مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكشذور

اجتناب النواهي أشد من امتثال الأوامر

قال الإمام سيدي عبد الرحمن الجزولي في شرح الرسالة:

«الدين شيئان: امتثال الأوامر واجتناب النواهي، واجتناب النواهي أشد على النفس من امتثال الأوامر، لأن امتثال الأوامر يفعله كل أحد، واجتناب النواهي لا يفعله إلا الصديقون، وهذا كله لا يتوصل إليه إلا بالعلم، قال الله تعالى: ﴿وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا﴾ [الحشر: 7]، والدليل على أن ترك النواهي أشد، قوله صلى الله عليه وسلم لقوم قدموا من الغزو: «رجعتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر، وهو جهاد النفس عن هواها». وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «خلق الله الجنة فحفها بالمكاره، وخلق النار فحفها بالشهوات، وخلق للنار سبعة أبواب، وخلق لابن آدم سبعة جوارح، فمتى أطاع الله بجارحة من تلك الجوارح السبعة غلق عنه باب من تلك الأبواب، ومتى عصى الله بجارحة من تلك الجوارح السبعة استوجب الدخول من باب من تلك الأبواب». والجوارح السبعة هي: السمع والبصر واللسان واليدان والرجلان والبطن والفرج، وسميت جوارح لأنها كواسب تكسب الخير والشر. وأصل صلاح هذه الجوارح وفسادها من القلب؛ لأن القلب كالسلطان والجوارح كالأجناد لا تفعل إلا ما أمرها به القلب، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب» قالها ثلاثا. فينبغي للإنسان أن يجعل من جوارحه حاجبا يمنع عنها كل شيء؛ بأن يمتثل الأمر ويجتنب النهي حتى يجري أفعاله وأقواله كلها على سنن الشرع، قال الله تعالى: ﴿إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا﴾ [الإسراء: 36]».

الدر الثمين والمورد المعين للشيخ ميارة. دار الفكر ص400.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق