مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةغير مصنف

بعض الأحداث التي رواها أصحاب كتب الحديث والسيرة تزامنا مع مولد النبي ﷺ: عرض وتخريج

بسم الله الرحمن الرحيم

 اللهم صل على محمد وآل محمد ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

 

 

 إنجاز: يوسف أزهار*

 

إن من سننه سبحانه وتعالى أن جعل بين الرجل والمرآة رابطة الزوجية، هذا العقد الذي بموجبه تزوج عبد الله بن عبد المطلب بآمنة بنت وهب أكرمهما نسبا وحسبا، فكانت ولادة سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم.

وقد تزامنت مع ولادة النبي صلى الله عليه وسلم أحداثا رواها أصحاب كتب الحديث والسيرة، سأحاول في هذا المقال عرض ثلاثة منها، مع تخريجها، وبيان أقوال العلماء فيها:

الحدث الأول: خروج النور من أمه صلى الله عليه وسلم:

عن بريدة رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مسترضعا في بني سعد بن بكر، فقالت أمه آمنة لمرضعته: انظري ابني هذا فسلي عنه، فإني رأيت كأنه خرج مني شهاب أضاءت له الأرض كلها، حتى رأيت قصور الشام، فسلي عنه، فلما كان ذات يوم مرت به، حتى إذا كانوا بذي المجاز إذا كاهن من تلك الكهان، والناس يسألونه، فقالت: لأسألن عن ابني هذا ما أمرتني به أمه آمنة قال: فجاءت به، فلما رآه الكاهن أخذ بذراعيه وقال: أي قوم، اقتلوه، اقتلوه، أي قوم، اقتلوه، اقتلوه، قالت: فوثبت عليه، فأخذت بعضديه واستغثت، فجاء أناس كانوا معنا، فلم يزالوا، حتى انتزعوه منه، وذهبوا به».

التخريج:

رواه من حديث بريدة: أبو نعيم في دلائل النبوة، ومن حديث: عبد الملك بن عمير: هشام بن عمار في المبعث نقلا من جامع الآثار  في السير ومولد المختار لابن ناصر الدين الدمشقي، وفي إسناد الأول النضر بن سلمة شاذان متهم، -كان يفتعل الحديث، ولم يكن بصدوق-، وأبو غزية محمد بن موسى -ضعيف الحديث-، كما في السيرة الذهبية لمحمد بن رزق بن طرهوني [1].

الحدث الثاني: إنارة الظراب لوضعه صلى الله عليه وسلم:

عن داود بن أبي هند، قال : «توفي أبو النبي صلى الله عليه وسلم، وأمه حبلى به، فلما وضعته نارت الظراب لوضعه، واتقى الأرض بكفيه، حين وقع، وأصبح يتأمل السماء بعينيه، وكفأوا عليه برمة ضخمة، فانفلقت عنه فلقتين».

التخريج:

رواه أبو نعيم في دلائل النبوة، وإسناده حسن كما قال صاحب السيرة الذهبية، وفي هامش محققي دلائل النبوة لأبي نعيم: هو منقطع[2].

الحدث الثالث: طلوع نجمه صلى الله عليه وسلم:

عن حسان بن ثابت رضي الله عنه قال: «والله إني لغلام يفعة بن سبع سنين، أو ثمان أعقل كل ما سمعت إذ سمعت يهوديا يصرخ بأعلى صوته على أطمة بيثرب: يا معشر يهود! حتى إذا اجتمعوا إليه قالوا له: ويلك! ما لك؟ قال: طلع الليلة نجم أحمد الذي ولد به».

التخريج:

رواه ابن إسحاق في السيرة، والبيهقي في دلائل النبوة، وأبو نعيم في دلائل النبوة، والحاكم في المستدرك، وإسناده حسن كما قال صاحب السيرة النبوية، وفي هامش محققي دلائل أبي نعيم: وفيه الفضل بن غانم، وسلمة بن الفضل، وهما ضعيفان، ومحمد بن إسحاق قال عنه ابن حجر في التقريب: صدوق كثير التدليس، وجاء في هامش المستدرك: فيه أحمد بن عبد الجبار: ضعيف، وسماعه للسيرة صحيح، ويونس بن بكير: صدوق يخطئ، وفي الإسناد جهالة[3].

وصفوة القول: إن الكثير من الأحداث التي تناقلتها كتب الحديث والسيرة والتاريخ، محتاج إلى دراسة وتحقيق لتمييز المقبول منها والمردود، ويغلب على كثير منها الوضع والنكارة، وليس فيها شيء من الصحة، منها: ارتجاس الإيوان، وسقوط الشرفات، وخمود النيران، ورؤيا الموبذان، وغير ذلك من الدلالات[4].

 ***************

جريدة المراجع

1-جامع الآثار  في السير ومولد المختار لأبي عبد الله محمد بن عبد الله ابن ناصر الدين الدمشقي، تحقيق: نشأت كمال، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قطر، دار الفلاح للبحث العلمي وتحقيق التراث، مصر، الطبعة الأولى: 1431 /2010.

2-الجرح والتعديل لأبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس الرازي، دار إحياء التراث العربي، بيروت-لبنان، مصورة عن مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدرآباد، الدكن-الهند، الطبعة الأولى: 1372.

3-دلائل النبوة لأبي نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني، تحقيق: محمد رواس قلعه جي، عبد البر عباس، دار النفائس، بيروت-لبنان، الطبعة الثانية: 1406 /1986.

5-دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي، تحقيق: عبد المعطي قلعجي، دار الكتب العلمية، بيروت-لبنان، دار الريان للنشر، القاهرة-مصر، الطبعة الأولى: 1408 /1988.

6-السيرة الذهبية (صحيح السيرة النبوية) لمحمد بن رزق بن طرهوني، دار ابن تيمية للطباعة والنشر، القاهر-مصر، الطبعة الأولى: 1410.

7-صحيح السيرة النبوية (ما صح من سيرة رسول الله ﷺ، وذكر أيامه، وغزواته، وسراياه، والوفود إليه للحافظ ابن كثير) لمحمد ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، الرياض-السعودية، الطبعة الأولى: 1428 /2007.

8-المبتدأ والمبعث والمغازي (سيرة ابن إسحاق) أبو بكر محمد بن اسحاق بن يسار المدني المطلبي المدني، تحقيق: محمد حميد الله، معهد الدراسات والأبحاث للتعريب، مطبعة محمد الخامس، فاس-المغرب، 1396 /1976.

9-المستدرك على الصحيحين لأبي عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري، منشورات مركز البحوث وتقنية المعلومات، دار التأصيل، القاهرة-مصر، الطبعة الأولى: 1425 /2014.

 

هوامش المقال:

*************

[1] ) دلائل النبوة (1 /137)، رقم الحديث: 79، جامع الآثار  في السير ومولد المختار (3 /350)، السيرة الذهبية (1 /339)، الجرح والعديل لابن أبي حاتم (8 /83- 480).

[2] ) دلائل النبوة (1 /138)، رقم الحديث: 80، السيرة الذهبية (1 /336).

[3] ) سيرة ابن إسحاق (ص: 63)، ودلائل النبوة للبيهقي (1 /109- 110)، دلائل النبوة لأبي نعيم (1 /75)، رقم الحديث: 35، المستدرك (6 /342) رقم الحديث: 6188، صحيح السيرة النبوية لألباني (ص: 14).

[4] ) صحيح السيرة النبوية للألباني (ص:14).

*راجع المقال: الباحث محمد إليولو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق