الرابطة المحمدية للعلماء

الحوار بين الحضارتين العربية والصينية

دور رحلة ابن بطوطة في تقديم الصين للعالمين العربي والغربي

اختتمت فعاليات الدورة الثالثة لندوة الحوار بين الحضارتين العربية والصينية، التي أقيمت أخيرا، بالمجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون “بيت الحكمة” بقرطاج. وقد عرفت هذه الدورة مشاركة الدكتور عبد الهادي التازي عضو أكاديمية المملكة، إلى جانب ثلة من الخبراء والأكاديميين والمختصين الصينيين والعرب.

وتميزت الدورة بإقامة معرض يتضمن عشرات المؤلفات التي ترجمت من الصينية إلى العربية ومن العربية إلى الصينية.

وكان من أبرز المؤلفات العربية المترجمة إلى اللغة الصينية رحلة ابن بطوطة، التي صدرت عن أكاديمية المملكة المغربية في خمس مجلدات تحت إشراف الدكتور عبد الهادي التازي، وتولى ترجمتها إلى الصينية الأستاذ الصيني لي لميا كوانغبين في ألف صفحة. وهي المرة الأولى التي تصدر فيها ترجمة رحلة ابن بطوطة كاملة بالاعتماد على إصدار أكاديمية المملكة الغني أيضا، بالتعاليق والصور والخرائط والرسوم، وهو العمل الذي وجد صداه الواسع في الصين, وكان محل إشادة وتنويه من قبل المشاركين في الندوة من العرب والصينيين على حد سواء.

وسلط الدكتور التازي الضوء في العرض الذي ألقاه، بالمناسبة على أهمية دور رحلة ابن بطوطة في تقديم الصين للعالمين العربي والغربي، مشيرا إلى أن هذه الرحلة ترجمت إلى أكثر من 50 لغة كمرجع تاريخي هام لفهم تاريخ العالم العربي.

وأبرز أن شخصية ابن بطوطة مثلت محورا لأكثر من 1500 أطروحة في الولايات المتحدة الأميركية. كما جرى الاحتفاء بهذا الرحالة قبل 10 سنوات في نيويورك خلال المؤتمر العالمي لـ “لأسماء الجغرافية في حوار الشرق والغرب” الذي يعرف اليوم بحوار الثقافات والحضارات.

وقال إن ابن بطوطة قدم بصدق وأمانة الصين بحضارتها وتراثها وفنونها، مشيرا إلى أن ما يستأثر بالاهتمام في هذه الرحلة حديث ابن بطولة عن كونه أخذت له صور في الصين وهو ما يدل على أن هذا البلد كان له السبق في عالم التصوير .

ومن جهته، أشار عبد الرؤوف الباسطي وزير الثقافة والمحافظة على التراث التونسي، إلى إسهامات الحضارة الصينية في إثراء الحضارة الكونية، من خلال إنجازاتها المهمة في مجالات العلوم والصناعة والطب والفلك والمعمار، مبرزا أيضا، البصمات التي تركتها الحضارة العربية في شتى المجالات من خلال مؤلفات في التاريخ والجغرافيا والأدب والطب والرياضيات وعلوم الحيوان والنباتات والفلك وعلم الاجتماع، الذي كان لابن خلدون فضل في وضع أسسه الأولى .

ولاحظ الوزير التونسي أن من غريب المفارقات أن العصر الحديث , الذي يعد بامتياز عصر الاتصال والتواصل , قد شهد تعطل الحوار في كثير من أصقاع العالم وتفاقم الأزمات وتصاعد دواعي صراع الحضارات وصدامها ومساعي إلى تسخير المستحدثات التكنولوجية والثورة الرقمية لتنميط الحضارة الكونية وفق النموذج الأوحد الغالب وطمس الخصوصيات الثقافية وإلغاء الحق في الاختلاف والتنوع .

من جانبه أفاد أما الشاذلي النفاتي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية ورئيس مركزها بتونس، أن الجامعة تتطلع إلى شراكة استراتيجية حقيقية مع جمهورية الصين الشعبية ترتكز على جملة من المبادئ المتفق عليها، ومن بينها السعي إلى تحقيق السلام والأمن الدوليين والتأكيد على الالتزام بمبدأ الحل السلمي للنزاعات الدولية ونبذ العنف والتطرف، واحترام الخصوصيات الثقافية والحضارية للشعوب على تنوعها، علما بأن البلدان العربية أصبحت ثامن أكبر شريك تجارى للصين.

كما أكد باى ليتشن نائب رئيس اللجنة الوطنية للمؤتمر الاستشارى السياسي للشعب الصيني ورئيس الوفد الصيني، عمق ومتانة العلاقات التي تربط الشعب الصيني ببقية الشعوب العربية والقائمة على الاحترام المتبادل والتفاهم والتي تحض على الحوار والانفتاح على الآخر وتعزيز التواصل بين مختلف الشعوب ولاسيما منها العربية.

واعتبر أن ندوة تونس تشكل امتدادا لما أفضت إليه الندوتان السابقتان من نتائج مهمة عكست حرص الطرفين على تعزيز أواصر التحاور والتشاور والتعاون بين الحضارتين، ما يجعلهما أقدر على مواجهة التحديات الماثلة المترتبة عن العولمة.

وناقش المشاركون في الندوة ثلاثة محاور رئيسة تناولت مواضيع “الصين في الثقافة العربية والعرب في الثقافة الصينية”، و”القيم الإنسانية والطبيعية في الثقافتين”، و”التعاون الصيني العربي في مجالات العلوم والتكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة”.

واتفق المشاركون في الندوة على طرح مجموعة من التوصيات منها بالخصوص التأكيد على ضرورة تطوير آفاق التعاون العربي الصيني في ميادين العلم والتكنولوجيا ووسائل الاتصالات الحديثة وتقوية التبادل الثقافي بين الجانبين وجعله خيارا استراتيجيا يؤسس لعلاقات ثقافية تشمل مختلف مجالات الفن والفكر والإبداع .

كما دعوا إلى فتح مراكز ثقافية لكل طرف لدى الطرف الآخر باعتبارها وسيلة لإبراز الخصائص الثقافية للجانبين من خلال الأنشطة الثقافية والفكرية والفنية المختلفة ووضع آلية دائمة لتفعيل حركة الترجمة للمؤلفات والكتب من وإلى اللغتين وتعزيز التواصل بين المؤسسات الجامعية العربية ونظيراتها الصينية والتشجيع على إعداد البحوث والدراسات حول الحضارتين.

وتقرر أن تعقد الدورة الرابعة لندوة الحوار بين الحضارتين العربية والصينية في الصين عام2011، علما بأن الدورتين السابقتين عقدتا على التوالي في بكين عام 2005 والرياض عام2007 .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق