مركز الدراسات والبحوث في الفقه المالكيغير مصنف

المختصر الصغير لعبد الله بن عبد الحكم (ت214ﻫ)

   سبق أن ذكرنا أن عبد الله بن عبد الحكم ألف مختصره الكبير من أسمعته عن مالك وأصحابه وخصوصا ابن وهب وابن القاسم وأشهب.

   أما المختصر الصغير فإنه اختصار لهذا المختصر، وذلك أن ابن عبد الحكم وضع كتابه المختصر الكبير، ثم اختصر منه المختصر الصغير، قال ابن عبد البر: “وصنف كتابا اختصر فيه تلك الأسمعة بألفاظ مقربة، ثم اختصر من ذلك الكتاب كتابا صغيرا”[1]

مشمولاته:

   المختصر الصغير بخلاف المختصر الكبير اقتصر فيه ابن عبد الحكم على علم الموطأ، قال القاضي عياض: “فالمختصر الأصغر قصره على علم الموطأ “[2].

   أما المقصود بعلم الموطإ فهو جريانه على نسقه في التأليف والترتيب، وإيراد الأثر والرأي بصفة عامة، ويتجلى ذلك من خلال الأبواب التي اشتمل عليها المختصر، فقد تضمن أحكام الطهارة من وضوء وغسل وتيمم، وأحكام الصلاة والزكاة والصيام والحج والاعتكاف والأيمان والنذور، وما يتعلق بالعبيد من رق وعتق، وأحكام النكاح والطلاق والعدة، وأحكام البيوع والإجارة والقصاص والحدود والأقضية والشهادات والرهن والعارية والحمالة، والحبس والهبة والوصايا وختم بالباب الجامع[3].

   والملاحظ على منهج ابن عبد الحكم وطريقته في إيراد المباحث في هذا المختصر أنه ألفه على درجة عالية من الجدة والأصالة في تناول مسائله.

    وقد قام المستشرق الأمريكي Jonathan E. Brockopp 4  بمقارنة المختصر الصغير مع موطإ الإمام مالك، ومع بعض كتب المالكية المصنفة في ذلك العصر، ولاحظ وجود كثير من المميزات التي يشتمل عليها هذا المختصر، وأكد على ما قرره العلماء من أثره المهم في المدرسة المالكية بالعراق اعتمادا ومدارسة[5].

  وأعتقد أن سهولة مأخذ المختصر وقربه مع الموطإ كان من دواعي عناية العلماء به ووضع زيادات عليه عوض شرحه كما فعلوا في المختصر الكبير.

عدد مسائله:

    مجمل مسائل المختصر الصغير ألف ومائتا مسألة، قال القاضي عياض :”وفي الصغير ألف ومائتا مسألة”[6].

 

الجهود عليه:

   لقد اهتم المالكية وخصوصا مالكية العراق بمختصرات ابن عبد الحكم اهتماما لا يفوقه إلا اهتمامهم بالموطإ والمدونة.

 ويلاحظ من خلال الجهود العلمية على هذا المختصر أن اهتمامهم بشرحه كان قليلا مقارنة مع اهتمامهم بزيادة أقوال الأئمة عليه مثل الشافعي وأبي حنيفة، فقد توسعوا في هذا توسعا ظاهرا، فزاد ابنه محمد خلاف الشافعي وأبي حنيفة، وزاد أبو عبد الله البرقي خلاف سفيان وإسحاق بن راهويه وأحمد والأوزاعي وإبراهيم النخعي، وزاد آخرون غير هؤلاء كأبي داوود وغيره.

ومن جملة ما ألف على المختصر:

1- زيادة خلاف أبي حنيفة والشافعي في المختصر الصغير لمحمد بن عبد الله بن عبد الحكم (ت268ﻫ) .

2- زيادة قول سفيان، وإسحاق بن راهويه، والأوزاعي، وإبراهيـم النخعـي في المختصر الصغير لأبي عبد الله محمد بن عبد الرحيم البرقي (ت249ﻫ). وبعضهم يعزو هذا التأليف لابنه أبي القاسم عبيد الله بن محمد بن عبد الله البرقي.

3- زيادة أقوال بعض الفقهاء في مختصر ابن عبد الحكم الصغير ممن لم يذكره البرقي، لأبي الحسن علي بن يعقوب الزيات المعروف بابن رمضان. (ت321ﻫ) ذكره القاضي عياض.([7])

4- شرح المختصر الصغير لأبي بكر بن الجهم محمد بن أحمد المعروف بابن الوراق المروزي (ت329ﻫ).

مخطوط المختصر الصغير:

  ذكر ذ/ مكلوش موراني أن منه قطعا بمكتبة القيروان، وأن عليها اعتمد المستشرق Jonathan E. Brockopp في دراسته للمختصر، وذكر أيضا أنه نشر منها نسختين في مجلة Islamic Law and Society  

   ويوجد مختصر عبد الله بن عبد الحكم الصغير مع زيادات أبي القاسم عبيد الله بن محمد البرقي مخطوطا في المكتبة السليمانية بتركيا تحت رقم 966 ويحتوي على 85 ورقة، وهو تام وذكر في آخره أنه كان الفراغ من نسخه سنة 718 وناسخه هو محمد بن إلياس بن إبراهيم خطيب عين الزيتون.

   وقد حقق المختصر الصغير بزيادة اختلاف فقهاء الأمصار للبرقي في رسالة جامعية بجامعة الشارقة بالإمارات العربية، كما ذكر في بعض المواقع أنه حقق في جامعة أم درمان بالسودان.

                 بقلم الباحث: عبد الكريم الهواوي

 


[1] الانتقاء ص: 99.

 [2] ترتيب المدارك 3/365.

[3] استفدنا هذا من خلال مخطوطة “زيادة أبي عبد الله البرقي على المختصر الصغير” وستأتي.

[4] وذلك في دراسته التي نشرها في مجلة Islamic Law and Society الأمريكية بعنوان: The Minor Compendium of Ibn ‘Abd al-Hakam (d. 214/829) and its reception in the early Mālikī school مجلد 2  عدد 2 ص 149-181 سنة 2005 .  

 

[5] انظر خلاصة مقاله في موقع الناشر ل-مجلة Islamic Law and Society- Brill  

 

[6] ترتيب المدارك: 3/367.  

 

[7] نفسه

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق