مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةدراسات عامة

التعريف بكتاب “مولد النبي صلى الله عليه وسلم” لعبد الرحمن بن عبد المنعم الخياط (تـ: 1200هـ)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

     يعد كتاب مولد النبي صلى الله عليه وسلم للعلامة عبد الرحمن بن عبد المنعم الخياط من الكتب المختصرة في مولد النبي وسيرته صلى الله عليه وسلم ، ومؤلفه من علماء القرن الثالث عشر الهجري، والذي عرف بهذا الكتاب، وفي هذا المقال  سأحاول التعريف بالكتاب وبمنهج مؤلفه فيه باختصار، وقبل ذلك لابد من إشارة لطيفة إلى ترجمة المؤلف باختصار، وهذا أوان الشروع في المقصود فأقول وبالله التوفيق:

ترجمة موجزة للمؤلف([1]):

هو العلامة الشيخ المفتي الفاضل عبد الرحمن بن عبد المنعم بن أحمد الجرجاوي الخياط، يماني الأصل،مصري الدار، ولد بمدينة جرجا سنة 1100هـ .

نشأ العلامة عبد الرحمن الجرجاوي في مدينة جرجا بمصر تنشئة علمية؛ حيث عرف عنه رحمه الله برغبته الواضحة في طلب العلم وخدمته، حتى وصفه العلامة المراغي بـ: “شيخ الإسلام والمسلمين” ([2])

احتل المترجم له مكانه علمية عالية، حتى أنه تولى منصب الإفتاء بجرجا، كما قال عنه الجبرتي قال بأنه مفتي جرجا ([3])،ولم يكن هذا المنصب الجليل سهل الارتقاء، فلا يجرؤ على الإفتاء إلا من كان له أهلا، كما تقلد عدة وظائف أخرى غير الإفتاء كالتدريس ([4])،واشتهر رحمه الله برواية صحيح البخاري، وله شروح عليه كما ذكر ذلك الشيخ المراغي([5])

توفي رحمه الله سنة 1200هـ  بعد حياة حافلة بالعلم والعمل، فرحم الله هذا العالم الفذ، بواسع رحمته، ونفعنا به وبعلمه آمين.

التعريف الموجز بالكتاب

    هذا الكتيب  عبارة عن مختصر وجيز  في مولد وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم من المولد إلى الوفاة ؛ مع الإشارة اللطيفة إلى حياة الرسل والأنبياء السابقين، مذ أن خلق الله تعالى آدم عليه السلام إلى آخر الأنبياء والرسل محمد صلى الله عليه وسلم؛ وهو من نسخ الشيخ محمد بن محمد المراغي (بعد 1355 هـ)([6]) الذي ذكر أنه أخذ روايته إجازة عن شيخه مصطفى بن محمد صبيح (1318هـ) ([7])، عن شيخه محمد بن حسن المصري الصغير (1295هـ)([8])، عن العلامة أحمد بن عبد الوهاب (1254هـ)([9])، عن المؤلف -رحمه الله-.

وافتتح المؤلف العلامة عبد الرحمن بن عبد المنعم الخياط كتابه أولا بذكر بعض الفوائد التي لا أصل لها بموضوع الكتاب، والتي تناول فيها بعض ما يندب في خطبة الجمعة،  وعن تقديم الخطبة الثانية عن الأولى التي لا يضر منها شيء ، وعن المسافر مسافة القصر المسقط للجمعة والإمامة  .. الخ([10]) ، ثم تحدث بعد هذه الفوائد  عن تاريخ مولده صلى الله عليه وسلم، ومبعثه، وهجرته إلى المدينة، وموته، ثم أخبار الأنبياء السابقين من خلق آدم ونجاة نوح عليه السلام من الغرق في السفينة، ونجاة إبراهيم من الحرق بالنار، ونجاة موسى من الغرق، ومن فرعون وجنوده، وكلام سيدنا عيسى في المهد لتبرئة والدته، والكلام على محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه سيد ولد آدم، وأن الله تعالى خلق نور محمد من نوره قبل إيجاد الأشياء، ثم خلق منه ما خلق من العوالم .  ثم عاد المؤلف مرة أخرى مستأنفا كلامه بالحمدلة، ثم تحدث عن ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم، وأن الله تعالى نبأه قبل خلق آدم عليه السلام، ثم نقله من الأصلاب الطاهرة إلى الأرحام الزكية، وفضله على سائر المخلوقات، وأنه خصه بالشفاعة العظمى، وذكر نسبه الشريف إلى عدنان، تاركا الأقوال المتباينة حول نسبه  المختلف فيه إلى آدم عليه السلام([11])، ثم تحدث بعد ذلك عن الحقيقة المحمدية وهي النور المحمدي الذي وجد قبل كل شيء من المخلوقات مستدلا بقول كعب الأحبار([12])، وعن خلق حواء وحملها من آدم عليه السلام، وعن طهارة نسب محمد صلى الله عليه وسلم،  كما أشار إلى الروايات التي تحدثت عن إرهاصات نبوته والتي شاهدتها آمنة بنت وهب بحمله وولادته،وكذا الروايات التي اختلفت في شهر ومكان وزمن ولادته صلى الله عليه وسلم،وما وقع فيها من الإرهاصات،  مع بيان الصواب أو الأشهر من تلك الروايات، ثم عاد للحديث عن إرهاصات وضعه وولادته، وسبب تسمية جده له بمحمد صلى الله عليه وسلم، ثم مرضعاته كثويبة، وحليمة السعدية([13])، وعن بعض دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم مثل التي وقعت لمرضعته حليمة السعدية([14])،  وحادثة شق صدره الشريف([15])، وحديث بحيرى الراهب([16])، وتجارته لخديجة وزواجه منها، ثم وضعه للحجر الأسود بيده الشريفة يوم تجديد بناء قريش للكعبة الشريفة، ونزول الوحي عليه، وحادثة الإسراء والمعراج([17])،  وختم الكتاب بذكر وفاته وبعض معجزات وصفات وأخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم.           

ومنهج المؤلف في ذلك بين الاختصار  غير المخل  والاعتدال في إيراد الروايات؛ حيث يختصر بعض الأحداث ، وهذا هو المنهج السائد، ويورد في أحداث أخرى روايات مختلفة، وهذه الروايات منها الصحيح ومنها غير ذلك، وقد يرجح أحيانا ويختار أصحها([18])،  مع ذكر معتمده في ذلك على  المصادر التي ينقل عنها  بعض هذه الأحداث؛ كزاد المعاد لابن القيم الجوزية، والحلبي في السيرة الحلبية([19]).. وغيرهما ، وأحيانا لا يذكرها ، كما أن المؤلف رحمه الله يستشهد ببعض الأبيات الشعرية([20]).

وقد طبع الكتاب بتحقيق: د. أحمد حسين النمكي، طبعته دار الآفاق العربية بالقاهرة في طبعته الأولى عام 1422هـ الموافق لسنة 2002 م، في: 108 صفحة.

فرحم الله  العلامة عبد الرحمن بن عبد المنعم الخياط رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.

  هذا ما تيسر لي ذكره عن هذا مضمون هذا الكتاب ومنهج مؤلفه فيه باختصار ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

*****************

هوامش المقال:

([1])  من مصادر ترجمته التي وقفت عليها: الأعلام للزركلي (3 /314)، معجم المؤلفين (2 /98)، وذكره المراغي في تاريخ ولاية الصعيد (ص: 62)، والجبرتي في عجائب الآثار (2/304)، وترجمته موسعة  في مقدمة تحقيق كتاب المؤلف نفسه بقلم محققه أحمد حسين النمكي (من ص: 29 إلى: 42)، كما ترجم له المراغي الجرجاوي في سلافة الشراب الصافي ، وفي: خلاصة تعطير النواحي والأرجا بذكر تراجم من اشتهر من علماء وبعض أعيان جرجا ولم يتيسر لي الوقوف عليهما.

([2]) نقلا عن مقدمة المحقق لكتاب مولد النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن الخياط (ص: 33) ولم يتيسر لي الوقوف على مصدره الأصلي الذي ذكر فيه وهو : سلافة الشراب الصافي، وتعطير النواحي والأرجاء .

([3]) عجائب الآثار  في التراجم والأخبار للجبرتي (2 /304)

([4]) انظر مقدمة تحقيق كتاب مولد النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن الخياط (ص: 32 فما بعدها)

([5]) نقلا عن مقدمة تحقيق كتاب مولد النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن الخياط (ص: 33)، ولم يتيسر لي الوقوف على مصدره الأصلي الذي ذكر فيه وهو : سلافة الشراب الصافي.

([6]) ترجمته وبعض مصادرها في الأعلام للزركلي (7 /81).

([7]) ترجمته في مخطوط تعطير النواحي والارجا  للمراغي ولم يتيسر لي الوقوف عليه.

([8]) ترجمته في مخطوط تعطير النواحي والارجا  للمراغي ولم يتيسر لي الوقوف عليه.

([9]) ترجمته في معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة (1/ 190).

([10]) كتاب مولد النبي ﷺ (من ص: 52 إلى ص: 57).

([11])  مولد النبي صلى الله عليه وسلم (ص: 69-70).

([12])  انظر مولد النبي صلى الله عليه وسلم: (ص: 72).

([13])  انظر مولد النبي صلى الله عليه وسلم (ص: 90).

([14])  انظر مولد النبي صلى الله عليه وسلم (ص: 88).

([15])  انظر مولد النبي صلى الله عليه وسلم (ص: 88).

([16])  انظر مولد النبي صلى الله عليه وسلم (ص: 85-90).

([17])  انظر مولد النبي صلى الله عليه وسلم (ص: 92).

([18])  تنظر روايات حمل آمنة بنت وهب بالرسول صلى الله عليه وسلم . انظر مولد النبي ص: (78-79).

([19])  ينظر مثلا: (ص: 84-85 ) من الكتاب.

([20])  ينظر مثلا: (ص: 85 )، (ص: 94) من الكتاب.

****************

لائحة المصادر والمراجع المعتمدة

الأعلام قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين المستشرقين. لخير الدين الزركلي، ط 15/ 2002، دار العلم للملايين لبنان.

تاريخ ولاية الصعيد في العصرين المملوكي والعثماني المسمى: نور العيون في ذكر جرجا من عهد ثلاثة قرون لمحمد بن محمد بن حامد المراغي الجرجاوي. تحقيق ودراسة: د. أحمد حسين النمكي مكتبة النهضة المصرية القاهرة (د. ت)

عجائب الآثار في التراجم والأخبار. لعبد الرحمن بن حسن الجبرتي . تحقيق: د عبد الرحيم بن عبد الرحمن عبد الرحيم . مطبعة دار الكتب المصرية القاهرة (د.ت)

معجم المؤلفين (تراجم مصنفي الكتب العربية). لعمر رضا كحالة. مؤسسة الرسالة بيروت ط1/ 1414هـ- 1993م.

مولد النبي صلى الله عليه وسلم. لعبد الرحمن بن عبد المنعم الخياط. تحقيق ودراسة: د أحمد حسين النمكي. دار الآفاق العربية القاهرة. ط1/ 1422هـ- 2002م

*راجع المقال الباحث: يوسف أزهار

Science

دة. خديجة أبوري

  • أستاذة باحثة مؤهلة بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق