مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقديةقراءة في كتاب

الإعلام بحدود قواعد الإسلام: أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي السبتي تـ544هـ

   هو القاضي عياض بن موسى بن عياض بن عمرون اليحصبي السبتي، أبو الفضل: عالم المغرب وإمام أهل الحديث في وقته،كان من أعلم الناس بكلام العرب وأنسابهم وأيامهم، ولي قضاء سبتة، ومولده فيها، ثم قضاء غرناطة، وتوفي بمراكش مسموما سنة(544هـ)،  قيل: سمه يهودي.
من تصانيفه ” الشفا بتعريف حقوق المصطفى – ط ” و ” الاعلام بحدود قواعد الاسلام – ط ”  وغيرها.[1]

كتاب “الاعلام بحدود قواعد الاسلام”:[2]

سبب تأليفه للكتاب:

   ألفه نزولا عند رغبة بعض المعلِّمين، في كتاب سهل بسيط في قواعد الاسلام يكون عونا له في تعليم الصبيان، وفي ذلك يقول القاضي عياض: «أيها الراغب في الخير، الحريص على تدريب المتعلمين لوجوه البر، فإنك سألتني في جمع فصول سهلة المأخذ، قريبة المرام، مفسرة حدود قواعد الإسلام. فاعلم – وفقنا الله وإياك – أن مباني الإسلام خمسة، كما قال نبينا عليه السلام : “بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إلاه إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وحج البيت.”»[3]
   قال العلامة محمد بن تاويت الطنجي: « فقد ألفه للمتعلمين من أطفال المغرب، وقصد فيه إلى تفسير” قواعد الإسلام” الخمس، في لغة واضحة سهلة، ابتعد فيها عن كثير من التعابير والجمل الاصطلاحية، بحيث أصبحت غير بعيدة عن مدركات الأطفال الذين أُلِّف لهم»[4].
قال محمد صديق المنشاوي: «فهذه رسالة عظيمة القدر، قليلة السطر، أبدع فيها كاتبها أيَّما إبداع، وأجاد فيها أيَّما إجادة، فلخص فيها قواعد الإسلام، وحقيقة الإيمان، بما أنزله الله من قرآن، وصح عنده من الأخبار، فأوجز فيها جمَّا من الكتب والأسفار، وصاغها بطريقة لم يسبقه إليها الجهابذة الأعلام، وتتكسر دونه الأقلام، فأطاب، وأجاد، وما خاب سهمه المراد…»[5].  

موضوعات الكتاب:

اشتمل الكتاب على خطبة للمؤلف، و الكلام على خمس قواعد، وهي:
•    القاعدة الأولى: وهي الشهادتان.
•    القاعدة الثانية: وهي الصلاة.
•    القاعدة الثالثة: وهي الصيام.
•    القاعدة الرابعة: وهي الزكاة.
•    القاعدة الخامسة: وهي الحــج.
أوله:
قال الشيخ الإمام الحافظ القاضي أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي رضي الله عنه: الحمد لله الذي لا ينبغي الحمد إلا له، وأساله أن يخص بأزكى صلواته وأنمى بركاته محمدا نبينا وآله، وأن يخلص لوجهه أقوال الكل منا وأعماله، وبعد :
أيها الراغب في الخير، الحريص على تدريب المتعلمين لوجوه البر، فإنك سألتني في جمع فصول سهلة المأخذ، قريبة المرام، مفسرة حدود قواعد الإسلام. فاعلم – وفقنا الله وإياك – أن مباني الإسلام خمسة، كما قال نبينا عليه السلام : “بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إلاه إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وحج البيت.”[6]
آخره:
وذهب بعض العلماء إلى أن من ترك شيئا من هذه القواعد وإن اعترف بوجوبه فإنه كافر يقتل كتارك الصلاة، ولم يختلفوا في كفر جاحد وجوبها، ولا قتله.
والله تعالى يعصمنا أجمعين من الزلل والخطأ، ويوفقنا لسديد القول والعمل، بمنه لا إلاه غيره، ولا رب سواه .
وصلى الله على محمد نبيه المصطفى، وعلى آله وسلم تسليما، وحسبنا الله ونعم الوكيل.[7]

شروحه:

–    شرحه أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن الجذامي المعروف بالقباب (ت778هـ).[8]–    والعلامة أبو عبد الله محمد بن محمد الحطاب الرعيني المكي المالكي (تـ954هـ)، له “شرح قواعد عياض”[9]

منتخب من الكتاب:

                                     “شرح القاعدة الأولى وهي: الشهادتان”

ولابد فيها من اعتقاد بالقلب ونطق باللسان.
وتفاصيلها أربعون عقيدة : عشر يعتقد وجوبها، وعشر يعتقد استحالتها، وعشر يتحقق وجودها، وعشر متيقن ورودها.

فالعشر الواجبات :

أن تعتقد أن الله واحد غير منقسم في ذاته، وأنه ليس معه ثان في إلاهيته، وأنه حي قيوم، لا تأخذه سنة ولا نوم، وأنه إله كل شيء وخالقه، وأنه على كل شيء قدير، وأنه عالم بما ظهر وما بطن، ﴿لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض﴾، وأنه مريد لكل كائن من خير أو شر، ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه سميع بصير متكلم بغير جارحة ولا آلة، بل سمعه وبصره وكلامه صفات له، لا تشبه صفاته الصفات، كما لا تشبه ذاته الذوات ﴿ليس كمثله شيء وهو السميع البصير﴾.  

والعشر المستحيلات:

أن تعتقد أنه تعالى يستحيل عليه الحدوث والعدم، بل هو تعالى بصفاته وأسمائه قديم باق دائم الوجود ﴿قائم على كل نفس بما كسبت﴾ ليس له أول ولا آخر، بل ﴿هو الأول والآخر﴾، وأنه لا إلاه سواه، ﴿لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ﴾، وأنه مستغن عن جميع خلقه، غير محتاج إلى ظهير في ملكه، وأنه لا يشغله شأن عن شأن في قضائه وأمره، وأنه لا يحويه مكان في سماواته ولا أرضه، بل هو كما كان قبل خلق المكان، وأنه ليس بجوهر ولا جسم، ولا على صورة ولا شكل، ولا له شبيه ولا مثل، بل هو الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفؤا أحد، وأنه لا تحله الحوادث والتغيرات، ولا تلحقه النقائص والآفات، وأنه لا يليق به الظلم، بل قضاؤه كله حكمة وعدل، وأنه ليس شيء من أفعال خليقته بغير قضائه وخلقه وإرادته، بل ﴿تمت كلمات ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته﴾، ﴿يضل من يشاء ويهدي من يشاء﴾، ﴿لا يسأل عما يفعل، وهم يسألون﴾.

والعشر المتحقق وجودها :

أن تعتقد أن الله تعالى أرسل لعباده أنبياءه ورسله، وأنه أنزل عليهم آياته وكتبه، وأنه ختم الرسالة، بمحمد صلى الله عليه وسلم، وأنه أنزل عليه ﴿القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان﴾ وأنه كلام ربنا ليس بمخلوق ولا خالق، وأنه عليه السلام فيما أخبر به صادق، وأن شريعته ناسخة لجميع الشرائع، وأن الجنة والنار حق، وأنهما موجودتان، لأهل الشقاء والسعادة معدتان، وأن الملائكة حق، منهم حفظة يكتبون أعمال العباد، ومنهم رسل الله إلى أنبيائه، و﴿ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون﴾.

والعشر المتيقن ورودها:

أن تعتقد أن الدنيا فانية، و﴿كل من عليها فان﴾، وأن الخلق يفتنون في قبورهم وينعمون ويعذبون، وأن الله تعالى يحشرهم يوم القيامة، كما بدأهم يعودون، وأن الحساب حق، والميزان حق، وأن الصراط حق، وأن الحوض حق، وأن الأبرار في الجنة في نعيم، والكفار في النار في جحيم، وأن المؤمنين يرون الله عز وجل بأبصارهم في الآخرة، وأن الله تعالى يعذب بالنار من يشاء من أهل الكبائر من المؤمنين، ويغفر لمن يشاء، ويخرجهم من النار إلى الجنة بفضل رحمته، وشفاعة الأنبياء والصالحين من عباده، حتى لا يبقى في جهنم إلا الكافرون،﴿إن الله لا يغفر أن يشرك به ، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء﴾.[10]

 

الهوامش:

[1]ترجمته في: قلائد العقيان: 222، الصلة 2 / 453، 454، بغية الملتمس رقم (1269)، التكملة لابن الابار: 694، معجم ابن الابار: 306 – 310، معجم الوادي آشي: 211 – 214، الاحاطة في أخبار غرناطة 4 / 222 – 230، الديباج المذهب 2 / 46 – 51، جذوة الاقتباس: 277، أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض للمقري، نفح الطيب 7 / 333 – 335، سلوة الانفاس 1 / 51، فهرس الفهارس 2 / 183 – 189، شجرة النور الزكية 1 / 140، 141، انظر:سير أعلام النبلاء (20/ 213) الأعلام للزركلي (5/ 99).
[2] طبع الكتاب ضمن منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بتحقيق العلامة محمد بن تاويت الطنجي، في 141 صفحة، و ذلك سنة1422هـ/2002م، وأعيد طبعه من طرف الوزارة  بتاريخ 1428هـ/2007م، وطبع بتحقيق: محمد صديق المنشاوي ومراجعة: د. محمود عبد الرحمن عبد المنعم عن دار الفضيلة، سنة: 1995م، وطبع عن دار الكتب العلمية بتحقيق محمد عبد العزيز الخالدي، لسنة 2007م، وطبع عن دار ابن حزم، بعناية بسام عبد الوهاب الجالي، سنة 2010م.
[3] الاعلام بحدود قواعد الاسلام، للقاضي عياض، تحقيق محمد بن تاويت الطنجي، نشر وزارة الأوقاف، 1428هـ/2007م.(ص:43).
[4] الاعلام بحدود قواعد الإسلام مقدمة المحقق العلامة محمد بن تاويت الطنجي، (ص:10).
[5] الاعلام بحدود قواعد الإسلام، تحقيق: محمد صديق المنشاوي ومراجعة: د. محمود عبد الرحمن عبد المنعم عن دار الفضيلة، سنة: 1995م، (ص:13-14).
[6] الاعلام بحدود قواعد الاسلام تحقيق محمد بن تاويت الطنجي، (ص:43).
[7] الاعلام بحدود قواعد الاسلام تحقيق محمد بن تاويت الطنجي، (ص:105)
[8]شرح أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن الجذامي المعروف بالقباب (ت778هـ) لكتاب الاعلام بحدود قواعد الاسلام للقاضي عياض قام بتحقيقه الباحث السعودي : محمّد عبد الله بن أحمد محمّد المختار “من أول الكتاب إلى نهاية قسم الجنائز” ـ دراسة وتحقيق ـ. تحت إشراف: د/ حمد بن حمّاد الحمّاد، في إطار مرحلة: الدكتوراه، ونوقش بتاريخ : 1413/12/26 هـ،  ونال عنه الباحث ميزة تقدير : الشرف الأولى.
[9] شجرة النور الزكية في طبقات المالكية، محمد بن محمد مخلوف/ القاهرة، 1349هـ المطبعة السلفية، (ج:1، ص:270).
[10] الإعلام بحدود قواعد الإسلام تحقيق محمد بن تاويت الطنجي، (ص:47-49).

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق