
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
إن شهر رمضان مقبل علينا بالخيرات والمسرات، والأعمال الصالحات، من صيام، وقيام، وتلاوة القرآن، وإحسان، وصيام هذا الشهر الفضيل، باب من أبواب الجنان، اسمه الريان، لا يدخله إلا أهل الصيام، فعن سهل بن سعد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «في الجنة ثمانية أبواب، فيها باب يسمى: الريان، لا يدخله إلا الصائمون»[1]، هذا الحديث رواه حفاظ أئمة الحديث من طريقين، الأولى: من حديث أبي هريرة، والثانية من حديث: سهل بن سعد رضي الله عنهما، وتعددت ألفاظه.
هذا، وقد بوبه حفاظ الحديث في كتب السنة في كتاب الصيام، وأنص على الأئمة الحفاظ الذي بوبوا في كتبهم الحديثية من كتاب الصيام، أحاديث باب الريان، وما رووه من الأحاديث في الباب، مع تخريجها من كتب السنة، كما أنص على العدد العام بكل الأحاديث، ثم أتبعه بالعدد الخاص بأحاديث كل مصنف من المصنفات الحديثية، وهي مرتبة على سني وفيات مصنفيها.
الأول: الإمام محمد بن إسماعيل البخاري (المتوفى عام: 256هـ)؛ فقد بوَّب بابا في صحيحه، وترجمه بقوله: "باب: الريان للصائمين"[2]، وقد روى فيه حديثان، قال:
1-1-حدثنا خالد بن مخلد، حدثنا سليمان بن بلال، قال: حدثني أبو حازم، عن سهل رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إن في الجنة بابا يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد»[3].
2-2-حدثنا إبراهيم بن المنذر، قال: حدثني معن، قال: حدثني مالك، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «من أنفق زوجين في سبيل الله، نودي من أبواب الجنة: يا عبد الله هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة، دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد، دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان، ومن كان من أهل الصدقة، دعي من باب الصدقة»[4].
الثاني: الإمام محمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري (المتوفى عام: 311هـ)؛ فقد بوَّب بابا في مختصره، وترجمه بقوله: "باب: ذكر باب الجنة الذي يخص بدخوله الصوام دون غيرهم، ونفي الظمأ عمن يدخل الجنة، ويشرب من شرابها، جعلنا الله منهم "[5]، وقد روى فيه حديثا واحدا، قال:
3-1-حدثنا علي بن حجر السعدي، ثنا سعيد بن عبد الرحمن الجمحي وغيره، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد رضي الله عنه، قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: للصائمين باب في الجنة يقال له: الريان، لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخل آخرهم، أغلق، من دخل شرب، ومن شرب لم يظمأ أبدا»[6].
الثالث: الإمام محمد بن حبان البُستي (المتوفى: 354هـ)؛ فقد عقد في: "باب: فضل الصوم" من صحيحه، ترجمة بقوله: "ذكر إفراد الله جل وعلا للصائمين باب الريان من الجنة"[7]، وقد روى فيها حديثا واحدا، قال:
4-1-أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الفضل الكلاعي الراهب بحمص، حدثنا عمرو بن عثمان بن سعيد، حدثنا أبي، حدثنا شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، أخبرني حميد بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دعي من أبواب الجنة: يا عبد الله، هذا خير، وللجنة أبواب، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان»[8].
وترجمة ثانية، بقوله: "ذكر البيان بأن كل طاعة لها من الجنة أبواب يدعى أهلها منها إلا الصيام، فإن له بابا واحدا"[9]، وقد روى فيها حديثا واحدا كالمتقدم متنه، إلا أنه بسند آخر، قال:
5-2-أخبرنا ابن قتيبة، حدثنا ابن أبي السري، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، أخبرني حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أنفق زوجين في سبيل الله دعي من أبواب الجنة، وللجنة أبواب، فمن كان من أهل الصلاة دعي من أبواب الصلاة، ومن كان من أهل الصدقة دعي من أبواب الصدقة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من أبواب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان»[10].
وترجمة ثالثة، بقوله: "ذكر البيان بأن الصائمين إذا دخلوا من باب الريان أغلق بابهم، ولم يدخل منه أحد غيرهم"[11]، وقد روى فيها حديثا واحدا، قال:
6-3-أخبرنا عمر بن محمد الهمداني، حدثنا محمد بن عثمان العجلي، حدثنا خالد بن مخلد، عن سليمان بن بلال، حدثني أبو حازم، عن سهل بن سعد رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن في الجنة بابا يقال له: الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون، فيقومون فيدخلون منه، فإذا دخل آخرهم أغلق فلم يدخل منه أحد»[12].
وترجمة رابعة، بقوله: "ذكر البيان بأن باب الريان يغلق عند آخر دخول الصوام منه، حتى لا يدخل منه أحد غيرهم"[13]، وقد روى فيها حديثا واحدا، قال:
7-4-أخبرنا الحسين بن عبد الله القطان، بالرافقة، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم البالسي، قال: حدثنا معاوية بن هشام، قال: حدثنا سفيان، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «في الجنة باب يقال له: الريان، أعد للصائمين، فإذا دخل أخراهم، أغلق»[14].
صفوة القول: إن هذه الألفاظ السبعة هي مدار حديث: «في الجنة ثمانية أبواب، فيها باب يسمى: الريان، لا يدخله إلا الصائمون»، من طريقي: أبي هريرة، وسهل بن سعد رضي الله عنهما، وقد أخرجه كثير من حفاظ أئمة الحديث في كتب السنة، وعقدوا له بابا في كتاب الصيام، بمثابة ترجمة لما رووه في كتبهم، والحديث مسلك للفوز بهذه المكرمة، والدخول من باب الريان إلى الجنان، لمصاحبة ولد عدنان، إنه ولي ذلك والقادر عليه خالق الأنام.
*******************
هوامش المقال:
[1]) أخرجه البخاري في الصحيح 4/ 119-120، كتاب: بدء الخلق، باب: صفة أبواب الجنة، رقم الحديث: 3257، والطبراني في المعجم الكبير 6 /146، أرقام الأحاديث: 5795، والبيهقي في السنن الكبرى 4/ 305، رقم الحديث: 8775.
[2]) الصحيح 3 /25.
[3]) الصحيح 3 /25، رقم الحديث: 1896، وأخرجه من حديث: سهل بن سعد رضي الله عنه أيضا بهذا اللفظ أو قريبا منه: مسلم في الصحيح 2 /808، كتاب: الصيام، باب: فضل الصيام، رقم الحديث: 1152، وأحمد في المسند 37 /475-476، رقم الحديث: 22818، ورقم: 22819، وفي المنتخب من مسند عبد بن حميد ص 168، رقم الحديث: 455، والطبراني في المعجم الكبير 6 /154-184-192، أرقام الأحاديث: 5826- 5936- 5970، والبيهقي في السنن الكبير 4/ 305، كتاب: الصوم، باب: في فضل شهر رمضان وفضل الصيام على طريق الاختصار، رقم الحديث: 8774، والسنن الصغير 2/ 116، كتاب: الصوم، باب: في فضيلة الصوم، رقم الحديث: 1408، وشعب الإيمان 5 /206، رقم الحديث: 3312.
[4]) الصحيح 3/ 25، رقم الحديث: 1897. وأخرجه من حديث: أبي هريرة رضي الله عنه أيضا بهذا اللفظ أو قريبا منه: مالك في الموطأ (رواية يحيى الليثي) 3 /667-668، رقم الحديث: 1700/ 461، والبخاري في الصحيح 5 /6، كتاب: المناقب، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لو كنت متخذا خليلا»، رقم الحديث: 3666، ومسلم في الصحيح 2/ 711، كتاب: الزكاة، باب: من جمع الصدقة، وأعمال البر، رقم الحديث: 1027، وأحمد في المسند 13/ 72، 15 /496-497، رقم الحديث: 7633، ورقم: 9800، والترمذي في السنن 5 /614، كتاب: المناقب، باب: مناقب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما كليهما، رقم الحديث: 3674، وعبد الرزاق في المصنف 11 /107، رقم الحديث: 20052، والبيهقي في السنن الكبير 9 /171، كتاب: السير، باب: فضل النفقة في سبيل الله عز وجل، رقم الحديث: 19034، وشعب الإيمان 5/ 133، رقم الحديث: 3193.
[5]) الصحيح 2/ 918.
[6]) الصحيح 2/ 918، رقم الحديث: 1902. وأخرجه من حديث: سهل بن سعد رضي الله عنه أيضا بهذا اللفظ أو قريبا منه: أحمد في المسند 37 /494-495، رقم الحديث: 22842، وابن ماجه في السنن 1 /525، كتاب الصيام، باب: ما جاء في فضل الصيام، رقم الحديث: 1640، الترمذي في السنن 3/ 128، كتاب: الصوم، باب: ما جاء في فضل الصوم، رقم الحديث: 765، والنسائي في السنن الصغرى 4/ 168، رقم الحديث: 2236، ورقم: 2237، والسنن الكبرى 3 /137-138، رقم الحديث: 2556، ورقم: 2557، والطبراني في المعجم الكبير 6/ 134-152، رقم الحديث: 5754، ورقم: 5819، والبيهقي في شعب الإيمان 1/ 551، رقم الحديث: 354.
[7]) الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان 8 /206.
[8]) الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان 8 /206-207، رقم الحديث: 3418. تقدم تخريجه في الحديث رقم: 2-2.
[9]) الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان 8 /207.
[10]) الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان 8/ 207-208، رقم الحديث: 3419. تقدم تخريجه في الحديث رقم: 2-2.
[11]) الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان 8/ 208.
[12]) الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان 8 /208، رقم الحديث: 3420. تقدم تخريجه في الحديث رقم: 1-1.
[13]) الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان 8 /209.
[14]) الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان 8 /209، رقم الحديث: 3421. تقدم تخريجه في الحديث رقم: 1-1.
********************
جريدة المراجع
الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان لأبي حاتم محمد بن حبان بن أحمد بن حبان البُستي، ترتيب: الأمير علاء الدين علي بن بلبان الفارسي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت- لبنان، الطبعة الأولى: 1408 /1988.
الجامع الصحيح (السنن) لأبي عيسى محمد بن عيسى بن سَوْرة الترمذي، تحقيق ج5: إبراهيم عطوه عوض، مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، مصر، الطبعة الثانية: 1395 /1975.
الجامع الصحيح (السنن) لمحمد بن عيسى بن سَوْرة الترمذي، تحقيق ج3: محمد فؤاد عبد الباقي، مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، مصر، الطبعة الثانية: 1388 /1968.
الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه لمحمد بن إسماعيل البخاري الجعفي، تحقيق: محمد زهير بن ناصرالناصر، دار طوق النجاة، بيروت-لبنان، دار المنهاج، جدة-السعودية، الطبعة: الأولى: 1422، طبعة مصورة عن الطبعة الكبرى الأميرية، بولاق- مصر، 1311.
الجامع لشعب الإيمان لأحمد بن الحسين بن علي البيهقي، تحقيق: عبد العلي عبد الحميد حامد، مكتبة الرشد، الرياض- السعودية، الطبعة الأولى: 1423/ 2003.
السنن الصغير لأحمد بن الحسين بن علي البيهقي، تحقيق: عبد المعطي أمين قلعجي، منشورات جامعة الدراسات الإسلامية، كراتشي- باكستان، الطبعة الأولى: 1410 /1989.
السنن الكبرى لأحمد بن شعيب بن علي النسائي، تحقيق: حسن عبد المنعم شلبي، إشراف: شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت- لبنان، الطبعة الأولى: 1421 /2001.
السنن الكبير لأحمد بن الحسين بن علي البيهقي، تحقيق: جماعة من العلماء، دار النوادر، الطبعة الأولى: 1424 /2013، مصورة عن مجلس دائرة المعارف النظامية، حيدر آباد- الهند، الطبعة الأولى: 1344.
السنن لأحمد بن شعيب بن علي النسائي بشرح الحافظ جلال الدين السيوطي، وحاشية الإمام السندي، تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة، دار البشائر الإسلامية، بيروت- لبنان، الطبعة الرابعة: 1414 /1994، مصورة عن مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب- سوريا.
السنن لمحمد بن يزيد ابن ماجه القزويني، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية، مصر، (د-ت).
الصحيح لمحمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري، تحقيق: الدكتور محمد مصطفى الأعظمي، المكتب الإسلامي، الطبعة الثالثة: 1424 /2003.
المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لمسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت-لبنان، (د-ت).
المصنف لعبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري اليماني الصنعاني، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، المكتب الإسلامي، بيروت- لبنان، الطبعة الثانية: 1403 /1983.
المعجم الكبير لسليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، تحقيق: حمدي بن عبد المجيد، مكتبة ابن تيمية، القاهرة- مصر، الطبعة الثانية: 1404/ 1983.
المنتخب من مسند عبد بن حميد الكَشّي، تحقيق: صبحي البدري السامرائي، محمود محمد خليل الصعيدي، عالم الكتب، مكتبة النهضة العربية، بيروت-لبنان، الطبعة الأولى: 1408/ 1988.
الموطأ لمالك بن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي المدني، رواية: يحيى بن يحيى الليثي، تحقيق: محمد مصطفى الأعظمي، منشورات مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، أبو ظبي- الإمارات، الطبعة الأولى: 1425 /2004.
*راجعت المقال الباحثة: خديجة ابوري