مركز الدراسات والبحوث في القضايا النسائية في الإسلامقراءة في كتابنصوص مترجمة

“التحدث باسم الله: الشريعة والسلطة والنساء” لخالد أبو الفضل

 

بشرى لغزالي 

 


تشهد المكتبات الأجنبية إصدارات متزايدة لمؤلفات تتطرق إلى الإنتاج الفقهي عند المسلمين وما يترتب عنه من أحكام مجحفة في حق المرأة على وجه الخصوص. ومن هذه الإصدارات نختار كتابا بعنوان “التحدث باسم الله: الشريعة والسلطة والنساء” (Speaking in God’s Name: Islamic Law, Authority and Women) لمؤلفه خالد أبو الفضل صدر سنة 2001 باللغة الإنجليزية عن دار النشر وان وورلد ONEWORLD.

البروفيسور خالد أبو الفضل هو مفكر إسلامي معاصر كويتي الأصل يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية، يُدرس الشريعة والقانون في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس، ومواد حقوق الإنسان والفقه الإسلامي وقانون الأمن الوطني والأنظمة القانونية وغيرها من المواد، بالإضافة إلى كونه أستاذا زائرا في جامعة ييل للقانون. وقد عُين مفوضا في اللجنة الأمريكية للحريات الدينية بالكونغرس، وترأس مجلس هيومان رايتس واتش. له لائحة طويلة من المقالات الأكاديمية وكتبٌ كثيرة منها: “السرقة الكبرى” The Great Theft الذي صدر سنة 2005 مثيرا اهتمام الصحف ووسائل الإعلام المصرية، إذ يحلل فيه كيف أن المتشددين سرقوا الإسلام المعتدل، وهو الأصل والجوهر، وحولوه إلى مصالح سياسية، ودين جامد ومعتقدات متعصبة معادية للآخر.

يعرض هذا الكتاب الأسس الأخلاقية للنظام القانوني الإسلامي مشيرا إلى الآثار الخطيرة التي تلحق بالمجتمع الإسلامي بسبب قراءة النص الديني قراءة سلطوية، ويقر بأن السلطات الإسلامية فسرت الشريعة السماوية تفسيرا خاطئا ألحق الضرر ببعض فئات المجتمع، ولاسيما منها النساء. ويورد في هذا السياق حالات من الظلم يشهدها المجتمع الإسلامي كمنع المرأة من السياقة والقيود الموضوعة على لباس المرأة، ثم يقترح العودة إلى الأخلاق الجوهرية التي توجد في قلب الشريعة الإسلامية.

في تمهيده لهذا الكتاب الذي يعتبره دراسة قانونية وليس عملا أنثروبولوجيا أو سوسيولوجيا، يرى البروفيسور خالد أن الفقه الإسلامي لم يستطع رغم أهميته تجاوز صدمة الاستعمار والحداثة، وهو ما يعكسه الطابع السلطوي للأحكام الشرعية. ويهدف هذا الكتاب بالأساس إلى تقديم الإطار المفاهيمي لفكرة السلطة التي أُسيء استعمالها في الشريعة الإسلامية، وتحليل الأحكام الشرعية الإسلامية حسب إطارها المرجعي. والكاتب لا يقصد السلطة المؤسساتية وإنما السلطة الأخلاقية والسلطة المستعملة في الإقناع. كما يقف في دراسته عند مدى ملائمة التراث الفقهي الإسلامي في العصر الحالي ويحلل نظرية السلطة وإساءة استعمالها، ويقترح حلولا لمقاومة التوجهات الاستبدادية في ممارسة الشريعة الإسلامية.

سنعرض الأفكار التي جاءت بها فصول هذا الكتاب السبعة في حلقات، وسنكتفي في هذا المقال بتقديم عناوينها وأبرز ما جاء فيها:

الفصل الأول- “استقراء”: يحدد المواضيع المحورية للكتاب ويطرح الفرضيات الأولية. لم يُعنون هذا الفصل “بالمقدمة” لأنه لا يهدف إلى تفسير ما جاء في الكتاب، بقدر ما هو دعوة للانغماس في هذا البحث فكريا وعاطفيا من خلال مجموعة من الأسئلة التي يطرحها الكاتب ليُشرك القارئ في حيرته.

الفصل الثاني- “السلطة”: يتطرق لفكرة السلطة في الشريعة الإسلامية عبر تحليل مفهوم الحاكمية الإلهية، ودور الإذعان في بناء السلطة، وكذا دور العلماء.

الفصل الثالث- “خلاصة انتقالية”: يقدم ملخصا يمهد للانتقال إلى الفصلين 4 و5.

الفصل الرابع “النص والسلطة” والخامس “بناء الاستبداد”: يدرس الكاتب من خلالهما دور النص الديني في تحديد المعنى، ويبرز نظرية وشروط تفويض السلطة للعلماء في الإسلام، ومتى يمكن القول بأن العلماء أساؤوا استعمال سلطتهم.

تمهد هذه الفصول السابقة لتحليل نقدي يطرحه الفصلان المتبقيان، حيث يشمل ممارسات تعسفية في الإسلام المعاصر.

الفصل السادس- “تحليل الخطابات السلطوية” والسابع-“فرضيات تنبني على الإيمان وقرارات تُحقر المرأة”: يقدمان دراسة مجموعة من الحالات في بناء السلطوية على مستوى الممارسة القانونية الإسلامية المعاصرة. وقد اختار الكاتب تقديم حالات قانونية تهم النساء لأنها أكثر القضايا إبرازا لإساءة استعمال السلطة واستغلالها لفرض نظام ذكوري خانق على المجتمع المسلم.

الخاتمة- مقاومة الاستبداد في بحث عن الأخلاق: هي خاتمة أنهى بها الكاتب هذه الدراسة وأردفها بملحق يضم ترجمة لفتاوى أصدرها بعض العلماء تهم النساء.

يشير الكاتب إلى أن هذا المؤلَف لا يُصنف في دراسة النوع أو الفقه النسائي، إذ إن قضايا النوع في نظره تطرح تحديات أكثر صعوبة وتعقيدا في الشريعة الإسلامية، وفي الوقت المعاصر تستوجب إعداد نُهج مناسبة للتعامل مع هذه القضايا.

وقد جاءت فكرة هذا الكتاب بعد أن نشر المؤلف مقالا قصيرا ينتقد فيه فتوى معادية للنساء لا تمت للإسلام بصلة، أصدرتها منظمة إسلامية في أمريكا تحقر وتهين النساء باعتبارها مشيئة الله، حيث أبان الكثير من المسلمين في أمريكا عن استعدادهم لقبول الفتوى باعتبارها كذلك. وتطورت فكرة المقال إلى كتاب أول بعنوان “السلطوية والاستبداد في الخطابات الإسلامية” (The Authoritative and Authoritarian in Islamic Discourses) مُنعت نسخته العربية من النشر في بلدان إسلامية، وكتاب ثان –الذي نحن بصدد التعرف عليه- يختلف عن سابقه من حيث تطوير مجموعة من الأفكار وحذف أخرى، وقد استغرق تأليفه خمس سنوات. 

 

 

 

نشر بتاريخ: 23 / 04 / 2013

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق