مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةأعلام

العلامة محمد عبد الحي الكتاني (1382هـ) وجهوده في الاعتناء بالحديث النبوي الشريف

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله الطيبين، وصحبه والتابعين.

أما بعد؛

فقد نبغ في العهد العلوي ثلة من أفذاذ العلماء الذين اعتنوا بعلم الحديث النبوي الشريف، ومن بين هؤلاء الأعلام العلامة، المحدث، الحافظ، الشريف سيدي محمد عبد الحي الكتاني الذي يعتبر من الحفاظ المحدثين ومن الرواد الذين أسهموا في النهضة الحديثية  في القرن الرابع عشر الهجري بالمغرب وباقي العالم الإسلامي.

ولمكانة العلامة محمد عبد الحي الكتاني في علم الحديث، خصصته بهذا المقال للحديث عن ترجمته، وعنايته بالحديث الشريف تأليفا، وتدريسا.

أولا: ترجمة العلامة محمد عبد الحي الكتاني([1]):

اسمه، ونسبه، وكنيته:

      هو: العلامة، المحدِّث المسنِد، المؤرِّخ النسَّابة المطَّلع، عبد الحي بن عبد الكبير بن محمد بن عبد الواحد الكَتَّاني، الإدريسي الحَسَني، الفاسي، المتكنِّي: بأبي الإسعاد، وأبي الإقبال.

      وأمه هي: الحسيبة النسيبة الكريمة السيدة الشريفة فضيلة بنت إدريس الكتاني المتوفاة عام (1334هـ) رحمها الله، أفرد لها ابنها البار عبد الحي ترجمة حافلة في كتاب بعنوان:”ترقية المريدين بما تضمنته سيرة السيدة الوالدة من أحوال العارفين”([2]).

مولده

      وُلِد في مدينة فاس عام( 1305 هـ)، الموافق لعام (1888م) ([3]).

شيوخه:

شيوخه كثر منهم المغاربة والمشارقة أذكر هنا بعضهم:

أ-المغاربة:

وممن أخذ عنه من المغاربة:

أخذ عن أبيه الشيخ عبد الكبير الكتاني([4])، وخاله الشيخ جعفر الكتاني([5])، وأخيه محمد بن عبد الكبير الكتاني([6])، وابن خاله محمد بن جعفر الكتاني([7])، وابن الخياط الزكاري([8])، ومحمد بن القاسم القادري([9])…وغيرهم كثير.

ب-المشارقة:

وممن أخذ عنه من المشارقة:

عبد الرحمن الشربيني([10])، وسليم البشري، حسين الحبشي الباعلوي المكي([11])، وفالح الظاهري، وبرادة المدني([12])… وغيرهم كثير.

تلاميذه:

للعلامة الكتاني رحمه الله تلاميذ كثر في المشرق والمغرب، أذكر هنا بعضا منهم :

محمد بن بوشعيب البوزيدي الشاوي([13])،والشيخ محمد بن مخلوف([14])….وغيرهم كثير.

 ثناء العلماء عليه:

وممن أثنى عليه:

ابن سودة قال: “الشيخ المحدث المسند المؤرخ النسابة المطلع، كان يعد من أساطين العلم المبرزين بالمغرب”([15]).

وقال الجراري:” أبو الإسعاد الشيخ الكتاني من افذاذ المطلعين الذين حبب إليهم علم الحديث والسيرة النبوية”([16]).

وقال القيطوني:” الفقيه العلامة الدراكة المحدث الحافظ المسند الرحالة المؤرخ النسابة النقادة المطلع المشارك الجامع بين شرف العلم والنسب أعجوبة الدهر في الحفظ والاطلاع، كان علامة مشاركا في كثير من الفنون محدثا حافظا واسع الاطلاع إماما في الحديث بصيرا بمعانيه وفقهه عارفا برجاله وتواريخهم واحوالهم من تعديل وتجريج “([17]).

وقال تلميذه ابن مخلوف:” شيخنا المسند الرحال أبو الإقبال محمَّد عبد الحي ابن الشيخ أبي المكارم عبد الكبير الكتاني: الشريف الحسني”([18])

وفاته:

توفي رحمه الله بمدينة نيس بفرنسا يوم الجمعة 12 رجب الفرد عام 1382([19]).

ثانيا: جهوده في الحديث الشريف:

جهوده في الحديث.

يعد العلامة محمد عبد الحي الكتاني من العلماء المغاربة الذين قدموا جهودا كبيرة في علم الحديث، والاعتناء به، وتدريسه، والتأليف فيه، وسأذكر هنا بعضا من هذه الجهود وهي:

1- دروسه الحديثية:

حيث عين رحمه الله بظهير ملكي عام 1320 مع ثلة علماء الطبقة الأولى الذين يقرؤون الحديث بالضريح الإدريسي صبيحة كل يوم، وهو لم يتجاوز عشرين عاما من عمره([20]).

ثم اعتنى رحمه الله بتدريس الحديث في مجموعة  البلدان التي حل بها، من ذلك: لما حل بتونس عقد مجلسا للحديث، حيث وصفه تلميذه ابن مخلوف قال:” واستفدنا في تلك اللحظة الوجيزة إنه كريم الأخلاق طيب الأعلاق، وفي أثناء الذهاب لزيارة الإمامين المذكورين جرى الحديث على صحيح مسلم وشرحه المسمى: بالمعلم المشحون بكثير من عيون المسائل معقول ومسنون، والموطأ وما فيه من الثنائيات، وشرح أبي عبد الله الزرقاني وما فيه من التحقيقات، ولما اغتنمت الفرصة عقب الحديث والقصة استجزته وحصلت الإجازة قائلاً: أجزتك بمروياتي وسنحررها لك كتابة ([21]).

ودرس في الحرم المكي جميع شمائل الترمذي ومقدمة صحيح مسلم …ودرس الموطأ في ضريح الإمام مالك بالبقيع، وسنن الترمذي في ضريحه بالرملة بفلسطين، والفتوحات المكية في ضريح الإمام الحاتمي، وكتاب الفرج بعد الشدة لابن أبي الدنيا في بيت المقدس([22]).

وألقى عام 1340هـ درسا عاليا بالجامع الأعظم بالجزائر بمحضر العلماء والأئمة والأعيان موضوعه : الحديث الشريف الثامن والعشرين من الأحاديث النووية، أبدع فيه وأجاد([23]).

وحدث بالحديث المسلسل بالأولية في المسجد الحسيني ، وشرحه شرحا وافيا ([24]).

وقرأ أوائل الكتب الستة بالحرم المكي، وكان يحضر دروسه أكابر العلماء، وقدر الذين يحضرون دروسه بسبعة آلاف نفس، واهتبل به أهل الحرمين الشريفين أيما اهتبال([25]).

2-اعتناؤه بالإجازة:

استكثر رحمه الله تعالى من الرواية واستجازة الرحالين والمسندين، وكاتب الآفاق البعيدة، فحصل على أمر عظيم في هذا الباب بحيث استجاز أكثر من خمسمائة شيخ في المشرق والمغرب، وانفرد بعلو الإسناد وعلومه في وقته وكتب في سبيل ذلك فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات”([26]).

ويعد كتابه النفيس فهرس الفهارس موردا كبيرا لمن رام الوقوف على إجازات، وأسانيد، وتآليف العلماء والمحدثين، حيث ذكر فيه الشيخ عبد الحي الكتاني فهارس ومسانيد وأثبات علماء المشرق والمغرب.

3- عنايته بالحديث تأليفا:

رزق العلامة سيدي محمد عبد الحي الكتاني ذهنا وقادا، وقلما سيالا، مما جعله يترك مؤلفات كثيرة، سأذكر بعضا منها مما طبع:

– فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات([27]).  

-رسالة في إثبات التدوين والجمع لأهل القرن الأول الهجري من الصحابة والتابعين ([28]).

-عقد اليواقيت والزبرجد في أن من لغا فلا جمعة له مما نقب عنه من الأخبار فلم يوجد([29]).

-المفاتيح لقراء المصابيح([30]).

– التنويه والإشادة بمقام رواية ابن سعادة لصحيح البخاري([31]).

-الرحمة المرسلة بشأن حديث البسملة([32]).

–منح المنة في سلسلة بعض كتب السنة([33]).

-اليواقيت الثمينة في الأحاديث القاضية بظهور سكة الحديد ووصولها إلى المدينة([34])

– استجلاب شفاعة الرسول بجمع أربعين حديثا من كلامه العذب المقبول([35]). 

– إثبات ابتداء تدوين الحديث القرن الأول الهجري([36]).

-كشف اللبس عن حديث وضع اليد على الرأس([37]).

-منية السائل خلاصة الشمائل([38]).

وفي الختام فإن المحدث المسند سيدي محمد عبد الحي الكتاني من العلماء الذين أسهموا في النهضة الحديثية المغربية في عهد الدولة العلوية من خلال جهوده الجبارة  في خدمة علم الحديث: تدريسا، وتأليفا.

والحمد لله رب العالمين.

***********************

هوامش المقال:

([1]) ـ من بعض مصادر ترجمته: مقدمة فهرس الفهارس، وإتحاف المطالع لعبد السلام ابن سودة (2 /578)، ومعلمة المغرب (20/ 6752_6554)، وشجرة النور الزكية (1/ 620-621)، ومعجم المطبوعات لسركيس (ص:1546)، والأعلام للزركلي (6/ 187ـ188)، والتأليف ونهضته (2/ 161)، ومعجم المطبوعات المغربية للقيطوني (ص: 301-302).

([2]) ـ  طبع بعناية د. محمد بن عزوز ، مركز التراث الثقافي المغربي، الدارالبيضاء، و دار ابن حزم، ط1، 1428هـ/2007م.

([3]) ـ  معلمة المغرب (6754)، الأعلام للزركلي (9/ 188)،

([4]) ـ  التأليف ونهضته (2 /161).

([5]) ـ  التأليف ونهضته (2 /161).

([6]) ـ  التأليف ونهضته (2/ 161).

([7]) ـ  التأليف ونهضته (2 /161) شجرة النور (1 /620).

([8]) ـ  التأليف ونهضته (2 /161).

([9]) ـ  التأليف ونهضته (2 /161).

([10]) ـ  التأليف ونهضته (2 /161).

([11]) ـ  التأليف ونهضته (2 /161).

([12]) ـ  التأليف ونهضته (2 /161).

([13]) ـ  سل النصال (ص: 225)،

([14]) ـ  شجرة النور (1/ 620).

([15]) ـ  إتحاف المطالع لعبد السلام ابن سودة (2/ 578).

([16]) ـ  التأليف ونهضته (2/ 161).

([17]) ـ  معجم المطبوعات المغربية(302)

([18]) ـ  شجرة النور (1 /620).

([19]) ـ  معلمة المغرب (6754)، الأعلام للزركلي (9/ 188)،

([20]) ـ  معلمة المغرب (6753).

([21]) ـ  شجرة النور (1 /621).

([22]) ـ  مطالع الأفراح والتهاني (ص: 139-143).

([23]) ـ  مطالع الأفراح والتهاني (ص: 171) بتصرف يسير.

([24]) ـ  مطالع الأفراح والتهاني (ص: 209) بتصرف يسير.

([25]) ـ  مطالع الأفراح والتهاني (ص: 224).  

([26]) ـ  معلمة المغرب (6753).

([27]) ـ    حققه:  إحسان عباس، دار الغرب الإسلامي، ط2 ،  1982م. .

([28]) ـ     حققه: خالد بن محمد المختار البداوي السباعي، تقديم: محمد عوامة، دار الحديث الكتانية. 2020م.

([29]) ـ     حققه . خالد بن محمد المختار البداوي السباعي، تقديم: الشيخ شعيب الأرنؤوط، دار الحديث الكتانية. 2015م.

([30]) ـ     حققه: ذ. جاد بن عصام القواص البيروتي، دار الحديث الكتانية. 2017م

([31]) ـ     مطبعة الكرامة، الرباط، 2005م.

([32]) ـ     المطبعة الكبرى الأميرية، بولاق، مصر 1323هـ.

([33]) ـ     حققه محمد زياد بن عمر التكلة، دار الحديث الكتانية، ط1، 1431/ 2010.

([34]) ـ     حققه : الدكتور إبراهيم بن الشيخ راشد المريخي، دار الغناء مصر، ط1، 2004م.

([35]) ـ     حققه : هشام بن محمد حيجر، دار الكتب العلمية، ط1، 2011م.

([36]) ـ     حققه . خالد بن محمد المختار البداوي السباعي، تقديم: محمد عوامة، دار الحديث الكتانية.

([37]) ـ     حققه : هشام بن محمد حيجر، دار الكتب العلمية، ط1، 2011م.

([38]) ـ     حققه ذ. إبراهيم بوسبيع، ذ. عبد الحكيم واحسين، دار الكتب العلمية، بيروت.

*********************

لائحة المصادر والمراجع:

إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع: لعبد السلام ابن سودة، ت: محمد حجي، دار الغرب الإسلامي، ط1، 1417هـ/1997م.

الأعلام قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين المستشرقين: لخير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، بيروت، ط15، 2002م.

التأليف ونهضته بالمغرب في القرن العشرين: لعبد الله الجراري، مكتبة المعارف بالرباط، ط1، 1406هـ/ 1985م.

سل النصال للنضال بالأشياخ وأهل الكمال : لعبد السلام بن عبد القادر ابن سودة ، دار الغرب الإسلامي. ط1، 1417هـ – 1997م.

شجرة النور الزكية في طبقات المالكية: لمحمد بن محمد بن عمر بن قاسم مخلوف ، ت: عبد المجيد خيالي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1424هـ/2003.

معجم المطبوعات المغربية: إدريس بن الماحي الإدريسي القيطوني، تقديم عبد الله كنون، مطابع سلا، 1988م.

 معلمة المغرب: الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، مطابع سلا، ج 20، 1410هـ/1989م.

من أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين الرباط وسلا: لعبد الله الجراري، مطبعة الأمنية، الرباط، ط1، 1391هـ/1971م.

*راجع المقال الباحث: عبد الفتاح مغفور

Science

د. محمد بن علي اليــولو الجزولي

  • أستاذ باحث مؤهل بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة النبوية العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء بالرباط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق