مركز علم وعمران للدراسات والأبحاث وإحياء التراث الصحراويأعلام

ترجمة الجد الجامع عامر الهامل

إن المصادر التاريخية المكتوبة بخصوص نسب عامر الهامل، تجمع على أنه ينحدر من الأدارسة مؤسسي أول دولة إسلامية بالمغرب الأقصى. وأقدم مصدر تاريخي يذكر نسبه هو: «تأليف في أهل النسب النبوي رضي الله عنهم» مخطوط ينسب للشيخ عبد العظيم الزموري حيث يقول: «ذكر شرفاء أولاد بوسباع فجدهم عامر الملقب الهامل بن محمد بن عمران بن عبد الوهاب بن الحسن بن موسى بن ميمون  بن عيسى بن عثمان بن سعيد بن علي بن أحمد بن محمد بن إدريس بن إدريس بن عيد الله الكامل بن الحسن بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه»(1).

وفي مخطوط ينسب لأحمد بن محمد بن جزي نجد ذكر لعامر السباعي باعتباره أحد الأدارسة المنحدرين من عبد الله بن مولاي إدريس: «وفر إلى الساقية الحمراء سيدي عامر بن جابر  بن ميمون بن جابر بن محمد بن عبد الله بن إدريس بن إدريس عقب سبعة من أولاد بالسبع»(2).

وفي القرن الحادي عشر الهجري/السابع عشر الميلادي نجد مخطوطا آخر تحت عنوان: «كتاب لمن أراد تعريف نسب المصطفى ﷺ وسلالة النبوة» لمؤلفه أبو العباس أحمد بن الشيخ عبد الله البكري حيث يقول عن عامر الهامل: «نسب الولي الصالح العالم المتعبد سيدنا عامر الهامل المكنى أبي السباع جد القبيلة المذكورة أعلاه ضمن أبناء سيدنا محمد بن إدريس، وهو: عامر بن حريز بن محرز بن عبد الله بن إبراهيم بن إدريس بن محمد بن يوسف بن زيد بن عبد النعيم بن عبد الواسع بن عبد الدائم بن عمر بن رزوق بن عبد الله بن سعيد بن عبد الرحمان بن سالم بن عزوز بن عبد الكريم بن خالد بن سعيد بن عبد الله بن زيد بن رحمون بن زكرياء بن محمد بن عبد الحميد بن علي بن محمد بن عبد الله بن محمد بن إدريس بن إدريس بن عبد الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء بنت سيد الأولين والآخرين ﷺ»(3).

وقال الديماني (ت1212هـ/1789م) في جزء من كتاب مخطوط له: «أبي السباع اسمه عامر بن إدريس وقبر أبيه إدريس بن إدريس بزرهون موضع بين فاس ومكناس وعرف بأبي السباع»(4).

كما نجد رواية الفقيه الحاج الأحسن البعقيلي في تبيين الأشراف، يقول فيها: «شجرة أولاد السباع وهو عامر بن حريز»(5).

وجاء في كتاب «الإبداع والاتباع في تزكية شرف أبناء أبي السباع» لشقر مولاي أحمد ابن مولاي المامون السباعي: «عامر الهامل يكنى بأبي السباع، وهو بن حريز بن محرز بن عبد الله بن إبراهيم بن إدريس بن محمد بن يوسف بن زيد بن عبد النعيم بن عبد الواسع بن عبد الدائم بن عمر بن رزوق بن عبد الله بن سعيد بن عبد الرحمان بن سالم بن عزوز بن عبد الكريم بن خالد بن سعيد بن عبد المومن بن زيد بن رحمون بن زكرياء بن محمد بن عبد الحميد بن علي بن محمد بن عبد الله بن محمد بن إدريس بن إدريس بن عبد الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب»(6).

ومما نص على نسب أبي السباع أيضا الشيخ محمد بن محمد بن سالم المجلسي في كتابه «في نسب الشرفاء أبناء أبي السباع» بقوله: «فجدهم اسمه المولىعامر بن احريز بن محرز بن عبد الله بن إبراهيم بن إدريس بن محمد بن يوسف بن زيد بن عبد النعيم بن عبد الواسع بن عبد الدائم بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمان بن سالم بن عزوز بن عبد الكريم بن خالد بن سعيد بن عبد الله بن زيد بن رحمون بن زكرياء بن عامر بن محمد بن عبد الحميد بن علي بن محمد بن عبد الله بن محمد بن إدريس بن إدريس بن عبد الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي كرم الله وجهه وأمه فاطمة بنت سيد الأولين والآخرين ﷺ تسليما»(7).

وقد أكد المختار السوسي نسبه قائلا: «… ثم يرتفع إلى عامر الملقب أبي السباع، دفين جبل اضاض ميدني  بسوس  وهو من أهل القرن الثامن ـ على ما يظهر»(8).

هكذا ساق هذا العمود الشريف، وعقد السؤدد المنيف، غير واحد من العلماء الأخيار، العاملين الأبرار، كالشيخ سيدي محمد المجلسي المذكور، وقد أخذه من الشيخ البكري في تأليفه المفرد في الشرفاء، والإمام المؤرخ الكبير، الواعية الشهير الذي انتهت إليه رئاسة التاريخ بلا نكير، المحسن للفنون، العلامة أبي زيد ابن خلدون في تاريخه الصغير، وخاتمة المجتهدين، إمام المحدثين، الشيخ الحافظ أبي زيد السيوطي فقد نص عليه في تأليفه «شجرة الأنساب»، والعلامة أبي العباس السيد أحمد العشماوي فقد ذكره في مؤلفه المفرد في ذكر الشرفاء، وللشيخ المربي الكبير، العلامة الخبير، الشيخ سعد أبيه بن الشيخ محمد فاضل بن مامين الشنجيطي الإقليم تأليف في الشرفاء أبناء أبي السباع، أفاد فيه وأجاد، وبين المقصود والمراد، سماه «تقريظ الأسماع بتحقيق شرف أبناء أبي السباع»، فليطالع الجميع المرتاب، فإن العرب بالباب، وممن نص على شرفهم أيضا الشيخ سيدي الأبيري تلميذ الشيخ المختار الكنتي الشنجيطي إقليما»(9).

وممن رجح هذا النسب لعامر الهامل من المعاصرين الدكتور محمد دحمان بقوله: «وتجدر الإشارة هنا إلى أننا وقفنا على ما يزيد عن 12 نموذجا من أعمدة النسب السباعي التي كتبت في أزمنة مختلفة منذ العهد السعدي إلى الفترة الراهنة، وكلها تربط الجد الجامع للسباعيين بالمولى إدريس بن إدريس الأكبر، غير أنها تتباين فيما يخص عدد الجدود الواقعين ما بين عامر الهامل والمولى إدريس، هذا سواء بالنسبة للتي عثرنا عليها بحوز مراكش أو بالصحراء وموريتانيا. إلا أن ابن عبد العظيم هذا لا يذكر أي خبر عن عامل الهامل غير عمود النسب هذا(10).

ولقب بالهامل لاشتهاره بالسياحة والتجوال في بلاد الله الواسعة(11). أما سبب كنيته بأبي السباع لأنه على ما قيل اتخذ خلوة بموضع يدعى «نزك أسباع» ببلاد امريبط قرب جبال بعقيلة، بجبل يطلق عليه «أضاد إمدن»، وذلك لعلوه وارتفاعه، ثم مكث يتعبد في خلوته مدة تزيد عن 12 سنة اشتهر فيها أمره، وذاع صيته، وتعددت كراماته، فبدأت القبائل المجاورة تحج إليه للتبرك به والقيام بواجب خدمته. وسمعت بخبره قبيلة البرابيش، فأراد  أميرها أن يتأكد من صدق ولايته فأرسل إليه وفدا من الفرسان وأمرهم بامتحانه والتضييق عليه حتى تظهر منه كرامة وإلا أتوا به أسيرا إليه. فلما حل به الوفد رحب بهم وأبدى لهم الكثير من البشاشة والإكرام، ثم قدم لهم من الطعام ما فيه كفايتهم. لكنهم لم يرضوا بذلك وقالوا له: لقد قصرت في ضيافتنا ولن تقدرنا حق قدرنا، والآن لابد أن تذبح لكل واحد منا شاة وإلا سلبناك مالك وأخذناك أسيرا إلى أميرنا. فلما تبين قصدهم وعرف مرادهم صاح بأعلى صوته يا ميمون فأحاطت بهم السباع من كل جانب وصارت تناوشهم حتى لاذوا به وتعلقوا بأذياله وصاروا يتضرعون إليه، ثم قالوا له: يا أبا السباع كف عنا سباعك فنحن تائبون إلى الله عما اقترفناه في حقك، عندئذ أمر عامر الهامل السباع فرجعت عنهم وذهبت إلى حال سبيلها. وكان هذا الحادث سببا في تكنية عامر الهامل بأبي السباع(12).

وفي رواية أخرى: «وعرف بأبي السباع لأنه على ما قيل كان يعبد الله في فلاة ومعه بناته وهن سبع وله سبع شياه لا يملك غيرهم، إذ أتاه غزي من أهل التل فقالوا له: أين مالك؟ قال: ليس لي إلا بناتي هؤلاء وقطيعي هذا، فقالوا له: لا أرب لنا في عيالك وإنما نسأل عن مالك، قد علمت مالنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد فدلنا على مالك عساك تسلم، إن تدلنا عليه وإلا يعل مغرقك الحسام، فقام ومضى عنهم فمكث غير بعيد فإذا هو يتمطى ومعه مأسدة سبعة عددا يطوفون به عن اليمين وعن الشمال عزين وهم يبصبصون، فارتاع الجيش حتى بلغت القلوب الحناجر وجعلوا يتملقون ويستغيثون ويقولون سلاما سلاما يا أبا السباع، ثم تولوا عنه مدبرين فقدموا أهلهم، وقد انسلخ الليل وتعسعس، فلما كان من الغد ارتحلوا ونزلوا عليه وتزوج امرأة منهم وله منها سبعة أولاد ذكورا فلما كبروا ماتوا قبل الزواج (…)، ثم إنه تزوج امرأة (…) فولد اعمر…»(13).

إلا أن الروايات تتضارب حسب الرواة بصدد هذه الكنية ـ أي أبو السباع ـ فهناك من يقول بأن الأغنام هي التي استحالت سباعا بقدرة واحد أحد، وهناك من يزعم بأن ابناه اعمر وعمران هما اللذان تصورا في صورة أسدين هائلين بينما صار ابنه محمد نمرا (ولذلك سمي بالنومر)، ولكن الحادثة في جوهرها ومضمونها من حيث أن السباع أنجدت عامر العامل ضد قبيلة البرابيش تبقى واحدة عند جميع الرواة. وحسب رأينا الشخصي، فنحن نرجح الرواية الأولى ونرتاب في الثانية ونستبعد بصفة نهائية الرواية الثالثة وذلك لأن الحادثة وقعت قبل ازدياد أبناء عامر الهامل بكثير فأم اعمر وعمران بربوشية ولم يتزوج بها عامر إلا بعد هذه الحادثة مباشرة. ونحن لا نريد هنا أن نتعرض لكل الروايات، ولا أن نخوض في مدى مصداقيتها، فكل همنا ومرادنا هو التعريف بالجد الأكبر الذي تلتقي عنده جميع العشائر المكونة لقبيلة أبناء أبي السباع الغراء. أما الاختلاف في الروايات وتأكيد كراماته التي دفعت بالرواة إلى التحدث عنها كل من منظوره الخاص وحسب تفسيره الشخصي للظواهر والأشياء. ونحن نعرف أن الاختلاف والتناقض شيء وارد طبيعي في جميع العلوم الإنسانية وأنه أساس الاتفاق ومصدر التوصل إلى الحقيقة المتوخاة(14).

لم تذكر المصادر التاريخية والروايات الشفوية شيئا عن ولادته أو نشأته، إلا أنّ أمثاله غالباً ما يحظُون بعناية بالغة في الصّغر من قِبَل الأسرة والمحيط.

أما عن تنقلاته رحمه الله فقد خرج من فاس إبان حصارها من طرف محمد الشيخ الوطاسي، وذلك حوالي 870هـ قاصدا تلمسان التي أقام بها مدة سنتين ثم غادرها هي الأخرى سنة 872هـ ميمما شطر الجنوب، حتى انتهى به المطاف إلى موضع يدعى «نزك اسباع» ببلاد امريبط قرب جبال بعقيلة، فاتخذ به خلوة هناك بجبل شاهق يطلق عليه «أضاد امدن»(15). وقال السيد عبد الله بن عبد المعطي: «أما مولانا عامر فقد خرج من مدينة فاس مسقط رأسه، ومنبت شجرة جدوده، سائحا كما هي عادة أهل الله، يعبد الله في الخلوات، ويتحنث في الفلوات، لكي ترتفع له بذلك عند الله المقامات، إلى أن وصل إلى بلد تلمسان، فمكث فيها مدة، ثم انتقل إلى سوس الأقصى وصار يتعبد فيه، وبنى خلوته الكائنة بموضع يسمى «نزك اسباع» بكاف معقودة، وهي ببلاد امريبط»(16).

وفي رواية انتقل عامر إلى تمزوت وتملك فيها، وفي الفيجاء لأبي السباع، ورحل بكسبه من صحراء إلى صحراء إلى محل يقال له وركزيز جهة غروب الشمس، ونزل تحت ربوة عالية لا عمارة فيها، وبنى مسجدا في أسفلها، وخلوة في أعلاها، فقصده بنو حسان لنهبه، فسلط عليهم السباع فتفرقوا في الجبال والأودية، فتابوا فعفا عنهم وتركوا أمواله(17).

كما نجد رواية للبعقيلي يقول فيها: «جاء من الحج ونزل في طاطا بموضع تلترك وتملك فانتقل لتمدلت أقا ومات فيها، وترك عامر بن الحريز، ودفن حريز بتمدلت وعليه مزاره»(18).

إلى جانب هاته الروايات نجد نظما مخطوطا لمحمد تابان المجلسي يتحدث فيه عن تنقلات هذا الجد الجامع، وسبب تسميته بالسباع، وهو:

دونك ما قد نقلوا من خبر          أبي السباع عامر المشتهر

خرج من فاس لتلمسان             فعبد الله بها زمانا

ولم تطب له كريم الذات           خرج منها قاصدا الأتوات

فقام فيها سنتين فخرج             لقصده للواد دفعا للحرج

فقام فيه أمد التعمير               مشتغلا بطاعة القدير

فبينما هو هناك يعبد               أتاه وفد ظالم معاند

من البرابيش فقدم الطعام          إليهم فامتنعوا منه اللئام

فكلفوه جملة الظلام                ما لا يطيقه من الطعام

فطلع الولي تلا مرتفع             ونادى يا ميمون حيثما طلع

فغارت السباع بالنفير             ميمونها كشرر السعير

من فزع تعلقوا بظهره            فاستنجدوه الأمن من شرره

فقال: لا تفر للسباع               من أجل ذا يدعى أبا السباع(19)

 

ويقول الدكتور محمد دحمان: «أما أماكن العلم والصلاح التي تقول الحكاية أنه مر بها فهي: تلمسان، توات، درعة، تمنارت، تمدولت، جبال الواركزيز، الفائجة، وهذه كلها مواقع ومزارات صلحاء وأماكن عبادة وزهد منذ القديم، كما أنها في نفس الوقت معبر للقوافل التجارية العابرة للصحراء، وقد زارها أو دفن لها العديد من علماء وصلحاء الجنوب المغربي عبر التاريخ فهناك مثلا أضرحة: المولى سليمان أخو المولى إدريس الأول بتلمسان، ومنطلق زاوية كنتة القادرية، والزاوية الكرزازية باتوات، وفي درعة نجد الجد الجامع للرقيبات سيدي أحمد الركيبي الثاني بقصر الركبة، وسيدي ناجي جد النواجي، وسيدي رزوك، وزاوية آسا الوهداوية العريقة، ومنطلق الزاوية الناصرية، وموطن تكمدارت التي خرجت من رحمها الدولة السعدية، ثم يختم أبي السباع رحلته في سوس، وهي من مواطن الزهد والصلاح والمدارس العلمية العريقة في تاريخ المغرب انطلاقا من وكاك بن زلو اللمطي إلى عبد الله بن ياسين الجزولي، فمحمد بن سليمان الجزولي، والتاريخ يشهد على ما لعبته هذه الشخصيات الدينية والمدارس العلمية التي رصعت منطقة سوس من أدوار طلائعية في التاريخ السياسي والروحي والعلمي للمغرب»(20).

هذه هي الروايات التي سطرت مصادر تنقل المولى عامر الهامل، ولم تحدد المصادر تفاصيل لُقيِّه بالشيوخ والأخذ عنهم. غير أن الفقيه السيد عبد الله بن عبد المعطي أشار إلى أن أبا عمران الجراري شيخه بقوله: «وكان أصحاب الحكاية البرابيش بعد الامتحان والمشاهدة بالعيان كغيرهم من القبائل في طاعته، والإذعان لأوامره، فرغبوا في مصاهرته ليكون بينهم وبين أهل البيت نسب وصهر، ليعظم لهم بذلك القدر، وينالوا به أسنى الفخر، فأعطوه امرأة منهم على أن يتزوجها، فاستأذن شيخه أبا عمران الجراري، فأذن له فتزوجها»(21).

أما عن الوضع العائلي للمولى عامر الهامل فيحدثنا الفقيه السيد عبد الله بن عبد المعطي و ابن المأمون السباعي أنه تزوجح من ابنة أمير البرابيش فولد منها مولانا اعمر الذي هو جدنا منه، ومولانا عمران ورقية وعائشة ومسعودة، فأما الولدان المذكوران فنسبهما هو الموجود اليوم. فالقبيلة السباعية على فرقتين أولاد اعمر وأولاد عمران، فبعضهم قاطن بحوز مراكش بقرب سفح جبل درن في محل يقال له أبو جمادة بقرب وادي شيشاوة، ومحل آخر يسمى تغسريت المدفون في وسطها المولى السيد المختار، وبعضهم قاطن بصحراء شنجيط بيننا وبينهم الاتصال ولا ينقطع بين الجانبين الوصال، وكل من الفريقين يعرف رحمه وأقاربه ومن لم يطب له المقام بهذه الناحية رحل إلى الصحراء ومن لم يطب له بالصحراء جاء لهذه البلاد، وقد تزوج المولى عامر امرأة سملالية فولد منها المولى محمد النومر(22) .

وذكر البعقيلي أن عامر الهامل أعقب عمرا وعمران في واد نون في ترجاوسط، وترك إبراهيم في الفيجاء لأبي السباع. ومن ذريته عبد الله الذي أعقب سبعة علماء حجاجا غزاة استوطنوا بين واد نون والساقية الحمراء، أهل ولاية ومن ذريته رجال الصحراء بأخنيك النحل قرب شيشاوة بحوز مراكش(23).

وإلى أبنائه الثلاثة: اعمر وعمران ومحمد النومر ينسب كل أبناء أبي السباع، وكل من يدعي بأنه سباعي ولا يلتقي نسبه مع عمود من هذه العواميد الثلاثة فهو مشكوك في نسبه ودخيل على القبيلة، كما تجب الإشارة إلى أن الذرية الأكثر انتشارا وشهرة هي ذرة اعمر وعمران، أما ذرية محمد النومر فقليلة نسبيا، وهناك من يقول أن السبب في ذلك هو دعاء عامر الهامل على النومر بتقليل النسل عندما هاجر هو وأخويه البرابيش في صفة أسود فقال لهم أبوهم: «هروا ولا تضروا» غير أن النومر لم يمتثل لأمر أبيه وبطش بأحد البرابيش. وهؤلاء الأبناء الثلاثة مدفونون جنبا إلى جنب بقرية تدعى لقصابي بوادي نون، وتبعد عن أكلميم بحوالي 18 كيلومترا. وقد بنيت عليهم قبة كبيرة يؤمها الزوار من كل حدب وصوب. كما يقام عندها في كل سنة موسمين دينيين وتجاريين مهمين: الأول يعرف بلقصابي، والثاني يسمى لمعيليل. وإذا كان الأجداد الأوائل أبناء أبي السباع قد استقروا بالصحراء الغربية ودفنوا بها، فإن حفدتهم قد تفرقوا في جميع الأقطار العربية والإسلامية، فمنهم من لا يزال بالصحراء ويعرفون بـ «أولاد بوسبع»، ومنهم من استوطن مصر والسودان ويعرفون بـ «السباعيين»، وغالبيتهم نزحوا إلى المغرب أيام حكم المولى عبد الله العلوي بعد انهزامهم في «غزي النيش» المشؤوم ويعرفون بـ «أولاد أبي السباع»(24). ومن حفدته الذين اشتهروا بالعلم والعبادة والجهاد أبناء أبي السباع السبعة: محمد البكار بن الحاج بن اعمر بن عامر الهامل، وأبناؤه الأربعة: محمد المختار، وعيسى، وإبراهيم بوعنكة، ومحمد المعروف باكللش، وابني عمهما عبد المولى، والعباس، ضريحهم معروف بوادي الساقية الحمراء(25).

وذكر المؤرخون بأن عامر الهامل كان عالما، ورعا، متعبدا، اختار طريق الزهد، وتحلى بلباس الصوفية، وأنه كان صواما، قواما، داعيا لربه، ومغضا طرفه عن الدنيا ومتعها. كما اشتهر بالسياحة والتجوال في بلاد الله الواسعة(26). ووصفه البعقيلي بأنه: «شيخ كبير، عالم صالح»(27). كما أشاد به الدكتور محمد دحمان بقوله: «من الزهاد والمتصوفة الذين راموا حياة الخلوة والزهد في الدنيا، وذلك بالابتعاد عن المدن نحو البوادي، وخاصة أماكن الصلاح والعلم والدين»(28).

توفي رحمه الله سنة 924هـ، ودفن بخلوته «أضاد امدن» بقبيلة آيت اصواب  شرق مدينة تزنيت، بعد أن عم صيته أرجاء سوس، وبلغ حتى مشارف الصحراء الموريتانية. وقد بني عليه، وشهر ضريحه وصار مزارا للناس يزدحمون على مشاهدته إلى يومنا هذا، ويعرف بضريح «السيد السائح»(29).

  

إعداد: حسناء بوتوادي

 



 (1)مخطوط بالخزانة الحسنية بالرباط، قسم الوثائق تحت رقم: 1512 د.

 (2)مختصر البيان في نسب آل عدنان، مخطوط.

 (3)مخطوط.

 (4)مخطوط.

 (5)تبيين الأشراف أهل دائرة الوسائل وقبلة كل سائل، الحاج الأحسن البعقيلي، المطبعة العربية، الدار البيضاء، 1358هـ، (ص206).

 (6)(ص55).

 (7)انظر: الدفاع وقطع النزاع عن نسب الشرفاء أبناء أبي السباع، السيد عبد الله بن عبد المعطي الحسني الإدريسي السباعي، تصحيح محمد الموقت المراكشي، المطبعة الإقتصادية، الرباط، 1359هـ/1940م، (ص20) و(ص41ـ42).

 (8)المعسول، المختار السوسي (19/354).

 (9)الدفاع وقطع النزاع (ص20ـ21).

 (10)دينامية القبيلة الصحراوية في المغارب بين الترحال والاستقرار دراسة سوسيو-أنثروبولوجية حول أولاد أبي السباع، محمد دحمان، طوب بريس، الرباط، الطبعة الأولى يوليوز 2012م، (ص25ـ26).

 (11)الإبداع والإتباع في تزكية شرف أبناء أبي السباع، شقر مولاي أحمد ابن مولاي المأمون السباعي، مطبعة الجنوب، الدار البيضاء، 1994م، (ص56).

 (12)المرجع نفسه (ص56ـ57).

 (13)مخطوط.

 (14)الإبداع والإتباع (ص57ـ58).

 (15)المرجع السابق المرجع السابق (ص56).

 (16)الدفاع وقطع النزاع (ص56).

 (17)انظر: تبين الأشراف (ص106).

 (18)المرجع نفسه (ص206).

 (19)موضح الغوامض من علم الفرائض على المنظومة المسماة علم الفرائض، حمود ولد عزيزة، مطبعة المنار، نشر اعزيزي ولد المامي، نواكشوط، الطبعة الأولى 2004م، (ص5).

 (20)دينامية القبيلة الصحراوية في المغارب (ص31ـ32).

 (21)الدفاع وقطع النزاع (ص56).

 (22)انظر:  الدفاع وقطع النزاع (ص56ـ57)، والإبداع والإتباع (ص59ـ60).

 (23)انظر تبين الأشراف (ص106).

 (24)انظر: الإبداع والإتباع (ص59ـ60).

 (25)الإبداع والإتباع (ص99).وفي الدفاع وقطع النزاع (ص43): «والجد التاسع للمولى عبد المولى أحد أولاد أبي السباع السبعة شهداء الساقية الحمراء المتبرك بهم المشهور فضلهم والثاني شقيقة العباس والثالث عمهما السيد محمد البقار والرابع ابنه محمد المختار والخامس عمهما أيضا عيسى والسادس عمهما إبراهيم أبو عنكة والسابع محمد الملقب اكللش فعبد المولى وأخوه العباس ابنا عبد الرحمان الغازي أخي البقار وعيسى وإبراهيم أبي عنكة وهم الذين يسمون بالحجاج».

 (26)الإبداع والإتباع (ص56).

 (27)تبيين الأشراف (ص206).

 (28)دينامية القبيلة الصحراوية في المغارب (ص31).

 (29)انظر: الإبداع والإتباع (ص59)، والدفاع وقطع النزاع (ص57).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق