مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقديةقراءة في كتاب

الاقتصاد في الاعتقاد لحجة الإسلام الإمام محمد أبي حامد الغزالي المتوفى 505ﻫ

“الإقتصاد في الاعتقاد”  هو كتاب للإمام الغزالي زين الدين، حجة الإسلام، أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الشافعي، أحد كبار الأعلام. تلمذ لإمام الحرمين، ثم ولاه نظام الملك تدريس مدرسته ببغداد، ولد بطوس سنة خمسين وأربعمائة (450هـ)، وكان والده يغزل الصوف ويبيعه في حانوته[2]، برع في النظر في مدة قريبة، وقاوم الأقران، وتوحد وصنف الكتب الحسان في الأصول والفروع، التي انفرد تحسن وضعها وترتيبها، وتحقيق الكلام فيها، حتى إنه صنف في حياة أستاذه الجويني، فنظر الجويني في كتابه المسمى بالمنخول، فقال له: “دفنتني وأنا حي، هلا صبرت حتى أموت”[3]، توفي يوم الإثنين رابع عشر جمادى الآخرة سنة خمس وخمسمائة (505هـ) بالطابران [4].

مؤلفاته:

له عدة مؤلفات من بينها:
ـ المستصفى في علم أصول الفقه.
ـ الوسيط في فقه الإمام الشافعي.
ـ معيار العلم في المنطق.
ـ مقاصد الفلاسفة.
ـ تهافت الفلاسفة.
ـ بغية المريد في مسائل التوحيد.
ـ إلجام العوام عن علم الكلام.
ـ المقصد الأسنى شرح أسماء الله الحسنى.
ـ فضائح الباطنية.
ـ القسطاس المستقيم.
ـ فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة.
ـ الإقتصاد في الاعتقاد.

موضوع الكتاب:

يعتبر “الاقتصاد في الاعتقاد” من الكتب الهامة التي وضعها الغزالي،  وهو في أصول العقائد، والعلاقة بين أحكام الشرع والعقل، والتأكيد على أنه لا معاندة بين الشـرع المنقول والحق المقول. ويتناول هذا الكتاب أصول علم الكلام، ووسائل العقائد وينتهي بفصلين في العمد الأساسية ومستند الحكم بتكفير المبتدعة[5].
طرح الغزالي في كتابه أهم مفهوم من مفاهيم الإسلام، والذي بسببه يكون الإنسان سويا ومتزنا، فلا يجد أثرا لمعنى الإفراط والتفريط، في اعتقاده وسلوكه، وهذا المفهوم يتلخص في  معاني التوازن والوسطية في الحياة، فقد قال في خطبته للكتاب: “الواجب المحتوم في قواعد الاعتقاد، ملازمة الاقتصاد، والاعتماد على الصـراط المستقيم”[6].
فهو يرى في معظم كتبه ومصنفاته، كإلجام العوام عن علم الكلام وغيرها، أن “على العوام أن يؤمنوا ويسلموا، ويشتغلوا بعبادتهم ومعايشهم، ويتركوا العلم للعلماء….”[7] ويعلل ذلك بأن: “الحكمة يستضر بها الضعفاء”[8].
فقد أشار إلى هذه المسألة في القطب الرابع من الكتاب، وهو في نبوة نبينا محمد ﷺ وإثبات ما أخبر هو عنه: “والنظر الآن في تحقيق هذا الفصل، ينجر إلى البحث عن الروح والنفس والحياة وحقائقها، ولا تحتمل المعتقدات التغلغل إلى هذه الغايات في المعقولات”[9].
ويسترسل في كلامه لبيان موضوع الكتاب:” أما الأمور التي لا حاجة إلى إخطارها بالبال، وإن خطرت في البال فلا معصية في عدم معرفتها، وعدم العلم بأحكامها، فالخوض فيها بحث عن حقائق الأمور وهي غير لائقة بما يراد منه تهذيب الاعتقاد “[10].
و في كتابه أصول الدين عن أدلة العقيدة قال: “وأما أدلتها مع زيادة تحقيق وزيادة تأنق في إيراد الأسئلة والإشكالات، فقد أودعناها كتاب “الاقتصاد في الاعتقاد” في مقدار مائة ورقة، فهو كتاب مفرد برأسه يحتوي لباب علم المتكلمين، ولكنه أبلغ في التحقيق وأقرب إلى قرع أبواب المعرفة من الكلام الرسمي الذي يصادف في كتب المتكلمين”[11].

محتوياته:

قسم المؤلف كتابه إلى مقدمة عامة، ثم إلى أربع أقطاب، وكل قطب قسمه إلى عدة دعاوي، وعدة صفات وفصول، وفي نهاية الكتاب أفرد مقدمة وفصلين:
الأول : المقدمات وفيه أربعة تمهيدات:
التمهيد الأول: في بيان أن الخوض في هذا العلم مهم في الدين.
التمهيد الثاني: في بيان الخوض في هذا العلم إن كان مهما فهو  في حق بعض الخلق ليس بمهم بل المهم لهم تركه.
التمهيد الثالث: في بيان أن الاشتغال بهذا العلم من فروض الكفاية.
التمهيد الرابع: في تفصيل مناهج الأدلة التي أوردتها في هذا الكتاب.
الثاني: المقاصد والغايات وفيه أربعة أقطاب:
القطب الأول: في النظر في ذات الله تعالى.
القطب الثاني: في صفات الله تعالى.
القطب الثالث: في أفعال الله تعالى.
القطب الرابع: وفيه أربعة أبواب:
الباب الأول: في إثبات نبوة محمد ﷺ.
الباب الثاني: بيان وجوب التصديق بأمور ورد بها الشرع وقضى بجوازها العقل.
الباب الثالث: في الإمامة.
الباب الرابع: بيان يجب تكفيره من الفرق.

شروحه:

للكتاب عدة شروح وتعليقات، فقد حققه جملة من الباحثين والدارسين لتراث الإمام أبي حامد الغزالي، ومن بينها:
ـ شرح الدكتور إبراهيم محمد إبراهيم حربية مدرس العقيدة والفلسفة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالقاهرة، وقال وهو يقدم للكتاب:
وجدت هذا الكتاب مع ما تميز به، قد ألف في عصر بلغة لا يفهمها الكثير من طلاب عصرنا الحاضر، الأمر الذي دفعني إلى أن أتناوله بالشـرح شرحا يوضح مقاصده، وأعيد كتابته بأسلوب سهل، وعبارة واضحة…..وقد سرت فيه على منهج تمثل في عرض مسائله نصا كما ذكرها الإمام الغزالي منفصلة، واتبعت كل مسألة بشـرحها، وتفصيل ما تضمنته من الآراء والحقائق، وصياغة أدلتها بأسلوب منطقي[12].
ـ و كتاب الاقتصاد في كفاية العقاد (هكذا وجدته) وهو شرح لكتاب الاقتصاد في الاعتقاد، للإمام أبو حامد الغزالي، وهو من تأليف الشيخ شهاب الدين أحمد بن عماد الأقفهسي، وهي منظومة تزيد على خمسمائة بيت، وله عليه شرح مختصـر[13]، وقد شرحه الشريف حسن بن محمد بن أيوب الحسيني الشافعي المعروف بالسيد النسابة المتوفى سنة 866هـ، في كتاب سماه:” نزهة القصاد في شرح الاقتصاد لكفاية العقاد”[14].
ـ الاقتصاد في الاعتقاد شرح وتحقيق وتعليق الدكتور إنصاف رمضان، حيث تركز عملها في شرح عبارات الكتاب وتبسيطها بلغة العصر بسبب بعد العهد بننا وبين عصر المؤلف، ليستفيد القارئ الفائدة المطلوبة من معلومات الكتاب وإرشاداته.
ـ  حاشية الاقتصاد فى الاعتقاد لمصطفى عبد الجواد عمران، وسماه السداد في الإرشاد إلى الاقتصاد في الاعتقاد، وذكر أنه من حيث مقارنته بكتب علم الكلام يصل إلى الذروة، لما يمتاز به من أمور صالحة منها:
1ـ اقتصاره على الزبدة واللباب من قضايا علم الكلام.
 2 ـ توخيه القصد واجتنابه التطويل والتعمق في إيراد الشبه والإشكالات التي قد تورث القلب الحيرة والفكر الاضطراب.
3 ـ حسن التقسيم وجمال الضبط مما يعين على الإمام بموضوعاته ويساعد على الإحاطة بمسائله[15].

طبعاته:  

ـ طبع بطبعته الأولى بالمطبعة الأدبية بمصـر، اعتنى بتصحيحه مصطفى القباني الدمشقي.
ـ وبكلية الإلهيات طبع سنة 1962م، ونشره نور مطبعاسي بجامعة آنقرة ، عارضه بأصوله، وعلق حواشيه، وقدم له: الدكتور إبراهيم آكاه جوبوقجي والدكتور حسين آتاي.
ـ وهناك طبعة أولى للجزء الأول من الكتاب بشرح إبراهيم محمد إبراهيم حربية، سنة 1404هـ ـ 1983م.
ـ ثم طبع في مكتبة العلوم والحكم المدينة المنورة الطبعة الاولى سنة 1414 هـ ، حققه وعلق عليه: الشيخ أحمد بن عطية بن علي الغامدي.
ـ و في سنة 1415هـ ـ 1994م، طبع بدار الحكمة للطابعة والنشـر، ضبطه وقدم له موفق فوزي الجبر.
ـ وبطبعة الأولى سنة 1423هـ ـ 2003م، بدار قتيبة ـ دمشق، شرح وتحقيق وتعليق الدكتورة إنصاف رمضان.
ـ وفي دار الكتب العلمية للنشر والتوزيع، سنة 2004م ـ 1423هـ ، وضع حواشيه عبد الله محمد الخليلي.
ـ وطبع في دار البصائر سنة 1430هـ ـ 2008م، ومعه كتاب السداد في الإرشاد إلى الاقتصاد في الاعتقاد لسماحة العلامة النظار المتكلم الشيخ الدكتور مصطفى عبد الجواد عمران.
ـ وطبع في دار المنهاج بطبعة ثانية سنة 1432هـ ـ 2011م، عنى به : أنس محمد عدنان الشرفاوي.

 

الهوامش:

[1] للإشارة: يوجد أيضا كتاب الاقتصاد في الاعتقاد للإمام عبد الغني المقدسي المتوفى سنة (600هـ).
[2] شذرات الذهب في أخبار من ذهب، لابن العماد، الإمام شهاب الدين أبي الفلاح عبد الحي بن أحمد بن محمد العكري الحنبلي الدمشقي، تحقيق عبدالقادر الأرناؤوط، طبعة دار ابن كثير، ص 18/ 19.
[3] سيرة الغزالي وأقوال المتقدمين فيه، جمعه وحققه عبد الكريم العثمان وقدم له الدكتور أحمد فؤاد الأهواني، طبعة دار الفكر بدمشق، ص 59.
[4] كتاب وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، لأبي العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان(ت 608ـ681هـ)، حققه الدكتور إحسان عباس، دار صادر بيروت، ج4 ص 218.
[5] الاقتصاد في الاعتقاد، للإمام أبي حامد الغزالي، وضع حواشيه عبد الله محمد الخليلي، الطبعة الأولى، دار الكتب العلمية، سنة 2004م ـ 1424هـ، ص 6.
[6] نفس المصدر، ص 9.
[7] إحياء علوم الدين، لأبي حامد الغزالي، طبعة دار الشعب، ج 8 ص 1401.
[8] الحقيقة في نظر الغزالي، تأليف الدكتور سليمان دنيا، الطبعة الرابعة دار المعارف، ص 92.
[9] الاقتصاد في الاعتقاد، للإمام الغزالي، وضع حواشيه عبد الله محمد الخليلي، طبعة  دار الكتب العلمية، سنة 2004م ـ 1424هـ، ص 117.
[10] نفس المصدر، ص 120.
[11] كتاب الأربعين في أصول الدين في العقائد وأسرار العبادات والأخلاق للإمام حجة الإسلام أبي حامد الغزالي، تصحيح عبد الله عرواني ومراجعة محمد بشير الشفقة، طبعة دار القلم، ص 39.
[12] الاقتصاد في الاعتقاد، لأبي حامد الغزالي، شرح الدكتور إبراهيم محمد إبراهيم حربية، مقدمة الكتاب ص 6.
[13] الضوء اللامع لأهل القرن التاسع ج 2، لشمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي، طبعة دار الجيل بيروت، ص 48.
[14] جامع الشروح والحواشي، لعبد الله محمد الحبشي، طبعة المجمع الثقافي 2004، ج1ص211.
[15] الاقتصاد في الاعتقاد للإمام الغزالي، حاشية الشيخ الدكتور مصطفى عبد الجواد عمران، الطبعة الأولى، دار البصائر، سنة 1430هـ/2009م، ص 15.

روابط تحميل الكتاب:

الاقتصاد في الاعتقاد، تحقيق موفق فوزي الجبر.
http://al-mostafa.info/data/arabic/depot2/gap.php?file=018915.pdf
الاقتصاد فى الاعتقاد …لحجةالاسلام أبى حامد الغزالى دار الكتب العلمية.
http://www.4shared.com/rar/EfGc_NE7/_________.htm
الاقتصاد في الاعتقاد ـ تحقيق الدكتورة إنصاف رمضان.
www.alkeltawia.net/Download/books/3kayed/aliqtesad/03.rar

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. أنا من عشاق الأشاعرة أهل السنة والجماعة فى طريقة علم الكلام.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق