وحدة المملكة المغربية علم وعمرانأعلام

أعلام وأدباء مدينة القصر الكبير

الحلقة الثالثة :  سيدي أحمد الطالب القصري

د.عبد القادر محمد حسن الغزاوي

 

هو أبو العباس سيدي أحمد بن أبي عبد الله محمد الطالب القصري، المتوفى سنة 1072هـ / 1662م، دفين مدينة سلا، لم تذكر كتب التراجم والأعلام التي تناولت حياته تاريخ ميلاده ونشأته وترجمة كاملة له، ويوجد ضريحه في مسجد بالقرب من الجامع الكبير بمدينة سلا، عاش في عهد الدولة السعدية، وهو عالم وفقيه وصوفي من أبناء مدينة القصر الكبير، وقد رحل إلى العدوتين الرباط وسلا قادما إليهما من مدينة القصر الكبير، وذلك بإذن من العالم الشيخ سيدي محمد المجول القصري ، المتوفى سنة 1056هـ/ 1646 م، دفينها ومن أشهر أوليائها، الذي كان يحثه على الذهاب إلى مدينة سلا ويقول له :" اذهب لسلا ترث من السلطان "، ويقصد بالسلطان الولي سيدي عبد الله بن حسون، دفين مدينة سلا ، المتوفى سنة 1013هـ / 1605 م، وهو من أشهر أوليائها، ضريحه معروف ومشهور بها ، يوجد بالقرب من مسجدها الأعظم، ولما حل الولي سيدي أحمد الطالب بمدينة سلا استقر بها، حيث كان ذلك بعد وفاة سيدي عبد الله بن حسون، فقضى بقية حياته بها بين الدرس والتدريس في مسجدها الأعظم، وكان من تلامذة الولي محمد بن سعيد العتابي المتوفى سنة 1302هـ / 1885 م، الذي يعد من تلامذة الولي سيدي عبد الله بن حسون، ويوجد قبره بالقرب من قبر شيخه سيدي عبد الله بن حسون .

   وقد جاء في كتاب الإتحاف الوجيز تاريخ العدوتين: " هو الولي الصالح ، الكامل الناصح ، سيدي أحمد بن محمد الطالب القصري السلاوي، كان رحمه الله ذا قدم عظيم وتحقيق الإرادة ، مواصل الصيام الأيام العديدة ويعتكف عند إفطاره بما قل، وكان يختم القرآن كل ليلة بالصلاة، ويعتكف في رجب وشعبان ورمضان ويخرج يوم عيد الفطر .

  أخذ عن الشيخ سيدي محمد بن سعيد العتابي تلميذ ابن حسون، رحل إليه من مدينة القصر بإذن الشيخ سيدي محمد المجول القصري ، فقدم على سلا وأخذ عن ابن سعيد المذكور، وسلب له القياد فأدخله الخلوة أياما ظهرت آثارها عليه ولاحت عليه علامات الولاية والعرفان، ولصاحب الترجمة باع طويل في علم التصوف، يُقرئ " المباحث الأصلية " لابن البناء وشرحها لزروق، فيأتي بالعجب العُجاب ، ويتكلم على آيات القرآن بمنزع صوفي... (1)

   أما كتاب أعلام المغرب العربي ، فقد جاء فيه : " رحل إلى مدينة سلا بإشارة من شيخه محمد بن سعيد العتابي ، فاستقر بها وأقبل على التدريس ونشر أفكار الصوفية حتى أنه كان يفسر القرآن بمنزع صوفي " . (2)

   ويقول عنه محمد حجي: " فقيه مشارك ، وصوفي سالك، جاء من مدينة القصر الكبير ليأخذ عن الشيخ محمد بن سعيد العتابي العلم ويسلك على يده طريق القوم . فحصل على ما أراد ، وكان له باع طويل في علم التصوف " (3) .

   وجاء في كتاب بيوتات مدينة سلا : " وكانت سيرة أبي العباس سيرة الصالحين ، فكان يختم القرآن في كل ليلة ، وكان يدخل للمسجد الأعظم ، ويمكث به شهر رجب وشعبان ورمضان ، ولا يفارقه إلا يوم عيد الفطر"  (4).

   ومما يثير الانتباه، أنه وقع خلاف بين ما ورد في كتاب الإتحاف الوجيز ، وما ورد في كتاب الأعلام حول مَن أشار إلى مترجمنا الولي أحمد الطالب بالهجرة إلى مدينة سلا ، فكتاب الإتحاف يقول : " إن ذلك وقع بإذن الشيخ سيدي محمد المجول "، في حين كتاب الأعلام يقول: " إن ذلك حدث بناء على إشارة من شيخه محمد ابن سعيد العتابي" .

   وحسب المعلومات المتوفرة عن الولي أحمد الطالب أنه التحق بمدينة سلا بناء على إشارة من الولي سيدي محمد المجول، ولما التحق بمدينة سلا تتلمذ للولي محمد بن سعيد العتابي ، الذي خلف الولي الصالح سيدي عبد الله بن حسون، وتبقى هذه مجرد ملاحظة.

   أشير إلى أنني لم أعثر على ترجمة كاملة وخاصة بالولي أحمد الطالب، الشيء الذي يجعل المعلومات المتوفرة المتعلقة به قليلة وضئيلة، لا تتحدث  عن نشأته وتعليمه وحياته بمدينة القصر الكبير .

   والولي أحمد الطالب من الأولياء المشهورين بمدينة سلا، ويعد جد أسرة الطالبيين الذين ينتسبون إلى الشرفاء الأدارسة، وللمزيد عن ترجمته وآثاره يتطلب البحث المتواصل والمستمر من طرف كل المهتمين بالتراجم المغربية والدارسين لحياته .

   وقد توفي الولي أحمد الطالب بمدينة سلا يوم فاتح رمضان عام 1072 هـ / 1662 م، وقبره داخل مسجد بالقرب من المسجد الأعظم بسلا، وهو معروف ومشهور، ويوجد به كذلك ابنه سيدي محمد الطالب وارث سره المتوفى عام 1140 هـ / 1728 م، الذي يعد في الأولياء والصلحاء والعلماء .

المراجع والهوامش :

 

1 ـ كتاب الإتحاف الوجيز تاريخ العدوتين تأليف محمد بن علي الدكالي . طبعة سنة 1986 م ، الصفحة رقم 99 . الترجمة رقم 27 .

2 ـ كتاب أعلام المغرب العربي . تأليف عبد الوهاب بن منصور. الجزء السادس . طبعة سنة 1998م. الصفحة رقم 55 . الترجمة رقم 1589 .

3 ـ كتاب الحركة الفكرية بالمغرب في عهد السعديين . تأليف محمد حجي . الجزء الثاني . طبعة سنة 1978 م . الصفحة رقم 447 . الترجمة رقم 15 .

4 ـ كتاب بيوتات مدينة سلا لجان كوستي وأبو القاسم عشاش . تحقيق نجاة المريني . بدون الإشارة إلى الطبعة والسنة . الصفحة رقم 51 . ( الطالبيون ) .

5 ـ كتاب الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى . تأليف أبو العباس أحمد بن خالد الناصري . تحقيق وتعليق جعفر الناصري ومحمد الناصري . السنة 1954 م .

6 ـ كتاب التشوف إلى رجال التصوف . تأليف أبو يعقوب يوسف بن يحي التادلي المعروف بابن الزيات . تحقيق أحمد توفيق . الطبعة الثانية . السنة 1997 م .

7 ـ كتاب مرآة المحاسن من أخبار الشيخ أبي المحاسن . تأليف أبو حامد محمد بن العربي بن يوسف الفاسي الفهري . دراسة وتحقيق الشريف محمد حمزة بن علي الكتاني . الطبعة الأولى . السنة 2008 م .

ـ الموضوع نشر بجريدة الشمال العدد 747 بتاريخ الثلاثاء من 26 غشت إلى 01 شتنبر 2014 م . الصفحة رقم 13.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق