وحدة المملكة المغربية علم وعمراندراسات عامة

بعض مظاهر إحياء ملوك المغرب لليلة السابع والعشرين من رمضان

الدكتور مصطفى مختار

باحث بمركز علم وعمران

دأب أمير المؤمنين سيدي محمد بن الحسن العلوي (محمد السادس) على إحياء ليلة السابع والعشرين من رمضان الكريم متبعا نهج من سبقه من أمراء المؤمنين العلويين وغير العلويين. فيما يلي شذرات عن قيام ملوك مغاربة بهذا العمل الديني القويم.

إحياء أمير مؤمنين مرابطي لليلة القدر:

  حضر أمير المؤمنين تاشفين بن علي المرابطي إلى رابطة، بضواحي مدينة وهران، يأوي إليها المتعبدون ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان عام 539 هـ [1]. وذلك لإحياء هذه الليلة المباركة برباط مقدس. حيث أراد حضور هذا الحفل الديني بالرغم من الخطر المحيط به المتمثل في تربص الموحدين به. مما يبين أهمية ذلك في الوعي الديني لدى رجل مغربي تحمل مسؤولية مؤسسة إمارة المؤمنين في ظروف خطرة.

إحياء أمير مؤمنين سعدي لليلة الميمونة:

  روى كثير من الناس أن أمير المؤمنين السلطان المولى عبد الله الغالب السعدي “بات يصلي ليلة سبع وعشرين من رمضان” عام 981 هـ [2]، أداءً لعمل ديني أصيل.

إحياء المولى الحسن الأول العلوي لليلة المباركة:

   كان أمير المؤمنين المولى الحسن بن محمد العلوي (الحسن الأول) يصدر أمره “للشرفاء والقضاة والعلماء بواسطة بطائق ممضاة من الصدارة العظمى“، و”للأمناء والنظار والأعيان والعمال الكبار بواسطة قائد المشور” السعيد بضرورة الحضور إحياءً لليلة السابع والعشرين من شهر رمضان الكريم، “مع الجلالة السلطانية بالمسجد المعد لصلاة الخمس من القصر الملوكي” قبيل العشاء.

ولما يخرج السلطان العلوي من داره “يصدر الأمر بدخول المستدعين للمسجد بواسطة قائد المشور والحاجب” اللذين يتوليان إدخال المصلين وإخراجهم. “فإذا قرئت عشرة أحزاب دخل السلطان لداره“، وخرج المصلون لغرف مجاورة (بنائق). وإثر ذلك تقدم لهم “أنواع الأطعمة الفاخرة والأتاي والحلوى” على يد “أصحاب الأتاي وخليفة قائد المشور وخليفة وزير الحرب وقائد الجزارة وقائد أفراك“.

وإذا تناول الحاضرون سحورهم، “وبقي لوقت الصبح ساعة رجع الناس للمسجد فيخرج السلطان“، و”تختم السلكة إذ تكون” قد “وقفت على سورة قل أوحي أو سورة عم“. وإذا ختمت السلكة، “وأديت فريضة الصبح” فتح السلطان “الحزب وقرأ ما شاء الله ثم يقوم ويدخل داره“. وحين الفراغ من قراءة الحزب “يخرج الناس أفواجا طبقات“، ليجدوا الحاجب وقائد المشور السعيد أمام باب المسجد. فيدفع الحاجب أو نائبه لكل فرد قدرا متساويا من المال [3].

وبذلك، تبين هذه الشذرات قيام أمراء مؤمنين مغاربة بهذا العمل الديني القويم الذي يمثل أهمية كبرى في الوعي الإسلامي المغربي. فجزاهم الله خير الجزاء، وأربى حسناتهم.

والله الموفق للصواب والمعين عليه.

الإحالات:

[1] كتاب الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، ج2، الدولتان المرابطية والموحدية، تحقيق: جعفر الناصري & محمد الناصري، الدار البيضاء، دار الكتاب، 1418 هـ- 1997 م، ص71، وص72، وص106؛ وجذوة الاقتباس في ذكر من حل من الأعلام مدينة فاس، القسم الأول، أحمد ابن القاضي المكناسي، الرباط، دار المنصور للطباعة والوراقة، 1393 هـ- 1973 م، ص171؛ والأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس، علي ابن أبي زرع، مراجعة: عبد الوهاب ابن منصور، الرباط، المطبعة الملكية- ط. الثانية، 1420 هـ- 1999 م، ص209.

[2] كتاب الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، ج5، الدولة السعدية، ص52، بتصرف. وقد أوردنا هذا الخبر بالرغم من الاختلاف حوله لتأكيد أهمية ليلة السابع والعشرين من رمضان في الوعي الشعبي المغربي.

[3] إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس، ج2، عبد الرحمان ابن زيدان المكناسي، تقديم: عبد الهادي التازي، الدار البيضاء، مطابع “إيديال”، ط. الثانية، 1410 هـ- 1990 م، ص520. استأنس بـ: العز والصولة في معالم نظم الدولة، ج1، المؤلف نفسه، مطبوعات القصر الملكي، الرباط، المطبعة الملكية، 1382 هـ- 1962 م، ص175.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق