الحلقة الثامنة عشرة: أسلوب التقديم والتأخير في سورة البقرة -نماذج تركيبية وأسرار بلاغية-
إن من شجاعة العربية كما يسميها ابن جني باب التقديم والتأخير(1)، وهو من سنن العرب في كلامها عند الصاحبي(2)، وهو عند عبدالقاهر: «بابٌ كثيرُ الفوائد، جَمُّ المَحاسن، واسعُ التصرُّف، بعيدُ الغاية، لا يَزالُ يَفْتَرُّ لك عن بديعةٍ، ويُفْضي بكَ إِلى لَطيفة، ولا تَزال تَرى شِعراً يروقُك مسْمَعُه، ويَلْطُف لديك موقعُه، ثم تنظرُ فتجدُ سببَ أَنْ راقكَ ولطفَ عندك، أن قُدِّم فيه شيءٌ، وحُوِّل اللفظُ عن مكانٍ إلى مكان»(3)، وحديثنا في هذه الحلقة عن التقديم والتأخير في سورة البقرة، وقبله نقف عند هذا الباب عند النحويين وبعده عند البلاغيين وصولا إلى تجليات هذا الباب في القرآن الكريم.
التقديم والتأخير عند النحويين:
يحدثنا سيبويه في صدر كتابه عن التقديم والتأخير بكلام يعتبر هو العمدة وصاحب الريادة فيه، وربما كان أول من طرق سر هذا اللون البلاغي من العلماء، فنحن نعلم أن العلماء قبله كانوا يعرفون التقديم والتأخير ولكنهم لم يقفوا على أسراره البلاغية، فهذا يونس بن حبيب (ت: 183هـ) الذي روى عنه سيبويه كثيرا من مسائل الكتاب يعرف التقديم، ويذكره حين يعرض لجواب الشرط بعد الاستفهام فيقول: «أإن تأتني آتيك بالرفع، ويقول: هو في نية التقديم، ويقدره أآتيك إن تأتني» ولا يزيد. أما سيبويه حين يعالج التقديم والتأخير في الكلام، فإنه يلفت النظر إلى سر بلاغي هام تلقفه علماء النحو والبلاغة فناقشوه مؤيدين ومعارضين، فأثرى بهذه اللفتة الطيبة كثيرا من المباحث البلاغية، فيقول في باب (الفاعل الذي يَتعداه فعلُه إلى مفعول) «فإن قدمتَ المفعولَ وأخَّرتَ الفاعل جرى اللفظُ كما جرى في الأوّل، وذلك قولك: ضَرَبَ زيداً عبدُ الله؛ لأنّك إنَّما أردت به مُؤخّرا ما أردت به مقدَّمًا، ولم تُرد أن تَشغلَ الفعل بأوَّلَ منه وإنْ كان مؤخراً في اللفظ. فَمن ثمَّ كان حدّ اللفظ أن يكون فيه مقدَّما، وهو عربيٌّ جيّد كثير، كأنّهم إنَّما يقدّمون الذي بيانه أهم لهم وهم ببيانه أعنى، وإن كانا جميعاً يُهِمّانِهم ويَعْنِيانهم»(4)، ونراه يلاحظ التقديم في أبواب كثيرة من أبواب النحو(5).
فهذه القضية الكبرى التي تناولها علماء النحو والبلاغة واللغة وما زلنا نقرأ عنها حتى يومنا هذا في كتب النحو والنقد والبلاغة، هي في أساسها من صنع سيبويه، فهو أول من أشار إليها، وطرق بابها، ولا شك أن هذا فضل ينسب إليه بالفخار(6).
ويعرف الدكتور أحمد مطلوب التقديم والتأخير بأنه «تغيير لبنية التراكيب الأساسية، أو هو عدول عن الأصل يكسبها حرية ودقة، ولكن هذه الحرية غير مطلقة»(7)، ولولا اعتبار البنية الأساسية للتراكيب في التحليل النحوي في نظر بعضهم لما وجد هناك ما يسمى بالتقديم والتأخير أو الحذف مثلا. وهذان العارضان من أدل الدلائل على أن النحو العربي في تحليله لبناء الجملة كان يراعي في كثير من أنواع التحليل «البنية الأساسية»(8). ويؤكد الأستاذ الدكتور محمد حماسة عبداللطيف رحمه الله اعتماد العدول بالتقديم والتأخير على (البنية الأساسية)؛ إذ يقول: «يبدو واضحًا أن القول بتقديم أحد العناصر في الجملة المنطوقة، أو تأخيره أو حذفه، يعتمد على فكرة (البنية الأساسية) للجملة، فلا يمكن الحكم على عنصر ما في الجملة بأنه مقدم من تأخير، أو مؤخر من تقديم إلا إذا كانت بنية الجملة الأساسية تحكم بوضع هذا العنصر أو ذاك في موضع معين، أو رتبة محددة»(9).
التقديم والتأخير عند البلاغيين:
التقديم والتأخير من أهم مباحث علم المعاني والذي يشكل أحد علوم البلاغة، ومن أهم الظواهر اللغوية التي أكسبت اللغة مرونتها وطواعيتها، فهو يسمح للمتكلم أن يتحرك بحرية متخطيا الرتب المحفوظة، فيختار من التراكيب ما يمنح موقفة الفكري والوجداني خصوصيته وتفرده، ولما أدرك البلاغيون أهمية هذه الظاهرة أولوها عنايتهم، ومحصوا كلام النحويين فيها واستفادوا منه، وسعوا في تطويره، ومن أبرز العلماء الذين أولوها اهتمامهم وكشفوا عن كثير من أسرارها البلاغية الإمام عبد القاهر الجرجاني رحمه الله، ولا غرو فهو صاحب نظرية النظم وقد عرف النظم بأنه: «توخي معاني النحو في معاني الكلم»(10)، فقد نقل النحو من أحوال الإعراب والبناء إلى المعاني التي تزخر بها العبارات، وكانت نظريته في النظم من أحسن ما عرف النقد القديم والبلاغة العربية(11)، واهتمامه بباب التقديم والتأخير باعتباره وجها من وجوه الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم. لذلك قال: «وليتَ شِعْري، إِن كانت هذه أموراً هيِّنة، وكان المدى فيها قريباً والجَدى يسيراً، من أينَ كانَ نَظْمٌ أشرَفَ من نَظمٍ؟ وبِمَ عَظُمَ التفاوتُ، واشتدَّ التباينُ، وتَرقَّى الأمرُ إِلى الإِعجازِ، وإِلى أن يَقْهر أعناقَ الجبابرة؟ أو ههنا أمورٌ أُخَرٌ نُحيلُ في المزيّةِ عليها، ونَجْعلُ الإعجازُ كان بها، فتكونَ تلكَ الحوالةُ لنا عذْراً في تركِ النَّظرِ في هذهِ التي معنا، والإعراضِ عنها، وقلَّة المبالاةِ بها؟ أَوَ ليس هذا التهاونُ، إنْ نَظَر العاقلُ، خِيانةً منه لِعقله ودينهِ، ودخُولاً فيما يُزري بذي الخَطَر، ويغضُّ من قَدْر ذَوي القَدر»(12).
ويذهب تمام حسان -في سياق حديثه عن الرتبة- إلى القول بأن دراسة التقديم والتأخير في البلاغة دراسة لأسلوب التركيب لا للتركيب نفسه, أي: إنها دراسة تتمّ في نطاقين أحدهما: مجال حرية الرتبة حرية مطلقة, والآخر: مجال الرتبة غير المحفوظة, وإذًا فلا يتناول التقديم والتأخير البلاغي ما يسمَّى في النحو باسم الرتبة المحفوظة؛ لأن هذه الرتبة المحفوظة لو اختلت لاختلَّ التركيب باختلالها, ومن هنا تكون الرتبة المحفوظة قرينة لفظية تحدد معنى الأبواب المرتبة بحسبها(13).
والتقديم والتأخير يخضع للمعنى وللهدف الذي يسعى إليه المتكلم، ولم يكن عبثا أن يعنى العرب في كلامهم بذلك وأن يرصده البلاغيون والنقاد(14).
التقديم والتأخير في القرآن الكريم:
والتقديم والتأخير اصطلاح أطلق على أحد أساليب العرب في كلامهم، ومظهره زوال اللفظ عن مكانه، فيتقدم أو يتأخر، وهذا التعريف من حيث هو أسلوب في لغة العرب، أما إذا أردنا تعريفه من حيث هو أسلوب قرآني، فإنه حينئذ يكون أوسع من التعريف السابق فقد أطلق التقديم والتأخير على القار في مكانه، كما أطلق على المزال، فاتسعت بذلك دائرة التقديم والتأخير في القرآن الكريم(15).
وعرفه الزركشي في «البرهان» قائلا: «هو أحد أساليب البلاغة؛ فإنهم أتوا به دلالة على تمكنهم في الفصاحة، وملكتهم في الكلام وانقياده لهم. وله في القلوب أحسن موقع، وأعذب مذاق»(16)، وجعل له سبعة أسباب، كما فصل الحديث في أنواعه وما تحتها من فروع كثيرة استقراها من النص القرآني. وبين الدكتور أحمد مطلوب أن هذه الأنواع التي ذكرها الزركشي لم يبحثها البلاغيون إلا من خلال الجملة، ولذلك كانت دراستهم لها قاصرة، أما الذين عنوا بأسلوب القرآن الكريم فقد تجاوزوا ذلك ونظروا إلى التقديم والتأخير نظرة أوسع وأكثر عمقا فجاءت مادتهم أغزر وبحوثهم أخصب، ولا يكاد يستثنى من ذلك إلا عبد القاهر الذي أبدع في تحليل الأساليب البلاغية(17).
وقد حصرت هذه الدراسة في متن معين وهو «سورة البقرة» وهي سورة مدنية، وعدد آياتها: 286، وهي الثانية في الترتيب المصحفي، والسابعة والثمانون في ترتيب النزول.
واعتمدت على كتاب «إعراب القرآن الكريم وبيانه» لمحيي الدين الدرويش، في استقراء مواضع التقديم والتأخير من جهة النحو وتحديدها. لكي لا يقول قائل أن مواضع التقديم والتأخير في هذه السورة أكثر من هذا أو ما إلى ذلك، إذ أنني سأكتفي فقط بما نص عليه المؤلف نصا صريحا. وقد وقفت على ثمانية صيغ تركيبية نص المؤلف رحمه الله على أنها من باب التقديم والتأخير في هذه السورة، خمس منها تتعلق بالجملة الإسمية والباقي يتعلق بالجملة الفعلية، وهي كالآتي:
أ- التراكيب المتعلقة بالجملة الإسمية:
1- خبر مبتدأ مقدم + مبتدأ مؤخر
وقد وردت هذه الصيغة في أربعة مواضع من السورة.
مثالها: (مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمُ إِخْرَاجُهُمُ) [البقرة: 84].
2- خبر «إن» المقدم + اسم «إن» المؤخر
وقد وردت هذه الصيغة في ثلاثة مواضع من السورة.
مثالها: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمُ) [البقرة: 246].
3- خبر «كان» المقدم + اسم «كان» المؤخر
وقد وردت هذه الصيغة في موضع واحد فقط من السورة.
مثالها: (مَا كَانَ لَهُمُ أَنْ يَدْخُلُوهَا) [البقرة: 113].
4- الجار والمجرور المتعلقان بمحذوف خبر مقدم + مبتدأ مؤخر
وقد وردت هذه الصيغة في ثلاثة وسبعين موضعا من السورة، وهي أكثر الصيغ استعمالا.
مثالها: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا) [البقرة: 7].
5- الظرف المتعلق بمحذوف خبر مقدم + مبتدأ مؤخر
وقد وردت هذه الصيغة في موضعين اثنين من السورة.
مثالها: (مَتَى نَصْرُ اللَّهِ) [البقرة: 212].
ب- التراكيب المتعلقة بالجملة الفعلية:
1- الفعل + مفعول به مقدم + فاعل مؤخر
وقد وردت هذه الصيغة في أربعة عشر موضعا من السورة.
مثالها: (فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ) [البقرة: 54].
2- مفعول به مقدم + الفعل + فاعل
وقد وردت هذه الصيغة في خمسة عشر موضعا من السورة.
مثالها: (فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ) [البقرة: 86].
3- مفعول مطلق مقدم + الفعل + فاعل
وقد وردت هذه الصيغة في موضع واحد فقط من السورة.
مثالها: (كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى) [البقرة: 72] (18).
وهذه الصيغ ترجع إلى تقديم المسند أو بعض متعلقات الفعل كما ترى مثل: المفعول به والمفعول المطلق، وهناك أنواع أخرى لا ترجع إلى هذه الأمور، وإنما ترجع إلى أمور أخرى كثيرة تتعلق ببعض المعاني وقد بحثها الزركشي في أنواع التقديم والتأخير، ومما ذكره السبق والتعظيم، وهذه لم ينص عليها محيي الدين الدرويش رحمه الله في كتابه لأن هذا الأخير كتاب نحو وإعراب فقط وإشاراته البلاغية قليلة، كما لم ينص على تقديم بعض المتعلقات بعضها على بعض في هذه السورة مثل تقديم الجار والمجرور على الفاعل أو تقديم الظرف على نائب الفاعل.
وقد جمع بين نظر النحويين في الأحوال والإعراب والبناء، ونظر البلاغيين في المعاني مع تطبيق كل ذلك على النص القرآني الإمام الطاهر ابن عاشور في تفسيره العظيم «التحرير والتنوير» وإني أنوه بهذا التفسير في جمعه بين النظرين وهو يقف وقفات مطولة عند مجموعة من الآيات يغوص في سر الإعجاز فيها في هذا الباب، وينثر دررا من المعاني تأخذ الألباب.
وسنقف في الحلقة المقبلة إن شاء الله تعالى على دلالات هذه التراكيب بعينها وبعض أسرارها البلاغية بالرجوع إلى كتب التفسير والبلاغة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــالهوامش:
1- الخصائص 2/362.
2- الصاحبي في فقه اللغة العربية ص: 244.
3- دلائل الإعجاز ص: 106.
4- الكتاب لسيبويه 1/34، أثر النحاة في البحث البلاغي ص: 82.
5- أثر النحاة في البحث البلاغي ص: 82.
6- أثر النحاة في البحث البلاغي ص: 88.
7- من خصائص اللغة العربية بحث لأحمد مطلوب منشور ضمن كتاب ندوة «اللغة العربية والوعي القومي» ص: 128، منشورات مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، الطبعة الثانية: سنة: 1986م.
8- بناء الجملة العربية ص: 240.
9- بناء الجملة العربية ص: 242.
10- دلائل الإعجاز ص: 361.
11- معجم المصطلحات العربية وتطورها ص: 406.
12- دلائل الإعجاز ص: 109.
13- اللغة العربية معناها ومبناها ص: 207.
14- بحوث بلاغية ص: 93.
15- الأسرار البلاغية للتقديم والتأخير ص: 37.
16- البرهان في علوم القرآن 3/233.
17- معجم المصطلحات البلاغية وتطورها ص: 405- 406.
18- كذلك: جار ومجرور في محل نصب مفعول مطلق مقدم لأنه في الأصل وصف للمصدر والتقدير يحيي الله الموتى إحياء مثل ذلك الإحياء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــالمصادر والمراجع:
- أثر النحاة في البحث البلاغي، للدكتور عبد القادر حسين، منشورات: دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، سنة: 1998م.
- الأسرار البلاغية للتقديم والتأخير في سورة البقرة «دراسة تطبيقية» رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير في اللغة العربية وآدابها، إعداد الطالب: خالد بن محمد بن إبراهيم العثيم، جامعة أم القرى، كلية اللغة العربية.
- إعراب القرآن الكريم وبيانه، لمحيي الدين الدرويش، الطبعة الحادية عشرة: 1432هـ/ 2011م، منشورات اليمامة ودار ابن كثير.
- بحوث بلاغية، للدكتور أحمد مطلوب، مطبوعات المجمع العلمي العراقي، سنة: 1417هـ/ 1996م.
- البرهان في علوم القرآن، للزركشي، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، الطبعة الأولى: 1376هـ/ 1957م، منشورات: دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه.
- بناء الجملة العربية، للدكتور محمد حماسة عبداللطيف، منشورات: دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، سنة: 2003م.
- الخصائص، لابن جني، تحقيق: محمد علي النجار، الطبعة: الرابعة، سنة: 1999م، منشورات: الهيئة المصرية العامة للكتاب.
- دلائل الإعجاز، لعبد القاهر الجرجاني، تحقيق: محمود محمد شاكر أبو فهر، الطبعة الثالثة: 1413هـ/ 1992م، منشورات: مطبعة المدني بالقاهرة - دار المدني بجدة.
- الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامها، لابن فارس، حققه وضبط نصوصه وقدم له الدكتور عمر فاروق الطباع، الطبعة الأولى: 1414هـ/ 1993م، منشورات: مكتبة المعارف، بيروت.
- الكتاب، لسيبويه، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، الطبعة الثالثة: 1408هـ/ 1988م، منشورات: مكتبة الخانجي، القاهرة.
- اللغة العربية معناها ومبناها، لتمام حسان، الطبعة الخامسة: 1427هـ/ 2006م، منشورات: عالم الكتب.
- معجم المصطلحات البلاغية وتطورها، للدكتور أحمد مطلوب، مكتبة لبنان ناشرون.
- من خصائص اللغة العربية بحث للدكتور أحمد مطلوب منشور ضمن كتاب ندوة «اللغة العربية والوعي القومي»، منشورات مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، الطبعة الثانية: سنة: 1986م.