وحدة المملكة المغربية علم وعمرانطبيعة ومجال

الأعشاب الطبية في المغرب

 

 حوار أجرته منارة مع د جمال بامي


منارة– استطاع الدكتور جمال بامي المزاوجة بين الدراسات والأبحاث الطبية الدقيقة ، وأدوات البحث السوسيو- تاريخي والاجتماعي . فبعد حصوله على شهادة الدكتوراه في علم النباتات تخصص علم الأعشاب الطبية ثم حصوله على شهادة دبلوم الدراسات العليا المعمقة في علم الاجتماع …

يعكف الدكتور جمال بامي، على تحضير أطروحة دكتوراه ثانية حول موضوع بالغ الدقة والأهمية وهو” تاريخ منطقة دكالة-عبدة النباتي” ومختلف الجوانب السوسيو- ثقافية لعلاقة الإنسان المغربي بصفة عامة بالأحياء النباتية. “منارة” حاورت الدكتور جمال بامي، و استفسرته حول المجال النباتي المغربي وتنوعه، وفوائد النباتات الطبية، وعن آراءه الشخصية والأكاديمية حول مستقبل الطب النباتي البديل بالمغرب ، وفيما يلي الجزء من هذا الحوار.
 بداية ، من هو الدكتور جمال بامي ؟
جمال بامي: اسمي جمال بامي ، حاصل على دكتوراه في علم النباتــات  تخصص الأعشــــاب الطبيــــة  وحاصل على دبلوم الدراسات العليا المعمقة في علم الاجتماع ، وأعد حاليا دكتوراه ثانية حول موضوع تاريخ منطقة دكالة – عبدة النباتي. أهتم بشكل أساسي بالنباتات وخاصة النباتات الطبية ، وأحاول أن أوظف المنهج التاريخي ، وأدوات علم الاجتماع البحثية  لأجيب عن بعض المشكلات العلمية والبحثية وعلى رأسها  : كيف هي علاقة الإنسان المغربي بالنباتات ؟ و حول طبيعة هذه العلاقة أهي علاقة ايجابية ؟ سلبية ؟ و ماهو حيز موضوع النباتات في ثقافة وسلوك الإنسان المغربي
كيف ترى التنوع النباتي بالمغرب ؟
ج-ب: يعتبر المغرب مجالا نباتيا متميزا جدا ، حيث يضم التراب المغربي حوالي 4500 نبتة تلقائية (نباتات عليا) – أي وجدت دون تدخل الإنسان أو علوم الزراعة الحديثة ودون حساب النباتات المستوردة –  و الأهم أن 20  في المائة من هذه النباتات لا توجد إلا في المغرب ، ونذكر منها ،” الأركان” ،” الزعتر” ، “الزعيترة” ، وهذا ما يفسر تفرد المغرب بغطاء نباتي متنوع  بحمولة معرفية ، حضارية ، إنسانية . وهذا ما يفسر  ايجابيات التنوع الجغرافي للمغرب ، حيث تتعدد الخصائص الجغرافية  من  المجال الجبلي  إلى المجال الصحراوي وصولا إلى خصوصية الانعزال الجغرافي.
وتشمل النباتات المحصية حسب الرقم المشار إليه أعلاه جميع مناطق المغرب ، وهي مناسبة لأنبه إلى الفوائد الصحية والطبية العلاجية لهذه النباتات ، ولا بد من التفكير جديا في استغلال المجال النباتي المغربي في إطار البحث عن حلول ناجعة للازمة الصحية التي يعاني منها مجتمعنا   بسبب الاكراهات الاجتماعية والاقتصادية  ، وانعزال العالم القروي ، عن طريق التأسيس لطرق وثقافة جديدة في إطار الطب والعلاج البديل ، الذي تتجه له معظم بلدان العالم  النامية والمتقدمة على  السواء .

هل يفهم الإنسان المغربي هذا التنوع النباتي الهام ؟  
ج: إذا تأملنا التاريخ المغربي ، سوف نجد أنه إلى حدود القرن 18 كان النبات يشكل جزءا من الثقافة المغربية وحاضرا ضمن سلوك الإنسان المغربي ، وقد نذكر بعض الكتابات الهامة المتحدثة عن الفوائد الطبية والعلاجية للنبات  ومنها : “الأرجوزة الشقرونية” ، لمؤلفها بن شقرون، وهو مؤلف طبي يتحدث عن أهمية وثقافة التداوي بالأعشاب .
لكن مع الأسف الشديد حدثت قطيعة تامة مع النباتات ، وتشويه لمسار علاقة الإنسان بالنبات ، حيث انحرفت من علاقة تعبر عن ذوق رفيع وإحساس مرهف وعلاقة علاجية ، إلى علاقة خرافية تميل إلى أعمال الشعوذة والدجل ، واختلطت الأمور ، وأصبح الإنسان المغربي غير قادر على التمييز بين الموضوعي والمحرف ضمن عمليات تفسير فوائد النبات عند تقديمه للجمهور ، وأصبح من السهل مشاهده بعض الناس يدعون فهمهم بعلم النباتات ، ويعرضون في نفس الآن وصفات يدعون على أساسها القدرة على علاج جميع الأمراض ، وفي نفس الآن وصفات من قبيل الدجل وهو ما يصطلح عليه” بالتفوسيخة” و ازالة السحر  أو وصفات جلب الحبيب أو العريس…الخ.        .

منارة : كيف يمكن الفصل بين الفوائد الطبية للنباتات وأعمال الدجل والفكر الخرافي ؟
ج-ب: الحل هو التأسيس لسلوك جديد وعلاقة أكثر جدية تهدف إلى التعرف الأكثر وعلميا على النباتات فمثلا كان الإنسان المغربي قديما يدرك جيدا الأهمية الطبية لنبات الزعتر ، وكانت له علاقة جمالية بهذه النبتة وقد انشد أحدهم قائلا :
حلف الزعتر أمام النبي                   ما من دواء إلا  في

لكن وللأسف الشديد تحولت هذه العلاقة إلى علاقة مزاجية تعبر عن حالة نفسية سالبة ، وأصبح من السهل أن تسمع أحدهم يردد قائلا: ” النهار اليوم مزعتر”…
خلاصة القول أنه لا ينغي أن نبقى جاهلين بالنباتات ، ولا بد من الانفتاح على مكونات مجالنا النباتي الذي لا يمكن عد فوائده أبدا فمثلا :
فليو    : نبتة ضد الزكام ويسهل الهضم ومدر للبول ومريح للأعصاب ومنظم لنسبة السكر في الدم.
الزعتر : نبتة ضد المكروبات وحالات السعال وحالات الحمى وفاتح لشهية ومزيل للوهن .
الشيح  : نبتة ضد المغص وحالات التقئ وضد قرحة المعدة وأمراض الأمعاء وفاتح للشهية أيضا .
النعناع : مريح للأعصاب  وهنا أنصح بالنعناع المزروع بطريقة بيولوجية سليمة ، واحذر من النعناع المعالج بالمبيدات .
الحبق  : نبتة ممتازة في الطبخ وفاتح للشهية .

د. جمال بامي

  • رئيس مركز ابن البنا المراكشي للبحوث والدراسات في تاريخ العلوم في الحضارة الإسلامية، ومركز علم وعمران بالرابطة المحمدية للعلماء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق