تعد المتاحف بمثابة فضاءات تتأتت بالعديد من المعروضات والأشياء الثمينة؛ وذلك بغرض حمايتها وعرضها والإطلاع عليها وفحصها ودراستها، وهي بذلك تعد أحد وسائل الاتصال، التي تعنى بعرض ثقافة وتاريخ وآثار وتقاليد حياة الشعوب، ومن ثم نقلها من جيل إلى آخر، ومن شعب إلى آخر.
ووعيا بالأهمية الثقافية والحضارية المتنامية للمتاحف، فقد قرر المجلس العالمي للمتاحف (ICOM) تنظيم الاحتفال باليوم العالمي للمتاحف انطلاقا من سنة 1977م، حيث انبثقت الفكرة أثناء اجتماع الجمعية العامة للمجلس في موسكو، ويحتفل به سنوياً في 18 مايو من كل عام.
غير ّأن الاحتفال لا يقتصر على هذا اليوم فحسب، وإنما يمتد على مدى أسبوع بكامله، وربما يستمر لمدة شهر كامل. والغاية من تنظيم هذا اليوم يتمثل في"إتاحة الفرصة للمختصين في المتاحف للتواصل مع المجتمع"؛ حيث أصبحت المتاحف تتضمن مؤسسات تعمل في خدمة المجتمع وتطويره.
ويهدف هذا الاحتفال إلى زيادة الوعي بأهمية المتاحف في تنمية المجتمع. ويشجع المجلس العالمي للمتاحف على مشاركة المتاحف بمختلف أنواعها وتخصصاتها في هذه الاحتفالية، حيث يعمل جاهداً على جمعها سنوياً في هذا اليوم لنشر فكرة الشمولية والعالمية التي هي إحدى خصائص هذه الاحتفالية التي تتخطى الحدود الجغرافية والحواجز الإيديولوجية..
وهو ما جعل اليوم العالمي للمتاحف يجتذب، كل عام، مشاركين من كافة أنحاء العالم ومن خلفيات ثقافية وحضارية مختلفة..
ويتم الاحتفاء بهذا اليوم عبر قارات العالم الست، وهو الشيء الذي يؤكد شعبية هذا الحدث وأهميته ومدى حرص الدول على المشاركة فيه.
ومن المحطات المهمة في تاريخ هذه الاحتفالية؛ اقتراح المجلس منذ عام 1992م تحديد موضوع خاص للاحتفالية، وجاء ذلك نتيجة تزايد أعداد المتاحف المشاركة في الاحتفال، وكان موضوع 1992م هو "المتاحف والبيئة"، أما في احتفالية عام 2008م فقد تجاوز عدد المتاحف المشاركة عشرين ألف متحفاً من 90 دولة وتمحور موضوع الاحتفال حول عنوان "المتاحف وسائل للتغير الاجتماعي والتنمية"، وفي عام 2009م كان موضوع اليوم العالمي للمتاحف "المتاحف والسياحة", وفي عام 2011م تم الإعلان عن الشراكة مع منظمات دولية وإقليمية أخرى تشارك المجلس العالمي للمتاحف في السعي للحفاظ على التراث ومنها منظمة اليونسكو، وكان شعار تلك الاحتفالية "المتحف والذاكرة، معروضات تحكى قصتنا".
وإذا كان المتحف، كما يقول ريجينا شولز، واقع ملموس يخاطب الحواس، وينقل الحقيقة عن الفن والتاريخ والأحداث، فإن احتفالية هذا العام تحمل عنوان: "المتاحف وتاريخ النزاعات: سرد ما لا يقال في المتاحف". وذلك بالتركيز على دور المتاحف التي تعمل لصالح المجتمع فتصبح، بذلك، فضاءات لتعزيز العلاقات السلمية بين الناس. من خلال التوعية بتاريخ النزاعات والشروط الحاكمة لها. وهو ما من شأنه أن يشكل الخطوة الأولى في تصور مستقبل إنساني مشترك يؤمن بقيم الاختلاف والغيرية والتضامن.
وموضوع الاحتفالية يبرز كيف أن دور المتحف يتجاوز مجرد نقل صور عن الماضي، وإنما يراهن على جذب المجتمع، وإيجاد شعور مجتمعي عام بتعزيز العلاقات السلمية بين الناس، انطلاقا من أن تقبل تاريخ النزاعات استلهاما لروح وفلسفة المصالحة يمثل هدفا اسمى لمستقبل إنساني أفضل.
وحيث إن أحد أهم أهداف هذا اليوم هو تمكين المتحف من الوصول إلى العائلات التي ليست ضمن زوار المتحف المعتادين، لذا يجب أن يتضمن تنظيم تلك الاحتفالية بعض الأنشطة والفعاليات المبهجة التي تعكس جو المودة والألفة وتبرزها، والتي يجب تترك أثراً إيجابياً على المشاركين في هذا اليوم وتشجعهم على العودة لزيارة المتحف مرة أخرى، وفي سبيل ذلك تتفنن المتاحف في تحقيق ذلك، فبعض المتاحف تخصص جولات مجانية مزودة بمرشدين وتكون مخصصة للعائلات والأطفال، وبعضها يقيم مسابقات في الرسم ويقدم جوائز قيمة، وبعضها يعقد عروضاً موسيقية وفنية، وغيرها من الأمور التي تجعل زيارة المتحف في هذا اليوم مختلفة عن غيره من الأيام.