وحدة المملكة المغربية علم وعمرانمعالم

الزاوية الوزانية

الدكتور مصطفى مختار

باحث بمركز علم وعمران

 

نشأ المولى عبد الله بن إبراهيم الوزاني بجبل العلم من قبيلة بني عروس. وقرأ القرآن على بعض أولاد ابن ريسون، بتازروت [1]. وكان يتصل بخالة له هي زوجة الصالح سيدي الحسن ابن ريسون، دفين داخل باب الفتوح، والذي كان ينوه به [2].

 وأخذ المترجم عن سيدي علي بن أحمد اللنجري، نزيل زاوية صرصر قرب القصر الكبير [3]، والذي بعثه بعد ذلك لطلب العلم في تطوان. وبعد سنوات انتقل إلى فاس. وهناك لقي سيدي مَحمد ابن عطية، دفين الرميلة من فاس الأندلس. فاستضافه رفقة بعض إخوانه بداره التي كانت بصحنها شجرة مغروسة. ودرس على مجموعة من علماء فاس وصلحائها [4]. وساح في كثير من بقاع المغرب [5].

 وبعد وفاة شيخه سيدي علي الصرصري، نزل المولى عبد الله الشريف مدشر شقرة، المعروف حاليا بالكَزروف، على مقربة من الحدود بين قبيلتي مصمودة ورهونة. حيث دخل الخلوة هناك نحو أربعة عشر شهرا [6]. ثم خرج، فجعل يعطي الأوراد، ويطعم الطعام للوراد [7]. وبعد ذلك نزل وازان بدار سيدي أبي سلهام ثم ارتحل إلى دار السلام [8]. وبنى جامع وزان. وجعله محل علم [9].

 وبعد وفاته قام بأمر زاويته ابنه سيدي محمد الذي كان يبعث لسيدي الحاج الخياط الرقعي مالا، فيشتري به ملابس ليفرقها على أبناء السبيل والضعفاء والأرامل حين يأتي فصل الشتاء [10]. وزار سيدي محمد الوزاني المولى إسماعيل بمكناسة. وهناك أتاه المولى قاسم ابن رحمون، القاطن بحومة فندق اليهودي [11]، من فاس ليزوره ويتبرك به [12]. وكان سيدي محمد الوزاني قد أرسل أحد أصحابه إلى جامع القرويين ليلتقي هناك عند باب الحفا بسيدي أحمد ابن الحاج السلمي [13].

 وإثر وفاته تكفل بالزاوية ابنه المولى التهامي الوزاني الذي كان يخدم جده المولى عبد الله الشريف خلال وضوئه [14]. وحين زار أحد أحفاد المولى عبد السلام بن مشيش والده سيدي محمد، طلب منه أبوه إعطاءه فرسا أتحفه بها أخواله [15]. وزاره هو رجل آخر من أحفاد المولى عبد السلام [16] الذي أذن المولى التهامي الوزاني لبعض أصحابه في زيارة ضريحه [17].

 ورافق سيدي عبد السلام الركال، دفين زاوية الشرشور بفاس القرويين، شيخَه سيدي محمد بن التهامي الوزاني من بني زكار أو فنزكار، بمنطقة جبالة، إلى وزان، ليزورا أباه المولى التهامي الوزاني [18].

 وسافر إليه سيدي قاسم ابن رحمون ليعزيه في وفاة أبيه سيدي محمد الوزاني. وهناك أخذ عنه قائلا: أخذ علينا العهد سيدي الحاج الخياط أن لا نخفر عهد هذه الدار  [19]. مثل ما زار هو الزاوية الوزانية بحومة الشرشور [20].

 وكان سيدي الحاج المهدي الصحراوي، تلميذ سيدي محمد بن عبد الله الوزاني وابنيه، قادما من فاس ذاهبا إلى المولى عبد السلام ابن مشيش رفقة سيدي محمد بن عبد الله المشاط وابنه وأحد الطلبة، فبلغوا وزان وزاروا سيدي محمد الوزاني وابنه المولى التهامي الذي أعطى المشاط ما يقرب من الثلاثين أوقية. وبعد مدة هرب هذا الفقيه من فاس خلال قضية الحراطين إلى وزان، فدرس بزاويتها [21].

 وقبيل موت المولى التهامي الوزاني عاده المولى قاسم ابن رحمون مرتين إحداهما رفقة سيدي محمد بن علال القادري المشارك في بناء قبة المولى عبد الله الشريف الوزاني [22]. فزارا معا المولى الطيب بحي القشريين، بالجهة الغربية من وزان عند الحدود الشمالية الشرقية لقبيلة مصمودة. فقدم لهما خبز شعير وزيتون [23]. وأسرج لهم في شقف فخار فيه أعواد ملطخة بقطران [24]. وفي حي القشريين بنى سيدي عبد الكريم بن الطيب الوزاني داره بأمر من والده [25].

 وبعد وفاة المولى التهامي الوزاني، بنى عليه أخوه المولى الطيب قبة أعاد بناءها أكثر من مرة [26]. وقام بتدبير شؤون الزاوية، قاطنا في حي دار السقف [27] ذي الجمالية الحفيلة [28].

ولما زار الفقيه حمدون بن محمد الطاهري، صاحب "تحفة الإخوان ببعض مناقب شرفاء وزان"، المولى الطيب، بوزان، رفقة شيخه المولى قاسم ابن رحمون، دخلا معا إلى ضريح المولى عبد الله الشريف [29].

 وكان المولى الطيب الوزاني قد اتصل بسيدي الحاج الخياط الرقعي وسيدي محمد بن الفقيه حين كان يقرأ في المكتب، بوزان [30]. ولما توفي والده سيدي محمد الوزاني أخذ عن أخيه المولى التهامي الذي قال له وهو عائد من زيارته المعتادة لقبر والدهما: أين كنت؟. قال: يا سيدي، بضريح والدي. فنثر السبحة من يده وقال له: السر سري، فسر بسيري ولا تنسب إلى غيري [31].

 وقدم سيدي علي- الجمال- بن عبد الرحمن العمراني، شيخ المولى محمد العربي بن أحمد الدرقاوي [32]، على المولى الطيب الوزاني بعد وصية من مشايخ تونس. فلقيه بوزان. ثم بعثه إلى فاس [33].

 وكان سيدي محمد بن علي المنالي الزبادي قادما إلى ضريح المولى عبد السلام بن مشيش. وحين بلغ وزان لقي الشيخ المولى الطيب المذكور [34]. وبعد زيارتهم للضريح المشار إليه قفلوا إلى وزان، فبعث المولى الطيب الفقيه المنالي مع سيدي التاودي ميارة إلى قرية اسجن. وتابع الشيخ المنالي طريقه إلى فاس. حيث أبلغ رسالة من المولى الطيب الوزاني إلى مريده سيدي أحمد الخضار الذي أرسل إلى دار المنالي جلدا من السمن مساعدة له في زواجه [35].

 ولما رحل المولى عبد الله العلوي عن موقع ضريح سيدي عبد الكريم بقرية "القلة" التي تبعد عن القصر الكبير بحوالي 70 كلم إلى الشمال الشرقي منه، نادى الباشا أبا سلهام الحمادي وقال له: انظر سبعة من الثيران السمان وسر بها إلى وازان، واذبح ثلاثة على مولانا عبد الله الشريف، واثنين على ولده سيدي محمد، واثنين على مولاي التهامي، وطريقنا على دار العباس (قرب وزان) للقصر [36].

 وبقرب ضريح سيدي عبد الكريم المذكور بات المولى قاسم ابن رحمون وسيدي التهامي بن علي البوعناني، المقدم على الزاوية الوزانية بفاس بعد المولى قاسم، حين كانا قادمين لزيارة المولى الطيب الوزاني [37].

وكانت للمولى الطيب الوزاني صلة بسيدي محمد المعطي بن الصالح الشرقي، صاحب "ذخيرة المحتاج"، الذي بعث أحد أصحابه إلى القصر الكبير. وقال له: إن جزت لوزان فزر مولاي الطيب واطلب منه الدعاء [38].

في حين كان العربي بن المعطي الشرقي صديقا للشيخ علي بن أحمد الوزاني، وعند وفاته رثاه بقصيدة مطلعها:

إلى الله أشكو فُجأة الرُّزء والصبر      وما يذهل الأفكار من حدث الدهر [39]

وكان للمولى الطيب الوزاني اهتمام بالعمارة. حيث قام ببناء مسجد وزان والمدرسة وأدار به حوانيت وأسواقا وفنادق وغير ذلك. وجعلها وقفا لله تعالى [40].  وتردد محمد التاودي ابن سودة على وزان مرارا يُقرئ ويُدرس. وكان الشيخ مولاي الطيب يستفهمه في القضايا العلمية [41]. وأما محمد بن الحسن الجنوي، فقد تتلمذ له بالزاوية الوزانية، وبمسجدها الكبير محمد بن الصادق ابن ريسون [42].

وكان محمد ابن ريسون قد أخذ الطريقة الوزانية عن الشيخ المولى الطيب الوزاني، وتزوج حفيدته زينب، بنت الشيخ أحمد الوزاني. وصحب الشيخ عليا بن أحمد الوزاني. ودرّس بمسجد المولى عبد الله الشريف. حيث أخذ عنه بعض طلبة وزان، منهم المولى التهامي بن علي الوزاني، وصهره سيدي علي الوزاني [43].

وأما التهامي بن أحمد الحمومي، شيخ الزاوية الحمومية الوزانية ببني زروال، فقد تلقى تعليمه الأول، على عهد مولاي الطيب، بالزاوية الوزانية، حيث درس بها مختصر خليل وتحفة ابن عاصم على الفقيه أحمد بن علي الشدادي [44].

وأما محمد بدر الدين الحمومي، فقد تتلمذ على الفقيه محمد الرهوني بوزان. وقطن طويلا حي القشريين، وتصدى للتدريس بالمدينة قبل انتقاله إلى فاس [45]. وأخذ سيدي عبد القادر العلمي عن الشيخ المولى الطيب الوزاني، ونظم في دار الضمانة قصيدة حربتها:

يدار الضمنا يدار الخير والحسان يا هل وزان بجاه جاهكم يلطف بيا عالم الــخــفــيــا [46].

وأما أحمد بن محمد الريسوني، فقد درَس، بالزاوية الوزانية، علم القراءات [47]. في حين استجاز أحمد بن عبد الملك المكناسي في الطريقة الناصرية عبد السلام الناصري. وتوثقت صلته بعبد الله بن أبي بكر السهلي، شيخ الزاوية الوزانية بمكناس. ورثى الشيخَ سيدي علي بن أحمد الوزاني في قصيدة مطلعها:

لقد ضاقت الأرجاء يا أم عامر      وعم الدجى الأقطار واحلولك الدهر [48]

وأما التهامي الحميري الأبيري، فقد اتصل، رفقة صديقه عبد الله بن علي الرجراجي السكياطي، بالشيخ سيدي علي بن أحمد بوزان. وأخذ عنه الطريقة الوزانية، وأجازه في دلائل الخيرات، وبعض أحزاب الطرق الصوفية [49].

 

الإحالات:

[1] سلوة الأنفاس، ج1، محمد الكتاني، تحقيق: عبد الله الكامل الكتاني- حمزة الكتاني- محمد حمزة الكتاني، مطبعة النجاح الجديدة، 2004 م، ص423؛ وفهرسة مولاي عبد الله الشريف الوزاني، عبد السلام القادري، تحقيق: عبد السلام المنصوري، الرابطة المحمدية للعلماء، 2017 م، ص171، 175، 176، 233؛ ووزان دار الضمانة، ج2، عبد السلام البكاري & محمد احمامو، 2020 م، ص457.

[2] تحفة الإخوان، حمدون الطاهري، تحقيق: محمد العمراني، مطبعة سايس كَرافيك، 2011 م، ص129؛ وفهرسة مولاي عبد الله الشريف، ص176، 203.

[3] نشر المثاني، ج2، محمد القادري، تحقيق: محمد حجي- أحمد التوفيق، مطبعة النجاح الجديدة، 1982 م، ص233؛ وكتاب التقاط الدرر، المؤلف نفسه، تحقيق: هاشم العلوي القاسمي، دار الآفاق الجديدة، 1986 م، ص208؛ وسلوة الأنفاس، ج1، ص423؛ وتحفة الإخوان، ص126؛ وفهرسة مولاي عبد الله الشريف، ص179، 181، 205، 235، 466؛ ووزان دار الضمانة، ج2، ص459.

[4] تحفة الإخوان، ص130- 131؛ وفهرسة مولاي عبد الله الشريف، ص173، 177- 178، 179، 181- 203، 211- 212، 223، 234- 235، 236، 285- 376، 420- 446، 464- 465، 469- 546؛ ووزان دار الضمانة، ج2، ص459.

[5] فهرسة مولاي عبد الله الشريف، ص179- 181، 222، 223، 234.

[6] تحفة الإخوان، ص131- 132؛ وفهرسة مولاي عبد الله الشريف، ص213، 236، 243، 250؛ ووزان دار الضمانة، ج2، ص459.

[7] تحفة الإخوان، ص132؛ ووزان دار الضمانة، ج2، 459، 460؛ وفهرسة مولاي عبد الله الشريف، 214، 215، 217، 218، 219، 230، 236، 243.

[8] تحفة الإخوان، ص129، 138؛ وفهرسة مولاي عبد الله الشريف، ص218، 236؛ ووزان دار الضمانة، ج2، ص459.

[9] فهرسة مولاي عبد الله الشريف، ص220، 236، 251- 256، 281.

[10] تحفة الإخوان، ص148.

[11] نفسه، ص145.

[12] نفسه، ص150- 151.

[13] نفسه، ص156 والهامش رقم 130.

[14] نفسه، ص168.

[15] نفسه، ص169.

[16] نفسه، ص174.

[17] نفسه، ص174- 175.

[18] نفسه، ص170 والهامش رقم 97.

[19] نفسه، ص171.

[20] نفسه.

[21] نفسه، ص175- 177.

[22] فهرسة مولاي عبد الله الشريف، ص257- 269؛ وتحفة الإخوان، ص183، الهامش رقم 16؛ ووزان دار الضمانة، ج2، ص460.

[23] تحفة الإخوان، ص183 والهامش رقم 16، والهامش رقم 17.

[24] نفسه، ص184.

[25] نفسه، ص194.

[26] نشر المثاني، ج3، مطبعة النجاح الجديدة، 1986 م، ص227.

[27] تحفة الإخوان، ص138- 139، 194.

[28] نفسه، ص139، الهامش رقم 143.

[29] نفسه، ص131، الهامش رقم 53، وص141.

[30] نفسه، ص186- 187.

[31] نفسه، ص183.

[32] سلوة الأنفاس، ج1، ص410، 411.

[33] نفسه، ص409.

[34] سلوك الطريق الوارية، محمد المنالي الزبادي، تحقيق: عبد الحي اليملاحي، مطبعة الخليج العربي، 2012 م، ص203، 204.

[35] نفسه، ص206.

[36] تحفة الإخوان، ص194 والهامش رقم 130.

[37] نفسه، ص197 والهامش رقم 152.

[38] نفسه، ص197.

[39] الممارسة الثقافية للزاوية الوزانية، ج2، عبد الإله لغزاوي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا، كلية الآداب بالرباط، 1995- 1996 م، ص640.

[40] نشر المثاني، ج4، مطبعة النجاح الجديدة، 1986 م، ص179؛ وفهرسة مولاي عبد الله الشريف، ص221، 222.

[41] الممارسة الثقافية للزاوية الوزانية، ج1، ص208.

[42] نفسه، ج1، ص243؛ وج2، ص560.

[43] نفسه، ج2، ص561.

[44] نفسه، ج1، ص267.

[45] نفسه، ج1، ص268.

[46] نفسه، ج2، ص654.

[47] نفسه، ج1، ص272.

[48] نفسه، ج2، ص640.

[49] نفسه، ج2، ص642.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق