مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراثقراءة في كتاب

الأمنية في إدراك النية

النية ركن من الأركان العظيمة في الإسلام، فهي المقياس الوحيد لأعمال الإنسان، ويتضح ذلك من مفهومها في اللغة الذي يدل على القصد والإرادة، فهي التي تحدد هدف العمل الذي يعمله الإنسان، هل هو لله وحده؟ أم لله وغيره؟ أم لغير الله أصلا، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (إنما الأعمال بالنيات …….) الحديث، و مما يدل على أهميتها دخولها في سبعين بابا من أبواب الفقه.

و من العلماء الأجلاء الذين ألفوا في موضوع النية خاصة، لمدارسته ومذاكرته ومعرفة خباياه: العلامة الجليل الإمام أبو العباس أحمد بن إدريس القرافي (ت 684 هـ) مؤلفا وسمه ب :   ” الأمنية في إدراك النية”، ويعتبر الإمام القرافي من الأئمة الذين اشتهروا بالريادة في التأليف و التصنيف، وخصوصا الجانب الأصولي التقعيدي، وأصول الدين، والتفسير.

 ولي المدرسة الصالحية بعد وفاة شرف الدين السبكي، وزاول التدريس بالمدرسة القمحية، وتخرج علي يديه جمع من الفضلاء؛ ومن آثاره العلمية: كتاب “الفروق”، و”الذخيرة”، و “الإحكام في تمييز الفتوى عن الأحكام”، و “العقد المنظوم في الخصوص والعموم”، و “نفائس الأصول شرح المحصول”، و  “تنقيح الفصول في اختصار المحصول”. وغيرها.

و قد أشار -رحمه الله- في مقدمة كتابه  هذا إلى السبب الذي دعاه إلى تأليفه قائلا: إن الباعث لي على هذا الكتاب مباحث وقعت للفضلاء، و تشوفت النفوس إلى الكشف عنها وتحقيق الصواب فيها، منها قول بعض الفقهاء: لم قال عليه السلام: ” الأعمال بالنيات” و لم يقل: “الأعمال بالإرادات”؟ وما الفرق بين نوى، وأراد، واختار، وعزم، وعنى، وشاء، واشتهى، وقضى،  وقدر؟ وهل هي مترادفة أو متباينة؟ ولم يقل عليه السلام: الأفعال بالنيات بل قال: الأعمال بالنيات.

و قد تناول -رحمه الله ـ في مؤلفه هذا كل ما يتعلق بموضوع النية، مقدما له بمقدمة تناول فيها منهجه الذي اتبعه في تأليفه لكتابه، و الغرض من تأليفه، وقد قسمه إلى عشرة أبواب، تعرض فيها لحقيقة النية، ومحلها، ودليل وجوبها وحكمة إيجابها، و فيما يفتقر إلى النية شرعا، وما يمكن نيته وما يتعذر عقلا، وشروط النية و أقسامها، وأقسام المنوي.

 وفي الباب التاسع: ناقش قول العلماء: “المتطهر ينوي رفع الحدث”، وما معنى الحديث. وفي الباب العاشر كذلك: بين فيه مفهوم قول العلماء: إن النية تقبل الرفض مع الإشارة إلى تسمية الكتاب بقوله وسميته:”الأمنية في إدراك النية”.

و قد اعتمد في جمع شتات هذا الموضوع من عدة مصادر يرجع إليها بين الفينة و الأخرى منها :

“المدونة لسحنون”، و”الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة لابن شاس”، و”النكت والفروق لمسائل المدونة لعبد الحق الصقلي”، و”الطراز لأبي علي سند بن عنان المالكي”، و”التفريع لابن الجلاب”، و “التبصرة للخمي”، و “الإيضاح لأبى علي الفارسي”.

و قد أشار بعض العلماء لهذا الكتاب ضمن مؤلفاتهم، كالحطاب ـ رحمه الله ـ الذي ذكره في كتابه: مواهب الجليل : قال : ” وقد صنف القرافي -رحمه الله- كتابا يتعلق بها سماه: “الأمنية في إدراك النية”، وهو كتاب حسن مشتمل على فوائد، وقد أشبع الكلام عليها في الذحيرة أيضا في باب الوضوء، وجعل كتابه المذكور مشتملا على عشرة أبواب”.

الكتاب: الأمنية في إدراك النية.

المؤلف: أبو العباس أحمد بن إدريس القرافي (ت684 هـ).

المحقق: د. مساعد بن قاسم الفالح.

الناشر: مكتبة الرياض.

الطبعة الأولى : 1408 هـ/1988م.

إعداد: ذ. الركراكي الأزرق.

Science

الدكتور الأزرق الركراكي

باحث سابق بمركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث التابع للرابطة المحمدية للعلماء.

عدل موثق تابع للمحكمة الابتدائية برشيد، استئنافية سطات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق