الرابطة المحمدية للعلماء

انتفاضة يناير 1944 الشعبية حدث تاريخي يجسد التحام العرش والشعب

يخلد الشعب المغربي٬ وفي طليعته رجال الحركة الوطنية وأسرة المقاومة وجيش التحرير، في أجواء مفعمة بقيم الوفاء والبرور٬ الذكرى 69 للانتفاضة الشعبية، أيام 29 و30 و31 يناير 2013، التي تمثل حدثا تاريخيا يجسد الالتحام الوثيق بين العرش العلوي والشعب المغربي.

وذكرت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، في بلاغ بالمناسبة، أن هذه الانتفاضة اندلعت تأكيدا لمضامين وثيقة المطالبة بالاستقلال٬ واستنكارا لحملات التقتيل والتنكيل والاعتقالات التي أقدمت عليها سلطات الحماية، مستهدفة طلائع رجال الحركة الوطنية وعامة الشعب المغربي، إثر تقديم هذه الوثيقة التاريخية المجسدة لإرادة العرش والشعب ونضالهما البطولي من أجل الحرية والاستقلال.

وأوضحت المندوبية السامية، في بلاغ لها، أنه في مثل هذه الأيام من سنة 1944، خرجت حشود من الجماهير الشعبية من قلب مدينة الرباط، منددة بإقدام سلطات الحماية على اعتقال زعماء وقادة الحركة الوطنية٬ وبلغ صدى هذه المظاهرات ولي العهد آنذاك جلالة المغفور له الحسن الثاني وهو داخل المعهد المولوي٬ فتخطى سوره والتحق بصفوف المتظاهرين.

وسجل الملك الراحل الحسن الثاني ارتساماته عن ذلك اليوم قائلا “هناك تاريخ مضبوط ظل عالقا بذاكرتي هو 29 يناير 1944، في ذلك اليوم اكتسح جمهور من المتظاهرين شوارع الرباط مرددين شعارات المطالبة بالاستقلال وبلغني صدى هذه المظاهرات وأنا داخل المعهد المولوي فتخطيت سوره والتحقت بالمتظاهرين”٬ مبرزا جلالته أن “يوم 29 يناير بصماته بعمق في ذاكرتي٬ كان معي يومئذ ثلاثة من رفاقي في المعهد وكنا نصيح بصوت واحد: سنحصل على الاستقلال”.

وأمام حملة القمع الاستعمارية التي تلت تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال٬ ألح رمز المقاومة جلالة المغفور له محمد الخامس على الإفراج عن المعتقلين جميعهم٬ لكن سلطات الحماية استغلت مقتل أحد الأوروبيين لتطوق المدينة وتقوم بإنزال قواتها وأطلقت النار على المتظاهرين الذين دافعوا عن أنفسهم بكل صمود واستماتة٬ ما خلف شهداء رووا بدمائهم شجرة الحرية ومعتقلين صدرت أقسى الأحكام في حقهم.

وكان لمدينة سلا٬ وفقا للبلاغ٬ إسهام بارز في هذه الانتفاضة العارمة التي اندلعت مواجهة للغطرسة الاستعمارية وتأييدا لمضمون وثيقة المطالبة بالاستقلال ودفاعا عن مقدسات الوطن٬ حيث هب وطنيون أفذاذ من هذه المدينة في انتفاضة تاريخية مخترقين شوارعها، متحدين قوات الاحتلال وهجومها الشرس الذي أدى إلى سقوط شهداء أبرار بذلوا أرواحهم فداء للوطن تغمدهم الله بواسع رحمته وأسكنهم فسيح جناته.

واتسع مجال الانتفاضة الشعبية وامتدت المظاهرات لتشمل مختلف المدن المغربية، كفاس التي شهدت سقوط عشرات الشهداء والجرحى برصاص قوات الاستعمار، ومكناس ومراكش وآزرو وغيرها من المدن الأخرى، وتسارعت الأحداث لتحتدم المواجهة بين الإقامة العامة والقصر الملكي٬ إذ أقدمت سلطات الحماية في 20 غشت 1953 على نفي بطل التحرير وأسرته الملكية الشريفة في محاولة يائسة لإخماد الروح الوطنية، ما أجج شعلة الكفاح الوطني لتنطلق المقاومة المسلحة والمظاهرات العارمة وعمليات جيش التحرير إلى أن تحققت إرادة العرش والشعب وعاد رمز المقاومة جلالة المغفور له محمد الخامس منصورا مظفرا من المنفى إلى أرض الوطن في 16 نونبر 1955، رفقة شريكه في الكفاح جلالة المغفور له الحسن الثاني والأسرة الملكية الشريفة، حاملين بشرى انتهاء عهد الحجر والحماية وبزوغ فجر الحرية والاستقلال.

وأضافت المندوبية أن هذه الملحمة البارزة والمحطة التاريخية المهمة في تاريخ الشعب المغربي حظيت بعناية موصولة واحتفاء دائم ومستمر ومن ذلك تنظيم مهرجان كبير بمناسبة الذكرى الخمسين لها تحت الرعاية الملكية السامية، حيث تفضل جلالة المغفور له الحسن الثاني فأناب عنه سمو ولي العهد آنذاك جلالة الملك محمد السادس لإزاحة الستار يوم 29 يناير 1994 عن اللوحة التذكارية المقامة تخليدا لأحداث يوم 29 يناير 1944 بساحة مسجد السنة بالرباط٬ والبرور الموصول بشهداء وأبطال هذه الملحمة الخالدة وتكريم ذكراهم إكبارا لتضحياتهم الجسام وأعمالهم الجليلة دفاعا عن عزة الوطن وكرامته.

وأبرزت المندوبية السامية أن أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير٬ إذ تخلد الذكرى 69 لهذه الانتفاضة الشعبية٬ تتوخى إبراز دلالات هذا الحدث التاريخي الكبير وتلقين معانيه للأجيال الجديدة والناشئة والشباب وتعريفهم بأمجاد تاريخ الكفاح الوطني الخالد.

(و.م.ع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق