الرابطة المحمدية للعلماء

الدار البيضاء تشيع الفقيد محمد الصمدي في موكب جنائزي مهيب

عرف الفقيد، رحمه الله، بسعة علمه، ودماثة خلقه، وتبحره في العلوم الشرعية والمذهب المالكي

جرت ظهر أمس الأحد 10 شوال 1431هـ الموافق لـ 19 شتنبر 2010م بمدينة الدار البيضاء، مراسيم تشييع جنازة الفقيد الشيخ محمد الصمدي؛ عضو المجلس الأكاديمي للرابطة المحمدية للعلماء بعمالة  مقاطعات مولاي رشيد، الذي وافته المنية أمس السبت 18 شتنبر 2010م، عن سن يناهز 74عاما. أمضاها رحمه الله في العلم والتعليم، والإمامة والخطابة، والدعوة والتربية والوعظ والإرشاد.

وبعد صلاتي الظهر والجنازة بمسجد عمر بن الخطاب بحي السدري الذي عرف فيه الفقيد إماما وخطيبا وأستاذا، نقل جثمان الراحل إلى مثواه الأخير بمقبرة  الغفران بالدار البيضاء حيث ووري الثرى في موكب جنائزي مهي،ب بحضور فضيلة الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء الدكتور أحمد عبادي، وكل أعضاء المجلس الأكاديمي للرابطة المحمدية بجهة الدار البيضاء الكبرى، وعدد غفير تجاوز الستين ألفا من طلبة الفقيد ومحبيه  من العلماء وشخصيات تنتمي إلى عالم الفكر.

وتليت، بهذه المناسبة، آيات بينات من الذكر الحكيم، كما رفعت أكف الضراعة إلى الله العلي القدير، بأن يتغمد الراحل بواسع رحمته، ويشمله بمغفرته ورضوانه.

الشيخ محمد الصمدي في سطور :
-مساره العلمي : – من مواليد ضواحي إقليم العرائش سنة 1936 م  
                   – حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة .           
                   – تعلم العلوم الشرعية على يد شيوخ كبار.
                   – أجازه عدد غير قليل من شيوخ العلم في كثير من الفنون.
                  – اشتغل مدرسا في سلك التعليم الابتدائي مع بداية الاستقلال اعتزل التعليم ليتفرغ للدعوة وتعليم العلوم اللغوية والشرعية لطلبة العلم من مختلف التخصصات .
                – عمل خطيبا وإماما راتبا وواعظا بمسجد عمر بن الخطاب، حي السدري، عمالة مولاي رشيد منذ 1984 إلى أن وافاه  الأجل.
                – عمل مدرسا للعلوم الشرعية بالمسجد نفسه من بلاغة ونحو                  وأصول وفقه المذهب المالكي الذي كان رحمه الله، مرجعا فيه، لفائدة طلبة العلم من مختلف المستويات الجامعية
               – عينه مولانا أمير المومنين جلالة الملك محمد السادس حفظه الله عضوا في المجلس الأكاديمي للرابطة المحمدية للعلماء في يونيو 2006   

أخلاقـــه :   كان – رحمه الله – يتصف بمكارم الأخلاق ، من تواضع وكرم وحب للخير ، يألف ويؤلف ، يضفي على مجالسه الملاحة في جد ، جذاب بدماثة خلقه ، يحبه من يعرفه ومن لا يعرفه، حريص على النصح لكل مسلم، شجاع في مواقفه، لا يخاف في الله لومة لائم، صبور في مجالسه العلمية، لا يكل ولا يمل ….

وبموته – رحمه الله –  يكون جميع من تتلمذ على يديه، ومن جالسه، ورافقه من الأصدقاء والأحبة وجمع رواد المسجد الذي كان فيه إماما وخطيبا وواعظا، وجميع المغاربة  قد فقدوا عالما من العلماء العاملين المخلصين لدينهم ووطنهم ولأمة المغربية جمعاء، وإنا لله وإنا إليه راجعون.    
وهذه نبذة من بعض ما حكاه عن نفسه من سيرته، قال رحمه الله :

لقد تربيت في قرية “الخِربة” من قبيلة “بني يّسف ” إقليم العرائش حاليا، وقد حفظت بها القرءان الكريم على يد والدي الذي كلن يتعاطى مهنة ” التدريس” في تلك اللحظة من أيام طفولتي، وقد اهتبلها فرصة حين رأى ما بي من مخايل النبوغ وحدة الحافظة –رحمه الله- فحفظني أيضا على يديه المتون الآتية :

مختصر خليل حيث كنت أحفظه كله عن ظهر قلب، ومتون الأجرومية وألفية ابن مالك، ولامية الأفعال له في النحو والصرف والجمل في الإعراب للمجرادي، ومنظومة الاستعارة في البيان للشيخ الطيب بنكيران، كما حفظني السلم في المنطق للأخضري، وفي الفقه أيضا تحفة ابن عاصم الأندلسي في التوثيق والمعاملات، ولامية الزقاق في نفس المجال: أي في التوثيق والمعاملات، ومنظومة ابن عاشر في العقيدة والعبادة .
هذا، وما يجدر ذكره أن الوالد – رحمة الله عليه – لم يكن من أهل العلم ولم يطلبه في حياته كلها، وإنما كان يحفظ كتاب الله برواية ورش عن نافع و أبي عمرو البصري، لكنه كان يتحسر على نفسه، وكان نادما أن فرط في طلب العلم أيام التحصيل، لذلك وجهني هذا التوجه، فسهر على تحفيظي لهذه المتون بعد أن حفظت كتاب الله عليه مباشرة .

ثم أرسلني بعد ذلك لطلب العلم من أحد أصهاره : الشيخ الجليل والعالم الفاضل السيد عبد الرحمن البَرّاق حيث درست عليه متن الآجرومية ومتن الألفية في النحو ومنظومة ابن عاشر، وبعد أن ختمت عليه – رحمه الله – ختمة في ألفية ابن مالك وسلكة أخرى وصلتها معه إلى الإضافة،  انتقلت للدراسة على العلامة الفقيه “المرابط ” حيث ختمت عليه أيضا ألفية ابن مالك بالمكودي ومنظومة الاستعارة في البيان للشيخ الطيب بنكيران وختمة في منظومة السلم للأخضري في المنطق بشرح القوَيسِنِي .

ثم تنقلت لطلب العلم على أحد أبناء عمنا العالم الفاضل السيد عمر الصمدي حيث ختمت عليه الألفية مرتين بشرح المكودي ومتن ابن عاشر في العقيدة والعبادة وختمت عليه منظومة الاستعارة الآنفة الذكر،  والجزء الأول من مختصر خليل بشرح الدردير في فقه العبادات وفقه الذكاة به أيضا،  وأبوابا من تحفة ابن عصم ولآمية الزقاق وختمت عليه منظومة الآستعارة للشيخ الطيب بنكيران،  والمنطق بشرح القويسني.

ثم رحلت إلى تطوان فأخذت بها عن الفقيه التجكاني صحيح البخاري بشرح القسطلاني ومقدمة ابن السبكي في الأصول على العلامة الفقيه الفحصي،  والعلامة المرابط مفتي الرابطة سابقا،  كما درست على هذا الأخير أبوابا من فقه البيوع بشرح الدردير على خليل ودرست بتطوان أيضا على العلامة المعقولي السيد العربي اللّوه فن المعاني من التلخيص بشرح السعد .

ودرست على العلامة الأصولي الشيخ الحراق مقدمة ابن السبكي من جمع الجوامع في الأصول وفن البديع من التلخيص بشرح السعد .

وأخيرا انتفعت كثيرا بدراستي على العلامة المحقق الشيخ محمد الزمزمي ابن الصديق التفسير للبغوي حتى سورة التوبة،  ومنها إلى الناس بتفسير ابن كثير، كما درست عليه الخلاف العالي من كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد و درست عليه أبوابا من المستصفى للغزالي في الأصول،  كما درست عليه أيضا أجزاء من موطأ الإمام مالك بشرح التمهيد إلى ما يقرب من الجزء السابع،  ودرست عليه كتابه في الأصول “المحاذي بجمع الجوامع ” وهذا ما تيسر لي جمعه من الدراسات المفيدة على هؤلاء الشيوخ رحمة الله عليهم.

فرحم الله الفقيه الشيخ محمد الصمدي رحمة واسعة، وتغمده بواسع رحمته، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق