الرابطة المحمدية للعلماء

الدكتورة المريني تكتب “ما تبقى من رحلة ابن حمويه”

من المعروف عند الحديث عن الرحلة في المغرب أن الاهتمام ينصرف إلى المشرق، إذ كانت رحلات المغاربة إليه لأسباب متعددة علمية أو أدبية أو تجارية أو سفارية، وفي بعض الأحيان استكشافية، وأغلب الرحلات كانت إلى الحجاز وبلاد الصين وإلى بلاد أوروبا في عهود متأخرة، ومن هذه الرحلات، على سبيل المثال، رحلة ابن فضلان ورحلة ابن حوقل ورحلة ابن بطوطة ورحلة المسعودي وغيرها من الرحلات.

ولكن ابن حمَّويه (تاج الدين أبومحمد عبدالله بن عمر بن علي بن محمد بن حمويه الجويني السرخسي الخراساني المتوفى في دمشق سنة 642 هـ) فعل العكس، فرحل إلى المغرب وسميت رحلته “الرحلة المغربية”.

وقد قامت الباحثة المغربية الدكتورة نجاة المريني بجمع وتحقيق وتقديم ما تبقَّى من هذه الرحلة، وصدرت في كتاب يحمل الرقم 16 ضمن سلسلة “من تراثنا الشعري” التي يصدرها مركز البابطين لتحقيق المخطوطات الشعرية، بتقديم للدكتور أحمد مطلوب أمين عام المجمع العلمي في بغداد الذي أوضح الجهد الذي قامت به المريني، والأسلوب العلمي الذي اتبعته في التصنيف والتحقيق من متابعة نصوص الرحلة في المصادر المختلفة وإثبات النص كما جاء في أقدم المصادر، وتخريج النص، والإشارة إلى ما فيه من اختلاف في الروايات، وترجمة الأعلام الواردة في النصوص، وشرح الكلمات الغامضة أو الغريبة، ووضع بحور الأشعار الواردة في النصوص، وذكر بعض التعليقات على تلك النصوص.

ويؤكد مطلوب أن هذا هو المنهج السليم في جمع النصوص وتحقيقها، ويشير إلى أنه لولا تخصص الدكتورة نجاة المريني بالأدب المغربي ما استطاعت أن تقف على النصوص المبعثرة في المخطوطات والكتب المطبوعة التي ذكرتها في خاتمة كتابها عن رحلة ابن حمَّويه.

وقد قسمت المريني كتابها الصادر في 96 صفحة من القطع المتوسط، إلى ثلاثة أقسام هي: التعريف بابن حمَّويه السرخسي، ثم الرحلة المغربية، ثم جمع شتات نصوص رحلة ابن حمَّويه من مصادر متعددة أدبية وتاريخية، ثم تحقيقها وتخريج استشهاداتها.

وتوضح الباحثة المغربية أن رحلة ابن حمَّويه استغرقت ست سنوات (من 594 إلى 600 ه) التقى فيها علماء ومشايخ المغرب والأندلس وجالسهم وذاكرهم، ودوَّن أخبارهم وأشعارهم في رحلته مما قد لا نجده في غيرها من مصادر العصر.

وهي تؤكد أن هذه الرحلة في حكم الرحلات الضائعة، ولذلك يصعب الجزم بتحديد نوعها أو الأسباب المباشرة التي دعت الرحَّالة إلى القيام بها، غير أنه من الممكن التخمين بأنها من الرحلات السياسية السفارية، إذ تكون الغاية من سفر صاحبها القيام بسفارة لدى دولة أجنبية، وهو ما يرجحه أيضا الباحث المغربي الدكتور محمد بن شريفة.

ميدل إيست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق