مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةدراسات عامة

العلامة محمد بن أحمد بن غازي المكناسي(ت919هـ) وبعض جهوده في الحديث

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي ورَّث العلم لمن اختارهم من عباده،  وجعلهم حجته على خلقه بعد أنبيائه، والصلاة والسلام على سيدنا محمد إمام  العلماء،   وقائد النبهاء والنجباء، وعلى آله وصحبه .

وبعد؛

 فقد تميز علماء الغرب الإسلامي في شتى العلوم والمعارف والفنون، وفي مقدمتها علم الحديث النبوي الشريف، الذي نبغ فيه ثلة من العلماء المغاربة الجهابذة الأفذاذ، واعتنوا به عناية فائقة من حيث الحفظ والتأليف والتدريس، وغير ذلك.

ومن بين هؤلاء الأعلام المغاربة، الذين لهم مشاركة كبيرة  في علم الحديث النبوي الشريف:  العلامة الحافظ المحدث محمد بن أحمد بن غازي رحمه الله تعالى، ولمكانته في هذا العلم الشريف، خصصته بهذا المقال، وتناولت فيه ترجمته، وجهوده في علم الحديث؛ من حيث قراءته، وسماعه، وروايته للكتب الحديثية من شيوخه، وما خلفه من مؤلفات في الحديث النبوي الشريف، وذلك وفق ما يلي:

التعريف بالمؤلف[1]:

هو: أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد ابن غازي العثماني المكناسي الفاسي، ولد بمكناسة سنة (858ﻫ).

أخذ عن محمد بن قاسم القوري، وأبي العباس الحباك، ومحمد بن الحسن ابن حمامة، الشهير بالصغير، والمزجلدي، والحسن بن منديل المغيلي، وأبي زيد الكاواني، وابن مرزوق الكفيف، وأجازه إجازة عامة.

وأخذ عنه ابناه: أبو العباس ومحمد، ومحمد شقرون بن أحمد المغراوي، والحسن بن عثمان التملي، وعبد الواحد الونشريسي، وإبراهيم بن عبد الجبار الفجيجي، وأحمد الدقون، وغيرهم.

ولى خطابة مكناسة، ثم بفاس الجديدة، ثم الخطابة والإمامة بجامع القرويين، ولم يكن في عصره أخطب منه.

قال التنبكتي” شيخ الجماعة بها الإمام العلامة البحر الحافظ الحجة المحقق الخطيب جامع شتات الفضائل خاتمة علماء المغرب وآخر محققيهم ذو التصانيف المفيدة العجيبة “[2]

له مؤلفات كثيرة، منها: شفاء الغليل في حل مقفل خليل، وتكميل التقييد وتحليل التعقيد، (كمل به تقييد أبي الحسن الصغير على المدونة، وحل مشكلات ابن عرفة في مختصره)، وتحرير المقالة في نظائر الرسالة، وكليات في الفقه، والجامع المستوفي لمسائل الحوفي، ومنية الحساب، وشرحها، والمسائل الحسان المرفوعة إلى حبر فاس والجزائر وتلمسان، وإسعاف السائل في تحرير المقاتل والدلائل، أما مؤلفاته في الحديث سيأتي الحديث عنها[3].  

توفي  رحمه الله سنة (919هـ). وضريحه يوجد بأول الكغادين بما يلي الروضى المعروفة بروضة أبي مدين[4].

ثانيا: جهود العلامة ابن غازي في علم الحديث.

اعتنى العلامة ابن غازي بعلم الحديث النبوي الشريف عناية كبيرة؛ حيث اهتم بقراءة وسماع وحفظ الكتب الحديثية، وأخذها من أفواه الشيوخ مسندة إلى رواتها، كما ألف فيه مؤلفات، ويمكن إجمال جهوده في خدمة الحديث النبوي الشريف وفق ما يلي:

*إرشاد اللبيب إلى مقاصد حديث الحبيب طبع بتحقيق: عبد الله محمد التمسماني، وهو من منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب، طبع سنة: 1409 هـ ـ 1989م.

* الفوائد المستخرجة  من حديث : “يا أبا عمير ما فعل النغير”، وهي فوائد استخرجها من هذا الحديث الشريف، وأوصلها إلى  مائتي  وخمسين فائدة[5].

*التعلل برسوم الإسناد بعد انتقال أهل المنزل والناد،  فهرسته طبعت بتحقيق: محمد الزاهي، عن دار المغرب للتأليف، سنة: 1977م، ثم بدار بوسلامة بتونس، و هي فهرسة حافلة بالإجازات والأسانيد الموصلة لكثير من الكتب والمؤلفات الحديثية، كما حافظت على كثير من أسانيد الأحاديث الصحيحة المسلسلة، إضافة إلى أسماء الكتب والشيوخ والعلماء المحدثين وأوصافهم.

 قال عبد الحي الكتاني: ” وهو فهرس نفيس جدا في نحو سبع كراريس، ما أعذب سياقه وأجمل طرقه وأصح وأعذب موارده، بناه على استدعاءات وردت عليه من تلمسان سنة 894 فما بعدها، افتتحها بحديث الأولية، ثم بترجمة مشايخه وعددهم سبعة عشر الذين أجازوه منهم: أبو عبد الله محمد بن الحسن بن حمامة الأوربي التجيبي الشهير بالصغير، وأبو العباس أحمد بن سعيد بن الحباك المكناسي، وأبو عبد الله محمد بن أبي القاسم محمد بن يحيى بن أحمد النفزي الشهير بالسراج الفاسي، والقاضي أبو محمد عبد الحق الورياكلي، وأبو عبد الله محمد بن يحيى البادسي، وأبو الفرج محمد بن محمد الطنجي، وأبو محمد عبد القادر بن عبد الوهاب البكري المقدسي الشافعي الوارد على المغرب سنة 880. واستجاز له صديقه الشيخ الشهير أبو العباس زروق من حافظي مصر في زمانها الشمس محمد بن عبد الرحمن السخاوي، والفخر عثمان الديمي المصري فأجازاه عامة سنة 885 ولجماعة من فقهاء فاس. وأكمل الشيخ ابن غازي ثبته المذكور سنة 896 وبعد إكماله أجاز له العلامة ابن مرزوق الكفيف عامة بجميع أسانيده عن سلفه وغيرهم في كراسة ألحقها به تعرف بالذيل “[6].

*الذيل على التعلل برسوم الإسناد، طُبع هذا الذيل مع أصله بتحقيق: الأستاذ محمد الزاهي، قال العلامة عبد الحي الكتاني: “وبعد إكماله ـ أي فهرسته ـ أجاز له العلامة ابن مرزوق الكفيف عامة بجميع أسانيده عن سلفه وغيرهم في كراسة ألحقها به تعرف بالذيل “[7].

لقد تبين من خلال هذه الترجمة أن العلامة ابن غازي، كان من العلماء الذين لهم باع كبير في علم الحديث في بلاد المغرب.

****************

هوامش المقال:

 [1]  من مصادر ترجمته: توشيح الديباج (ص: 160)، نيل الابتهاج (2 /271)، شجرة النور (1 /398) سلوة الأنفاس (2 /82)،  الإمام ابن غازي المكناسي عالم القرويين وشيخ الجماعة بفاس لأحمد البوشيخي.

[2]  نيل الابتهاج(ص: 581).

[3]  أما باقي مؤلفاته تنظر في كتاب: الإمام ابن غازي المكناسي عالم القرويين وشيخ الجماعة بفاس للبوشيخي الذي أوصلها إلى: 34 تأليفا.

[4]  سلوة الأنفاس(3 /75).

[5]  الروض الهتون (ص: 43)

[6]  فهرس الفهارس (1/ 289).

[7]  فهرس الفهارس (1/ 289).

****************

جريدة المصادر والمراجع:

إرشاد اللبيب إلى مقاصد حديث الحبيب، لابن غازي المكناسي، تحقيق: عبد الله محمد التمسماني، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية  المملكة المغربية، 1409 هـ ـ 1989م.

الإمام ابن غازي المكناسي عالم القرويين وشيخ الجماعة بفاس للدكتور أحمد البوشيخي، منشورات مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث بالرابطة المحمدية للعلماء-الرباط، ط1: 1433هـ/2012م.

التعلل برسوم الإسناد بعد انتقال أهل المنزل والناد (فهرسة)،  لابن غازي المكناسي،  تحقيق محمد الزاهي، دار أبو سلامة للطباعة والنشر ـ تونس.

توشيح الديباج وحلية الابتهاج لبدر الدين محمد بن يحيى بن عمر القرافي، اعتناء على عمر، مكتبة الثقافة الدينية، ط1، سنة1425ﻫ.

الروض الهتون في أخبار مكناسة الزيتون، لابن غازي المكناسي، تحقيق: عبد الوهاب بن منصور، المطبعة الملكية بالرباط، ط2 ـ سنة 1408 هـ / 1988م.
سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس لأبي عبد الله محمد بن جعفر بن إدريس الكتاني، تحقيق: ذ عبد الله الكامل الكتاني، وذ حمزة بن محمد الطيب الكتاني، وذ محمد حمزة بن علي الكتاني،  دار الثقافة ط1، سنة 1425ﻫ.

سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس، لجعفر بن إدريس الكتاني. تحقيق عبد الله الكامل الكتاني، وحمزة بن محمد الطيب الكتاني، ومحمد حمزة بن علي الكتاني. دار الثقافة، ط1ـ سنة 1425 هـ ـ2004 م.

شجرة النور الزكية في طبقات المالكية لمحمد بن محمد بن عمر بن علي ابن سالم مخلوف، علق عليه: عبد المجيد خيالي، دار الكتب العلمية، لبنان، ط1 1424 هـ – 2003 م.

فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات لعبد الحي بن عبد الكبير بن محمد الكتاني الحسني الإدريسي، تحقيق ذ إحسان عباس،  دار الغرب الإسلامي، ط2، سنة 1402ﻫ.

نيل الابتهاج بتطريز الديباج لأحمد بابا التنبكتي،  اعتناء ذ على عمر،  مكتبة الثقافة الدينية ط 1، سنة، 1425ﻫ.

*راجع المقال الباحث: يوسف أزهار

Science

عبد الفتاح مغفور

  • أستاذ باحث مؤهل بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة النبوية العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء بالرباط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق