مركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصةأعلام

الحلة السيراء فيمن حل بمراكش من القراء -9- و -10-

(من كتاب الذيل والتكملة لابن عبد الملك المراكشي ت703ه‍)

-9– أحمدُ بن محمد بن خَلَف البَكْريُّ، بَطَلْيَوْسي، نَزَلَ مَرّاكُشَ، أبو العبّاس، ابن العارِض(1).

رَوى عنه شيخُنا أبو إسحاقَ بن أحمدَ ابن القَشّاش.

وكان مُقرِئًا مجوِّدًا مُفسِّرًا نَحْويًّا مُتكلِّمًا مُفْتيًا في معارفَ غير ذلك، حسَنَ الخطِّ كثيرَ النَّسْخ والتقييد، صالحًا فاضلًا، أَكْتَبَ بمَرّاكُشَ طويلًا بالمكتَبِ لَصْقَ مسجد ابن الأبْكَم بمحَلّةِ الشرقيِّينَ أسفلَ ممرِّ باب أغْمات. وتوفِّي في حدود العشرينَ وست مئة.

  • الذيل والتكملة 1/ 590.

-10- أحمدُ بن محمد بن عبد الرّحمن بن محمد بن عبد الله بن عليٍّ القُضَاعيُّ ثُم البَلَويّ(1).

إشبِيليٌّ قُرْطُبيُّ السَّلَف، كانوا يُعرَفونَ فيها ببني عليّ، أبو القاسم البَلَويّ.

أكثَرَ عن أخيه للأبِ أبي الحَسَن البَلَوي، وروى عن خالِه الحاجِّ أبي العبّاس ابن القَرْمَادي. وتلا بالسَّبع على أبي الحُسَين بن عَظِيمةَ، وبحرفِ نافع على أبي العبّاس بن محمد بن مِقْدام. وسمع على أبي إسحاقَ ابن الشَّرَفيّ، وأبوَيْ جعفر: ابن عبد الرّحمن بن مَضاءٍ وابن محمد بن يحيى، وأبي الحَجّاج بن حُسَين بن عُمَر، وأبي الحَكَم يوسُفَ بن أحمدَ بن عياد المليانيّ، وأبي عبد الله بن عبد العزيز بن عَيّاش، ورأى أبا عبد الله بنَ سعيد بن زَرْقُونَ، وحَضَرَ مجلسَ سَماع أبي محمد بن أحمد بن جُمْهُور، وأجازوا له ما كان عندَهم.

وأجاز له من أهل الأندَلُس: أبو القاسم ابنُ بَشْكُوال وعبدُ الرّحمن بن محمد الشَّرّاط، ومن أهل المشرِق: أبو الطاهر الخُشُوعيُّ وطائفةٌ كبيرةٌ معَه.

وكان فيما أرى آخرَ الرُّواة عن أبي عبد الله بن زَرْقون، وأبوَي القاسم المذكورَين. سَمِعتُه رحمه الله يقول: أدخَلَ عليّ أخي وكبيري أبو الحَسَن رحمه الله إلى منزِل أبي وأنا في المَهْد ابنَ أربعينَ يومًا الراوِيةَ أبا القاسمِ ابنَ بَشْكُوال وأراهُ إيّايَ واستجازَه لي، فدَعَا لي بخيرٍ وكتَبَ لي حينئذٍ الإجازةَ وضَعَها بيدِه على صَدْري وانصَرفَ رحمه الله.

رَوى عنه من شيوخِنا: أبو الحَسَن بنُ محمد الرُّعَيْنيُّ وجماعةٌ من أصحابِنا ومَن يتنزَّلُ منزلةَ شيوخِنا، وقرأتُ عليه كثيرًا من الحديثِ والآداب، وتَلَوْتُ عليه بعضَ القرآن برواية وَرْش، وتدرَّبتُ بينَ يدَيْه في علم العَروض وصَنْعة الحساب وعَملِ الفرائض، وأجاز لي إجازةً عامّة غيرَ مرّة. وكان عَدَدِيّا مُهندسًا فَرَضيًّا عَدْلًا مَرْضيًّا شديدَ الشَّغَف بالعلم حريصًا عليه لا يأنَفُ عن استفادتِه من الصَّغيرِ والكبير، ولقد ذاكَرَني بمسائلَ وأنا ابنُ ستَّ عشْرةَ سنةً أو نحوَها فذكَرْتُ له ما عندي فيها ثم بعدَ حين وقَفْتُ عليها مُقيَّدةً بخطِّه وقد ختَمَها بقولِه: أفادَنيها الطالبُ الأنجَبُ الأنْبَل أبو عبد الله بنُ عبد الملِك حفِظَه الله. وكان عاقِدًا للشّروط، مُمتِعَ المجالَسة طيِّبَ النفْس، رقيقَ القلب سَريعَ الدَّمعة، أديبًا بارِعًا صاحبَ منظوم ومنثور، سَهْلَ الارتجالِ في النَّوعَيْن، كتَبَ بخطِّه الكثيرَ، وكان يَنحو به طريقةَ شيخِه أبي عبد الله ابن عَيّاش المذكور وإن كان يَضعُفُ عنها، وعُني طويلًا بخدمةِ العلم، وكان من قُدَماءِ النُّجَباءِ فيه، وكتَبَ زمَنَ شَبِيبتِه عن غيرِ واحد من وُلاةِ بلاد الأندَلُس من آلِ عبد المؤمن بإشبيلِيَةَ وغيرِها، كأبي زيدٍ وأبي موسى عيسى المعروفِ بالعابد، ابنا عبد المؤمن، وأبي عِمرانَ بن أبي موسى المذكور، وأبوَيْ إسحاق: ابن أبي يعقوبَ بن عبد المؤمن وابن أبي يوسُف يعقوبَ المنصور بن أبي يعقوبَ المذكور، وأبي الرَّبيع بن أبي حَفْص بن عبد المؤمن، وأبي عبد الرّحمن ابن أبي إسحاقَ بن عبد المؤمن، ثُم ترَكَ ذلك والتزَمَ كَتْبَ الشّروط، فكان من ذوي التبريز في عقودِها والنفوذِ فيما يتعلَّقُ بمعانيها.

وله تصانيفُ أدبيّة، وكتابُهُ في الترسيل المجموعُ من كُتِب أهل العَصْر ومَن قبلَهم من أحفَل الموضوعاتِ في فنِّه وسَمّاه: «تشبيبَ الإبريز» وضمَّنَه جُملةً وافرةً من نَظْمه ونثره، وكان جَمْعُه إياه باقتراح المشرَّف أبي عبد الله بن عبد الرحمن بن سُهَيْل ووَصَلَه عليه لمّا رَفَعَه إليه بمالٍ جَسيم وكُسًى فاخِرة، ومجموعاتُه الثلاثة في العَروض، كذلك، وهي: كبيرٌ وصَغير ومتوسِّط، وجعَلَها كلَّها معَ مختصَر في القوافي، مجموعةً في ديوانٍ واحد، قال في صَدْرِه: ورجَوْتُ ألا يَحتاجَ معَ تناهيه في البيان وإبداءِ شَرْحِه للعِيان إلى مُقرئ يَشرَحُه، إذْ لا أترُكُ للناظر فيه مُغلَقًا لا يفتَحُه، وجعَلْتُه تأليفَيْنِ مختصَرًا ومُطوَّلًا أبدأُ منهما بالمختصَر أولًا، فالمُختصَر يُجزي وَيكفي والمُطوَّلُ يُكملُ وَيشفي، أُسمِّي المختصَر بـ «المقطوف من تدقيق وَضْع الميزان لعلم العَروض والأوزان»، وأُسمِّي المطوَّلَ بـ «المعطوف من تحقيق العِيان للفَرْش والمثالِ في غاية البيان»؛ يُنالُ بالأوّل فتحُ الباب ومَنْحُ اللُّباب ورَشْفُ الرُّضاب في الاقتضاب، وُيدرَكُ بالثاني تمكينُ الإبهام في الأفهام وتحقيقُ الإحكام للأحكام، فجَلَوْتُهما عَرُوسَيْن على مِنَصَّتَيْن ناويًا مِنَصَّتَيْن: جَلْوةَ الحسناء على مِنَصّة الإجزاء، وجَلْوَة البارِعةِ الجمال، على مِنَصّة الكمال. ولمّا فَرَغَ من هذا الثاني عقَّبَه بقولٍ مقتضَب في القوافي وافتَتَحَه بقولِه: كثيرًا ما قَفّى العَرُوضيُّون علمَ العَروض بعلم القوافي، فجعَلوهُما في الاتّصال والاقتران بمنزلةِ القَوادم معَ الخَوافي، فاقتدَيْتُ بهم في ذلك، وسلَكْتُ في هذا التأليف تلك المَسالك. وأتَى بعلم القوافي على غايةٍ من الاختصار. ولمّا أتمَّ غرَضَه من هذا الكتاب وَصَلَه بمُختصَر في العَروض سَمّاه «عُمدةَ الاقتصار وزُبْدةَ الاختصار»، وكان تأليفُه إيّاها الثلاثةَ برَسْم رئيس الطّلبة أيامَ المُعتضِد بالله أبي الحَسَن عليِّ ابن المأمونِ أبي العلى إدريسَ بن المنصُور أبي يوسُف، وكان قد شَرَعَ آخرَ عُمرِه في تأليفِ كتاب في منتقَى الأشعار على فنونِ الشِّعر سَمّاه «رَوْضَ الأديب والمَنْزَهَ العجيب» ضاهَى به «صَفْوةَ الأدب ونُخبة ديوانِ العرب» لأبي العبّاس ابن عبد السّلام الجُرَاوي، فَرَغَ منه نحوَ الثُّلث وعَجَزَ للكَبْرة عن إتمامِه، ويتَجزَّأُ كتابُ الجُرَاويِّ ممّا تحصَّل منه بمقدارِ الربع، أنشَدَني منه كثيرًا وكذلك أنشَدَني من شعرِه ما لا أُحصيه كثرةً، وشاهدتُ منَ ارتجالِه إيّاه وسُرعة بديهتِه ما لا أقْضي أبدًا منه العَجَب، وسَمِعتُه يقولُ غيرَ مرّة: لو شئتُ أنْ لا أتكلَّم في حاجةٍ تَعرِضُ لي معَ أحد وأحاورَه إلّا بكلام منظوم لَفعلتُ غيرَ متكلِّف ذلك، ومن إنشاءاتِه بدائعُ نَظَمَها في صِباه وهُو لم يُكمِل العشرينَ من عُمرِه، أغرَبَ بكُبْراها المقسومة بثلاثةٍ وعشرينَ مربَّعًا عَرْضًا وثمانية وعشرينَ طُولًا اشتملَتْ على نَظْم ونثر وموشَّحة وزَجَل، وخاطَبَ بها صديقَه أبا بكر بن مُفَضَّل بن مَهِيب، وله خَواتمُ بديعةٌ، وكلُّ ذلك ممّا أجاد فيه.

وقَدِمَ مَرّاكُشَ في أيام الناصِر أبي عبد الله بن المنصُور أبي يوسُفَ أو قبلَه وانقَطعَ إلى أبي عبد الله بن عبد العزيز بن عَيّاش واختَصَّ به، فكان في كنَفِه إلى أنْ فَصَلَ عن مَرّاكُش إلى الأندَلُس ثم عاد إليها معَ وَفْد أهل إشبيلِيَةَ على المُعتضِد بالله أبي الحَسَن المذكورِ آنفًا، وذلك سنةَ أربعينَ وست مئة، وقام بين يدَيْه بقصيدةٍ فريدة وخُطبة بارِعة وأتبَعَهما بقصيدةٍ أخرى وخُطبةٍ بديعتَيْن، فالأُوْلَيانِ في التهنئة بصَيْرورةِ الأمر إليه بعدَ الرَّشيد، والثانيتانِ في تهنئتِه بعيدٍ وبغيرِ ذلك، ومن الأُولى: قولُه [البسيط]:

الحمدُ لله بُشرى بعدَها بِشَرُ … خليفةٌ ملكٌ يُهدَى به البَشَرُ

نامَتْ رعيّتهُ في حِجْر إمرتِهِ … وفي رعايتِها من شأنِه السَّهرُ

وأشرَقَ الأُنسُ من بعدِ الرّشيدِ بهِ … كأنّما هو في ليل الأَسى قمرُ

فضائلُ الخُلفاءِ الرّاشدينَ لهُ … مجموعةٌ فيه مِن آياتِها الكُبَرُ

كأنّما نَحَلَ الصِّدِّيقُ شيمتَهُ … في الصِّدق فالخُبْرُ صدقٌ منه والخبَرُ

تأتي الفتوحاتُ في أيامِهِ نَسَقًا … كأنّما هو في أيامِهِ عُمرُ

ومن فضائلِ عثمانَ الحياءُ لهُ … على مُحَيّاهُ من أنوارِه أثرُ

لهُ الوَصِيُّ سَمِيًّا وهْو يُشبِهُ … في سَيْفِه فبِه يشقَى الأُلى كَفَروا

سيفٌ غدا في يدِ القهّارِ قائمُهُ … لا يَكهَمُ السيفُ أمضت حدَّهُ القُدَرُ

لا شكَّ في الحقِّ لكنْ شكَّ بعضُهمُ … أسيفُه في الوغَى أمضى أم القَدَرُ؟

يُغني اسمُه إن نَضَاه عن عساكرِهِ … فلا يبالي أقلَّ الجيشُ أم كَثُروا

كالشمس تُغني إذا ذَرَّت أشعتُها … عن المصابيحِ حيث النُّورُ مُنتشرُ

ومنها:

تُتلَى مدائحُه والمؤمنونَ بها … كأنّما هي إذْ تُتلَى لهم سُوَرُ

كأنّما هيَ إذْ تُجلَى محاسنُهُ … عرائسُ الحُسن قد راقَتْ لها صُوَرُ

لمّا رأيناهُ خِلْنا عند بهجتِه … أن الأئمةَ من آبائه حَضَروا

وأنّهم حين أحيَتْهمْ خلافتُهُ … إذْ أنشَرَ اللهُ مَوْتاهم به نُشِروا

ومنها:

وافاكُمُ وفدُ حمصَ المُستجيرُ بكمْ … وقد أُعِزُّوا بكمْ وَعْدًا وقد نُصِروا

صالَ العدوُّ عليهمْ في جِوارِهمُ … حتى لَقَلُّوا فمُذْ أُمِّرتُمُ أُمِروا

وأيقَنوا أنّ نَصرَ الله نَصْرُكمُ … فالفتحُ مرتقَبٌ والنصرُ منتظَرُ

إرادةُ الله تمُضي ما تريدُ إذا … أَمَرْتَ فالفَلَكُ الدوّارُ مؤتمِرُ

ومنها:

يُهني الشّريعةَ أن أصبحتَ كافلَها … فالرُّوحُ أنت لها والسمعُ والبَصرُ

بأمرِكمْ حاطَ سِربُ الدِّين ناصرُهُ … تُحيي العبادَ وتَحميهم وتنتصرُ

معنى الهُدى عصبةُ التوحيد ظاهرةً … وأنت لا شَكَّ معناها إذا اعتَبَروا

رمَى بك اللهُ أهلَ الكُفر تُسحِتُهمْ … وأنت معتضِدٌ بالله منتصرُ

فاللهُ رام وأنت السَّهمُ في يدِهِ … والقوسُ طائفةُ التوحيد والوتَرُ

وهي طويلةٌ وإجادتُه فيها ما سَمِعتَ وسِنُّه حينَئذٍ خمسٌ وستونَ سنة، وكان معظمَ عُمُرِه محدودًا لم تُساعدْه الأيامُ بأملٍ إلا فَلَتاتِ قليلة، وأدْرَكَتْهُ آخرَ حياتِه فاقةٌ شديدة اضْطُرَّ من أجْلِها إلى الانتقال إلى حاحةَ من أعمال مَرّاكُش وبَواديها القريبة إليها على نحو أربع مَراحلَ منها لتعليم العربيّة بعضَ بَني أحدِ رؤساءِ البَرْبَر بها، فأقام عندَه نحوَ سبعةِ أشهر وعاد إلى مَرّاكُشَ ببعض ما أسدَى إليه ذلك الرئيسُ أيامَ مقامِه عنده، وكان نَزْرًا أجرَى منه ما أقام أوَدَه على تقتير مدة قصيرة فنَفِدَ، وأرى ذلك كان في سنة ثلاثٍ وخمسينَ أو نحوها، وبقِيَ في حالٍ ضعيفة يَرتزِقُ من عائدٍ إليه في عَقْدِ الشّروط لم يكنْ يَفي بأقلِّ مُؤْنة، حتى قَيَّض اللهُ له وصُولَ الواعِظ أبي عبد الله بن أبي بكر بن رُشَيْد البغداديِّ، المذكور في موضعِه من الغُرباء في هذا المجموع، فتعرَّفَ به وتحقَّق فضلَه فصيَّرَه في كفالتِه وقام به أحسَنَ قيام جزَاهُ اللهُ أفضلَ جزائه، وكان ذلك من أقبح ما جرَتْ به الأقدارُ من مُوجِباتِ النَّقْد على صِنفِه وجيرانِه من المنتَمِينَ إلى العلم والمرتَسمِينَ به وغيرِهم من رُؤساءِ حضرةِ مَرّاكُش، فقد كان الجارُ الجُنُبُ لشيخِنا أبي الحَسَن الرُّعينيِّ رحمه الله لا يَفصِلُ بين دارَيْهما دارُ أحدٍ من خَلْق الله، وشيخُنا أبو الحَسَن هذا أوفَرُ أهل الحَضْرة مالًا وأعظمُهم جاهًا، وهو بَلَدِيُّه، وقد انتَفعَ به كثيرًا في طريقتِه التي بها رَأَسَ وبالاستعمالِ فيها شُهِر، وهي الكتابةُ عن السلاطين، فلم تَجْرِ له على يدِه قَطُّ منفَعةٌ ولا نالَ من قِبَلِه ولا بسببِه فائدة، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.

وكان رحمه اللهُ كثيرًا ما يقولُ وسمِعتُه غيرَ مرّة منه: إنّ من أكبرِ أمنياتي على الله أن أُعمَّرَ عُمرَ أبي، ويقول: إنّ أباه توفِّي ابنَ اثنينِ وثمانينَ عامًا، فلمّا كان منتصفُ جُمادى الأُخرى من عام وفاتِه أقبَلَ إلى دُكّانِه الذي كان يتَصدَّى فيه لعَقْد الشروط فصَعِدَ إليه وقعَدَ منه بموضعِه المعلوم له، واستَعْبَرَ طويلًا وأنا حاضرٌ، ثم قال: اليومَ بلغتُ من السِّنِّ ما كنتُ أتمنّى على الله أن يُعمِّرَنيه، فأنا اليومَ ابنُ ثنتينِ وثمانينَ سنة، ثم عاشَ بعد ذلك شهرَيْنِ وعشرينَ يومًا. وكان مولدُه فيما أخبَرَني به غيرَ مرّة ونقَلتُه من خطِّه في السدُّسُ الأوّل من ليلة يوم الأحد لأربعَ عشْرةَ ليلةً بقِيَتْ من جُمادى الآخِرة عامَ خمسة وسبعينَ وخمس مئة، وتوفِّي رحمه اللهُ بمَراكُش ودُفن بجَبّانةِ الشّيوخ لأربع أو خمسٍ خَلَوْنَ من رمضانِ سبع وخمسينَ وست مئة.

حدَّثني الشّيخُ المُسِنُّ الأديبُ أبو القاسم البَلَويّ رحمه الله إجازةً إنْ لم يكنْ سَماعًا، قال: حدّثنا الراويةُ أبو القاسم ابنُ بَشْكُوال إجازةً قال: أخبَرَنا الشّيخُ أبو محمد بن عَتّاب قراءةً منّي عليه غيرَ مرّة، قال: حدّثنا الحافظُ أبو عُمرَ عثمانُ بن أبي بكر بن حَمُّود الصَّدَفُّي السَّفَاقُسِيُّ إجازةً، قال: حدّثنا أحمدُ بن عبد الله الناقد بأصبَهانَ، قال: حدّثنا محمدُ بن أحمد أبو بكرٍ المُفيدُ، قال: حدّثنا أحمدُ بن عبد الرّحمن السَّقَطيُّ، قال: حدّثنا يزيدُ بن هارونَ، قال: أخبَرَنا عاصمٌ الأحوَل، عن أنس بن مالك، قال: قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم -: «الموتُ كَفّارةٌ لكلِّ مُسلم»، قال أبو عَمْرٍو السَّفاقُسِيُّ: هذا حديثٌ عالٍ على شَرْط البخاريِّ ومُسلم رحمَهما الله.

  • الذيل والتكملة 1/ 619-626.

ذ.سمير بلعشية

  • باحث بمركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق