الرابطة المحمدية للعلماء

باحثون وأكاديميون يناقشون واقع الفقه الإسلامي في مؤسسات التعليم العالي

شكل موضوع " منهج تدريس الفقه الإسلامي في مؤسسات التعليم العالي" محور اليوم الدراسي الذي نظمته مؤسسة دار الحديث الحسنية بالرباط، يوم السبت 12 ربيع الثاني 1429هـ الموافق 19 أبريل 2008م بقاعة المحاضرات التابعة للمؤسسة.

وقد دُعي للمشاركة في هذا اليوم الدراسي وإغناء النقاش فيه، ثلة من أهل العلم والفكر، وأساتذة الفقه من مختلف الجامعات ومؤسسات التعليم العالي بالمغرب.

وسعى اليوم الدراسي من خلال تناوله لموضوع تدريس الفقه في مؤسسات التعليم العالي، إلى إثارة قضيتين جوهريتين:

الأولى: تشخيص واقع تدريس الفقه الإسلامي في مؤسسات التعليم العالي بالمغرب سواء على مستوى المناهج أو البرامج( الأهداف، المضامين، الطرق، الوسائل...). الثانية: وضع مقترحات لتطوير وتجديد مناهج تدريس الفقه في هذه المؤسسات( تجديد المفاهيم والآليات المؤثرة في إنتاج الفقه، تجديد المنهاج الدراسي؛ النموذج ـ الوسائل ـ المقاصد،أفاق تجديد الدرس الفقهي في التعليم العالي).

وفي كلمته بالمناسبة أشاد سعيد بلبشير بموضوع اليوم الدراسي، و أعرب عن أمله في أن تسهم مداخلات الأساتذة ونقاشاتهم في حل بعض إشكالات الفقه الإسلامي، كما أكد أن الاهتمام بالمنهج في الفقه الإسلامي ليس اهتماما بالوسائل والشكليات، بل هو اهتمام بصلب الموضوع، ولبه ومربط فرسه.

كما أشار بلبشير إلى بعض مظاهر القصور في دراسة الفقه الإسلامي، والتي تتجلى أساسا في منهجية عرض أبواب الفقه في كتب الفقه، وجمودها على نفس المنهجية، في الوقت الذي نعيش فيه اليوم تحولات هائلة في المجالات القانونية والاجتماعية، ومن مظاهر هذا القصورـ حسب سعيد بلبشير ـ خلو كتب الفقه من مقدمات تؤسس للمبادئ العامة أو الأساسية أو القيم التي توجه مباحث الفقه الإسلامي( على غرار ما نجده في الدراسات القانونية في الغرب التي أصبحت فيها الحريات والمبادئ الأساسية ركنا أساسا يقدم بين يدي دراسة الفروع القانونية المختلفة) مع العلم أن هذه المبادئ والقيم لا تنفصل ـ في منظومة الإسلام ـ عن الأحكام الفقهية الفرعية أو التفصيلية.

وفي ختام كلمته دعا بلبشير إلى ضرورة مراجعة الفقه وطرق تقديمه بلغة تناسب العصر. كما دعا إلى إعادة النظر في مناهج التفسير والانتقال من التفسير التجزيئي إلى التفسير الذي يقدم القرآن باعتباره منظومة موضوعية متكاملة ومتناسقة.

وفي نفس السياق أكد أحمد الخمليشي، مدير مؤسسة دار الحديث الحسنية، ضرورة القراءة النقدية لمدارس التفسير باعتبارها المنظومة المتحكمة في الفقه الإسلامي، وقد ذكّر في هذا السياق بتجربة مدارس تفسير القانون في الغرب، وتعدد هذه المدارس وتطورها، ونقد بعضها لبعض على أساس تجنب العيوب واقتراح الحلول. ثم أكد على ضرورة الخروج من ازدواجية الأحكام الشرعية والقانون الوضعي نظرا لآثارها السلبية على واقع العالم الإسلامي.

من جهته أشار عباس الجراري مستشار جلالة الملك محمد السادس إلى ضرورة إعطاء المنهج أهمية قصوى في معالجة كل القضايا المتعلقة بالفقه الإسلامي، حتى يتمكن هذا الفقه من الاستجابة لمستجدات العمران البشري ومستجدات الحياة الإنسانية، خاصة مع مايشهده العالم الإسلامي من فوضى خطيرة في مجال الفتوى والإفتاء، وشدد في هذا الصدد على أن الفقه الإسلامي يحتاج إلى طاقات حقييقة تعمل على تطويره وتجديده، وفق رؤية فكرية ومنهجية.
وفي السياق ذاته أوضح إدريس خليفة عميد كلية أصول الدين بتطوان، الأهمية الكبرى التي تحظى بها مادة الفقه الإسلامي في التعليم والبحث الجامعيين، نظرا للطابع العملي للفقه وارتباطه اللصيق بالحياة اليومية للمسلمين بمختلف أبعادها، فالفقه ـ في نظره ـ أوسع وأكبر؛ له القدرة على استيعاب العديد من القضايا التي طرحت والتي ستطرح من قبيل قضايا المواطنة وما إليها، ودعا إلى تبني مشروع إعادة كتابة الفقه، وصياغته بما يضمن له البقاء والعطاء والحيوية .


وقد تم الاستماع خلال أشغال اليوم الدراسي إلى مجموعة من العروض، ومن خلال التوجيهات التي وردت في هذه العروض، وتلك التي قدمها رؤساء الجلسات، ومن خلال المناقشات التي أعقبت تلك العروض تمت بلورة التوصيات الآتية:

- توصيات ومقترحات خاصة بمنهجية التدريس:

1-ربط الفقه بأصوله النقلية.
2-تدريس الأحكام الفقهية مع مراعاة تأطيرها في شكل نظريات فقهية عامة.
3-ربط الدرس الفقهي بالقواعد الأصولية والفقهية والمقاصد الشرعية.
4-الجمع بين الحفظ والفهم والاستيعاب من أجل الوصول إلى علاج النوازل الجديدة.
5-مراعاة التدرج في تدريس مسائل الفقه من المذهب الواحد إلى المقارنة بين المذاهب.

- توصيات خاصة بالمضامين:

6-الانطلاق من مصادر فقهية جامعة بوصفها مقررات عبر مراحل التعليم العالي (مع مراعاة تبسيط اللغة الاصطلاحية وتيسير مضمونها).
7-وضع تصور لمختلف المواد الفقهية المقترح تدريسها وإسناد هذه المهمة للأساتذة المتخصصين.
8-توحيد المقررات على الصعيد الوطني.
9-العناية بالقضايا الفقهية العاصرة.

- مقترحات خاصة بمكونات العملية التربوية (الطالب، الأستاذ، الجامعة):

10-إعادة النظر في معيار قبول الطلبة الراغبين في دراسة العلوم الشرعية.
11-ضرورة تحصيل الطلبة معارف كافية في الفقه خلال أسلاك التعليم الثانوي.
12-توفير الوسائل العلمية والفنية للأساتذة للقيام بمهامهم على أكمل وجه.
13-زيادة الحصص المخصصة للفقه وخاصة الحصص التطبيقية.

- مقترحات خاصة بتطوير التخصص عموما:

14-الانفتاح على تجارب العلماء في العالم الإسلامي في مجال تطوير منهجية تدريس الفقه وصياغة برامجه.
15-التنسيق بين أساتذة التخصص بإنشاء رابطة لأساتذة الفقه.
16-التنسيق مع الهيئات والمؤسسات ذات الاهتمام المشترك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق