مركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصةأعلام

الحلة السيراء فيمن حل بمراكش من القراء -25- عُمرُ بن محمد بن عبد الله الأَزْديُّ، إشبِيليٌّ، أبو عليٍّ الشَّلَوبِينُ والشَّلَوبِينيُّ

(من كتاب الذيل والتكملة لابن عبد الملك المراكشي ت703ه‍)

 عُمرُ بن محمد بن عُمرَ بن عبد الله الأَزْديُّ، إشبِيليٌّ، أبو عليٍّ الشَّلَوبِينُ والشَّلَوبِينيُّ(1)

وسألَه أبو محمد الحرّارُ عن هذه النِّسبة: أهي إلى شَلَوبِينَ، الذي بلسان رُوم الأندَلُس: الأشقرُ الأزرق، أم إلى شَلَوبَانيَةَ: بلدٍ بساحل غَرْناطة؟ فقال: كان أبي أشقرَ أزرق، وكان خَبّازًا.

رَوى عن أبي إسحاقَ بن مُلْكُون، وآباءِ بكر: ابن الجَدّ وابن زُهْر وابن صافٍ والنَّيَّار، وأبي جعفر بن مضاء، وأبوَي الحَسَن: ابن لُبّال ونَجَبةَ، وأبوَي الحُسَين: سُليمانَ بن أحمدَ ومحمد بن زَرْقُون، وأبي الرَّبيع بن محمد المَقُوقيّ وأبي عبد الله بن زَرْقُون، وأبوَي العبّاس: اللِّصّ ويحيى المَجْريطي، وأبي عَمْرٍو عَيّاش ابن عَظِيمةَ، وآباءِ القاسم: الحَوْفيِّ والسُّهَيْليِّ وابن أبي هارون، وأبوَيْ محمد: ابن جُمهُورٍ وعبد الحقّ بن بُونُه، وأبي نَصْر طُفَيْل بن عَظِيمة، وأبوَي الوليد: جابِر بن أبي أيّوبَ والحَسَن ابن المُناصِف، قرَأَ عليهم وسَمِع إلّا أبا الوليد بن أبي أيّوب، فإنّما استفاد منه كثيرًا بالمُذاكرةِ معَه، قال: وبه كان انتفاعي في الطريقة العربيّة؛ وسَمِع عليه يسيرًا من الأشعار العربيّة بقراءةِ أبي محمد بن حَوْطِ الله، وأجازوا له.

وأجازَ له آباءُ بكر: ابنُ أزهَرَ وابنُ الحَذّاء وابنُ خَيْر وابن مالكٍ وابن مَشْكَريل وابن أبي زَمَنِين، وأبَوا جعفرٍ: الحَصّار وابنُ يحيى، وأبو الحَسَن بن كَوْثَر، وأبو خالد بن رِفاعةَ، وأبو الطاهِر السِّلَفيُّ، وأبو عبد الله بن حَمِيد، وأبَوا العبّاس بن خليل وابن مِقْدام، وأبو عَمْرٍو مُرَجَّى، وآباءُ القاسم: ابن بَشْكُوال وابن حُبَيْش والشَّرَّاطُ والقُرَشيُّ نَزيلُ بِجَايةَ، وآباءُ محمد: الحَجْريُّ وعبدُ الحقِّ ابن الخَرّاط وعبدُ المُنعِم ابن الفَرَس، وأبَوا الوليد: ابن رُشْد وَيزيدُ بن بَقِيّ، وقد جمَعَهم وفَصَّل كيفيّةَ أخْذِه عنهم في «برنامَج» نبيلٍ تعَقَّب فيه عليه الناقدُ أبو الرَّبيع بنُ سالم، فانتَصرَ وتبرَّأَ من أكثرِ ذلك لناقلِه، وبيَّن ذلك أحسَنَ بيانٍ دَلّ على أنّ له نَظَرًا صالحًا في الروايةِ ومتعلِّقاتِها.

رَوى عنه آباءُ بكر: ابن الصّابوني وابنُ سيِّد الناس وابن يوسُفَ أبو العافية، وأبَوا الحَسَن: أُمَيّةُ، ويقال: أبو مَعْبَد، وابنُ عُصفُور والأُبذِيُّ، وأبَوا عبد الله: ابنُ الأبّار وابنُ عليٍّ الغَرْناطي، وأبَوا العبّاس: ابنُ عليّ المارِديّ وابن محمد بن منصُور الجَنْبُ، وابنُ يوسُفَ القَبليّ، وآباءُ محمد: ابن أحمدَ بن عليّ التُّجِيبيّ والحَرّارُ وابنُ عليّ بن سِتَاري وابنُ عليّ بن أبي قُرّة، وأبو عَمْرو عبدُ الواحِد بن تَقِيّ، وأبو عبد الرّحمن عبدُ الله بن القاسم بن زغْبُوش، وأبو محمدٍ عبدُ الحقّ بن حَكَم.

وحدَّثنا عنه من شيوخِنا: آباءُ الحَسَن: الرُّعَيْنيُّ والجَيّانيُّ وابنُ الضايع، وأبو الحُسَين بن أبي الرّبيع، وأبو عبد الله بن أُبَيّ، وأبو عليّ بن منصُور الجَنْب.

وكان ذا معرِفة بالقراءات، حاملًا للآدابِ واللُّغات، آخِذًا بطَرَفٍ صالح من روايةِ الحديث، متقدِّمًا في العربيّة كبيرَ أَساتيذِها بإشبيلِيَةَ، مبرِّزًا في تحصيلِها مستبحِرًا في معرفتِها، متحقِّقًا بها، حَسَنَ الإلقاءِ لها والتعبيرِ عن أغراضِها، وله فيها مصنَّفاتٌ نافعة، وتنبيهاتٌ نبيلة، وشروحٌ واستدراكاتٌ وتكميلات، تصَدَّر لتدريسِها بعدَ الثمانينَ وخمس مئة مُدّةً طويلةً نحوَ ستينَ عامًا، وإليه كانت الرِّحلةُ فيها، واستفادَ بسبب ذلك جاهًا عريضًا ومالًا عظيمًا وذِكْرًا شائعًا. وذكَرَ لي غيرُ واحد ممّن لقِيتُه أنه كان يَبلُغُ أحيانًا مستفادُهُ من الطَّلبة أربعةَ آلافِ درهم في الشهرِ الواحد، ثم تخلَّى عن ذلك في نحوِ الأربعينَ وست مئة بالكَبْرةِ التي لحِقَتْه واشتغالِ أهل بلدِه بما كان قد دهَمَهم من اشتعال نارِ الفتنة التي آلَتْ إلى أخْذِ الرُّوم بَلَدَهُ.

وكان آنَقَ أهلِ عصرِه طريقةً في الخَطّ، وأسرَعَهم كَتْبًا، وأكثرَهم كُتُبًا، وأبعدَهم في الأُستاذيّةِ صِيتًا؛ على أنّ كثيرًا من أهل بلدِه كانوا يرغَبونَ بأبنائهم عنه ولا يسمَحونَ لهم بالتتلمُذِ له والقراءةِ عليه لقبيح لا يَليقُ مِثلُه بأهل العلم نسَبُوه إليه، وكانوا يَميلونَ بأبنائهم إلى غيرِه كأبوَي الحَسَن: ابن الدَّبّاج وابن عبد الله وأبي بكر بن طلحةَ قبلَهما، وغيرِهم ممّن شُهِر بالدِّين والعَفاف وتَنَزَّه عن التُّهمة بفسادِ الخَلْوة.

وظَهَرت نَجابتُه قديمًا، فقد وقَفْتُ على خَطَّي الحافظِ أبي بكر ابن الجَدّ وأبي الحَسَن نَجَبةَ مُجيزَيْنِ له «كتابَ سِيبوَيْه» بعدَ أخْذِه عنهما بينَ سَماع وقراءة، وقد وَصَفاه بالأُستاذيّةِ وما يُناسبُها من أوصافِ نُبلاءِ أهل العلم وطُلّابِه، وهو ابنُ اثنينِ وعشرينَ عامًا أو دونَها، وحَسْبُك بهذا شهادةً له بالإدراكِ ولا سيّما من الحافظ.

وكان مُنقطِعًا إلى بني زُهْر، وقَدِمَ مَرّاكُشَ أيامَ المنصُور من بني عبد المُؤمن؛ وكانت فيه غَفْلةٌ شديدةٌ صَدَرت عنه بسببِها نوادرُ غريبة تَناقَلَها الناسُ وتحدَّثوا بها استطرافًا لها.

وُلدَ بإشبيلِيَةَ فيما ذكَرَ أنه وَجَدَه بخطِّ أبيه سنةَ ثنتينِ وستينَ وخمس مئة، وتوفِّي بها في حِصارِ الرُّوم إيّاها عَشِيَّ يوم الأربعاءِ لثمانٍ أو تسع بقِينَ من صَفَرِ خمس وأربعينَ وست مئة، وصَلّى عليه بظاهِر جامع العَدَبَّس القاضي أبو جعفر ابنُ منظور، ودُفنَ عصرَ يوم الخميس بمقبُرة مُشْكَة، وقال ابنُ الأبّار: إنّ وفاتَه كانت في منتصَفِ صَفَرٍ من السنة.

  • الذيل والتكملة 3/ 384-387.

ذ.سمير بلعشية

  • باحث بمركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق