مركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصةأعلام

العلامة سيدي أحمد بن الأمين الشنقيطي (ت1289-1331ھ/ 1872-1913م):

من علماء وأدباء بلاد شنجيط، ينتمي إلى عائلة محمد بن الأمين بن عثمان العلوية، وهي عائلة اشتهرت بالذكاء والحفظ، العالم الأديب، الشاعر المبدع، سيدي أحمد بن الأمين الشنقيطي…

ولادته ونشأته:

ولد المترجم- رحمه الله تعالى- ببلاد شنقيط سنة 1280ھ/1864م، وتلقى العلم على يد مجموعة من الشيوخ منهم: المختار بن ألما ويحظيه ابن عبد الودود وغيرهما، درس في أعوامه الأولى القرآن الكريم ومبادئ العلوم الإسلامية والعربية، وأبدى في وقت مبكر ميوله إلى الشعر أكثر من غيره من مجالات الثقافة العربية…[1]

مكانته العلمية وشيوخه:

بدأ مترجمنا رحلته العلمية التي قادته أولا إلى تكانت- (ولاية تقع وسط موريتانيا)- ثم إلى أهم عواصم المغرب مثل مكناس وفاس، والتقى بعلمائها وشيوخها، مارّاً بمدينة السمارة حيث زار زاوية الشيخ ماء العينين، وتحدث عنه بكثير من الإعجاب، وتابع رحلته لأداء فريضة الحج، وبعد زيارته لتركيا وسوريا ألقى عصى التسيار في القاهرة، وظل فيها حتى وافاه الأجل عن عمر يقارب الخمسين سنة… ولم يذكر المترجم شيوخه، حيث إنه لم يقدم ترجمة عن نفسه، غير أن صلته الوثيقة بعمه مأمون بن محمد الأمين، وبمحمد فال بن باب تجعلنا نعتقد أنهما من بين شيوخه الأوائل، ولقد ذكر في كتابه من أساتذته اثنين من مشاهير المدرسين في عهده هما: شيخ الأساتذة المختار بن ألما، وأستاذ الشيوخ يحظيه ابن عبد الودود.[2]

وقد كان مترجمنا ذو نزعة صوفية جعلته أولا يتوق إلى الهجرة ويقوم برحلته العلمية التي سبقت الإشارة إليها، وفي مقامه بالقاهرة ظل معتكفا في خدمة العلم لا يلهيه عنه بيع ولا تجارة، ولا زوج ولا ولد، كما تتجلى هذه النزعة الزهدية والصوفية في تقييمه للأدب، حيث يظهر ذلك من خلال مؤلفاته والآثار التي تركها، والتي تدل دلالة واضحة على أن اختصاصاته الأساسية هي علوم اللغة والنحو والآداب، فلقد شرح المعلقات العشر، وديواني طرفة والشماخ، وأمالي الزجاج…[3]

وهكذا كان مترجمنا من نوابغ عصره حفظا وضبطا، ولقد كتب عن بلاده ووطنه الشيء الكثير إلا أنه لم يكتب أي شيء عن نفسه وشخصيته…

قال عنه الخليل النحوي في كتابه: “بلاد شنقيط المنارة”: “سفير من سفراء بلاد شنقيط في مراكز العلم بالشرق، تضلع في معارف كثيرة في بلاده، وسافر للحج وزار عدة بلدان واستقر بمصر وترك عدة مؤلفات من أبرزها: “الوسيط في تراجم أدباء شنقيط”.[4]

وفاته:

توفي- رحمه الله تعالى- سنة 1331ھ/1913م بمصر عن عمر يناهز الخمسين سنةكانت حافلة بالبحث والعطاء بلا حدود.[5]

مؤلفاته:

خلف عدة مؤلفات أغلبها في اللغة والأدب، منها:

• كتابه:”الوسيط في تراجم أدباء شنقيط”: وهو من أبرز مؤلفاته، وفيه تبرز قوة حافظته وغيرته الوطنية، فقد ترجم فيه ل 79 شاعرا من بلاد شنقيط، من بداية القرن الحادي عشر الهجري/17م، إلى النصف الأخير من القرن الثالث عشر الهجري/19م، اعتمادا على الذاكرة، وسبب تأليفه أن بعض النبهاء المصريين استنكروا عليه في مشاحنة متشنجة أن يتصف بالآداب غير الأقطار المشرقية، فنشر هذا الكتاب سنة 1329ھ/1911م، في الرد عليه وعلى غيره ممن يعتقدون اعتقاده، وقد ذيله بملحق في التعريف ببلاد شنقيط وتاريخها وثقافتها، ويعتبر هذا الكتاب من أقدم وأهم مصادر الشعر العربي في بلاد شنقيط.

• “الدرر اللوامع على همع الهوامع شرح جمع الجوامع”:وهو كتاب في العلوم العربية صدر في 3 مجلدات

• “الدرر في منع عمر”

• “درء النبهاني عن حرم سيدي أحمد التيجاني”

• أما ما حققه وشرحه من الكتب فهي:

• “ديوان طرفة بن العبد”

• “أمالي الزجاج”

• “صهاريج اللؤلؤ للسيد محمد توفيق البكري”

• “ديوان الشماخ بن ضرار”

• “ليس في كلام العرب لابن خالويه”

• “الإعلان بمثلث الكلام، لابن مالك”

• “تحفة المودود في المقصور والممدود، لابن مالك”

• “تصحيح كتاب الأغاني، لأبي الفرج الأصفهاني”

• “طهارة العرب”

• “شرح المعلقات العشر وأخبار قائليها”[6]

هذا غير ما لم يطبع، وغير شعره الذي لم يعن بجمعه في ديوان، كما أنه لم يورد اسمه بين الشعراء الذين عرف بهم وسجل ما وعته ذاكرته من أشعارهم وهو كثير جداً، استغرق خمسمائة واثنتين وثمانين صفحة، هي مجمل كتابه القيم النفيس الذي ذكرناه سلفا”الوسيط في تراجم أدباء شنقيط”.

الهوامش:

[1]– معلمة المغرب، من إنتاج الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، مطابع سلا، 5421-5422/16.

[2]– الوسيط في تراجم أدباء شنقيط، أحمد بن الأمين الشنقيطي، مطبعة المدني، المؤسسة السعودية بمصر، ط4، 1409ھ-1989م، ص: 4، مقدمة الكتاب.

[3]– المصدر السابق، ص: 5.

[4]– بلاد شنقيط المنارة.. والرباط، الخليل النحوي، مكتبة المنتدى الإسلامي، تونس، ط: 1987م، ص: 505.

[5]– إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع، عبد السلام بن عبد القادر ابن سودة، تحقيق: محمد حجي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط1، 1417ھ-1997م، 406/2.

[6]– الأعلام، خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، بيروت، لبنان، ط17، 2007م، 101/1.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق