أشهر الحقوق النبوية على الأمة المحمدية
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
إنجاز: يوسف أزهار*
إن الأنبياء والرسل هم خيرة البشر، بعثهم الله جل وعلا لهداية العالمين، وإخراجهم من ظلمات الشرك إلى نور التوحيد، ثم اصطفى سبحانه وتعالى منهم أولي العزم، ثم اجتبى منهم: النبي صلى الله عليه وسلم، الذي جعله الله عز وجل مشرعا لأحكام شرعية تنظم أحوال المكلفين.
والأحكام على العموم إما منهيات أو واجبات، والواجبات عبارة عن حقوق افترضها الله تعالى على المسلمين، وهي على ثلاثة أضرب: حقوق الله سبحانه وتعالى، وحقوق النبي صلى الله عليه وسلم، وحقوق العباد.
سأتناول في هذا المقال النوع الثاني من الحقوق، وهو: حقوق النبي صلى الله عليه وسلم. وليس قصدي من نشر هذا المقال حصر حقوق النبي صلى الله عليه وسلم جميعها، وإنما قصدي نقل بعض من الحقوق النبوية -سيما وأن جلة من السلف تناولوا الموضوع بإسهاب، وتبعهم في ذلك الخلف- التي تحتاج الأمة أن تذكر بها في خضم ما يقع في العالم من أحداث، وإليك أيها القارئ بعض حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على الأمة في الوقت الحاضر:
أولها: توقير جنابه وعدم الغلو في حقه صلى الله عليه وسلم.
ثانيتها: إتيان أمره، واجتناب نهيه صلى الله عليه وسلم.
ثالثتها: تعلم وتعليم سيرته صلى الله عليه وسلم.
رابعتها: الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم.
وهذا أوان بسط الحديث عنها، فأقول وبالله التوفيق:
أولها:
توقير وتعظيم جنابه، وعدم الغلو في حقه صلى الله عليه وسلم
إن توقير النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه لازم بعد مماته كما كان حال حياته، فعندما يذكر صلى الله عليه وسلم حديثه، وجب استحضار أنه يخرج من فيه الطاهر صلى الله عليه وسلم، ولهذا ينبغي أن يذكر في مقام يليق به، وعدم رفع الصوت في مجلس يذكر فيه حديثه صلى الله عليه وسلم، ولا يذكر اسمه كما ينادي بعضنا بعضا، ومن إعظامه وإكباره: إعظام جميع أسبابه، وإكرام مشاهده وأمكنته من مكة، والمدينة، ومعاهده، وما لمسه صلى الله عليه وسلم أو عرف به، وكذا أن لا نغالي فيه كما غالت الأمم السابقة في أنبيائها، ومن توقيره: الثناء على آله، وذريته، وأمهات المؤمنين، وأصحابه، والاستغفار لهم، والإمساك عما شجر بينهم.
ثانيتها:
إتيان أمره واجتناب نهيه صلى الله عليه وسلم
إن واجب الإيمان بالله تعالى الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الإيمان يقتضي تصديقه فيما أتى به من شرائع؛ لأن ذلك مما أتى به عن الله عز وجل، فجعل تعالى طاعة رسوله في طاعته، ومعصية رسوله في معصيته، ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم مبلغ عن الله فوجب امتثال ما أمر به واجتناب ما نهى عنه، ويترتب على ذلك وعد ووعيد، وعْد للمطيع بالثواب الجزيل والنعيم الدائم، والدرجة العلية، ووعِيد للعاصي بالعقاب الأليم، والجحيم الدائم، والدركة الدنية، ولهذا فمحبة العبد لله والرسول طاعته لهما، ورضاه بما أمرا، ومحبة الله له عفوه عنه، وإنعامه عليه برحمته.
ثالثتها:
تعلم وتعليم سيرته صلى الله عليه وسلم
إن المرحلة التي عاش فيها النبي صلى الله عليه وسلم منذ ولادته إلى وفاته، مليئة بالأحداث، ورخها لنا رجال القرن الأول الذي صاحبوا النبي صلى الله عليه وسلم رضوان الله عليهم، ثم رووها عنهم رجال الرعيل الثاني رحمهم الله إلى أن دونها علماء المسلمين مسندة في بطون الكتب، حفاظا لها من كل سوء، ولما كتب الله عزو وجل لسيرة نبيه صلى الله عليه وسلم أن تذكر في كل وقت وحين سخر لها رجالا ذادوا عنها وذلك بتأليف التواليف الغزيرة، ونقل جميع نواحي حياة النبي صلى الله عليه وسلم كما رآها الصحابة رضي الله عنهم، والتي نشروها إلى أن وصلت إلينا، ووقع علينا نحن أن نتعلمها وننشرها في الآفاق.
رابعتها:
الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم
إن مكانة النبي صلى الله عليه وسلم عند الله تعالى ليست كباقي الأنبياء والرسل، بله كباقي البشر، فهو حبيب الرحمن، وصفوة من خلقه، خصه بمجموعة من الخصائص، منها: أنه جل وعز صلى على نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم، وكذا ملائكته الكرام البررة من فوق سبع سماوات، وأمر المسلمين بالصلاة والسلام عليه، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أنها من الله رحمة، وللنبى صلى الله عليه وسلم تشريف، وزيادة تكرمة، ومكانته علية، ودرجته رفيعة، فلا يجوز ذكر النبي صلى الله عليه وسلم باسمه دون الصلاة عليه، وقد أثبت الله سبحانه وتعالى صيغا من الصلوات على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم مبثوثة في كتب الحديث، واجتهد بعض العلماء في إنشاء صيغ أخرى يذكرونها.
وفي ختام هذا المقال أقول: إن ما يجري في العالم اليوم من مستجدات للأحداث، يدعونا إلى أن نتشبت بمعقتداتنا، وعاداتنا وما تركه له لنا الرعيل الأول من هذه الأمة المحمدية، فما ننعم به اليوم من نعم وأعظمها نعمة الإسلام فهي بفضل ومَنٍّ من الله عز وجل علينا، إذ بعث رسولا اسمه محمد صلى الله عليه وسلم الذي أدى ما أوجبه الله عليه، وأتى الدور علينا أن نؤدي حقوقه علينا كما أمر سبحانه وتعالى.
*راجع المقال الباحث: محمد إليولو