مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكشذور

تصحيح مفاهيم خاطئة ( 1 ) : إبطال ما نسب للإمام مالك من جواز قتل ثلث المسلمين لإصلاح ثلثين.

ذكر الإمام أبو المعالي الجويني أن مالكا كثيرا ما يبني مذهبه على المصالح، وقد قال: إنه يُقتل ثلث العامة لمصلحة الثلثين.

وقد نقل الحطاب عن القرافي في شرحه على المحصول بعد كلام حسن في مسألة المصالح المرسلة قولَه: إن ما ذكره إمام الحرمين عن مالك لا يوجد في كتب المالكية…

قال الشهاب القرافي: “ما نقله إمام الحرمين عن مالك – رحمه الله تعالى- المالكية ينكرونه إنكارا شديدا، ولم يوجد ذلك في كتبهم، إنما نقله المخالف (أي إمام الحرمين) وهم لم يجدوه أصلا.

قال المحقق أبو عبدالله سيدي محمد بن عبدالقادر الفاسي : (هذا الكلام لا يجوز أن يسطر في الكتب، لئلا يغترَّ به ضعفَةُ الطلبة، وهو لايوافق شيئا من القواعد الشرعية).

وقال أيضا: (ثم إن المحكي إنما حكاه عن مالك أبو المعالي إمام الحرمين، وهو شافعي لم يمارس مذهب مالك، ولا لَابس رواتَه ولا روايته عنهم، ولهذا جرت عادة العلماء أنهم لايعتمدون على نقل المخالف، ومع هذا فلم يحكه على وجه الارتضاء، والمالكية ينكرون هذا النقل عن مالك، ولم يروه أحد منهم عنه).

وقال ابن الشماع: (مانقله إمام الحرمين لم ينقله أحد من علماء المذهب، ولا كَثُر نقله عند المخالفين، ولم يخبر أنه رواه نقلَتُه، إنما ألزمه ذلك، وقد اضطرب إمام الحرمين في ذكره ذلك عنه كما يتضح ذلك من كتابه “البرهان”، وأما ما حكاه في التوضيح عن المازري أنه قال: (هذا الذي حكاه أبو المعالي عن مالك صحيح) إنما ترجع فيه الإشارة إلى أول الكلام، وهو أن مالكا- رحمه الله-كثيرا ما يبني مذهبه على المصالح، لا إلى قوله بإثره: وقد قال: إنه يقتل ثلث العامة لإصلاح الثلثين…

وقد رد ابن الشماع في كتابه المسمى(…) “نُصح البرية في تخطئة من حلَّل الخطية”، ما نقله إمام الحرمين بوجوه تنيف على العشرين.

منها: أن هذا مما تتوفر الدواعي على نقله فلا يقبل فيه الواحد، ولو كان ممن أخذ عن مالك، فكيف وبينه وبينه أعصار.

ومنها: أن مذاهب الأئمة لا يُعوَّل على ما وجد منها في كتب المخالفين لهم.

ومنها: أن مالكا سئل عن حصن للعدو وفيه مسلم، أو مركب للعدوّ وفيها مسلم، هل يجوز أن يحرق أو يغرق؟ قال: لا.
المصدر: “النوازل الجديدة الكبرى فيما لأهل فاس وغيرهم من البدو والقرى المسماة ب”المعيار الجديد الجامع عن فتاوي المتأخرين من علماء المغرب”، تأليف أبي عيسى سيدي المهدي الوزاني (ت: 1342هـ)، قابله وصححه الأستاذ عمر بن عباد. الجزء 3/17/.و ج12، ص: 132/136.

الدكتور عبد الله معصر

• رئيس مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوك بالرابطة المحمدية للعلماء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق