مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكدراسات عامة

التحسينات المالية في المذهب المالكي و تطبيقاتها المعاصرة17

ذ/ عبد السلام اجميلي 

 من علماء القرويين

 

– نماذج من المعاملات المالية الاستحسانية:

تطبيقات الاستحسان في الشروط المقترنة بعقد البيع عند المالكية:

تعريف الشرط المقترن بعقد البيع:

لاشك أن كل طرف في عقد البيع يحاول أن يحقق لنفسه صفقة رابحة، يضمن خلالها حقه، ويحقق غايته من العقد، فيتجه كل طرف إلى إضافة شروطه الخاصة به عند إنشاء العقد، وهذه الشروط تسمى: الشروط المقترنة بعقد البيع أو الشروط الجعلية([1]).

فالشرط المقترن بالعقد هو: التزام في التصرف القولي لا يستلزمه ذلك التصرف في حالة إطلاقه([2]).

وهناك تعريف آخر: هو التزام واقع في العقد حال إنشائه، زائد عن أصل العقد ومقتضاه، لكنه أصبح جزءا من أجزائه التي تم التراضي عليها([3]).

– موقف الفقهاء من الشروط المقترنة بالعقد:

نستطيع أن نقسم مذاهب الفقهاء من الشروط المقترنة بالعقد إلى مذهبين:

المذهب الأول:

ذهب المالكية([4]) والشافعية([5]) والحنفية([6]) إلى أن الأصل في الشروط المقترنة بالعقد الحظر والمنع، ودليلهم على ذلك ما رواه أبو حنيفة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: نهى عن بيع وشرط”([7])

وقد اتفق أصحاب هذا المذهب على أن هذا الأصل يدخله الاستثناء، فاتفقوا على بعض الاستثناءات، واختلفوا في البعض الآخر([8]).

أما الشروط التي اتفقوا على استثنائها من الأصل السابق فهي:

-أولا: سبعة شروط ورد جواز اشتراطها بالكتاب والسنة([9]).

وحجتهم في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ما بال أناس يشترطون شروطا ليست في كتاب الله، من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فليس له، وإن شرط مائة مرة، شرط الله أحق وأوثق([10]).

وجه الاستدلال: أن الشرط لا يجوز في العقد إلا إن كان في كتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم لأنه المبين عن الله تعالى، وهو الذي لا ينطق عن الهوى.

وهذه الشروط هي:

-أولا: اشتراط تأخير الثمن إلى أجل مسمى([11]).

-ثانيا: اشتراط الرهن في بيع الأجل([12])

-ثالثا: اشتراط أداء الثمن إلى الميسرة([13])

-رابعا: اشتراط  صفة في المبيع يتزامن عليها البيعان، كاشتراط لون السيارة أو مقدار صرفها للوقود([14]).

-خامسا: اشتراط خيار الشرط([15]).

-سادسا: اشتراط المشتري أخذ ثمر النخل المؤبر، لأن الأصل أن ثمرتها من منبع البائع([16]).

ثانيا: اشتراط ما يكون ملائما لمقتضى العقد (أي مؤكدا لموجبه ومقتضاه).

كاشتراط الرهن المعين في بيع الأجل.

أما  ما لم يتفقوا عليه جميعا فشرطان:

-أولا: اشتراط ما يتضمن معنى من معاني البر، فجوازه محل اتفاق بين الماليكة والشافعية.

-ثانيا اشتراط ما جرى العرف على التعامل به، وليس من مقتضى العقد، فهو محل اتفاق بين المالكية والحنفية.

 

 


[1] -التحسينات المالية، ص 50.

[2] -المدخل الفقهي العام للزرقا، 1/575.

[3] -المدخل إلى فقه المعاملات المالية، للشيرازي، ص 251، الطبعة الأولى، دار النفائس عمان، 2004.

[4] -القوانين الفقهية، لابن جزي ص 171 حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3/65.

[5] -مغني المنهاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج 2/382.

[6] -الهداية شرح بداية المبتدئ للمرغياني 2/53.

[7] -حديث حسن غريب، رواه الطبراني المعجم الأوسط دار الحرمين القاهرة، 1995م، رقم 4361، 4/335.

[8] -الهداية شرح بداية المبتدئ 2/53.

[9] -المدخل إلى فقه المعاملات المالية ص 253.

[10] -متفق عليه صحيح البخاري كتاب العتق، باب ما يجوز من شروط المكاتب 5/115-117.

[11] -قال تعالى: “يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه” سورة البقرة 282.

[12] -قال تعالى: “وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة” سورة البقرة 283.

[13] -قال تعالى: “وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى مسيرة” سورة البقرة 280.

[14] -قال تعالى: “يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل، إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم”، سورة الناس 29.

[15] -عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال: ذكر  رجل للنبي صلى الله عليه وسلم انه يخدع في البيت فقال: إذا بايعت فقل لا خلابة، متفق عليه، صحيح البخاري كتاب البيوع، باب ما يكره من خداع في البيع، 4/232، صحيح مسلم، كتاب البيوع، باب من يخدع في البيع، 6/381.

[16] -عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع، ومن ابتاع عبدا وله مال، فماله لذي باعه إلا أن يشترط المبتاع، متفق عليه، البخاري: صحيح البخاري كتاب البيوع باب الرجل يكون له مهر أو شرب أو في نخل 5/32.، صحيح مسلم كتاب البيوع باب من باع نخلا عليها ثمرة 6/397.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق