الرابع: تحدث فيه عن التفسير بالمأثور زمن الصحابة، وعرّف بأشهر المفسرين من الصحابة رضوان الله عليهم، وأشهر تلامذتهم من التابعين، وتحدث عن منهج عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، باعتباره أشهر المفسرين من الصحابة، وخير من يتمثّل فيه منهج التفسير بالمأثور.

•    المبحث الخامس: تحدث فيه عن التفسير بالمأثور زمن التابعين، وعرّف فيه بأعلام المفسرين من التابعين، وأفرد الحديث عن منهج إمام التابعين الحسن البصري في التفسير.

•    المبحث السادس: تحدث فيه عن التفسير بالمأثور زمن أتباع التابعين، وعرّف فيه بأعلام المفسرين ما بين التابعين ومحمد بن جرير الطبري، واختار الإمام سفيان الثوري ممثلا لهذه المرحلة، حيث تحدث عن منهجه في التفسير.

•    المبحث السابع: طوى فيه قرون عدة ـ من القرن الثالث إلى القرن التاسع ـ حيث تحدث عن التفسير بالمأثور المجرد الذي ظهر ـ حسب رأيه ـ مع جلال الدين السيوطي من خلال كتابه الدر المنثور في أواخر القرن التاسع.

الفصل الخامس: تحدث فيه عن المنهج الثاني من مناهج المفسرين، وهو التفسير الأثري النظري، وجاء هذا الفصل في ثلاثة مباحث:

•    المبحث الأول: عرّف فيه تعريفا مجملا موجزا بأشهر ثمانية تفاسير تمثّل فيها المنهج الأثري النظري: تفسير يحيى بن سلام البصري، وتفسير بقي بن مخلد، وتفسير الوسيط للواحدي، وتفسير البغوي، وتفسير ابن عطية الأندلسي، وتفسير ابن الجوزي، وتفسير القرطبي، وتفسير الشوكاني.

•    المبحث الثاني: خصصه للحديث عن أشهر تفسير بالمنهج الأثري النظري ـ بل أشهر تفسير على الإطلاق ـ هو تفسير الطبري، عرف فيه تعريفا مجملا بالإمام الطبري، إمام المفسرين، وعرّف بتفسيره، وفصّل الحديث عن منهجه في التفسير.

•    المبحث الثالث: تحدث فيه عن تفسير تمثل فيه المنهج الأثري النظري خير تمثيل، وكتب  الله له الانتشار والقبول، وهو تفسير ابن كثير، ترجم فيه ترجمة مجملة لابن كثير، وعرض قواعد منهجه الأثري النظري في التفسير.

 الفصل السادس: انتقل فيه للحديث عن المنهج الثالث من مناهج المفسرين، وهو التفسير بالرأي المحمود، أو التفسير العقلي المنضبط بالضوابط والشروط المطلوبة، وجاء هذا الفصل في ثلاثة مباحث:

•    المبحث الأول: تحدث فيه عن مفهوم التفسير بالرأي المحمود، واختلاف العلماء فيه، والشروط التي لابد من تحققها فيه، ليكون محمودا مقبولا.

•    المبحث الثاني: عرّف فيه بأشهر سبعة تفاسير تمثّل فيها الرأي المحمود، وهي: تفسير البيضاوي، وتفسير النسفي، وتفسير القمي النيسابوري، وتفسير أبي حيان الأندلسي، وتفسير برهان الدين البقاعي، وتفسير أبي السعود، وتفسير الآلوسي.

•    المبحث الثالث: تحدث فيه عن أشهر تفسير يمثل التفسير بالرأي المحمود، هو تفسير مفاتيح الغيب للإمام الرازي، ترجم فيه ترجمة مجملة لفخر الدين الرازي، ثم تحدث عن قواعد منهجه في التفسير.

الفصل السابع: رصد فيه أهم الاتجاهات المنحرفة في التفسير، والتي يصح أن نسمي منهجها التفسيري: التفسير بالرأي المذموم، وكان رصدا سريعا لأشهر الانحرافات في التفسير. وجاء الفصل في أربعة مباحث:

•  المبحث الأول: سجل فيه أهم أسباب الانحراف في التفسير.

• المبحث الثاني: ذكر فيه أهم الفرق المنحرفة في التفسير: المعتزلة، الشيعة، الخوارج، غلاة الصوفية، الفلاسفة، ومدعو التجديد المعاصر؛ أي أصحاب القراءات الحداثية للقرآن الكريم.

• المبحث الثالث: عرف بأشهر ستة تفاسير تَمثّل فيها الانحراف في التفسير، هي: تفسير مجمع البيان للطبرسي الإمام الشيعي، وتفسير هميان الزاد لمحمد أطفيش الإباظي الخارجي، والبرهان في التفسير لهاشم البحراني الشيعي الإمامي، وحقائق التفسير للسلمي الصوفي، والتأويلات النجمية لنجم الدين داية الصوفي، والهداية والعرفان للدمنهوري الإلحادي.

• المبحث الرابع: عرّف فيه بتفسير مشهور متداول يمثل منهج المعتزلة في التفسير، وهو الكشاف للزمخشري، وقد ترجم للزمخشري ترجمة مجملة، ثم عرّف بالكشاف تعريفا مجملا، وعرض فيه قواعد منهج الزمخشري المعتزلي في التفسير.

 وختم هذه الدراسة بالفصل الثامن والأخير، والذي خصصه للحديث عن التفسير في العصر الحديث. وجاء في أربعة مباحث:

•    المبحث الأول: تحدث فيه عن طبيعة العصر الحديث.

•    المبحث الثاني: عرض فيه أهم اتجاهات التفسير في العصر الحديث: الإتجاه الأثري، الإتجاه العلمي، والإتجاه العقلي، والإتجاه التوفيقي، والإتجاه الدعوي.

•    المبحث الثالث: عرّف فيه بأشهر خمسة تفاسير معاصرة: تفسير المنار لمحمد رشيد رضا، ومحاسن التاويل للقاسمي، وأضواء البيان للشنقيطي، والتحرير والتنوير لابن عاشور، والتفسير المنير للدكتور وهبة الزحيلي.

•    المبحث الرابع: خصصه للحديث عن تفسير العصر ـ كما سماه هو ـ وهو تفسير سيد قطب رحمه الله في ظلال القرآن، حيث عرّف فيه بسيد قطب تعريفا مجملا، ثم تحدث عن قصة تأليفه لتفسير الظلال، والمراحل التي تم بها تأليفه، تم تحدث عن منهجه التفسيري، الذي يصح أن يسمى ـ حسب رأيه ـ التفسير الحركي التربوي الدعوي، وقد عرّف فيه على أهداف سيد قطب من الظلال، وقواعد منهجه في التفسير، وبين أن الظلال يعتبر نقلة بعيدة جديدة رائدة في التفسير، وعرض مظاهر هذه النقلة البعيدة التي توفرت في الظلال.

وختم الدكتور الخالدي مؤلَّفه بالحديث عن المفسر الرائد سيد قطب رحمه الله، وعن تفسيره المتفرد في ظلال القرآن.

راجيا أن يجد طلاب العلم والباحثين بغيتهم من هذه الدراسة، وأن تكون نافعة لهم في تحصيلهم، ويطّلعوا من خلالها على موجز حركة التفسير وأشهر مناهج المفسرين. وأن تكون حافزا لهم للقراءة في التفاسير التي عرّف بها وبأصحابها، ليقبلوا على فهم كتاب الله وتدبره.

الكتاب: تعريف الدارسين بمناهج المفسرين

تأليف: د. صلاح عبد الفتاح الخالدي

دار النشر: دار القلم – دمشق/ الطبعة الرابعة 1431هـ /2010م

إنجاز: ذ. طه الراضي
مركز الدراسات القرآنية

                    

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق