وحدة المملكة المغربية علم وعمرانمعالم

استيبانيكو الأزموري- مغامر مغربي في أرض الهنود الحمر – أبكر رحلة شرقية إلى أميركا 1539



حكاية سعيد بن حدو الأزموري ابن الشمس الخالد استيبانيكو
إعداد:شعيب حليفي

أصبحت المعلومات حول سعيد بن حدو – استيبانيكو جزءا من السيرة المختصرة المتداولة وفي كل مرة تضاف معلومات قليلة، وهي كفيلة بإغراء الباحثين والمبدعين من المغرب وأمريكا والبرتغال واسبانيا للمزيد من تقصي آثار رحلة تجمع كافة مكونات التحول الذي كانت أوربا تسير في اتجاهه
ـــــــــــــــــــ
حوالي سنة 1503ولد سعيد بن حدو بمدينة أزمور والتي كانت تشكل إلى جانب سهول أخرى شريطا غنيا على نهر أم الربيع وساحل المحيط الأطلسي.كما اشتهرت أزمور بوفرة سمك الشابل الشهير والذي كانت تُحمل منه عدة سفن إلى مملكة البرتغال.
ــــــــــــــــــــــ

في العام 1513 سقطت مدينة أزمور في أيدي جيش ملك البرتغال. وبين عامي 1520-1521 ضربت البلاد مجاعة دفعت بالأهالي إلى بيع أبنائهم. وبيع سعيد بن حدو إلى برتغالي ورحل إلى أوروبا، على متن أحد المراكب الخمسين التي كانت تغادر ميناء أزمور يومياً محمّلة بالعبيد.

في كاديس اقتنى أندريس دورانتيس الشاب المغربي الأزموري الذي نسب إليه فيما بعد، ليحمل اسم إستبيان دي دورانتيس. رحل أندريس دورانتس القشتالي مع عبده إلى العالم الجديد بحثاً عن الذهب والثروة والشهرة. وهناك في جزر الكاريبي المستعمرة الإسبانية توطّدت علاقة العبد بسيده الذي بات قائداً لفيلق مشاة، مما فتح له ولعبده الأزموري باب المشاركة في أول حملة استكشافية لمناطق فلوريدا الحالية، والمناطق العذراء التي تزخر بالذهب والحجارة الكريمة في مخيّلة الكونكيسادوريس الأسبان والبرتغال.
ــــــــــــــــــــــ

ضمّت أول حملة استكشافية للمناطق المسمّاة حالياً بولاية فلوريدا في العام 1527 حوالي 400 رجل، لم يصمد منهم أمام الجوع والعطش والمرض وسهام الهنود سوى أربعة رجال، كان قائدهم إستيفانيكو المغربي (الأزموري).

انطلقت الحملة في العام 1527 بقيادة بانفيلودي نارفاييز الذي خدم العرش الإسباني لمدة عشرين عاماً ولعب استكشاف إستفانيكو دوراً محورياً في اكتشاف جنوب ولايات المتحدة الحالية، ومات هناك في مدينة سيبولا الأسطورية، إحدى مدن الذهب السبع لدى الهنود الحمر. يعتبر إستفانيكو أول أجنبي وطئت قدماه أرضها. وقد عين الملك كارلوس الأول، القائد نارفاييز حاكما اسبانيا على ولاية فلوريدا المفترضة، وشاءت الأقدار أن تواجه سفن الحملة المتوجهة إلى نهر ميسيسيبي عواصف قوية حطمت إحدى البواخر وألحقت الأضرار بالأخريات مما اضطر البعثة إلى قضاء فصل الشتاء في كوبا .

في شهر فبراير من عام 1528 انطلقت سفن الحملة الأربعة الأصلية بالإضافة إلى أخرى خامسة اشتراها ( بانفيلو دي نارفاييز) لكن الحملة واجهت الأعاصير قبل الرسو يوم 12 ابريل من نفس السنة في فلوريدا ،وبالضبط من شمال خليج بامبا حيث لمح هنود حمر- وكانوا إحدى قبائل الصيادين- السفن الخمسة والأربعمائة رجل تنزل علي اليابسة برفقة جيادهم الاثنين والأربعين ،فاهدي السكان الأصليون للوافدين الجدد سمكا وطرائد برية عربونا على المسالمة قبل أن يتبخروا في جنح الليل مخلفين شباك صيدهم التي عثر بها رفاق سعيد بن حدو (استيفانيكو ) على قطع ذهبية مما كان عربونا حاسما على وجود الذهب بوفرة في هذه المناطق.
انقسم أفراد الحملة إلى قسمين القسم الأول سيظل في عين المكان يحرس السفن الخمس والقسم الثاني سيحمل راية العرش الأسباني ليكتشف اليابسة بحثا عن مناجم الذهب. هكذا انطلقت رحلة ثلاثمائة رجل داخل فلوريدا. رجال يقودهم ذي نالافاييز نفسه. لكن الواقع المرعب لهذه الرحلة جعل القائد يقرر الرجوع إلى خليج بامبا للعودة في مراكبه والفرار من موت أكيد؛ لكن المفاجأة الكبرى انه لم يجد مراكبه وفريقه الأول الذي تركه على الساحل والذي فر إلى المكسيك هروبا من ارض أحسوا بعدوانيتها تجاههم.

لم يتبق خيار أمام القائد ورجاله سوى إنقاذ أنفسهم وذلك بصنع قوارب بديلة للرحيل ،فعمد استفانيكو ومن معه الى بناء قوارب مسطحة بمواد بدائية مما توفر لهم وظلوا يعملون طوال ستة أسابيع حتى لم يبقى لديهم سوى حصان يتيم لأنهم كانوا يقتاتون من لحومها، وحينذاك قاموا بخياطة قمصانهم لتصبح أشرعة وأبحروا. سار سعيد بن حدو مع سيده دورانتيس وحوالى خمسين رجلا من ضمنهم الونزو ديل كاستيو مالدونالدو على نفس المركب المسطح. لكن بعد يوم او يومين تعفن الماء المخزون في القِرب المصنوعة من جلد الجياد ،ولم يعد في حوزتهم سوى قليل من الشعير لسد الرمق. ظلت مياه الميسيسيبي تتلاعب بهم وتهددهم بالموت وهم يعانون الجوع والعطش وحرارة الشمس ؛لكن حظهم كان أفضل من حظ الآخرين الذين غرقت قواربهم –باستثناء واحد كان يقوده( كابيزا دي فاكا).

التقى الناجون من ركاب القاربين وعددهم ثمانين فردا من ضمنهم قائد الحملة بانفيلودي نارفييز في شاطئ تكساس .بجزيرة أطلقوا عليها اسم ((مالهادوا)أي التعاسة ،في حين تمكن مركبان من السير على سواحل لويزيانا طيلة أربعة أيام لكن زوبعة عنيفة فرقتهما وانتهى أمر مركب الأزموري إلى جزيرة “كاليفسطون “وكان ذالك في 1528اما الباقون فذهبوا ضحية الجوع والعطش أو قتلوا على يد الهنود .لم ينج سوى أربعة منهم الأزموري.

أخذ الهنود الأزموري ورفاقه الثلاثة .عامل السكان الأصليون الأربعة بطيبوبة ،حيث بقوا أسرى خمس سنوات،وفي شهر ابريل 1534قرر الأربعة وهم :استيفانيكو،دورانتيس،كاستيو،كابيزادي فاكا الفرار منتهزين فرصة غياب أهل القرية لتنطلق رحلة جديدة للرجال الأربعة من جديد،من الشرق إلى الغرب عبر تكساس وفلوريدا واتفق أن عالج الأربعة بعض الهنود المرضى مرتلين بعض الأدعية باللغة اللاتينية.كما انقدوا من الموت أحد المرضى .ليفقدوا من زاوية نظر البويبلوس صفة الغزاة الغرباء وينالوا لقب أبناء الشمس ،وقد ساعدهم في ذلك إتقان استيفانيكو المغربي الأزموري لست لهجات محلية على الأقل وربطه لمجموعة علاقات أهلته للحصول على التواصل والانسجام مع الهنود .

وفي 1535 توجه الأربعة محور المكسيك فقطعوا بلاد تكساس وعبروا النهر الكبير وقد شاع خبر معجزات الأسود والبيض الثلاثة في إنقاذ الناس من الموت مرضا .فبدأت قوافل الهنود ترافقهم من قرية إلى أخرى وتهديهم الأكل والشراب وجلود الغزلان وأغطية القطن ولالئ المرجان وقطع الفيروز والزمرد ومنحوتات نحاسية. هكذا تصف رسالة من تلك الحقبة سعيد بن حدو خلال رحلته الأولى هذه إلى فلوريدا: ” أعضاؤه ضخمة مزينة بنياشين الزهر والأجراس، أما صندوقه الكبير فكانت التمائم تملؤه . ترافقه العديد من نساء الهنود اللواتي أهدتهن القبائل له “.

وتضيف رواية أخرى انه كان يزين رأسه بريشة قصيرة مرصعة بالجواهر أهداها له أحد زعماء الهنود، ويحمل معه دائما شيئا طبيا “. ذاع صيت الرجال الأربعة لدرجة أن من عجزوا عن علاجه، يُمسخ في نظر الآخرين ويصبح لعين “أبناء الشمس “لان القدر انتقم منه.

التحق استفانيكو بالحامية العسكرية الأسبانية المتواجدة في مرسى سان – ميغل دي كوليكان الذي سينطلقون منه للوصول إلى العاصمة المكسيكية. وأخبروا ممثل الملك الأسباني أن هناك مدنا ذهبية أهمها مدينة سيبولا الأسطورية بل إن استفانيكو أكد رؤيتها بعينه ،وهو ما أدى بنائب الملك الأسباني في المنطقة إلى تعيينه ضمن حملة أخرى ستنطلق في عام 1539 تحث قيادة المبشر الراهب الفرنسيسكاني فراي ماركوس لاكتشاف مدن الذهب سيكون مرشدها هو الأزموري.

انطلقت الحملة في شهر فبراير من سنة 1539 وانقسم أفرادها كالسابق إلى قسمين إلا أن هذه المرة تقدم فريق يقوده استيفانيكو، وبقي القسم الثاني يقتفي اثر القسم الأول والذي يتزعمه الراهب. وكان استيفانيكو ابن ازمور يخبر رئيسه باكتشافاته عن طريق رسل يحملون صليبا يدل حجمه على اقترابه من مدن الذهب الأسطورية. ونظرا لشهرة استيفانيكو التي اكتسبها في رحلته الأولى وجعلته ابن الشمس القادر على علاج المرضى. فقد رافقه المئات من الهنود ليرشدوه إلى أكبر وأشهر مدن الذهب السبع الأسطورية وهي مدينة سيبولا .

تقول وثيقة اسبانية تاريخية تعود إلى سنة 1540 ” بعد أن انفصل استيبان –استيفانيكو-عن الراهب. ظن انه باستطاعته الاستحواذ على شرف اكتشاف مدن الذهب بمفرده وان ذلك سيجعل منه رجلا شجاعا ومقداما في نظر الآخرين. هكذا فقد ترك مسافة كبيرة بينه وبين باقي أفراد البعثة. وحل في سيبولا رفقة الهنود… وصل استيفانيكو إلى سيبولا محملا بكمية من أحجار الفيروز الكريمة التي أهداها له البويبلوس. بالإضافة إلى عدد هائل من النساء الجميلات التي وهبه إياها الهنود المرافقون له. وقد كان هؤلاء يلتحقون بركبه كلما عبر قبيلة معتقدين انه سيحميهم من كل الأخطار.

لكن سكان سيبولا كانوا أكثر ذكاء من أبناء فصيلتهم المرافقين للمغربي. ولهذا فرضوا عليه الإقامة الجبرية في كهف خارج المدينة .واستنطقه حكماؤهم وشيوخهم لمدة ثلاثة أيام لمعرفة أسباب وفوده عليهم قبل أن يجتمعوا لتقرير مصيره. قال استفانيكو لمستنطقيه بأن رجلين من البيض سيلتحقان به وبأنهما موفدان من طرف نبيل يعرف ما في السماوات وأضاف بأن الراهبين مكلفان بتلقين الهنود أصول الدين .

لم يصدق زعماء سيبولا المغربي وظنوه جاسوسا لقبيلة تريد غزو أراضيهم كما لم يتقبلوا أن يكون رسول البيض ذو بشرة سوداء. إضافة إلى كل هذا أغاضتهم طلباته المتكررة بالحصول على الفيروز والنساء فقرروا قتله. وهذه هي الرواية الاسبانية لنهاية سعيد بن حدو.

لهنود المنطقة روايات أخرى مغايرة يرددونها حول مقتل سعيد الأزموري. تقول إحدى الروايات الخاصة بقبيلة تسمى زوني التي تعتقد أن البومة طائر الموت ونذيره لأن جِرابه الطبي كان مصنوعا من ريش البوم فرأى الأهالي في ذلك نذير شؤم وقرروا قتله. كما أن هناك رواية مشابهة تقول بأن الأزموري أرسل إلى صاحب مدينة – سيبولا – رسولين حاملين آنية تحتوي على بعض الخيوط وريشتين، واحدة بيضاء والأخرى أرجوانية اللون .ولما مثل الرسولان أمام صاحب المدينة وقدما له الآنية رماها أرضا حينما شاهد محتواها وأمر الرسولين بالرجوع من حيث أتيا وانذرهما بأنه سيقتل جميع أصحابهما إن هم دخلوا المدينة. لكن الأزموري تجاوز هذا الأمر واقترب من المدينة فأُلقي القبض عليه هو وأصحابه. وفي اليوم التالي حول الأزموري الفرار مع رفاقه غير أن حماة المدينة طاردوهم وقتلوا عددا منهم وسقط الأزموري بعد أن أصابه هو الآخر أحد السهام .

وتقول رواية أخرى أن زعيم قبيلة سيبولا أمر بقطع أطراف استيفانيكو وأرسل قطعة منها إلى زعماء القبائل حتى يتأكدوا بان المغربي مجرد إنسان وليس ابنا للشمس . الرحالة المغربي سعيد بن حدو
في ندوة بمدينة ازمور

التثاقف وتقاطعات الخيالي والواقعي

على نهر أم الربيع ووسط جو ممطر سرعان ما تراجع لتشرق شمس تدفئ لحظة نادرة في حياة مدينة أزمور المغربية. لحظة لقاء ثقافي يستعيد رمزية رحلة شخصية مغربية ، شاب في أقل من العشرين من عمرهأسمر اللون لم يستطع الحياة ولم يعد أمامه إلا الهلاك جوعا ومرضا، خلال سنتين من المجاعة القاتلة وفي ظل احتلال برتغالي أدهشه السهل والنهر والبحر والشابل، بيع سعيد بن حدو إلى برتغالي سيحمله ليبيعه بدوره الى مغامر اسباني. ثم تبدأ رحلاته إلى أمريكا بأريزونا، وتكساس، ونيو مكسيكو، ما بين سنة 1527 الى السنة التي سيقتل فيها 1540.

بقاعة بلدية أزمور، في صبيحة يوم السبت31 يناير2009 افتتح شعيب حليفي أشغال اللقاء الذي نظمه مختبر السرديات والجمعية المغربية للبحث في الرحلة وبتعاون مع بلدية أزمور فتحدث عن أسئلة هذا اللقاء حول رحلة سعيد بن حدو /استيبانيكو الأزموري والسياق الثقافي والحضاري وهو ما يعزز رغبة الجميع في جعل اللقاء تمهيديا للقاء دولي سيلتئم في ربيع 2011 بمشاركة باحثين من فلوريدا وأريزونا والبرتغال واسبانيا والمغرب للوقوف على تقاطعات الحضارات وعلى التخييل الذي يصبح إرثا مشتركا يبني هوية إنسانية.

تناول الكلمة بعد ذلك السيد عبد اللطيف البيدوري باسم بلدية أزمور، مذكرا بالدور الإشعاعي للمدينة، وخصوصا في انفتاحها على الجانب الثقافي منذ سنوات التسعينات؛ إذ فتحت أبوابها لمختلف أرباب الفنون، وأعرب عن أمله في أن تسترجع المدينة ذلك التألق، وهنا أشار إلى أن البلدية تثمن مثل هذه اللقاءات العلمية. ثم تلاه تدخل بعد ذلك رئيس الجمعية المغربية للبحث في الرحلة الأستاذ عبد الرحيم مؤدن، مشيرا إلى أن هذا اللقاء هو في عمق اهتمامات الجمعية التي تكرس أنشطتها للبحث في جنس الرحلة الغني بتقاطعاته النصية والحضارية والخطابية، تماما كما هي شخصية استيبانيكو الذي ظل مجهولا لدى المثقفين، بالرغم من أنه بقي محافظا على هويته وإنسانيته، معبرا عن امتلاء تجربة سفر لم يختره.

انطلقت جلسة الورقات المقدمة بمداخلة عبد الرحيم مؤدن وقد ركزت على كون رحلة الازموري في هذا التركيب لوقائع هذه حياته المثيرة، نلمس تشظيات رحلة استيبانيكو التي تشكلت من رحلات عديدة على الشكل التالي:

– رحلة الغربة والاغتراب بعد اقتلاعه من الأرض )الوطن( والقذف به في المجهول أو ما يسمى ب”العالم الجديد” لتركيز النفوذ البرتغالي ب ” جزيرة فلوريدا” التي شيدت – كما تردد على الألسنة- من الذهب وأحجار الماس والزمرد وأبوابها صنعت من الخشب الثمين، وسمرت بمسامير من الذهب الخالص، وزخرفت بقطع من الحجارة الكريمة.

– رحلة الانتقال من الإنسان إلى الأسطورة، الانتقال من سلالة البشر إلى سلالة أبناء الشمس، أو سلالة الآلهة التي مجدها الهنود الحمر، بعد أن، ساهم استيبانيكو ومن بقي معه، وبمحض الصدفة، في علاج بعض الهنود الحمر من أمراض مميتة! – وانضواء النص تحت إطار الرحلة، برا وبحرا، يسمح بقراءته من مداخل مختلفة سواء كانت معرفية مست الحقيقة أو الوهم، الواقع والأسطورة…

وقد يقرأ النص، أيضا- يقول عبد الرحيم مؤذن – من منظور الإثنوغرافيا الوطنية وبالإضافة إلى هذا وذاك، قد يقرأ النص من موقع الحكاية، بحكم ارتباطه بأدب المغامرات الذي يحقق المتعة والإمتاع مادام القانون المتحكم في بنائه هو الإجابة عن سؤال: ماذا حدث؟ وليس كيف حدث؟
وختم عبد الرحيم مؤدن ورقته بمقارنة طريفة بين الأزموري والحسن الوزان /ليون الإفريقي والقواسم المشتركة بينهما وقد تجسدت في:

1- تدمير إسم العلم لكل من الشخصيتين. فالحسن الوزان يصبح “ليون الإفريقي”، و الأزموري” يصبح “استيبانيكو” .

2- تعميد كل منهما من قبل الصليب، أي من قبل مرجعية ثقافية، مغايرة للمرجعية الأصل مع احتفاظ كل منهما، بهويته الدينية والثقافية، سرا إلى اللحظة الأخيرة من العمر.

إنها مرحلة بداية نفي الآخر من خلال منظور التفوق الدموي، والسيادة العسكرية، والتحكم الرأسمالي، في العالم الذي لا ينضوي تحت إطار الغرب. وتحويل كل من الشخصيتين إلى مجرد وسيلة للوصول إلى الذهب [الثروة]..وهذا – في رأي الباحث – مرتبط بلحظات التحول الاستعمارية التي لم تعد ترى في العالم إلا الصوت الواحد، والسلطة الواحدة، والعلم الواحد.

الورقة الثانية قدمها الحبيب الدائم ربي بعنوان “متخيل المتخيل في رواية “تاسانو لسعيد علوش “،في نفس محور تمثلات الروائيين المغاربة لرحلة استيبانيكو ، معلقا أن الرواية تقوم على تخييل مؤسس على وقائع لا يمكن التأكد من صحتها، وذاك ما يعني أن الحكاية مبنية على أنقاض حكايات أخرى، وما يعني كذلك، وهذا هو الأهم، تجلي مبدأ تناصي، قائم على حوارية النصوص، ومنبن عن رواية الرواية، التي كانت أشبه بفسيفساء من الحكايات لصوغ أسطورة تسانو المتحقق في التاريخ، وقد جعلت هذه الدينامية السرد يتراجع لاستجماع الأمكنة والأزمنة والخطابات والأحداث والتفاصيل في الرواية، حالت دون القبض على صورة واحدة لاستيبانيكو.

إن رواية “تسانو” – يقول الحبيب الدايم ربي- تصنع متخيلا يجمع بين الممكنات السردية، ممكن سردي قائم وآخر مفترض، إنها كتابة مختلفة قوامها البحث عن المختلف، وجوهر الاختلاف ذاك جعلها تتطلب أكثر من فعل قرائي؛ حتى تتم مقاربتها من زوايا متعددة.

استمع الحاضرون بعد ذلك إلى مساهمة(باللغة الفرنسية) للأستاذة سميرة دويدر بعنوان: ” ابن الشمس، أوديسا استيبانيكو الأزموري” قدمت من خلالها قراءة في رواية حمزة بن إدريس العثماني: “ابن الشمس (Le fils du soleil)” ذاكرة أن جنس هذه الكتابة يتموقع بين الواقعي والتخييلي، هدفه التعريف بهذه الشخصية في اختلافها المتناهي عن الآخرين.

لقد كان استيبانيكو في الرواية، وربما في الواقع أيضا ،محط اهتمام وإثارة إناث الهنود الأمريكيين بفعل فتنة الجسد واللون. هذه كانت أولى قسمات السارد عن شخصية استيبانيكو، إضافة إلى أخرى كان أهمها أنها شخصية منفتحة؛ تريد التعرف على ثقافة الآخر، والتقرب منه، حيث تعلم استيبانيكو لغة الهنود الحمر؛ مما اكسبه شعبية كبيرة بينهم.

كما يبدو بين مرافقيه رجلا مبادرا، ومتحملا أداء مجموعة من المهام. هكذا يستثمر حمزة بن إدريس هذه الشخصية في روايته، ويتعالى بها إلى الشخصية المثالية دون نقائص أخلاقية. وحده الموت في مدن سيبولا الذي وضع حدا لهذه الأسطورة.

إن كل هذه الأشياء جعلت من الرواية كتابا جديرا بالقراءة والاهتمام.
جاء بعد هذه المساهمة دور الصحفي الفرنسي ميشيل أمنكوال الذي قدم ورقة أعاد فيها سرد السيرة المختصرة للأزموري بأسلوب مبسط ومشوق، معرفا باستيبانيكو وبمسار رحلته، وذاكرا أن لهذه الشخصية دور حضاري، إذ يجمع بين قارات وديانات وثقافات ولغات ثلاث: إفريقية وأوروبية وأمريكية. وهذا الدور التاريخي لمغربي من رجال القرن السادس عشر يحتم على المغاربة أن يعتزوا بتاريخهم؛ إذ هناك من بني جلدتهم من قدم أشياء كثيرة للتاريخ الإنساني، منهم استيبانيكو الذي كان أول مغربي عبر المحيط الأطلسي إلى ضفة الهادي. وسمي ابن الشمس لأنه ولد حيث تشرق الشمس.

آخر مساهمة كانت للأستاذ أحمد لمشكح الذي ذكر أنه كان أول من أشار في المغرب إلى هذه الشخصية وعرف بها، وكان ذلك منذ التسعينات من القرن الماضي؛ عندما كتب مقالة عن شخصية هذا الرحالة الأزموري.
كما أشار أحمد لمشكح إلى أهمية مدينة أزمور، وضرورة ربط علاقات مع المؤسسات الثقافية بالبرتغال على الخصوص لتوثيق التاريخ المشترك، خصوصا أن هذه الدولة تتوفر على أرشيف أزموري جد مهم.
وقال: “أتمنى أن يكون هذا اللقاء العلمي للنبش في شخصية استيبانيكو بداية لتنمية أزمور التي يجب أن تراهن على الرأسمال الثقافي.”
لينهي مساهمته بسؤال حالم: استيبانيكو ابن الشمس، والشمس روح، فهل يمكن أن تكون أزمور هي روح العالم ؟

ثم جاءت إضافات في الموضوع ساهم بها عدد من الحضور، كما كان لحضور البعد الرمزي في هذا اللقاء نكهة فنية تجلت في اللوحة التي أهدتها الجمعية المغربية للبحث في الرحلة لبلدية أزمور وهي تمثل صورة زيتية لاستيبانيكو . وسط حضور مميز لفنانين تشكيليين من أبناء المدينة.

وقد انتهى هذا اللقاء العلمي الهام باستصدار توصيات الملتقى، تلاها شعيب حليفي وهي:

توثيق تراث المدينة، وتوثيق كل ما كتب عن استيبانيكو.
ربط علاقات ثقافية مع مؤسسات أجنبية تهتم باستيبانيكو وبتراث أزمور.
عقد ندوة دولية في ربيع 2011 حول استيبانيكو، بمشاركة باحثين من البرتغال وأمريكا وإسبانيا والمغرب.
المطالبة بإنشاء مركز ثقافي تاريخي بمدينة أزمور.
حكاية أول مغربي وصل إلى القارة الأمريكية.

جريدة المساء –
كان الأزموري أول رجل، من خارج قبائل الهنود، يكتشف المكسيك الجديدة وأريزونا بعد عبوره صحراء سونورا القاحلة. وعلى إثر ذلك، بدا أن ما عُرف بـ«مدن الذهب السبع» في «سيبولا» لم تكن سوى وحي من الأسطورة؛ إلا أن الأزموري فضل المكوث إلى جانب هنود «زوني» المجاورين، متمتعا بأرقى وضع شرفي؛ وهو الوضع الذي احتفظ به حتى وفاته الغريبة في قرية «هاويكوه» القديمة، التي تقع اليوم بالمكسيك الجديدة.

مما لاشك فيه أن الكثير من المغاربة لم يسمعوا قط باسم مصطفى الأزموري رغم أنه ليس أقل شأنا وإبهارا من سلفه ابن بطوطة.

صادفتُ اسمه قبل بضع سنوات عندما كنت ألقي درسا في موضوع اكتشاف العالم الجديد، فاكتشفت أنا وطلبتي الأزموري، المستكشف المغربي المتحدر من مدينة أزمور، تحت أسماء مختلفة من قبيل «إستيبانيكو، إستيبانو، المورو، متكلم العربية أو ستيفن الأسود». وقد كانت دهشتنا كبيرة حين علمنا بأن الأزموري قد يكون أحد أول مستكشفي فلوريدا وتكساس وأريزونا والمكسيك الجديدة. لا، بل إن الأزموري، بالنسبة إلى الكتاب والفنانين السود، على الخصوص، هو أول رجل «إفريقي» يكتشف العالم الجديد. صحيح أن الحكاية مرت عليها 5 قرون، لكنها لم تكشف عن معناها إلا مؤخرا.

وُلد في مرفأ أزمور حوالي سنة 1500. وكان مراهقا بعد عندما قبض عليه البرتغاليون وباعوه ضمن العبيد لقائد إسباني اسمه أندريس دولورانتس. وفي سنة 1527، التحق القائد وخادمه الصغير برحلة «بانفيلو دو نارفاييز» برفقة 600 بحار آخرين لاستكشاف فلوريدا والأراضي القريبة.

انطلق الأزموري الشاب، ضدا على رغبته، في تلك المغامرة الخطيرة واستطاع أن ينجو، ليس فقط من مخاطر تلك الرحلة الإسبانية، بل نجح في أن يحول وضعه الضعيف كعبد إلى وضع قوي كوسيط ومترجم ورجل سلام بين الغزاة الأوربيين وهنود أمريكا.

وقد كانت السنوات الإثنتي عشرة التي قضاها متنقلا بين الكارايبي وتكساس والمكسيك وأريزونا والمكسيك الجديدة كافية لتجعل منه أحد أكبر مستكشفي الولايات المتحدة الأمريكية الحالية، بل إن أهم الشهود الذين عايشوه، انطلاقا من كابيزا دي باكا وكورونادو إلى بيدرو دي كاستينيدا وفراي ماركوس، انبهروا بقدرته الخارقة على التكيف مع مختلف الظروف بفضل نزاهته الإنسانية وميله الكبير إلى الاطلاع والمعرفة. في هذا السياق، كتب «كابيسا دي باكا» يصف الأزموري سنة 1542: «كان إستيبانيكو رجلا طويل القامة، قوي البنيان، يتمتع بذهن متقد وذكاء ثاقب».

بين سنتي 1527 و1539، كان على الأزموري أن يواجه عراقيل كبيرة انتصبت أمامه. فقد واجه الجوع والمرض والعواصف البحرية، إلا أنه انتصر عليها ونجح في تقديم الكثير من الإسهامات المتعلقة بجغرافية وتاريخ العالم الجديد. كما أنه كان شاهدا على موت نصف أعضاء الرحلة البحرية، وعلى موت مستكشفين آخرين نتيجة للعواصف البحرية والجوع؛ وقضى سنوات عديدة في العمل الشاق بعد وقوع مركبه بين يدي هنود أمريكا.

وفي مطلع عام 1534، قضى جميع أعضاء رحلة «نارفاييز» باستثناء الأزموري وكابيسا دي باكا وإسبانييْن آخريْن. ومن أجل الحفاظ على حياتهم، اضطر الأربعة إلى إخفاء هوياتهم الحقيقية من خلال لعب أدوار مختلفة بينما كانوا يعبرون تكساس وشمال المكسيك طولا وعرضا. وقد برز الأزموري، على الخصوص، في القيام بدور «الشافي بعطية من الرب» قبل أن يذيع صيته كالنار في الهشيم بين قرية هندية وأخرى.
ومن خلال استحضار الطقوس الثقافية للمغرب، الذي وُلد وترعرع فيه، استطاع الأزموري أن يجالس الهنود، رجالا ونساء وأطفالا، أياما مديدة، ويواسيهم بكلماته الحكيمة وهو يمرر يديه على وجوههم وأجسادهم لتخفيف آلامهم ولملمة جراحهم النفسية.

وفضلا عن مواهبه الشفائية، عُرف الأزموري كخبير في اللغات الهندية. وقد كتب زميله كابيثا دي باكا يقول: «كان الرجل الأسود يتحدث دائما إلى الهنود ويستخبر حول الطرق والقرى وكل شيء كنا نريد معرفته».
مؤرخون آخرون من نفس الحقبة قالوا إن الأزموري كان يتكلم عدة لغات، كما أنه كان يتكلم أكثر من 6 لغات أمريكية هندية أخرى، بل إنه تعلم البعض منها في ظرف سنتين فقط. وبفضل كفاءاته اللسانية، أنقذ حياة عدد من الأبرياء في بيئة كانت مطبوعة بالخوف والحذر والعنف. كما أن دوره كمترجم أضاف بعدا إنسانيا وسلميا لوظيفة الاستكشاف، التي كانت حتى ذلك الوقت مطبوعة بهيمنة العرق الأوربي والجشع والنفوذ.

وفضلا عن هذا وذاك، عرف الأزموري كيف يستغل هويته الأجنبية لمصلحته ويتخذ موقفا محايدا بين الغزاة الأوربيين وهنود أمريكا باعتباره مفاوضا وداعية سلام. وبالاصطلاح السياسي الحديث، كان الأزموري «دبلوماسيا حقيقيا». وكلما سنحت له فرصة الكشف عن مواهبه الكبيرة، كان ينجح في إبهار رؤسائه، الذين يخبرنا واحد منهم، كابيسا دي باكا، بأنه لم يكن أمامهم من خيار آخر إلا أن يعينوه «ناطقا باسمهم» و«دليلهم» في تنقلاتهم.

كان للأزموري من الذكاء ما جعله يدرك أن الود الذي يبديه أسياده تجاهه لا يعني، بالضرورة، استعادة حريته. كان يتمنى، في قرارة نفسه، أن يقوده عبوره إلى حدود جديدة نحو الحصول على حريته التي فقدها في سن مبكرة. وعندما أدرك سادته قيمة الأعمال التي قام بها وما أسداه من خدمات إلى إسبانيا حققوا له مبتغاه الغالي، فمنحوه حريته سنة 1536.
ثلاث سنوات بعد ذلك، وبينما كان نائب ملك مكسيكو يبحث عن رجل قوي ونزيه وخبير بحياة وعادات الهنود ليقود رحلة استكشافية في المكسيك الجديدة والأريزونا في وقت شاعت فيه أخبار بوجود ثروات كبيرة من الذهب فيها، لم يكن من شخص قادر على القيام بهذه المهمة إلا الأزموري، لأنه الرجل المثالي لها، ولأنه لم يكن ليتردد في السير إلى حيث لا يقدر رفاقه الإسبان أن يسيروا. وفي ذلك كتب «بيدرو دي كاستنيدا» أن الأزموري «كان يرى أنه يمكنه أن يكسب كل الشهرة والشرف من خلال اكتشافه لتلك المناطق».

كان الأزموري أول رجل، من خارج قبائل الهنود، يكتشف المكسيك الجديدة وأريزونا بعد عبوره صحراء سونورا القاحلة. وعلى إثر ذلك، بدا أن ما عُرف بـ«مدن الذهب السبع» في «سيبولا» لم تكن سوى وحي من الأسطورة؛ إلا أن الأزموري فضل المكوث إلى جانب هنود «زوني» المجاورين، متمتعا بأرقى وضع شرفي؛ وهو الوضع الذي احتفظ به حتى وفاته الغريبة في قرية «هاويكوه» القديمة، التي تقع اليوم بالمكسيك الجديدة.

فهل كان مقامه في قرية هاويكوه مؤشرا على تحول مفاجئ حدث في آخر لحظة، وثورة ضد النظام الإسباني الذي حوله من رجل حر إلى عبد؟ هل قُتل على يد الهنود بسبب خطإ في التكتيك السياسي؟ متى وكيف مات؟ كلها أسئلة ظلت دون إجابات من قبل المصادر الإسبانية وستبقى مفتوحة أمام علماء الأركيولوجيا والمؤرخين المعاصرين.

ومما لا شك فيه أن قراء اليوم كانوا سيحصلون على صورة أوضح للأزموري لو أن الأخير كتب بنفسه قصته الشخصية (الكتابة آنذاك كانت امتيازا نادرا لا يمنح إلا للذين حصلوا على مباركة أمير أو ملك إسباني). إلا أن النزر القليل من الأخبار التي بقيت بين المصادر الإسبانية التي أعطت أو لم تعط للـ«مورو» القيمة التي يستحقها، أحيل عليه في الكثير من السياقات الأكاديمية، بما فيها الدراسات الأمريكية، وتاريخ إسبانيا، والأدب الأفرو أمريكي وكل المجالات الأخرى المتعلقة بتجارة العبيد الأطلسية والشتات والهجرة. وإذ أصبحت الحكاية المبهرة للأزموري تدرس في الجامعات عبر تراب الولايات المتحدة الأمريكية كله، فإن تفاصيلها تنتمي إلى ثلاث قارات على الأقل.

«إن إرث إستيبانيكو، يحكي خبير أكاديمي أمريكي، من حق الجميع، رجالا ونساء، ممن تمخضت هويتهم عن التفاعل والتوترات بين تقاليد العالم القديم وتجارب العالم الجديد».

لقد تجاوز إرث مصطفى الأزموري الدوائر الجامعية والمتاحف ليمنح رواد الأنترنيت، هم كذلك، مرجعا للبحث في التجارب الأولى للسود والأفارقة في أمريكا.

الكتاب الأفروأمريكيون والنشطاء ومغنو الـ “هيب هوب” جميعهم يعتبر الأزموري «الإفريقيَّ» الأول الذي استكشف وسافر إلى العالم الجديد. وقد خصص له يوم تكريمي في المكسيك للتذكير بإنجازاته، كما أن بعض المواقع الإلكترونية تشهر صورته إلى جانب صور شخصيات عصرية كبيرة إفريقية، مثل باراك أوباما وفرانز فانون ومحمد علي. أما كلمات موسيقى الـ«هيب هوب» فتتغنى بالأزموري باعتباره «المورو الأزموري» الشاب، والمستكشف البطولي «الموهوب في الديالكتيك» رغم أن «الاسم الذي كان يدعى به لم يكن اسمه».

مصطفى الأزموري لم يكن مصيره النسيان، لأن اسمه ارتبط بأسماء الكثير من «الرواد». لكن، إذا كان الأزموري حاز كل ذلك الاعتراف الدولي، فإنه، للأسف، لم يلق نفس الاعتراف في بلده الأصلي، المغرب. ولو كان سي مصطفى على قيد الحياة، اليوم، لكان سيكون سعيدا لو عرف أن اسمه اعتُرف به في بلده باعتباره «أول» مغربي، عربي، أمازيغي أو مسلم مستكشف لأمريكا الشمالية.

الآن، وقد مر نصف ألفية على ولادة الأزموري، حان الوقت كي تكرم بلادنا أحد وجوهها الأكثر شهرة في العالم؛ أي ذلك المواطن الأسطوري الذي ترك بصمته المغربية على الأرض الأمريكية.

ولعل ما يمكن القيام به من أجل التعريف بما قام به الأزموري وكشفه أمام أجيال الحاضر والماضي هو بناء تماثيل تؤرخ له في مدينته الأصل أو في الولايات الأمريكية التي كان الأزموري أول من استكشفها. فلوحة تذكارية تخلد اسمه في أزمور وتمثال في المكسيك الجديدة أو في أريزونا سيكونان مزارين متعددي الثقافات للمهاجرين والمثقفين والسياح ولكل الذين يؤمنون بأهمية مد الجسور في عالم اليوم المتوتر.

إرث الأزموري ينبغي أن يكون باعثا للأمريكيين والمغاربة على إيجاد وسائل خلاقة أخرى لتكريم الرموز التي يشتركان فيها، مثل جورج واشنطن والسلطان محمد الثالث، تخليدا للتوقيع على معاهدة الصداقة التي تؤرخ لحدث كون المغرب هو أول بلد يعترف باستقلال الولايات المتحدة؛ ومثل السيناتور الأمريكي في القرن التاسع عشر يولي بن دايفد، الابن ليهودي مغربي ينحدر من مدينة الصويرة، الذي أسهم في صياغة دستور فلوريدا، وكل الشخصيات المشهورة التي يمكن أن يكون طواها النسيان في ثنايا التاريخ. فمتى سيلبي الجامعيون والباحثون والمؤرخون والدبلوماسيون، في المغرب وفي الولايات المتحدة، هذا النداء؟.

ترجمة: سعيد الشطبي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق