مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكأعلام

ابن البناء العددي أبو العباس أحمد بن محمد بن عثمان الأزدي المراكشي

إنجاز الباحثة: دة.أمينة مزيغة:

    باحثة بمركز دراس بن إسماعيل

 

هو أحمد بن محمد بن عثمان الأزدي “المعروف” بأبي العباس بن البناء المراكشي”، أحد كبار علماء الفلك في المغرب العربي والعالم الإسلامي، عرف بابن البناء لأن والده كان يحترف البناء، و بالعددي لنبوغه في علوم الحساب.

ولد في مراكش بحومة قاعة بن ناهض، وذلك عام أربع وخمسين وستمائة، و بها قضى أغلب فترات حياته، وبها بدأ رحلته مع التعليم بتلقي ما كان شائعا في عصره من علوم اللغة العربية، والشريعة الإسلامية، فأدخله أبوه الكُتّاب حيث حفظ القرآن وبعض المتون التي تسمى بالأمهات في النحو والصرف والبلاغة والأدب والفقه والأصول، ونبغ في فهمها، وبعد دراستها على يد أساتذة كثيرين مرموقين في مراكش وفي فاس اللتين كانتا حاضرتي العلم ببلاد المغرب في ذلك العهد حيث تعلم ابن البنا على الطريقة المغربية، فالتحق بالكتّاب وقرأ القرآن وتعلم اللغة العربية وعلم العروض والأدب والفقه والأصول، ثم تعلم الطب والحساب‏ والفلك، وانتقل إلى فاس وحصل فيها العلوم بجامع القرويين وفروعه، وأتقن علوما كثيرة وخصوصا الرياضيات وبرع فيها حتى أنتج إنتاجاً غزيرا.

 كان رحمه الله قوي العقل حاد الذكاء سريع التصور قوي الإدراك، برع في العلوم الشرعية من تفسير وحديث وفقه وأصول، كما امتاز واشتهر باتقان العلوم الرياضية من حساب وهندسة وتنجيم، وكان حسن اللقاء مهيبا أنيق الملبس رخي العيش قليل الكلام والخطأ، إذا تكلم سكت كل من في المجلس احتراما له واستفادة منه مع طهارة اعتقاد واتباع للسنة، بلغ الغاية التي لم يلحقها أحد من أهل زمانه.

وقد أثنى عليه علماء عصره فقال ابن رشيد الفهري السبتي:‏ “لم أر بالمغرب من العلماء إلا رجلين‏:‏ ابن البناء العددي المراكشي في مراكش وابن الشاطر في سبتة”، وقال عنه المقري‏:‏ “كان ابن البناء شيخ شيوخ العلماء في عصره.”

وقال تلميذه اللجائي:” كان وقورا حسن السيرة قوي العقل فاضلا مهذبا بأحسن الهيئة معتدل القدر رفيع الثياب، طيب المأكل. يسلم على من لقيه وينصرف عنه من كلمه راضيا، محبا عند العلماء و الصلحاء، ذا إجادة مع قلة الكلام جدا لا يهذر ولا يتكلم بغير علم، يسكت جميع الناس لكلامه محققا بلا خطأ”.

درس على يد شيوخ كثر فأخذ عن علي بن مبشر المراكشي، وقاضي الجماعة محمد بن علي بن يحيى الشريف، وإبراهيم بن عبد السلام العطار الصنهاجي، ويوسف بن أحمد بن حكم التجيبي المكناسي، وغيرهم كثير.  

وأخذ عنه: أحمد بن جعفر ابن صفوان، وعبد الرحمان بن سليمان الجايي وأبو البركات ابن الحاج البلفيقي وعبد الرحمن ابن الإمام التلمساني وأخوه عيسى ابن الامام وغيرهم كثر.

ألف ابن البناء أكثر من سبعين كتاباً في الحساب، والهندسة، والجبر، والفلك، والتنجيم، ضاع أغلبها ولم يبق إلا القليل منها، وأشهرها: كتبه “كتاب تلخيص أعمال الحساب”، الذي ظل الغربيون يعملون به إلى نهاية القرن السادس عشر للميلاد، عرف رحمه الله بتفوقه في الرياضيات وخصوصا في حساب الكسور المتسلسلة والجذور الصم ومربعات الأعداد ومكعباتها‏، وأدخل بعض التعديل على القاعدة المعروفة بقاعدة الخطأ الواحد وحل بعض المعادلات الجبرية الصعبة بطرق سهلة وقريبة المأخذ‏، كما أنه أنجز في الفلك انجازات مرموقة واعتبرت بحوثه أساسا لضبط المواقيت، وهي بحوث عملية أجرى فيها ابن البناء تجارب وسجل مشاهد، كما ألف تواليف كثيرة، منها تفسير باء البسملة، وحاشية على الكشاف، وكتاب في مناسبات الآي، وآخر في مرسوم خط التنزيل، وجزء في تفسير سورتي العصر والكوثر، والتقريب في أصول الدين ومنتهى السؤل في الأصول، وتنبيه الفهوم في مدارك العلوم، وشرح تنقيح القرافي، ومراسم الطريقة في علم الحقيقة وشرحه، لم يسبق بمثلهما، ومختصر الإحياء للغزالي، وكليات في المنطق وشرحها، وجزء في الجداول وشرحه، ورسالة في الرد على مسائل فقهية ونجومية، والروض المربع في البديع، وغيرها كثير ..

 توفي رحمه الله بمراكش في رجب من عام 721هـ الموافق ليوليوز 1221م، ودفن خارج باب أغمات عن يسار الخارج منه، وقيل إنه توفي بعد ذلك بثلاثة أعوام ودفن بالبرج الركني داخل باب أيلان وقبره هناك معروف.

 

من مصادر ومراجع الترجمة:

 شجرة النور الزكية 310 الترجمة رقم: 791.

أعلام المغرب 4/262 الترجمة رقم: 1261.

الإعلام بمن حل بمراكش و أغمات 2/202.

الفكر السامي 571.

كفاية المحتاج 1/82 رقم الترجمة 15.

معجم المؤلفين 1/126.

نيل الابتهاج 83 الترجمة رقم 51.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق