مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةأعلام

إضاءات عن حياة العلامة محمد التهامي بن حماد بن عبد الواحد المطيري المكناسي المتوفى (1245هـ)

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين:

تقديم:

     اعتنى علماء حاضرة مكناس بعلم الحديث النبوي عناية خاصة كباقي الحواضر المغربية، ومن بين هؤلاء الأعلام : العلامة الأديب، المحدث، الفقيه، محمد التهامي بن حماد المطيري المكناسي (1245هـ)  ([1]) –رحمه الله-،  وتتضح لنا عنايته بالحديث النبوي الشريف  من خلال مجالسه الحديثية، التي أسندت إليه  في  عهد السلطان المولى عبد الرحمن بن هشام العلوي.

رغم أن مصادر ترجمة هذا العالم -حسب ما وقفت عليه- وجيزة لا تعطي صورة متكاملة عن مجريات حياته العلمية ومجالسه الحديثية ، اللهم ما وقفت عليه من إضاءات قليلة أحاول من خلالها إعطاء صورة وجيزة عن هذا العالم ومجالسه العلمية الحديثية. 

وهذا أوان الشروع في الموضوع  فأقول وبالله التوفيق والسداد:

أولا: ترجمة موجزة للعلامة محمد التهامي المطيري المكناسي

     هو العلامة محمد التهامي بن حماد بن عبد الواحد المطيري الشهير  بالمكناسي، ولد بحاضرة مدينة مكناس، وبها نشأ، ويكنى بأبي الفتح، هذا ولم تذكر كتب التراجم التي وقفت عليها شيئا عن تاريخ مولده، سوى أنه من مدينة مكناس.

لم يلبث المترجَم له في مسقط رأسه مكناس، بل  انتقل إلى مدينة فاس، ثم إلى مراكش،  فأخذ عن ثلة من العلماء الأعلام ومن أبرزهم: القاضي ابن سودة، والعلامة إدريس بن زين العابدين العراقي ، والعلامة الشيخ الطيب ابن كيران،.. وغيرهم.   

تولى القضاء بمسقط رأسه مكناس أولا، ثم مراكش ثانيا، وفي هذا الصدد يقول العلامة عبد الرحمن ابن زيدان (1365هـ): “وقفت على رسم مسجل عليه مدة توليته بمكناس، بتاريخ ثلاث وثلاثين ومائتين وألف، محلى فيه بالعالم الناسك، البركة الخطيب، البليغ القدوة، المدرس، المحقق، الحجة، ونص شكله: التهامي ابن محمد المطيري الحمادي”([2])، وقال العلامة عبد السلام ابن سودة (1400هـ): “ولي قضاء مراكش ومكناس فحمدت سيرته، واشتهرت عدالته، له الجاه العظيم عند الناس والحرمة الوافرة، مقبول الكلمة معظم  الجانب. “([3])، كما تولى الخطابة وتدريس العلم بالمسجد الأعظم بمراكش.

أثنى عليه المترجمون له بعبارات دالة على مكانته، وممن أثنى عليه منهم العلامة  أحمد بن الطالب ابن سودة المري (1321هـ) حيث قال : ” شيخ مشايخنا  أبو عبد الله سيدي محمد التهامي بن الولي البركة سيدي حماد بن عبد الواحد المطيري الشهير بالمكناسي …، كان آية الله في الإدراك وسعة الحفظ، واستبحر في العلوم والتصوف محققا متقنا مبرزا في المعقول والمنقول”([4]) ، والعلامة عبد الرحمن ابن زيدان (1365هـ) قال: “علامة مشارك مطلع نحرير، أديب أريب، نقاد محدث متقن متضلع”([5])، وقال العلامة عبد السلام ابن سودة المري (1400هـ): “كان أعجوبة الدهر في الحفظ والإتقان والتحرير والإجادة”([6])

للمترجَم رحمه الله شعر جميل أورد ابن زيدان نماذج منه في كتابه إتحاف أعلام الناس وأسلوبه غاية في  الإبداع والإتقان([7])، وعن فصاحته يقول ابن زيدان: “إن تكلم أجزل وأوجز، وأسكت ابن السكيت وابن العميد ببلاغته وأعجز، وأخمد نباهة قتيبة وابن قتيبة في علم اللغة والغريب”([8])

مات رحمه الله فجأة برباط الفتح  يوم الأربعاء حادي عشر من شهر صفر عام 1249هـ.

ثانيا: دوره في خدمة الحديث

   لقد كان للعلامة محمد التهامي المطيري اعتناء خاص بالحديث النبوي الشريف؛ تجلى ذلك بوضوح من خلال  ما أُسند إليه من المشيخة الحديثية في عهد السلطان المولى عبد الرحمن ابن هشام، ولاسيما إقراء صحيح الإمام البخاري، حيث كان يعقدها  السلطان طيلة أيام الأشهر الثلاثة: رجب، وشعبان، ورمضان، وفي غيرها –سفرا وحضرا-([9])

قال عبد الرحمن ابن زيدان  (1365هـ): “وكان شيخ الحديث في مجلس السلطان المولى عبد الرحمن، ثم اصطفاه للقراءة معه سفرا وحضرا يظعن بظعنه ويقيم بإقامته”([10])،  

وكانت مجالسه غاية في الإفادة وفي هذا الصدد يقول العلامة عبد السلام ابن سودة المري (1400هـ): “مجلسه كثير الفوائد، عظيم الفرائد”([11])

     خلاصة القول يعد العلامة محمد التهامي المطيري  من العلماء البارزين المعتنين بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في العهد العلوي المجيد، من خلال  إقرائه لعلم الحديث خاصة “صحيح البخاري” فرحم الله العلامة المطيري برحمته الواسعة، وأسكنه فسيح جناته.

****************

هوامش المقال:

([1])  ومن مصادر ترجمته التي وقفت عليها أذكر الآتي:  إتحاف أعلام الناس لابن زيدان (2 /103-117)، الإعلام بمن حل مراكش وأغمات للسملالي (6 /228-229)، إتحاف المطالع لابن سودة  (1 /152)، موسوعة أعلام المغرب (7 /2541)، معلمة المغرب (21 /7181)، وذكره العلامة المنوني في مقال له منشور بمجلة المناهل العدد 36(ص: 380) .

([2])  إتحاف أعلام الناس لابن زيدان  (2/ 103)

([3])  إتحاف المطالع لابن سودة  (1 /152)

([4])  إتحاف المطالع لابن سودة  (1/ 152)

([5])  إتحاف أعلام الناس لابن زيدان  (2/ 103)

([6])  إتحاف المطالع لابن سودة  (1/ 152)

([7])  ينظر إتحاف أعلام الناس لابن زيدان  (2/ 110-115).

([8])  إتحاف أعلام الناس لابن زيدان (2/ 108).

([9])  المجالس العلمية السلطانية على عهد الدولة العلوية الشريفةلآسية الهاشمي البلغي (2/ 441).

([10])  إتحاف أعلام الناس لابن زيدان  (2 /103).

([11])  إتحاف المطالع لابن سودة  (1/ 152).

*****************

لائحة المصادر والمراجع المعتمدة:

إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس. لعبد الرحمن بن محمد ابن زيدان. تحقيق: د. علي عمر . منشورات مكتبة الثقافة الدينية. ط1 1429هـ- 2008م.

إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع. لعبد السلام بن عبد القادر ابن سودة. تنسيق وتحقيق: محمد حجي. دار الغرب الإسلامي ط1/ 1417هـ- 1997م.

الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام. للعباس بن إبراهيم السملالي، راجعه: عبد الوهاب بن منصور، ط2/1413هـ- 1993مـ، المطبعة الملكية الرباط.

المجالس العلمية السلطانية على عهد الدولة العلوية الشريفة. لآسية الهاشمي البلغيثي. من مطبوعات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بأمر من صاحب الجلالة أمير المؤمنين الحسن الثاني رحمه الله ط 1416هـ- 1996م

مجلة المناهل العدد 36 . تصدرها وزارة الشؤون الثقافية الرباط المغرب السنة 14 1407هـ – 1987م.

معلمة المغرب. من انتاج الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر . نشر مطابع سلا. 1410هـ- 1989م.

موسوعة أعلام المغرب. تنسيق ونتحقيق: محمد حجي . دار الغرب الإسلامي ط 1400هـ.

*راجع المقال الباحث: عبد الفتاح مغفور

دة. خديجة أبوري

  • أستاذة باحثة مؤهلة بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق