مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعينأعلام

الصحابي الجليل: أبو سعيد الخدري رضي الله عنه

 

 

بقلم: يونس السباح

اسمه وكنيته ونسبه:

هو سعد بن مالك، بن سنان، بن عبيد، بن ثعلبة، بن الأبجر. الأنصاري، الخزرجي، أبو سعيد الخدري. مشهور بكنيته[1].

فضله ومكانته: 

كان أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، من أفاضل الأنصار، لازم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وحَفظ عنه حديثاً كثيراً، وروى عنه من الصحابة: جابر بن عبد الله، وعبد الله بن عباس، وورد المدائن في حياة حذيفة بن اليمان، وبعد ذلك مع علي بن أبي طالب لما حارب الخوارج بالنهروان[2].

كما عُرف بشدّة الزهد، والورع، حتّى كان يربط الحَجر على بطنه، من شدّة الجوع، وفي ذلك يقول: (أصبحت وليس عندنا طعام، وقد ربطت حجراً من الجوع، فقالت لي امرأتي: ائت النبي صلى الله عليه وسلّم، فاسأله، فقد أتاه فلان، فسأله فأعطاه.

فقلت: لا، حتى لا أجد شيئاً. فطلبتُ فلم أجد شيئاً، فأتيت النبيّ صلى الله عليه وسلّم، وهو يخطب، فأدركت قوله: “ومن يستغن يغنه الله، ومن يستعفف يعفّه الله”)[3]. وما هذا الاستغناء إلاّ ببركة اقتدائه في التّعفّف بقول النبي صلى الله عليه وسلّم.

إمامته في الحديث وأخذ الصحابة عنه:

كان هذا الصحابي الجليل من الملازمين للنبي صلى الله عليه وسلّم، ممّا جعله يتبوأ مكاناً رفيعاً بين الصّحابة، فقد رَوى عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ألف حديث ومائة وسبعون حديثًاً [1270]،  اتَّفق البخاري ومسلم على ستة وأربعين منها، وانفرد البخاري بستة عشر، ومسلم باثنين وخمسين[4].

 وروى أبو سعيد عن جماعة من الصحابة أيضاً، منهم أبو بكر، وعمر، وعثمان، وزيد ابن ثابت، وأبو قتادة، وعبد الله بن سلام، وأبوه مالك بن سنان رضي الله عنهم أجميعن[5].

بعض مواقف أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وجهوده:

تحدّث العلماء عن مواقف وجهود هذا الصحابي الجليل، وفي مقدّمتهم الإمام الذهبي رحمه الله، الذي وصفه بأنّه أحد الفقهاء المجتهدين[6].

وممّا حُفظ عنه من مواقفه، جهوده في تعليم القرآن الكريم، الذي تربّى على منهجه، وسار على دربه، وحرص على إتقانه، وحسن تدبّره.

وفي هذا الصّدد يروي أبو نضرة رضي الله عنه فيقول: (كان أبو سعيد يعلّمنا القرآن خمس آيات بالغداة، وخمساً بالعشي) [7].

ومن مواقفه الأثيرة، مع طلبة العلم، أنّه كان يحتفي بهم، ويخفض لهم الجناح، ويمدّ لهم يد العون، بل يوصي بهم خيراً وإحساناً، ومما روي عنه في هذا الصدد ما أخرجه الترمذي عن أبي هارون، أنّه قال: (كنا مع النبي صلّى الله عليه وسلم، فيقول: مرحباً بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنّ النبيّ قال: إنّ الناس لكم تبع، فاستوصوا بهم خيراً)[8].

كما حفظت عنه أقوال كلّها عبر وعظات، وحكم ودلالات، تتفق فيما مجملها على المحافظة على الكتاب، ولزوم السّنّة، والتزام الصمت إلاّ في حق والزهد في الدنيا، والورع. منها:

لما حضرته الوفاة  بعث إلى نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيهم ابن عباس، وابن عمر، وأنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، فقال: لا يغلبنكم ولد أبي سعيد، إذا أنا متّ فكفنوني في ثيابي التي كنت أصلّي فيها، وأذكر الله فيها، ولا تضربوا على قبري فسطاطاً، ولا تتبعوني بنار، واجعلوا في سريري قطيفة، أرجوان ولا تتبعني باكية[9].

وفاته رضي الله عنه، ومقبره:

توفى بالمدينة يوم الجمعة سنة أربع وستين، وقيل: سنة أربع وسبعين، ودفن بالبقيع[10].

 


[1]  تاريخ بغداد: 1/532.

[2]  نفسه: 1/532.

[3]  أخرجه أحمد في مسنده، مسند أبي سعيد الخدري. 17/488. ح: 11401. والبيهقي في شعب الإيمان: فصل في الاستعفاف عن المسألة. 3/267. ح: 3004. وصححه الألباني في صحيح الجامع: 1/10758. رقم: 5819.

[4]  تهذيب الأسماء  واللّغات: 2/237.

[5]  الاستيعاب: 4/1671.

[6]  سير أعلام النبلاء: 3/168.

[7]  مختصر تاريخ دمشق: 9/277.

[8]  أخرجه الترمذي في جامعه: كتاب العلم. باب  ما جاء في الاستيصاء بمن يطلب العلم، 5/30. ح: 2650. وحكم عليه الألباني بالضعف، في ضعيف سنن الترمذي: 1/315.

[9]  تاريخ دمشق: 20/396.

[10]  تهذيب الأسماء واللّغات: 2/237. سير أعلام النبلاء: 3/168.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق