مركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصةأعلام

الحلة السيراء فيمن حل بمراكش من القراء -19- عليُّ بن محمد بن عليّ بن عبد الرّحمن بن هَيْصَم الرُّعَيْنيُّ، إشبِيليٌّ أبو الحَسَن

(من كتاب الذيل والتكملة لابن عبد الملك المراكشي ت703ه‍)

-19- عليُّ بن محمد بن عليّ بن محمد بن عبد الرّحمن بن هَيْصَم الرُّعَيْنيُّ، إشبِيليٌّ أبو الحَسَن(1)

ابنُ الفَخّار، صَنْعة أبيه، والبَطْشي، وكان سَلَفُه فيها يُعرَفونَ ببني الحاجّ.

كتَبَ لي ذلك كلَّه بخطه إلّا شُهرتَه بابن الفَخّار، وأخبَرَني به غيرَ مرّة، وأنه أرادَه أبوه على تعلُّمِها فلم تُساعده دَرْيتُه عليها فصُرِفَ عنها، وذَكَرَ الراوِيةُ أبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان أنّ الحاجّ الذي يُنسَبُونَ إليه هو هَيْصمٌ المذكور.

تلا القرآنَ العظيمَ بالسّبع وبالإدغام الكبيرِ عن أبي عَمْرو بن العلاءِ على أبي بكرٍ القُرطُبيّ، وبقراءتَي الحرميَّيْنِ وبعضَه بقراءةِ أبي عَمْرٍو، على أبي بكر بن عبد النُّور، وأكثَرَ عنهما وأجازا له، وبقراءةِ وَرْش على أبي بكرٍ ابن الرَّمّاك ومؤدِّبِه أبي عليّ الزَّبّار، وقَرأَ عليهما غيرَ ذلك، ولم يَذكُرْ أنهما أجازا له؛ وبها على أبي العبّاس بن مُنذِر وأبي عِمْرانَ الجَزِيري، وسَمِعَ عليهما غيرَ ذلك، وذَكَرَ أنهما لم يُجيزا له.

وأخَذ بينَ سَماع وقراءةٍ عن أبي إسحاقَ بن غالب، وآباءِ بكرٍ: السَّقَطيّ وابن طَلْحَة وابن قَسُّوم، ولازَمَهم، وابنِ العَرَبيّ الحاجِّ وابن الغَزّال الشَّرِيشيِّ وابن مُطرِّف، وأبوَيْ جعفر: الجَيّار وابن كوزانةَ، وآباءِ الحَسَن: البَلَوي وترَدَّدَ إليه كثيرًا، وابن جَبَلةَ وابن خَرُوف والدَّبّاجِ وسَهْل بن مالك وابن قُطْرَال، وأبوَي الحُسَين: ابن زَرْقُون ولزِمَه كثيرًا وتفقَّه به، وابن مُجَمَّل الصُّنْهاجيّ، وأبي زكريّا بن مَرْزوق، وأبي زَيْدٍ الفازازي واختَصَّ به طويلًا، وأبي سُليمانَ بن حَوْطِ الله، وآباءِ عبد الله: الأَغْماتي وابن خَلْفُون وابن مَرْج الكُحْل، وأبي عامرٍ يحيى بن رَبيع، وآباءِ العبّاس: ابن عبدِ المؤمن والعَزَفيّ وابن عبدِ البَرّ، ويقال فيه: أبو القاسم، والنَّبَاتي المالَقيِّ، وأبوَيْ عليّ: الرُّنْديِّ وابن الشَّلَوْبِين، وأخَذَ عنه «الكتابَ» وغيرَه، وأبي عُمرَ بن مَسْلَمةَ وأبي عَمْرو بن سالم، وأبوَي القاسم: ابن بَقِيّ والقاسم ابن الطَّيْلَسان، وانتَفعَ به كثيرًا، وأبي محمد عبد الكبير، ولزِمَه ستةَ أعوام في طريقةِ التوثيق وتفَقَّه به، وأجازوا له مُطلَقًا.

وقرَأَ على أبي بكرٍ اللارِديِّ وأبي جَعْفر بن مَسْلَمةَ، وأجازوا له ما قرَأَ عليهما خاصّة، وعلى أبوَيْ إسحاق: ابن حِصْن واختَصَّ به، وابن زَغْلَل ولزِمَه في تعلُّم الفرائض، وأبوَيْ بكر: الخَدُوج وابن المُرْخِي، وأبي جعفر بن فَرْقَد، وآباءِ الحَسَن: ابن بَقِيّ والشاري وابن عبد الله، وأبي الحَكَم ابن بَرَّجَانَ، وأبوَيْ عبد الله: الأَزْديِّ السَّبْتيّ وابن رَشِيق، وأبي محمد الشَّلطيشي ولزِمَه للتفقُّه به مُدّةً طويلة، ولم يُجيزوا له.

وصَحِبَ طويلًا أبا بكر بنَ هِشام، وأبوَيْ بكر: محمدَ بن أبي عامر بن حَجّاج ويحيى التُّطِيليَّ، وأبا جعفر بنَ سِمَاك، وأبا زكريّا ابنَ العَطّار، وأبوَيْ عبد الله: ابنَ دادُوش وابن المَوَّاق، وأبوَي القاسم: ابن الصَّوّاف المِصْريَّ وابنَ فَرْقَد، وأبا المتوكِّل الهَيْثم، وأبا موسى عيسى الذُّجِّيَّ، وانتَفَع بهم ولم يَذكُرْ أنهم أجازوا له.

ولقِيَ أبا إسحاقَ ابن سيِّد أبيه وأجازَ له السَّبعَ خاصّةً، وأبوَيْ بكر: عَتِيقَ ابن قَنْتَرال وابنَ مُحرِز، وأبا البَرَكات الفارِسيَّ وصحِبَه وآباءَ الحَسَن: ابنَ حَفْص والعَشّابَ وابنَ الفَخّار وصَحِبَه كثيرًا، وأبا الخَطّاب بنَ واجب، وأبا زكريّا بن عُصفُور التَّلِمْسينيَّ بها، وأبوَيْ عبد الله: ابن الخَطيب البِجَائيَّ وابن عَطِيّةَ المالَقيَّ، وأبوَي العبّاس: ابن الرُّوميّة والقَنْجَايري، وأبا عليّ بنَ سَمْعانَ وأبا عَمْرٍو محمدَ بن غِيَاث، وآباءَ محمد: ابن حَوْطِ الله والكَوّابَ وعبدَ الرّحمن الزُّهْريَّ، وأبوَي القاسم: عبدَ الرّحمن بن إسحاقَ المَزياتيَّ الفاسيَّ بها، وعامرَ بن هِشَام، والحاجَّ أبا يَخلُف حمَامةَ بن محمد بن عِمرانَ الزّمُوريَّ بها. ورأى أبا القاسم محمدَ بن عبد الواحِد المَلّاحيَّ بغَرْناطةَ ولم يتَعرَّفْ له، وأجازوا له.

وأجاز له ممّن لم يَذكُرْ لقاءه إيّاهم، وإن كان يَغلِبُ على الظنِّ أنه لقِيَهم أو أكثرَهم: أبو إسحاقَ ابنُ القُرطُبي، وأبَوا جعفر: ابنُ عليّ ابن الفَحّام وابنُ مَسْعود، وأبو الحَسَن القَسْطَليّ، وأبو زَيْدٍ القُمارِشيّ، وأبَوا عبد الله: ابنُ حَرِيرةَ وابنُ عِيَاض، وأبو عيسَى بن أبي السَّدَاد، وأبو محمدٍ الباهِليّ، وأبو المكارم قاصِدُ بن يَعمُر.

وكتَبَ إليه مُجيزًا ولم يَلْقَه من أهل الأندَلُس: أبو إسحاقَ الزَّوَاليّ، وأبو بكرٍ عبدُ الرّحمن بن دَحْمانَ، وآباءُ الحَسَن: ابنُ البَنّاد وثابتٌ الكَلَاعيُّ والشَّقُوريُّ وابن هِشَام الشَّرِيشيّ، وأبَوا الرَّبيع: ابنُ حَكِيم وابنُ سالم، وبَعَثَ إليه بجُملةٍ وافرة من مصنَّفاتِه، قال: وانتَفعتُ به رضيَ اللهُ عنه وإن كان في شَرْق البلادِ وكنتُ في غَرْبِها، واستَفَدتُ منه على بُعد الدارِ ما لم أستفِدْه من سِواه على قُربِها؛ وآباءُ عبد الله: ابن سَعادةَ والشَّوّاشُ وابنُ صاحبِ الأحكام وابنُ صَلَتَانَ وابنُ عبد البَرّ وابن المُناصِف، وأبو العبّاس بنُ يَزيدَ العُكّاشِيّ، وأبو عِمرانَ السَّخّانُ، وأبَوا عَمْرٍو: ابن بَشِير وابن عَيْشُون، وأبو القاسم الطَّرَسُوني، وأبَوا محمد: عبدُ الصَّمد اللَّبسيّ وابن المَلِيح؛ ومن أهل تِلِمْسينَ: أبو عبد الله بن عبد الحقّ، ومن أهل القاهرةِ: كمالُ الدِّين أبو البَرَكات عبدُ القويّ بن أبي المَعالي عبد العزيز بن الحُسَين بن عبد الله بن أحمدَ التَّميميُّ السَّعْديُّ الصِّقِلِّيُّ الأصل ابنُ الجَبَّاب، وخَطيبُها جمالُ الدِّين أبو الحَسَن عليُّ بن هبة الله بن سَلامةَ بن المُسَلَّم بن عليِّ بن هبة الله اللَّخْميُّ ابن الجُمَّيْزِي، وقاضي القُضاة بها زينُ الدِّين أبو الحَسَن عليُّ بن يوسُفَ بن عبد الله بن بُنْدارٍ الدِّمشقي، وحَيْدرُ بن محمودٍ الأنصاريُّ الشافعيُّ، وعبدُ القادر بن أبي عبد الله البغداديّ، وعبدُ القادر بن محمد ابن سَعِيد بن جَحْدَر الفارِسيُّ، ونَصْرُ بن محمد بن المُظفَّر بن أبي الفُنون النَّحْويّ؛ ومن أهل مِصرَ: أبو الفَضْل أحمدُ بن أبي عبد الله محمد بن أبي المَعالي عبد العزيز ابنُ الجَبَّاب ابنُ أخي أبي البَرَكات المذكور، وبُرهانُ الدِّين أبو محمدٍ عبدُ العزيز بن سَحْنُون بن عليّ الغُمَاريُّ الخالِدي، وتَقيُّ الدِّين أبو الطاهِر إسماعيلُ بن ظافِر بن عبد الله العُقَيْليّ، وأبو الوفاء عَوَض بن محمودِ بن صَاف بن علي بن إسماعيلَ الحِمْريُّ البُوْشِيُّ، وأبو الحَسَن عليُّ بن عبد الصَّمد ابن محمد ابن الرَّمّاح، وأبو عبد الله محمد بن عُمرَ بن يوسُفَ الأنصاريُّ القُرطُبيّ؛ وذَكَرَ في شيوخِه الأندَلُسيِّين أبا محمد بنَ عَطِيّةَ المالَقيّ، وأبا مَرْوانَ بن سُليمانَ بن عيسى الأنصاريّ، ولم يُبيِّنْ كيف أخْذُهُ عنهما؛ وله شيوخٌ غير مَن ذُكِرَ، منهم: ابنُ عُفَيْر وأبو العبّاس ابنُ الرُّوميّة (5) ..

ولمّا وَرَدَ أبو عبد الله بنُ عابِد الأندَلُسَ وتعرَّضَ فيها للتلبُّس بالكتابة عن بعض رؤسائها، خاطَبَه أبو عبد الله ابنُ الجَنّان برسالةٍ التزَمَ العينَ في كلماتِه جُمَع، وهي هذه [الكامل]:

يا ظاعنًا عنَّا ظعَنْتَ بعِصمةٍ          ورجَعْتَ معتمِدًا بعزٍّ صاعدِ

عَرِّجْ على رَبْعِ العلاءِ مُعَرِّسًا               بِمَعَانِ عزِّ المعتزي للعابدِ

العالمِ الأعلى العميدِ لعصرِهِ الـ      ـمُعْلي لأعلامِ العلومِ العاقدِ

وعسَاكَ تُعِلُمُه بِعَقْدِ مُعَظِّمٍ             عنِّي وعهدِ مساعدٍ كالساعدِ

لتعودَ عنه برِفعةٍ فرِقاعُهُ                 عندي لعَمْرُ عُلاهُ أعظمُ عائدِ

طالعتُكَ يا عمادي الأرفَع، وعِتَادي الأنفَع، علا كَعْبُك، وعزَّ شِعْبُك، وساعَدَك عَصْرُك، وتباعَدَ عنك عُصْرُك، وارتَفَعتْ مصاعِدُك، وعَمَرتْ معاهدُك، وأعجَزتَ بدائعُك، وأعجَبتْ صنائعُك، وسَعِدَ مُعاشرُكَ ومَعاشرُك، وقَعَد مُعاليكَ عن مَعاليك- مطَّلعًا على اعتقادِ الاعتداد، ومُسمِعًا علياءَكَ التعريفَ بالاعتماد، ليتعاضَدَ المعقولُ بالمسموع، وتتعاقَدَ على رَعْي ودائعِ الضُّلوع، ويتَعبَّدَ للمطالعةِ مَهْيَع، ويَعذُبَ للمراجعةِ مَشْرَع، ولعَمْرُ يَراعتِكَ المُبتدَعة، وبَراعتِك المخترَعة، وطبعِك المَعِين، وانطباعِك المُعِين، وأسجاعِكَ المُرَصَّعة، وأشعارِك المُصَرَّعة، لَعَمَرْتُ عَصْرًا يمنَعُني عن إعلامِكَ بالإعظام، إعظامُك عن الإعلام، ويَعُوقُني إيضاعُ البضاعة، ويُضِيعُني عَدَمُ الاستطاعة، ويُعيدُني عِيِّي عهدَ السَّمع والطاعة، وتُعوزُني العبارة، وتُعجِزُني الاستعارة، على رُقعةٍ أبعَثُها لبقاعِك، وأستعيضُ عنها بعضَ قِراعِك، فعُذْتُ بالعَيْن، عِيَاذَ المُعْدَم بالعَين، فأَرْعَتْني سَمْعًا، وأعارَتْني سَجْعًا، ودَعَتْني لاتّباعِها، ووعَدَتْني باتّساعِ باعِها، فعجِبتُ لتَصَرُّعِها، بعدَ تمنُّعِها، وتواضُعِها معَ ترفُّعِها، فعرَّفَتْني بإلماعِهَا، معنى اجتماعِها، وأعلمَتْني بطَوْعِها، لزعيمةِ نوعِها، للمُمتنعةِ بترفيع المصاعِد، المتَّبِعةِ لتعريفِ عددِ العابِد، فأعظَمْتُ موقعَها، ورفَعْتُ موضعَها، وعاينتُها مُهطِعةً لداعيها، متبرِّعةً بسعيدِ مَسَاعيها، فانعَمَرَتْ بجَمْعِها الشِّعاب، وأذعَنَتْ لعظَمتِها الصِّعاب، فعَبَّ عُبَابُها، وعَمَّ إيعابُها، وأوسَعَتْ رَبْعي إمراعًا، وأقطعَتْني العِدَّ إقطاعا، وَرَعَتْ لمعتمِدِها انقطاعًا، فقَنَعْتُ ببعضِ عطائها المُمتِع، وأعفاني عَفْوُها عن التَّعبِ المُتَعْتِع، وجعَلْتُ عُجَالتي بعَلَمِها مُعْلَمة، وبالاعترافِ بعارفتِها مُعْلِمة، ولتشعُّب المعاني، وتصعُّبِها على المُعَاني، أعلنتُ بالقناعة، واعترَفْتُ عندَهنَّ بضعفِ البِضاعة، فعَذَلْنَ وعَذَرْن، وأعنَّ وأطَعْن، وتبِعْنَ واندفَعْن، وعَلِمْنَ المانعَ عن جميعِهنّ، فرَجَعْنَ بعد اصطناعِ معروفٍ أعرِفُه لصنيعهِنّ؛ فافعَلْ يا عقيدَ العوارف، وعميدَ المعارِف، فعلَهُنّ، عندَ اعتذاري بالعَجْز، وتواضَعْ لمُعظِّمِكَ تواضُعَ الأعزّ، فألمعيَّتُكَ تدعوكَ للإسعاف، ومَعْلاتُكَ تَعطِفُكَ على الضِّعاف، فعلّامةُ عُمان، وشاعرُ النُّعمان، والساعديُّ وأسجاعُه، والعِبَاديُّ وإمتاعُه، والأصمعيُّ وسَماعُه، يعجِزونَ عن تنويع بديعِك وبديع تنويعِك، فعُذرًا لمنتجعٍ تضيَّعَ عُشْبُه، ومتَّبَعٍ تصدَّع شِعبُه، أطلَعَها عليك مُتلفِّعةً للعِيِّ عَباية، ومُستطلِعةً عندَك عناية، يدعو عهدَكَ ليجمَعَ شَعاعَه، ويُطلِعَ عليك شُعاعَه، وليَنعُمَ برُقعةٍ كالرَّقيع، وبديعةٍ كالضّريع، اعْتَزَتِ المَعْلواتُ لعادتِك، وهمَعَتْ عينُ سَعادتِك، وأعزَّك العزيزُ بطاعتِه، وعَصَمَ العلمَ بعِصمتِك عن إضاعتِه، بعزّتِه العظيمة، ونِعمتِه العميمة، وتعتمدُك عاطرةً تتضوَّعُ عَنْبرًا وعبيرًا، وتُعبِّرُ عن تعطُّشي لمَشارِعِك تعبيرًا.

فشاعَتْ هذه الرِّسالةُ بالأندَلُس، وتُنوقِلت شَرْقًا وغَرْبًا، وتُحدِّثَ بعَجْزِ أبي عبد الله بن عابِد عن مُراجعةِ أبي عبد الله ابن الجَنّان، فراجَعَهُ شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ -رحمه اللهُ- عاتبًا، والتزَمَ من العَيْنِ في كلِّ كلمة ما التزَمَ أبو عبد الله ابنُ الجَنّان وزادَ التزامَ العينِ قبلَ رَوِيِّ الأبياتِ التي افتتحَ بها هذه المراجَعة، وهي هذه [الكامل]:

أعِدِ التعهُّدَ للعميدِ بعَطْفةٍ                         تَعْنِي برَجْعةِ عهدِك المُتباعِدِ

وأعِدَّ سمعَك للعِتابِ أُعيدُهُ                  لتعودَ للإعتابِ عَوْدَ مُساعدِ

أعَهِدْتَ عَقْدَ العزمِ عندي عاريًا         عن رَعْي عهدِ مُعاهدٍ وَمُواعدِ

فعدَوْتَ عادَتَكَ العليَّةَ مَنْزعًا        وعَدَلْتَ عن عَضُدٍ عرفتَ وساعدِ

وعَطَفْتَ عن عَمْدٍ عِنانَ عِنايةٍ                  عنِّي فُعذْتُ بعزِّك المتصاعدِ

وتنعَّمتْ بعيونِ سَجْعِك أَعيُنٌ                        نَعَّمتَها ومسامعٌ لأَباعدِ

عجبًا لساعٍ مُعمِلٍ لعنايةٍ                             تَعدوهُ منفعةُ العناءِ لقاعدِ

يا عَلَمي المتَّبَع، وعارِضي المنتجَع، ومعتمَدي المُطاعُ الممتنع، تعهَّدَتْكَ للنِّعَمِ هُمَّعُ عِهادِها، ورعَتْك للعِصَم شُرَّعُ صِعادِها، واعتنَى السَّعدُ بإعلائك، واعتَلَى العِلمُ باعتنائك، ورُفِعَتِ الأعيُنُ لزعامةِ إبداعِك، وعُمِدَت البَراعةُ بدِعامةِ اختراعِك، وسَعِدَ سعْيُك، ووَسِعَ المعارفَ وعيُك، وأمرَعَ رَبْعُك، وأمعَى طَبْعُك، وصُرع عِداتُك؛ وصَعِدَتْ مَعْلُوّاتُك، وأُشْرِعَت للصعودِ مَهايعُك، وأُترِعَت بالسُّعودِ مَشارعُك، يُطالعُك بأضْوعِ العَطِراتِ عَبَقًا، وأسرَعِها لعُلاك عَنَقًا، مُتابعُ تعظيمِك، ومُنتجِعُ تعليمِك، عليٌّ الرُّعَيْني، وبعدُ: فرُقعتُك الرفيعةُ عَنَّتْ فعَنَتِ العقولُ لروائعِها إذعانًا، ورَفَعتْ مَعالمَها إشعارًا بتعجيزِ مُتعاطيها وإذعانًا، واستَدعَتْ مُدَّعي مُعارضتِها ليُعملَ مُعارِضًا لبدائعِها إمعانًا، فكَعَّ إعياءً وإبداعًا، واطّلعَ فارتَدعَ عَجْزًا وانقطاعًا، واستتبعتُه فعاذ بعِظَمِها ارتياعًا، وأسمَعْته فاستعادَ عجائبَها استماعًا، وأُولعَ بمُراجعتِها فتلعثَمَ عِيًّا، ودَعَا دَعِيًّا، لتعالي مَطالعِها عن المطامِع، وتعاصي منازعِها على المتنازع، وتدفُّعِها بالعُبَاب، وترفُّعِها عن العَاب، وتلفُّعِها بعِنانِ الإعجاز، وتمنُّعِها بالاعتزاءِ للاعتزاز، وتعَلِّيها ليَفَاعٍ العالَم المتوسِّع، وتعرِّيها عن تنطُّع المتعالِم المتطبِّع، اعتامَ عقودَها عَلَمٌ فرَع، وصَنَعٌ بَرَع، استعدَّ بمعانَة عِدِّه، وأسعَدتْه إعانةُ العليِّ لعبدِه، فعَمَدَ لإعذابِ عيونِها، وعُني باستيعابِ عيونِها، وأعرَسَ لعَذَارها وعُونِها، واستجمَعَ لجَمْع أنواعِها، وتتبع عِيابَ متاعِها، وقطعَ علائقَ اعتذارِها وامتناعِها، واستعرَضَ عقائلَ بزاعَتِها، وعرَضَ أعلاقَ بضاعتِها، وابتَدعَ صناعتَها، فنَعِمَ ونَعَّم، وأترَعَ وأفعَم، وفَرَّعَ وشَعَّب، فأعجَب، وألمَع، فأقنَع، ودَعاها فبَخَعت بالطاعة، واستَعطاها فأعطَتْ وُسْعَ الاستطاعة، وأرعاها سَمْعَ عناية، وعَيْنَ رعاية، فعَدَتْها عوادي الإضاعة، وعنك يا رافعَ أعلام المعالي، والمُدافِع لليَراع عنِ العوالي، عبَرَ الاعتبار، ولعُلاكَ أُعيدَ المستعار، فعبَّادانُ وعُمان، والعراقُ والنُّعمان، والصَّريعُ والخَليعُ والبديع، والبُعَيْث والعُقَيْلي، والعَتّابيُّ والعُتْبي، والأعشَيانِ والأعمَيَان، والعَيْنانِ والعَلَمان، والأعلامُ وبِقاعُهم، والعلماءُ وأسطاعُهم، عندَك اجتماعُهم، وعليك انعقَدَ إجماعُهم؛ ولَعَمْرُ مُربْعِ عَلائك، ومُعَفِّرِ أعدائك، وطابع طِبَاعِك، على انطباعِك، ومُعَطِّر بقاعِك، بضَوْع رِقاعِك، لأعلى عَلَم عِلمِك، وأعرَفَ عن الألمعيّة عُقدةَ عَزْمِك، وأبدَعَ ألمعيّتَك، وأعذَبَ لَوْذَعيّتَك، وجعَلَ العِلْيةَ رَعْيَتَك، فعلا عصرٌ أُودِعْتَهُ على الأعصار، وتعدَّى المِعطالَ للمِعطار، وتمتَّعَ بالعَشِيَّةِ والعَرار، واسترجَعَ عَرارًا بعد تعاقُبِ الأعمار، واستطَلَع لُمعَ الأسجاع وَبِدَعَ الأشعار، وتسرَّع عندَ سَماعُ مُصَرَّعها ومُرَصَّعها لخَلْعِ العِذار؛ وعجَبًا لِعَدْوِكَ مَنْزِعَك العَيْني، لفَرْعِ العابِد عن الرُّعَيْني، ورُعَيْنٌ أعَزُّ معارفِك، وأعرفُ بمعارِفِك، وأطوعُ أتباعِك، وأسرعُ لاتّباعِك، تدعوها فتسمع، وتستتبِعُها فتَتْبَع، ويَصعُبُ انتزاعُ العادة، ويتْعِبُ عناءُ الإعادة، ومعَ تعرُّضي للمعارَضة فاعترافي يُعْرَف، واستعطافي يُتَعَرَّف، فأَوْسِعْني عُذرًا أتَطَلَّعُه، وادفَعْ عنّي ذُعرًا أتوقَّعُه، ودَعْني لأدَعَ الاضطلاع بالأعباء، وأرفَعَ العَصْبَ بالعَبَاء، وأتنطَّعَ بالعُجْمة عندَ العرَبِ العَرْباء، عَمَرْتَ وعواملُ سَعْدِك رافعة، وعوالمُ عَصْرِك لِعزِّك خاضعة، وعَصِيَّاتُ اليَراعاتِ لطاعتِك مُسارِعة، بمَعونةِ المُعين المُنعِم، ومعَاذ الأعطَر الأضوَع عليك يَعبِقُ فيَسطَعُ متضوِّعُه، ويهمَعُ فيَمرَعُ متَنَجِّعُه، ما هَجَعَتْ عَيْن، وهَمَعَتْ عَيْن، وسطَعَت عَيْن، بعزَّةِ العزيز ..(2)

مولدُه بإشبيلِيَةَ في شعبانِ اثنينِ وتسعينَ وخمس مئة، وتوفِّي بمَرّاكُشَ سَحَرَ ليلةِ الأربعاء الرابعةِ والعشرينَ من شهرِ رَمَضانِ ستٍّ وستينَ وست مئة، ودُفنَ عقِبَ ظُهرِه بجَبّانة الشيوخ مُقاربًا مقابلةَ بابِ السادة أحدِ أبوابِ قَصْر مَرّاكُش، وكان الحَفْلُ في جَنازتِه عظيمًا لم يتخلَّفْ عنها كبيرُ أحد.

  • الذيل والتكملة 3/272-309.
  • ثم ساق له رحمه الله أشعارا ورسائل أخرى التزم في بعضها حرف العين والتزم في أخرى حرف النون، تدل على تمهره في النظم والنثر، فليراجعها من شاء في الأصل.
Science

ذ.سمير بلعشية

  • باحث بمركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق