مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكدراسات عامة

التحسينات المالية في المذهب المالكي وتطبيقاتها المعاصرة14

 ذ/ عبد السلام اجميلي 

 من علماء القرويين

 

–  حقيقة الخلاف في الاستحسان بين الأصوليين

بعد استعراض مذاهب الأصوليين في حجية الاستحسان نجد أن من أثبت حجية الاستحسان أراد به الاستحسان المبني على الدليل الشرعي المعتبر، وأن من نفى حجية الاستحسان إنما أراد به الاستحسان المبني على الهوى والتشهي دون دليل([1]).

فيمكن أن نخلص إلى نتيجة مفادها: أن الأصوليين في البداية لم يحرروا محل النزاع في حجية الاستحسان، لكن انتهى الأمر إلى بيان أن الخلاف بين بينهم في حجية الاستحسان خلاف لفظي لا حقيقي([2])، وهذا ما قرره الأصوليون من مذهب الإمام الشافعي([3]).

ويقول حسن عوض: أحسب أن سؤالين يجولان في الخاطر يحتاجان إلى جواب.

-السؤال الأول: لم اتسعت رقعة الخلاف بين الأصوليين في حجية الاستحسان؟

-السؤال الثاني: ما تفسير موقف الإمام الشافعي من الاستحسان؟

-جواب السؤال الأول:

نستطيع أن نرجع اتساع رقعة الخلاف بين الأصوليين في حجية الاستحسان إلى الأسباب التالية:

 السبب الأول: إن أئمة مذاهب القائلين بالاستحسان لم يبينوا المراد منه، ولم يضعوا له حدا أو تعريفا، مما أدى إلى قضيتين غاية في الخطورة([4]):

القضية الأولى: لم يظهر معنى الاستحسان الدقيق بتفاصيله عند الأئمة وأتباعهم من زمرة المنكرين له.

القضية الثانية: نسب إلى القائلين بالاستحسان تعريفات له تخالف المعنى الذي أرادوه، ودليله ما جاء في (التبصرة): وحكى الشافعي (رضي الله عنه) ويشير المريسي القول عن أبي حنيفة بالاستحسان، وهو ترك القياس لما استحسنه الإنسان من غير دليل”([5]).

السبب الثاني:

عدم تحرير موضع النزاع في الاستحسان، فالمثبتون له يريدون به: العدول عن حكم إلى حكم بدليل، ونفاته يريدون به: العدول من غير دليل، مع أن العدول عن حكم إلى حكم من غير دليل لا خلاف في عدم جوازه([6]).

السبب الثالث:

التعصب المذهبي المتمثل في غلو بعض أتباع المذاهب، ورغبتهم في نصرة أئمتهم، يقول الشيخ عبد الوهاب خلاف: كان الواحد منهم (يعني المتعصبين من أتباع المذاهب) إذا ظفر بعبارة لإمام غير إمامه، ووجد ظاهرها فيه بعض المخالفة استمسك بهذا الظاهر، وأخذ في الرد والإبطال، وجاء سلفه مؤيدا ومبالغا([7]).

وهذا ما أشار إليه التفتازاني بقوله: ومبنى الطعن من الجانبين على الجرأة وقلة المبالاة([8]).

 

 


[1] -التحسينات المالية، لحسن عوض، ص 42.

[2] -مصادر التشريع الإسلامي، لخلاف ص 81.

[3] -الإحكام في أصول الأحكام للآمدي 4/136.

[4] -التحسينات المالية، لحسن عوض ص 42.

[5] -التلويح على التوضيح 2/81.

[6] -الإحكام في أصول الأحكام 4/136.

[7] -مصادر التشريع الإسلامي فيما لا نص فيه ص 82.

[8] -شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح للتفتزاني 2/81.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق