مركز الدراسات والبحوث في القضايا النسائية في الإسلام

السيدة فاطمة زاه: تحارب الأمية من أجل تنمية أوركا إيداوتنان

سارة لوكيلي (متدربة)

 

 

 

السيدة فاطمة زاها امرأة تجاوزت الثمانين من عمرها، ولا تزال تشع حيوية وأملا وإصرارا على العمل. هي مثال للتحدي و قوة الإرادة و العزيمة وقدوة يحترمها كل من يعرفها. دفعها فضولها ورغبتها في قراءة القرآن للانخراط في برنامج محو الأمية منذ سنة 1997 حيث تعلمت قواعد القراءة والكتابة باللغتين العربية والفرنسية ثم بعد ذلك انتقلت إلى نشر رسالتها عبر تعليم بنات و نساء قريتها والقرى والدواوير المجاورة عبر تأسيس جمعية تاليليت (العتق أو النجاة).

في جبال منطقة إداوتنان تقع قرية أوركا المكان الذي قضت فيه السيدة فاطمة كل حياتها حيث أنها تنتمي إلى جيل لم ترتد فيه فتياته المدرسة وتزوجت عن سن الثانية عشر. تحكي السيدة فاطمة قصة انخراطها في الحركات التحريرية أثناء فترة الاستعمار منذ اكتشافها آنذاك متعة الاستماع إلى المذياع بالرغم من عدم فهمها لما يقال بالعربية كونها من أصول أمازيغية. حفظت السيدة فاطمة جملة من خطاب الملك محمد الخامس بعد عودته من المنفى، ” وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ. “؛ و لم تكن تعرف أنها آية قرآنية من سورة فاطر إلا بعد أن تعلمت القراءة وتلاوة القرآن.

تصف السيدة فاطمة النور الذي اكتشفته عقب تعلم القراءة والكتابة حيث أحست بضرورة مشاركته مع نساء المنطقة خاصة مع من هن في عمرها. ويمكن القول إن الفرق بين فرحة التعلم و ظلمات الجهل يتمظهر فيما استطاعت أن تنجزه هذه السيدة في محيطها من تغيير حيث استعانت في تحقيق حلمها بابنتها الحاصلة على تعليم جامعي من أجل العمل سويا على تحسيس نساء ورجال المنطقة بأهمية محو الأمية وأن العلم والتعلم هو عصب الحياة.

لم تكن البداية سهلة فقد واجهت الاثنتان صعوبات عدة كان العائق الأكبر فيها هو عقلية المجتمع الأمازيغي المحافظ و التي، حسب قناعة السيدة فاطمة زاها، يجب أن تتغير. وبالرغم من ذلك استطاعت إقناع العديد من سكان المنطقة بالانخراط في برنامج محو الأمية مستعينة في ذلك بكونها ابنة المنطقة و ابنة أحد أكثر الرجال احتراما بين الناس. باشرت السيدة وابنتها بإحصاء النساء الراغبات في التعلم بقريتها والقرى المجاورة بالإضافة إلى عدد من الفتيات اللواتي لم يتجاوزن التعليم الابتدائي، فكانت البداية أنه من أصل 240 امرأة من 26 قرية، استطاعت 226 منهن الانخراط في برنامج التعلم و محو الأمية بحدود سنة 2010.

كذلك ثم تأسيس جمعية تاليلت الغير الربحية بأوركا بتاريخ 30 غشت 2002 للتنمية الاجتماعية والاقتصادية و البيئية بمساهمة نساء وفتيات ورجال وشباب وأطفال المنطقة. ومن خلال خلق برنامج للإدماج المهني إلى جانب برنامج التعليم تساهم الجمعية اليوم في تحسين مستوى العيش بالمنطقة والحد من الهجرة إلى المدن. وتلعب الجمعية اليوم دورا حيويا في منطقة أوركا التي إلى حدود سنة 2003 كانت في أمس الحاجة إلى محرك جمعوي خصوصا وأنها منطقة جبلية ذات أنشطة فلاحية محدودة. كما أن دورها لم يعد يقتصر على التعليم بل امتد إلى خلق مصادر للدخل لعائلات المنطقة. فالجمعية حقا تقدم مثالا يحتدا به في إدماج المرأة عبر التعليم والتشجيع على الدخول في سوق الشغل عبر التعاونيات التي تشمل الأركان و تربية النحل و السلع الحرفية…إلخ.

بعض منتجات الجمعية

 

تلقت السيدة فاطمة زاها دعما وتشجيعا من طرف السلطات وكذلك المنظمات الحكومية والغير حكومية و الذي تكلل بتوقيع شراكات مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، جماعتي أكادير و تغازوت، اتحاد جمعيات محو الأمية، وفد وزارة التعليم… و قد قدمت الجمعية عملها في العديد من المعارض الوطنية والمحافل ذات الصدى الدولي لتصبح مؤسِسَتها مرجعا في مجال محو الأمية و نموذجا يحتدى به عالميا.

 

 

 

 

نشر بتاريح: 02 / 04 / 2015

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق